ذكريات المناضل ردئ محارى الحملة السادسة - الجزء الأول

ترجمة الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

تحدث المناضل ردئ محارى متطرقا لأحداث الحملة السادسة وذكرياته بإعتباره أحد المشاركين

في تلك الحملة فإلى تفاصيل حديثه.

المحترمون والمحترمات أبناء الشعب الارتري في داخل الوطن وخارجه وفي منافى اللجوء والغربه الذين تتابعون برامج قناة "النا" الاعلامية.

في هذا اللقاء التنويرى سوف أتحدث عن ذكريات الحملة السادسة لأهميتها على المستوى الوطنى العام لأنها ترتبط بحياتنا وأمالنا، نحن الان نناضل من أجل بأن تكون إرتريا المستقبل حرة ومستقلة، ولأنها تمثل وصية وأمانة الشهداء الذين إستشهدوا دفاعاً عن إرتريا وشعبها في مواجهة العدو الغاشم.

إن سرد ذكريات الحملة السادسة في هذه الوقت مهم جداً ويجب أن يعرفه الجيل الحالى وخاصة هؤلاء الذين لم يبلغوا الاربعين عاما من العمر لإستخلاص الدروس والعبر والاستفادة منه والتسلح به لمواجهة التحديات، وهنا أتذكر عندما كنا صغار في السن كنا نستمع لأبائنا وأجدادنا الذين شاركوا في الحرب مع الجيش الايطالى في ليبيا عن قصص حرب طرابلس بإهتمام بالغ.

الان أيضاً الامانة النضالية تقتضي مننا نحن الذين شاركنا في حرب التحرير الطويلة وساهمنا في تحقيق الانتصارات المتتالية على جيش العدو الاثيوبي وخاصة الحملة السادسة التى كان الهدف منها إزالة الثورة الإرترية من الوجود وإركاع الشعب الإرتري بأن نواصل النضال حتى تكون ارتريا للارتريين.

الحملة السادسة التى بدأت في يوم 14 فبراير قبل ثمانية وثلاثون عاماً اتذكر أحداثها وكأنها كانت بالأمس القريب لّأنها محفورة في الذاكرة لأننى شاركت مع رفاقي في إفشال تلك الحملة الرهيبة وتحطم أحلام العدو في الهيمنة على أرتريا أرضا وشعباً.

حين نقول الحملة العسكرية هي تلك التى يجهزها ويسيرها العدو للهجوم على أرض ليست له بهدف الاستيلاء عليها، في تلك الفترة أعد نظام الدرق كل ما له من قوة وإستعان بالخبراء الاجانب للوصول الى معاقل الثورة الارترية والقضاء عليها نهائياً وطى ملف الثورة الارترية.

الجدير بالذكر إن الثورة الارترية منذ إنطلاقة شرارتها الاولى في عام 1961م بقيادة الشهيد البطل/ حامد إدريس عواتي ظلت تخوض مواجهات عسكرية كبيرة ضد قوات العدو الاثيوبي، ويذكر أيضاً إن الثورة الارترية إستطاعت تحرير نسبة 80% في الارض الارترية بين أعوام 1975-1978م، ولم يتبقي لدى الاحتلال سوى مدن بارنتو وأسمرا وعصب ومصوع وعدى قيح، وجيوشه كانت محاصرة في هذه المدن المذكورة.

بعد مرحلة تحرير المدن وحصار أسمرا وجد نظام الدرقي الدعم والمساند من قوى المعسكر الشرقي وإستطاع بناء قوة عسكرية ضخمة مدججة بأحدث الاسلحة وبدأ في تجهيز الحملات العسكرية المتتالية للقضاء على الثورة الارترية حيث بدأت الحملة الاولى عام 1978م.

بسبب هذه المستجدات وتغيير ميزان القوة العسكرية إختارة الثورة الارترية الانسحاب الاستراتيجي للحفاظ لى الثورة وإستنزاف مقدرات العدو.

تلك الحملات العسكرية المتتالية التى كان يسيرها العدو خلال فترات قصيرة لم يحقق من خلالها أى نتائج تذكر ولذلك غير خططه ووضع إستراتيجية جديدة بتجهيز قوة عسكرية ضاربة مدعومة بخبراء اجانب وأسلحة حديثة، عمل العدو خلال فترة زمنية طويلة للاعداد للحملة التى أطلق عليها "حملة النجم الاحمر" وبدأت الاذاعات تشرح هدفها وتروج لها وما ظلت أتذكر إذاعة أسمرا التى كانت تنقل أخبار تلك الحملة.

ما يميز الحملة السادسة عن غيرها من الحملات هو طولة الفترة الزمنية للتجهيز لها بالاضافة الى الحملات الدبلوماسية والسياسية، العدو لم يستعجل في تحريكها دون الاعداد الجيد لها، بدأت الحملة السادسة يوم 15 فبراير من عام 1982م وإستمرت المواجهات لأكثر من أربعة شهور متتالية دون توقف، جرت خلالها مواجهات حامية إستطاع خلالها المقاتل الارتري الصمود في مواجهة تلك الجيوش الجرارة وكان الثمن إستشهاد عدد كبير من الشهداء ومئات الجرحى والمعاقين، لإنني شاهد على ذلك لم أسمع به عبر الشائعات بل شاركت في صنع ذلك التاريخ.

في هذه اللحظات أتعجب عندما أتذكر الصمود الإسطورى للمقاتل الإرتري الذى كان يقف لمواجهة تلك الجيوش المدججة بالسلاح والعتاد وهو حافي القدمين ويحمل بندقية الكلاشنكوف ولم يستسلم لهم بل قاومهم وهزمهم مرة وللأبد صانعاً بذلك تاريخ حافل بالبطولات والتضحيات الجسام.

هذا التاريخ البطولى الذى شارك فيه وصنعه المقاتل الارتري هو ملك للشعب الارتري ويجب أن يفتخر به الشباب اليوم ويعملون من أجل تكراره لإزالة هذا النظام وتحرير الشعب الارتري.

هذا كل ما تعلق بالاستعداد التى جرت قبل الحملة السادسة.

أيضاً إن العدو الاثيوبي سخر أجهزة أعلام عالمية للترويج لتلك الحملة وإستخدم علاقاته الدبلوماسية للتبشير بقرب إنتهاء الثورة الارترية، وفي تلك الاثناء الكثير من الدول كانت تنصح الثورة الارترية بعدم خوض المواجهة مع إثيوبي حتى لا يتعرضون للموت المحتوم.

منقستو هيلي ماريام جاء الى أسمرا وبدأ يبشر بقرب موعد إنهاء الثورة الإرترية ويرسل رسائل عبر إذاعة أسمرا للإمهات الارتريات بعدم إنتظار قدوم أبنائهن وسوف يتم القضاء عليهم في الساحل، ومعظم الدول كانت تعتبر هذه المواجهة هي مقبرة للثورة الإرترية.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click