من وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية

بقلم المناضل الإعلامي: أحمد عبدالفتاح أبو سعدة

التقرير الأول:

"مردخاي أمبير" كاتب صهيوني عمل كغيره من الصهاينة في جهاز الموساد الإسرائيلي

وكمخبر في جهاز المخابرات الأمريكية ومما كتبه هذا الصهيوني لوكالة المخابرات الأمريكية عدة تقارير حول الوضع في ارتريا يقول فيها:

بعد حرب الأيام الستة تضاءلت الاعتمادات العربية للعصابة، ويقصد بالعصابة "جبهة التحرير الارترية"، وتدنت إلى مستوى القطرات وانخفض كلياً نشاطها، عندها عززت الحكومة الاثيوبية جيشها في ارتريا واستعادت سيطرتها على أكثرية مناطق ارتريا الغربية ومنطقة "الكوناما باريا" وفي نهاية عام 1967 حضر بعض قادة الميدان والزعماء السياسيين في ارتريا إلى دمشق واختار آخرون وأغلبيتهم من المسيحيين الذين زال عنهم الوهم والأمل الكاذب بسبب اتجاه الجبهة المتنامي نحو العالم العربي والإسلامي حيث سلموا أنفسهم إلى الجيش الاثيوبي.

التقرير الثاني:

لم يسـتمر الضعـف الذي طـرأ على نشاطات عصابة ما يسمى بجبهة التحرير الارترية وكذلك الهدوء النسبي في ارتريا، إذ بدأ العون العربي يتدفق عليها وبالذات من سوريا والعراق.

وأخذت إذاعة دمشق تبث برامج دعائية يومية لهذه العصابة وإن تأييد سوريا للثوار الارتريين مدفوع بوجهة نظرها القائلة بأن جبهة التحرير الارترية هي حركة تحرر عربية، وإن اثيوبيا حليفة للصهيونية والإمبريالية.

هم العرب سنعود إلى باقي وثائق العميل الإسرائيلي /مردخاي أمبير/ بعد وقفة قليلة نلقي فيها بعض الضوء على الآتي:-

1. بعد نكسة الخامس من حزيران عام 1967 استخدمت الملاحة الإسرائيلية البحر الأحمر بشكل مكثف، وتم بناء خط أنابيب يربط ما بين مينائي إيلات و أشدود.

2. كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر غير راغب بالعمل جهراً ضد اثيوبيا نظراً للعلاقة الوثيقة بين مصر واثيوبيا وهذه العلاقة متمثلة بشخصية الإمبراطور "هيلاسلاسي".

3. وقفت "سوريا" ضد ما يسمى بـ "المبدأ المقدس حول سلامة ووحدة الأراضي" الذي اتخذته منظمة الوحدة الإفريقية عام "1964" وذلك إيماناً بمواقفها العربية القومية تجاه حرية الشعب الارتري العربي.

4. أما العراق فقد أدان اثيوبيا لعلاقاتها بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

5. قامت حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بتطوير علاقاتها مع جبهة تحرير ارتريا وهذا شيء هام فاليمن الجنوبي حينها كان يعتبر اشتراكياً ماركسياً، فحكومة عدن الاشتراكية الماركسية كانت ضد الاستعمار والإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية المغتصبة "لأرض فلسطين" وتأييدها للثورة الفلسطينية كان نابعاً من إيمانها بأن فلسطين أرض عربية اغتصبها الصهاينة وشردوا شعبها، وقد أعلنت الحكومة اليمنية عزمها في عام 1967 على إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية، وأيدت اليمن الثورة الارترية باعتبارها جزء من حركة التحرر العربية والعالمية.

6. في عام 1969 افتتحت معظم الدول العربية مكاتب لجبهة التحرير الارترية وقدمت لها دعماً مالياً.

