عملية أغوردات الفدائية ١٩٦٢/٧/١٥م

بقلم القائد المناضل الأستاذ: عثمان صالح سبي - جبال تسني في ١٩٦٢/٧/١٥م

في يوم الخميس ١٢ يوليو ١٩٦٢م، قامت فصيلة من جيش جبهة التحرير الأرتريه الذي يقوده المجاهد حامد إدريس عواتي بعملية

إبادة للعدو أثناء الحفل الاستعماري الذي أقيم بأغوردات لممثل الاستعمار الأثيوبي الجنرال أبي أببي. أراد المستعمرون وإذنابهم أن يكون هذا الحفل مظهرا من مظاهر الدعاية لأنفسهم ومبررا لدعواهم بتأييد الشعب لحكمهم. فجمعوا أبناء الشعب الإرتري عنوة من كل حدب وصوب، وأعلنوا في القبائل أن من يتخلف عن هذا الحفل ستتحمل عشيرته غرامة قدرها 500 دولار. ونشروا البوليس في الأرياف يسوقون الناس كما تساق الأنعام إلى هذا الحفل الاستعماري.

وفرضوا على سكان منطقة أغوردات من رجال ونساء وأطفال الحضور الجبري، وأحتشد جمع غفير لم يسبق لأغوردات أن شهدت مثله.

وأراد المناضلون الإرتريون أن يجعلوا من هذا الجمع الحاشد شهودا على كراهية الناس لأولئك المستعمرين وأذنابهم، وكانت إرادتهم فوق إرادة الاستعمار وأعوانه، لأن إرادتهم من إرادة الشعب وإرادة الشعب من إرادة الله. فأعدوا العدة لعملية إبادة أولئك الأذناب، ونظمت القيادة الثورية الشعبية لجبهة التحرير الإرترية فصيلة تتألف من 9 أشخاص وقسمتها إلى ثلاثة أقسام:

4 للهجوم و4 للدفاع، وواحد للمخابرات. ودخلت الفصيلة بملابس البدو مثل عامة الحاضرين وهم يحملون تحت ملابسهم القنابل اليدوية والمسدسات وانخرطوا في الحشد الهائل. وأفتتح الحفل بالخطب الاستعمارية المألوفة الخاوية من المعاني، وبالتصفيق الذي بدأ به الأذناب لسادتهم ويردده العوام لاشعوريا ودون أي اكتراث. خطب ممثل الإمبراطور وتلاه من تلاه من أمثال أسفها وغيرهم. ثم حمل... سيفين وخيلين وجاء بهما إلى أعقاب سيده الإثيوبي الجنرال ابي أببي ليقدمها له هدية نفيسة من أبناء أغوردات (المحبين لإمبراطورهم، المطيعين لحكومتهم) على حد قوله.

وفي هذه الأثناء كان الفدائيون يعدون هدية أنفس لهؤلاء الممثلين دور الولاء. ولكن حدث في صف المجاهدين ماقلل للأعداء من خطر العملية، فقد جيب أحد الفدائيين ووقع منه مسدسه فرآه البوليس وأسرع لإلقاء القبض عليه ولكن الفدائي كان أسرع منه إذ تناول مسدسه من الأرض في سرعة البرق ورمى بيده اليمنى القنبلة اليدوية ولكنها للحظات عديدة لم تنفجر، وإنما أثارت للغبار فظنها المستعمرون وأذنابهم من قنابل بومب الأطفال القوا بها ترحيبا بمقدم، فصفقوا وردد الجمع تصفيقهم وهتافاتهم وفي تلك اللحظة الحاسمة تخلص الفدائي من البوليس الذي كان يصارعه برصاصة من مسدسه ورمى القنبلة الثانية، وانفجرت القنبلتان في آن واحد وحولت المستعمرون وأذنابهم إلى أشلاء فلاقى في الحال...، وزير العدل في حكومة ارتريا الصورية مصرعه، كما لاقى المتزاعم الديني... نفس المصير.

