سيدي هل لي أن أختلف قليلا؟ اللغة أداة لممارسة السلطة وليست مجرد وسيلة للتفاهم - الجزء السابع

بقلم المناضل الأستاذ: إدريس سعيد أباعري - كاتب وقاص إرتري | سماديت كوم Samadit.com

فالذين كتبوا عن الموضوع ونوهوا إلى ضرورة إعادة تقييم تدريس لغة الأم هم من داخل إرتريا

إدريس سعيد ابعري 7

وليس من الخارج فقط، مع أن الإقامة في الخارج لاينفي على الإرتري حقه في الاجتهاد وإبداء الرأي حول قضايا بلاده، كما أنه ليست لكلهم على الأقل مأرب أو مصالح سياسية وحتى تنظيمية أو حزبية خارج الجبهة الشعبية، إذ أن الذين كتبوا هم أعضاء في التنظيم.

إن اتهام الناس بسوء نية لمجرد لفتهم انتباه أصحاب القرار أمر ظالم، وهو ما لا ينبغي أن يصدر عن شخصيات قيادية كبيرة في أية حال من الأحوال. أما الاتهام بالتعريب هو استنتاج خاطىء أرجو أن يكون قاله الأخ الأمين لمجرد تسويق سياسي… أما فهمي للغة فهي أداة لممارسة السلطة، وهي قوة، وهي جبروت اجتماعي، وهي وسيلة للتفاهم أيضا. وامتلاك ناصية اللغة يغرس الثقة سواء على مستوى الفرد أو الجماعة، وبهذا المعنى فاللغة جزء أصيل فى السياسة وليست مجرد وسيلة للتفاهم.

وإذا كان هناك هناك من علم اجتماعي يقول بغير ذلك فهو علم افتراضي غير مبني على تجارب إنسانية أو هو علم معملي لا يخاطب المشاعر البشرية بكل أبعاده الإنسانية والاجتماعية.

فالإدارات الحكومية في كل البلدان البلدان تعمل مكاتباتها بلغات محددة، سواء كانت كانت هذه اللغة أو اللغات المحددة وفق قوانين ومراسيم او فرضها واقع ما، والنتيجة أن من لم يجيد هذه اللغة أو اللغات لا يمكن أن ينضم إلى السلك الوظيفي لهذا البلد (حتى لو لم يمنعه القانون صراحة).

إن إسهام هذا المواطن أو ذاك في الدفاع عن هذا البلد عند المخاطر، لا يمنحه حصانة طبيعية لصيانة حقوقه في الحصول على وظيفة يعتاش منها أسوة بمواطنه الذي يجيد تلك اللغة، وبالتالي تسد عليه طرق النفوذ إلى ثروات البلد، ويكون الحاصل عدم التقاسم العادل للثروة والسلطة بين المواطنين. والسؤال، أينطبق هذا على إرتريا؟

الملاحظة التي تحتاج إلى البحوث والدراسات هي أن بعض الجماعات اللغوية لاتملك موظفا واحدا في مكاتب الوزارات المركزية، ومن ضمن أهم الأسباب في ذلك هو حاجز اللغة.

فاللغة المستخدمة في المكاتب ضمن فلسفة آلية السوق هي لغة قومية واحدة وهي شرط ضمني للحلول على وظيفة، ألم يقع هذا في نطاق السياسة؟.

المهم ليس هناك من يهتم في التصنيف اللغوي سواء كان كان هذا يقع في السياسة أو الأنثربولوجيا بالموضوع أما ابتزاز من يتحدث عن هذا الواقع حرصا على المصلحة الوطنية وكذلك حرصا على التنظيم ووصمه بالتسيس والاختلاف أمر لا يخدم الوحدة الوطنية ولا يعزز مصداقية الجبهة الشعبية، كما لا يعكس التزام قيادتها تجاه صيانة حقوق مواطنيها التي يفترض أن تتجلى في إشراك كل الفئات اللغوية والاجتماعية على تقاسم الثروة والسلطة بشكل عادل وعبر إجراءات قانونية وإدارية لا تكلف مسؤولي الدولة سوى جلسة بضع ساعات.

وفي اعتقادي أن هناك بعض مما يحول دون تحقيق ذلك، ومن ضمنه أننا دولة فتية لم تكتمل بعد مؤسساتها القانونية، ولم تتخذ هياكلها التشريعية شكلها النهائي. هذا ليس للتبرير، فأنا أبغض التبرير، بل لمجرد الإشارة إلى إلى الإمكانيات الإدارية والمؤسسية التي تحول دون طرح ومناقشة هذه القضايا على كل المستويات، ووضع حلول لها.

فالدستور يقر بمساواة كل اللغات الإرترية، وهذا المبدأ العام يحتاج إلى وضع الآليات العملية ليستفيد المواطن من هذا الوضع الدستوري، إلا أن ذلك لم يحصل خلال ما يقارب العقد، الأمر الذي أشعر الكثيرين بالغبن وأضعف ثقة المواطن.

والأمر يتطلب المعالجة قبل أن ينقسم المجتمع إلى مستأثر يدافع عن امتيازات وآخر يعتقد بأنه يعمل من أجل أن يعترف له بالحقوق. وهناك سؤال يتمتع بقدر كبير من الوجاهة والبساطة، وهو ما هي المصالح الوطنية التي ستصاب بالأضرار من قرار لغة أو لغات رسمية للعمل تدخل في الاعتبار إزالة إزالة حاجز اللغة من الطريق إلى الوظيفة؟

نواصل بإذن المولى... في الجزء القادم

 

* تم رفض نشره في وسائل الاعلام داخل ارتريا فأرسله الكاتب الي مواقع خارج البلاد وأنه أحد أسباب سجنه - بجانب تأييده لمجموعة الخمسة عشر (G15) - منذ عام 2001 كونه يعكس عن رأي مغاير لما دأبت عليه السلطة القهرية بخداعها للشعب ببرنامج تطوير "لغات الأم".

Top
X

Right Click

No Right Click