7. في عام 1970 كانت الفرقة الثانية الاثيوبية المرابطة في ارتريا وقوامها 14 ألف جندي 4 آلاف منهم من رجال الكوماندوس الذين دربوا للقتال في الجبال والمناطق التي يتعذر الوصول إليها. الفرقة وجدت نفسها في وضع غير متكافئ مع قوات جبهة التحرير الارترية، ولهذا اضطرت الفرقة الثانية للتخلي عن مناطق كثيرة من ارتريا لتحل محلها قوات الجبهة وفي هذا الوقت قامت جبهة التحرير بفتح جبهة إضافة إلى جبهتي الغرب والشمال.

8. انضم إلى صفوف جبهة التحرير أهالي منطقة دنكاليا المسيطرين على الشاطئ الارتري وبدأوا بتمرير الأسلحة والفدائيين الذين تم تدريبهم في كل من سوريا والعراق إلى العمق الارتري.

9. قامت جبهة التحرير بزرع ألغام في الطرقات التي تمر عبر دنكاليا الجنوبية والشمالية ثم احتدم القتال بين قوات الجبهة المؤيدة من أهالي دنكاليا والقوات الاثيوبية وعلى أثر هذه المعارك انسحب الجيش الاثيوبي واصبح عدداً من المناطق محرراً بالقرب من خليج "زولا".

10. قامت جبهة التحرير بشن عمليات عسكرية ضد الثكنات العسكرية والمؤسسات الحكومية وذلك على طول الساحل. وعلى الطريق الحيوي المؤدي من ميناء "عصب" إلى "دسي" وكذلك مصفاة النفط في ميناء عصب.

من هنا نستنتج أهمية خلق الجبهة الشعبية فيما بعد.

عودة إلى تقارير العميل الصهيوني مردخاي أمبير.

التقرير الثالث:

تقوم "جبهة التحرير الارترية" بشن حملة عنيفة ومركزة على الولايات المتحدة وإسرائيل.

تدعي الجبهة المذكورة أن القاعدة الأمريكية "كانيو ستيشن" تستخدم كمركز للتجسس الإلكتروني ضد الأقطار العربية عامة والأقطار العربية المطلة على البحر الأحمر وخاصة "الجمهورية العربية المتحدة".

التقرير الرابع:

1. في أول هذا الشهر "تشرين الثاني" نوفمبر من العام الحالي 1970 قامت عصابة جبهة التحرير الارترية بنصب كمين للجنرال "تشومبي أرغتو" قائد الفرقة الثانية للجيش الاثيوبي والعاملة في ارتريا، وأردته قتيلاً ومما يجدر ذكره إن القتيل تشومبي أخذ عدة دورات عسكرية في إسرائيل كما انه من المهتمين والمؤيدين لإسرائيل.

2. رافق صحفي سوري قوات رجال العصابات في ارتريا في عدة عمليات عسكرية هامة.

3. وكما تعلمون إن الإعلام والصحافة العالمية أولت اهتماماً كبيراً بالصور التي أبرزها هذا الصحفي السوري وبالتقارير التي كتبها عن ارتريا.

4. إن الوضع في ارتريا يبدو قاتماً وأكثر سوءاً مما كان عليه.

التقرير الخامس:

في شهر كانون الثاني من عام 1971 قتلت العصابة الارترية "جبهة التحرير الارترية" ساعي أمريكي على طريق مصوع ـ أسمرا الوضع سيئ جداً، ويجب التحرك. انتهى التقرير عند جملة يجب التحرك لندع تقارير العميل الصهيوني ونعود قليلاً إلى الماضي.

