سيدي هل لي أن أختلف قليلا؟ اللغة أداة لممارسة السلطة وليست مجرد وسيلة للتفاهم - الجزء السادس

بقلم المناضل الأستاذ: إدريس سعيد أباعري - كاتب وقاص إرتري | سماديت كوم Samadit.com

هناك أيضا من يرون بأن مطالبة وإقبال وإقبال جماعات لغوية على تدريس أبنائها باللغة العربية

إدريس سعيد ابعري 7

يطمس الخصوصية القومية لتلك الجماعة، وبالنتيجة سيتعرب جزء من البلاد وتكون الهوية الإرترية أيضا في خطر.

هذا الكلام أيضا يعوزه الفهم العلمي والتاريخي لمسار التفاعلات الاجتماعية والثقافية بين الشعوب، ويعوزه كذلك الفهم الإيجابي والصحيح لواقع إرتريا.

فالإرتري الذي يرتبط بأرضه بعوامل عديدة لا يمكن أن يتخلى عن إرتريته لمجرد أن لغته تغيرت من لغة إلى أخرى. ومع أن اللغة مهمة جدا بل وتعتبر مكون أساسي للوعاء الثقافي، إلا أن التغيير الطوعي لا يمكن أن يضعف الإرتباط بالأرض.

هذا إذا أفترضنا مثل هذا الأمر قد يقع فعلا بعد بضع قرون وعدة أجيال. والأهم كيف يم يم!!

كن أن يقتنع الإنسان الذي يعرف تماما إن مدارس لغة الأم ليست هي التي حفظت اللغات الحالية التي يعتقد موجودة منذ بضع قرون ولاهي التي ستمنع من التزاوج والتذاوب، وتحفظ له هذه الخصوصيات التي ينظر إليها بشيء من القداسة، خاصة في الفصو الفصول وعند مراسم المهرجانات.

ومع ذلك وحتى لو سلمنا جدلا بأن ذلك قد يشكل هاجسا كبيرا من انقراض الجماعات الإثنية والعرقية، فإنه من الحكمة والمنطق في اعتقادي أن يكون هذا هاجس علماء الأنثروبولوجيا وجمعيات التنوع البيولوجي Bio diversity وليس هاجس الدولة التي عليها أن توفر العدالة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية عبر إجراءات إدارية وقانونية، بدلا من الدخول في معارك بحثية.

فمسائل مثل ما إذا كان تغير جماعة تعيش في بقعة معينة من الأرض لغتها إلى أخرى يضعف ارتباطها بتلك البقعة أم لا، هي مسائل فلسفية يحسن تركها!! للباحثون والعلماء، وليس من شأنها أن تضيع لحظة من زمن الإداريين والسياسيين. ألا يبدو ذلك معقولا وطبيعيا.

ثالثا: اللغة والسياسة كان أول رد فعل عاصف على موضوعي بجريدة إرتريا الحديثة ”بين سندان الرفض الشعبي ومطرقة خبراء التربية“ من مسؤول كبير بوزارة التعليم عندما اتصل بي تلفونيا بنبرة من التوتر، اتهمني فيه بسطحية معلوماتي ولكنه شدد بطريقة تفوح منها رائحة ابتزازية على أني أسيس الموضوع. فقلت له إن المعلومات يمكن تصحيحها أما التسييس فلا أدري ما تعنيه وقد صادفني مثل هذا النقاش كما أسلفت مع عدد كبير من الكوادر والمسؤولين على أن الموضوع هو سياسي أكثر مما هو تعليمي وكان ردي بأني لا أعرف الحدود الفاصلة بين ما هو سياسي وما هو هو اقتصادي واجتماعي وثقافي، لكنني أتحدث عن سياسات محددة وما يظهر من مضار على مصالح جزء من المجتمع.

وإذا كان هذا يقع في صنف السياسة فما العيب من الخوض فيه؟ وقد حرض هذا ذاكرتي بالعودة بلغة الأم والوحدة الوطنية، وبين اللغة والهوية، والهوية والتشديد على عدم وجود لغة متطورة وأخرى متخلفة الخ… فقلت في نفسي ألم يكن هذا كلاما سياسيا؟ أم أن الاختلاف في في الذين يستخدمونها وليس في الموضوع؟

وفي مقابلة أجراها التلفزيون الوطني مع الأخ الأمين محمد سعيد سكرتير التنظيم بمناسبة العيد العاشر للاستقلال قال عندما سئل عن اللغة ”لاتوجد مشكلة لغة فاللغات الإرترية متساوية، أما الذين يتحدثون عن وجود مشكلة لغة هم أفراد يعيشون في الخارج ولهم أغراض سياسية، يريدون أن يقولوا بأن لغة التقرينيا هي المسيطرة وأن اللغات الأخرى غير موجودة، وهذا الكلام غير فاللغات الإرترية التقري، والعربي، والتقرينيا متساوية وهي بخير“.

وأنا هنا لايساورني أدنى شك بأن هذا الكلام مضر جدا جدا تنظيميا ووطنيا، وهو يتنافى والسياسات التي أقرها التنظيم في مؤتمراته، فضلا عن أنه لا يعكس ما هو على الأرض. إن الاعتراف بالمشكلة هو جزء كبير في طريق حلها، أما الإنكار هو أمر متعب حيث يزعج أصحاب الرؤى المخالفة، لأنه ينفي الآخر ويدفعهم إلى التعنت. والأهم يضع علامة استفهام كبيرة في مصداقية التنظيم والقيادة في كثير من القضايا التي قد تكون خلافية بين المواطنين الذين لهم حقوق طبيعية في الاختلاف وفي التعبير عن ذاتهم وعمّ يعتقدون أنه صحيح.

الأخ الأمين أكد أيضا بأن الذين يطالبون باللغة العربية يريدون من الدولة إجبار الناس على التعريب، في حين أن الشعب يطالب بلغاته، سامح الله القائل.

نواصل بإذن المولى... في الجزء القادم

 

* تم رفض نشره في وسائل الاعلام داخل ارتريا فأرسله الكاتب الي مواقع خارج البلاد وأنه أحد أسباب سجنه - بجانب تأييده لمجموعة الخمسة عشر (G15) - منذ عام 2001 كونه يعكس عن رأي مغاير لما دأبت عليه السلطة القهرية بخداعها للشعب ببرنامج تطوير "لغات الأم".

Top
X

Right Click

No Right Click