من يكتب تاريخ إريتريا الجديدة؟

بقلم الإعلامي الأستاذ: يوسف عبدالرحمن المصدر: جريدة الانباء

آن الأوان ان يرفع كل اريتري رأسه قائلا: أريد اريتريا جديدة، أريد أن يكتب تاريخي من جديد، أحب ان احدد صديقي وعدوي،

مخيمات الاريتريين في كسلا السودانية عام 1986

أتمنى كتابة تاريخي القديم والجديد على أسس علمية وليست مزاجية فلقد زال الاستعمار الإثيوبي ومن قبله الإيطالي والبريطاني واليوم ثالثة الأثافي التدخل الإيراني والإسرائيلي، لست والله راغبا في الدخول في الكتابة السياسية وليست من أولوياتي، لكنها الأمانة التاريخية، ان تاريخ أريتريا يجب ان تكتبه يد اريترية نظيفة طاهرة وفكر اريتري وطني بعيد عن المصالح والدس وسطوة ما تبقى من الجبهة الشعبية.

نعم، آن الأوان ان تكتب صفحات من التاريخ الأريتري بعيدا عن التزوير، لذا أقترح قبل ان أخوض في هذا المقال السياسي تشكيل لجنة من المؤرخين الثقاة لكتابة اريتريا الحرة بعيدا عن سطوة الرئيس اسياس افورقي والمحيطين به من بقايا ما يسمى بالجبهة الشعبية الحاكمة.

ان كتابة التاريخ والأحداث بمداد الحبر الوطني الحريص على اريتريا وشعبها بات ضرورة، فالتاريخ تفسير لأحداث ماضية وان كاتب التاريخ يقوم باختيار الأحداث التي يعتقد انها أثرت في مجرى التاريخ ثم يقوم بتصنيفها وترتيبها وتحليلها بغرض الوصول الى الاستنتاجات التي يعتقد ايضا انها صحيحة ولا يستطيع اي كان ان يؤكد ان ما قاله أو كتبه أو ألفه صحيح، ما لم يقم القراء والمختصون بقراءة ما كتب ومقارنته بالمعلومات المتوافرة ثم إصدار الحكم، لهذا أقول: انني مع الحكمة القائلة ان الحكم على أي مؤلف في التاريخ يتطلب وقتا أطول وأكبر، لذا أرى وبصدق وشفافية ان ما كتب عن اريتريا في الحقب الماضية يتطلب الرؤية والحكمة والخبرة.

انني أقول هذه المقدمة ومؤمن تماما بأن تاريخ اريتريا ليس ميدانا للاجتهاد الشخصي أو الحزبي بل يختص بلجنة نزيهة تمثل أطياف المجتمع الأريتري منذ أول يوم أطلق فيها الفارس المناضل المجاهد الكبير حامد ادريس عواتي طلقة الكفاح المسلح في 1961/1/1 وحتى يوم 1991/5/24 يوم ان حقق الشعب الأريتري وليس الجبهة الشعبية الاستقلال بعد دحر العدو الإثيوبي.

انني أدعو كل الأريتريين المهتمين بتسجيل تاريخهم الوطني الى ضرورة التجمع عبر وسائل الاتصال المتاحة اليوم لتشكيل جبهة مؤرخين تكتب التاريخ الأريتري لسد وجه قصور المعلومات والمصادر وان تقابل الساسة الأريتريين الآن ممن عايشوا حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات لعمل مؤلف أريتري يوضح ويفسر مراحل التاريخ والتحالفات ويحدد لنا من هو العدو والصديق عبر بحوث مستفيضة في كل المجالات تصنع مؤلفا واحدا ومرجعا للتاريخ الأريتري الموثق، وأعي تماما ان طلبي هذا سيلاقي الدعم والتشجيع والتعاطف من أبناء أريتريا الذين يريدون ان يتركوا للأجيال الأريترية تاريخا غير مزور حول نشوء الحركة السياسية في أريتريا فالتاريخ يكتبه المنتصرون من أبناء أريتريا الحرة اليوم لا يبخس فيه حق أحد لأن المستعمر زور التاريخ وربطه بمنظومة أساطير تاريخية مثلما فعل حكام اثيوبيا عن دولتهم التوسعية التي تملك تاريخا يمتد لثلاثة آلاف عام ! أو ما ذكر في مؤلفاتهم عن سلسلة الأباطرة انهم نسل النبي سليمان وجعلوا من «أسد يهوذا» شعار الإمبراطورية الحبشية !