إن علاقة إسرائيل مع إفريقيا بدأت منذ أن اغتصبت الأراض العربية الفلسطينية وإقامة الدولة العبرية عام 1948، إلا أن من يسمون أنفسهم بحكماء "صهيون" يحرصون على إيجاد سياسة خاصة بهم تجاه إفريقيا حسب "كتابهم المقدس المزيف" الذي يرجعون به إلى ما يسمى بعلاقات الإسرائيليين مع إفريقيا منذ ثلاثة آلاف سنة خلت، حيث يعيدون إلى الذاكرة الحالية علاقة النبي "سليمان الحكيم" بالملكة "بلقيس" ملكة سبأ وحسب ما يدعي اليهود بأن تنقيباتهم الأثرية دلت على أن زيارة الملكة "بلقيس" للملك النبي "سليمان الحكيم" كانت في القرن العاشر قبل الميلاد، إن هذه الزيارة وضعت الأساس لسلالة الملوك الاثيوبيين التي استمرت إلى عهد الإمبراطور هيلاسلاسي الذي كان يسمي نفسه بأنه الحفيد الـ 255 للملكة بلقيس وسليمان الحكيم، وهذا كله يستخدم للدعاية من قبل الدولة العبرية ونحن هنا لا نناقش حقائق تاريخية يريد "حكماء صهيون تزييفها"؟

إن الحقيقة قد اكتشفت قبل مئة عام عن العلاقة اليهودية بالحبشة، لقد تبين أن هناك واحدة من القبائل الاثيوبية الموغلة في القدم واسمها "الفلاشا" مازالت تعيش في المناطق الجبلية شمال البلاد الاثيوبية وتعيش قبيلة الفلاشا هذه في أكواخ من الطين والقش وتضع على مدخل أكواخها "نجمة داوود"، و"الفلاشا" هؤلاء لم يسمعوا بدولة إسرائيل إلا منذ وقت قريب وقد اعتبر "الفلاشا" أنفسهم آخر اليهود الباقيين في هذه الدنيا، وقد تم ترحيل هؤلاء الفلاشا من اثيوبيا إلى إسرائيل عبر السودان؟

عقد الثمانينات:

في هذا العقد تطورت العلاقة الإسرائيلية ـ الاثيوبية، وذلك عندما حصلت إسرائيل على موافقة الرئيس منغستو في ترحيل الفلاشا الاثيوبيين إلى فلسطين، حيث وسّعت إسرائيل منطقة علاقاتها في القرن الإفريقي وتحديداً في اثيوبيا الموحدة؟

يقول المجرم الجزار إرئيل شارون في مذكراته الآتي:-

سافرتُ إلى إفريقيا مع الجنرال إبراهام بوفيه صديقي القديم والشرس، وكنا قد عملنا سوية في حرب الأيام الستة.

أقلعت الطائرة من تل رنوف حيث توجد قاعدتي العسكرية القديمة، واتجهت جنوباً، مارة فوق إيلات.

عند المساء طرنا بسرعة كبيرة فوق الأراضي الداخلة في البحر الأحمر على شكل رأس، وذلك بقصد الابتعاد ما أمكن عن شرم الشيخ في الضفة المقابلة للخليج، حيث كان للمصريين محطة رادار.

عندما صارت الطائرة فوق جبال السود، كنت في مقصورة القبطان أرشف فنجاناً من القهوة الساخنة، وفيما كنت أراقب القمر الصاعد ببطء أمامنا شعرت بنوع من الكبرياء الساذج، وفي اللحظة عينها قلت في نفسي: بعد كل شيء ليست إسرائيل صغيرة ومعزولة، كما يتصور البعض فرعاياها كانوا يعملون ليلاً فوق أراضي أعدائها.

تبخرت الجبال في الليل وطرنا فوق البحر الأحمر محاولين مشاهدة أنوار مرفأ الذي لا بد أن يكون إلى يسارنا، وحطت الطائرة عند الفجر في مدينة مصوع في بلاد الحبشة، كان ينتظرنا في مطار المدينة فريق إسرائيلي، لملء خزانات الوقود.