وأما... و... فقد حطمت القنبلة من أسفل خصرهما إلى أخمص قدمهما ولا ينتظر لهما الحياة، بل المشاع أنهما لقيا حتفيهما في المستشفى الأسبوع الماضي، وان كنا لم نتأكد من هذا الخبر بعد. وهلك غيرهم 4 أشخاص آخرين احدهم ضابط من الجيش الإثيوبي والآخر هو باشاي إبراهيم محمد آدم، النائب السابق في البرلمان الإثيوبي. وأما ممثل الإمبراطور الجنرال ابي اببي واسفها ولدميكايئيل، رئيس الحكومة الارترية الصورية فقد استطاعا أن يتقهقرا إلى الوراء قليلا عندما رميت القنبلة الأولى ولذلك لم يصابا إلا بجراح طفيفة، الأول في رجله والثاني في ذراعه. ونجا الخائن... بأعجوبة بالرغم من جلوسه ملاصقاً للخائن...

وفي تلك اللحظة اندفعت جموع الحشد اندفاعا جنونيا إلى خارج المدينة طالبين النجاة بأرواحهم، وانسحب الفدائيون مع الحشد دون أن يصابوا بأقل أذى وعادوا إلى قائدهم البطل عواتي في الجبال الشماء حاملين لواء النصر، هاتفين بحياة ارتريا، رافعين لعلمهما السماوي خفاقاً في سمائها الزرقاء التي أستنبشرت باستئصال الخونة من أرضها. والغريب أن الحكومة الإثيوبية كانت قد جردت الحرس الإرتريين الذين كانوا في الحفل من سلاحهم لعدم ثقتها بهم وتركت في أيديهم العصي القصيرة.

وأما الحرس المسلحين بالأسلحة النارية فكانوا من الجنود الإثيوبيين الذين لم يفنوا عن سادتهم شيئاً مما أثلج صدور البوليس الإرتريين. وجاء البشير إلى مركز القيادة يحمل أنباء هذه العملية وكان حاضرا فيها بذاته ومشاركا فيها حيث كان مسئولا من المخابرات. وقال أنها كانت أكثر من ناجحة لو نفذت كما رسمت حيث كان المهاجمون الأربعة يلقون بوابل من قنابلهم في آن واحد ولما نجا آنذاك واحد من الخونة، ولكن حادث وقوع المسدس في الأرض عرقل تنفيذ الخطة فنفذها أحدهم قبل الموعد المحدد لها بربع ساعة.وكان صدى هذه العملية في ارتريا رائعاً للغاية إذ فرح بها الشعب واعتبرها بداية لنضال تحرري شامل. ولم يبد احد استياءه على استئصال الخونة إلا أمثالهم من الخونة الذين ينتظرهم نفس المصير.

وعلى أثر هذه الحادثة فرضت السلطات الاستعمارية الإثيوبية نظاماً إرهابيا على المنطقة بأسرها وجعلت التفتيش إلزاميا على جميع المواصلات، ولكن بالرغم من ذلك فان رجال الجبهة لايزالون يتسللون إلى المدن دون أي وجل. كما قامت باعتقالات واسعة من الأحرار شملت كل من آدم قدوف (تاجر بكرن)، عمر ود الخليفة (تسني ـ عسكري)، محمد عثمان حاج أحمد (تاجر ـ علي قدر)، محمد صالح عمار (أغوردات ـ ناظر مدرسة)، موسى محمد هاشم (تسني ـ جاويش بوليس) محمود صالح (مدرس ـ أغوردات)، فرج جمع (تاجر ـ علي قدر)، طاهر إبراهيم بلال (كساريو ـ اغوردات)، عبده حاج إدريس (تاجر أغوردات)، الرشيد محمد حمد (أغوردات ـ ترزي)، الزبير (أغوردات ـ ترزي)، وآخرون كثيرون لم تصلنا قائمة أسمائهم. آما آدم ملكين (اسمرا ـ باشكاتب بالمحكمة العليا) وأخ تدلا بايرو وثلاثة آخرون من المسيحيين (أسمر ا) فقد اعتقلتهم السلطات الاستعمارية قبل الحادث بعدة أيام، ولا تزال الاعتقالات جارية.

حادثة حلحل:

بلغنا أمس أن الفدائيين قاموا بهجوم موفق على مركز بوليس حلحل بالقرب من كرن في الساعة الثانية عشر ليلا وأصيب حارس المركز بجراح خطيرة واستولى الفدائيون على أسلحة المركز ولم نعلم عددها بعد. والمعروف أن عدد البوليس فيها 7 بالإضافة على عساكر باندا، وسوف نخبركم بتفاصيلها بعد أن يصلنا رسول الفدائيين.

يطلع على هذا التقرير أعضاء الجبهة بواسطة لجانهم الفرعية.

Top
X

Right Click

No Right Click