نريد أن يكتب نصف قرن من النضال والجهاد الأريتري صحيحا وبالحقائق والصور.

إنني كمؤلف وباحث في الشأن الاريتري ومتابع لنضال هذا الشعب العظيم وتاريخه الشائك أعرف أن تاريخه كتب في خطين متعارضين لا يلتقيان وهما باحث أمين وهو قليل أو مجتهد تم احتضانه وتجييره لصالح مرحلة من المراحل التي مرت بها اريتريا بعيدا عن مخزون الوثائق الاريترية التي مازالت بين أصحابها دون الإشارة لها خاصة التي يملكها ورثة الشيخ إبراهيم سلطان والسيد ولد أب ولد مريام رحمهما الله.

إن ما كتبه الأجانب لا يعتد به لأنه خاضع لتحقيق مصالحهم وفكرهم وفلسفتهم دون الإشارة إلى هيمنتهم وجبروتهم وما وصفوه من عراقيل وقمع لمنع نشر الحقائق في وقتها.

أيها الاريتريون في كل مكان ونحن نعيش الحراك العالمي آن الأوان أن تتحركوا نحو كتابة تاريخكم المجيد بشكل صحيح وليس بشكل انتقائي قبيح.

آن الأوان أن يرفع الشعب الاريتري صوته وان يحاسب من أجرم وألحق الضرر بمصلحة الشعب والوطن في سبيل تحقيق مصلحة فردية أو فئوية ضيقة.

باسم نضالات الآباء والأمهات الذين تركوا خلافاتهم السياسية جانبا ودفعوا الغالي والنفيس من أجل وحدة اريتريا الموحدة أدعوكم لكتابة تاريخكم الجديد فلقد أعطى النظام الحاكم إيران وإسرائيل مساحة جديدة لكتابة تاريخكم فهل تقبلون ؟!

إن أدركتم ما أعني فإن انطلاقة جديدة مبنية على التواصل الاجتماعي وإن كنتم خارج الوطن نسلكها هي جوهر تجمعنا ووحدتنا من أجل التاريخ الذي خاضه الاريتريون حفاظا على هويتهم ووحدتهم وتقديرا لتلك النضالات ولكل الآباء والأمهات الذين كتبوا حرية اريتريا بدمائهم وسطروا من أجلها التضحيات.

آن الأوان أيها الاريتريون الشرفاء أن نكتب تاريخ اريتريا الجديد بعيدا عن الوثائق الإيطالية والبريطانية والإثيوبية وأيضا عما يفرض اليوم من واقع إيراني وإسرائيلي جديد في منطقتكم لملء الفراغ فهل تقبلون ؟!

إن حقيقة التواجد الإيراني ـ الإسرائيلي في الجزر الاريترية بات واقعا مريرا وله انعكاساته السلبية على الأمن الإقليمي والعربي والخليجي فهل تقبلون ؟!

أعدكم بأن يكون تقريري القادم عما يفعله نظام حكم الرئيس الاريتري اسياس افورقي المعزول حاليا عن جيرانه.

وأعدكم بفضح الدورين الإيراني والإسرائيلي في اريتريا ضد مصر والسودان والسعودية والأردن واليمن والصومال.

إن كتابة التاريخ أيها الاريتريون تبدأ من تحرككم الجماعي لإعادة اريتريا إلى وضعها الطبيعي الفاعل عربيا وأفريقيا وإسلاميا ودوليا وليس ما يفعله النظام الحاكم من جعل اريتريا كبش نطاح وتهديد للمصالح العربية والأفريقية.

كما أود أن يزودني الشباب الاريتري في العالم بكل ما لديه من صور ومعلومات خاصة فيما يتعلق بمخيمات اللاجئين الاريتريين من أوضاع إنسانية خاصة أن كثيرا من هؤلاء اللاجئين المساكين انتهكت حرماتهم وبيعت أجزاء من أجسادهم كقطع غيار للأسف وسط صمت النظام ومشاركته في ضياع حقوق هؤلاء المظلومين.. فهل تفعلون ؟!

إنها دعوة للشعب الاريتري أرجو ألا تضيع أدراج الرياح فالنظام زائل وإن فشل الانقلاب.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click