وانطلقنا من جديد محلقين في الأعالي، لنمر فوق جبال "أمهرة" التي تزنر العاصمة الاثيوبية أديس أبابا، كان هيلا سلاسي لا يزال إمبراطوراً مطلقاً، ودخلنا المجال الجوي الأوغندي بعد أن اجتزنا كينيا، مررنا فوق مكان يدعى موروتو وأكملنا طريقنا نحو أنتيبي في يوغندا، بدأنا نزور البلاد من منابع النيل في بحيرة فيكتوريا حتى المحميات الطبيعية الرائعة مروراً بشلالات موتشيف وبحيرة جورج.

بعد أيام وجدنا أنفسنا من جديد في موروتو.. هذه المدينة البدائية جداً والمرتبطة على نحو عجيب بتاريخ الصهيونية، ففي بداية القرن فكرت بريطانيا أن تعرض هذه المنطقة على تيودور هرتزل كوطن للشعب اليهودي، وهذه الفكرة لم تلاقِ لحسن الحظ تأييداً عند الحركة الصهيونية آنذاك.

أنجزنا ما أتينا من أجله وغادرنا أوغندا إلى كينيا وفي كينيا تنقلنا إلى هنا وهناك وكانت مهمتنا في كينيا أسهل منها في أوغندا.. وصلنا إلى أديس أبابا عاصمة الحبشة حيث رتبنا ما تبقى من برنامج سفرنا.

كنا نلعب دوراً لا يستهان به في هذه البلاد، فضباطنا يدربون الجيش الحبشي الذي تابع عدد كبير من ضباطه تدربيهم في إسرائيل، أما خبراؤنا الزراعيون فكانوا يعملون مع الفلاحين، فيما كان مهندسونا وصناعيونا، يعملون بجد ونشاط ويساهمون في إنماء البلاد، كانت العلاقات بين البلدين تتخطى مجرد التعاون التقني أو الزراعي.

يتابع الجزار شارون قوله: يوجد في الحبشة مواقع عديدة جديرة بالزيارة، مثل هرر، غوندر، أسمرا، كرن وهي أسماء لا أزال أذكرها لفرط ما قرأتها في طفولتي في أثناء غزو الطليان للحبشة عام 1936.

اتجهت إلى غوندر الواقعة في سلاسل جبال الحبشة الوعرة، في هذه المدينة أثار اهتمامنا عدد من المواطنين، يقولون إنهم يهود ولغتهم هي نفسها الأمهرية، لكنها تتضمن كلمات ذات واقع عبراني منها كلمة أمهرية نفسها، إذ أن بادئتها أم تعني شفتا في اللغة العبرية وهار تعني "جبلاً" ويطلق على قطاع الطريق اسم "شفتا" الذي يذكر بكلمة "شيفيت" اليهودية وتعني "قبيلة"، وهؤلاء المواطنون عندما علموا أننا يهود، فوجئوا وتأثروا كثيراً في آن واحد، وهو تأثر مصبوغ بالحنين، واحتاروا كثيراً في أمرنا، وجهدوا لكشف طبيعة العلاقات بيننا وبينهم، وأكثر ما أثار اهتمامهم، فكرة وجودنا بينهم في قبيلة يهودية واحدة، فصلت منذ آلاف السنين من الأرومة الرئيسية للشعب اليهودي ومع ذلك ظل أفرادها يحتفظون بذكرى أصولهم ويوثقون علاقاتهم بماضيهم.

لقد ساهمت بعد عدة سنوات في إجلائهم إلى إسرائيل.

غادرنا غوندر في اتجاه أسمرا عاصمة ارتريا، أمضيت أياماً في أسمرا حيث عملت وأبرهام من الفجر حتى أواخر الليل وبسرية تامة، رتب لنا اجتماع مع بعض الارتريين الثوريين في ضواحي مدينة أسمرا؟!.

لم يفصح شارون عن أسماء من التقى بهم من الثوريين الارتريين في ضواحي أسمرا.

هذا ما أورده الجزار أرئيل شارون عن التقائه باليهود "الفلاشا"، وبعض الثوريين الارتريين؟!.

Top
X

Right Click

No Right Click