افادات شاهد العصر دان كونيل عن بواكير انضمام أسياس أفورقي الى الكفاح المسلح - الجزء الثالث

بقلم المهندس: موسي عَوِلْ خير - كاتب إرتري

الهزَّات الارتدادية:

يقول السيد كونيل: ان أحد العوامل التي دفعت بتشكيل الحزب السري إلى قمة الأجندة السياسية

دان كونيل و أسياس أفورقي

كان اندلاع الاقتتال السياسي في عام 1973، والذي تم في بادئ الأمر مع مجموعة داخلية (يسارية) تعرف بالـمنكع (الخفافيش) فى الوقت الذي كانت تتأهب فيه الحركة للانتقال الى مناطق المرتفقات المكتظة بالسكان.

كانت الفرصة مواتية بسبب انشغال قيادتي جناحي قوات التحرير الشعبية بدمج قواتهما، بالاضافة الى تحويل قواعدهما العسكرية إلى الساحل في عام 1972م من أجل إعطاء أنفسهم الأمان الذي يمكنهم من التفرغ لحل خلافاتهم السياسية مع الحفاظ على روابطهم اللوجستية مع جنوب اليمن، حيث جاءت جميع أسلحتهم وإمداداتهم من هناك، فبمجرد ان قامت أول مجموعتين باعادة تموضعهما فى الساحل، انضمت إليهم مجموعة عوبل، كانت الخطة ترتيب ملف دمج القوات الثلاثة بالبدء ببناء أساس متين للوحدة بينها من خلال المؤتمر الذي يجب أن ينعقد بمجرد حل الخلافات الرئيسية، إلا أن الضغوط من كل من اليسار واليمين هددت بإلغاء المشروع.

يقول هايلي منقريوس والذي كان يعمل في قسم المعلومات والتوجيه المعنوي للقوات المشتركة عندما بدأت هذه الأحداث بالظهور الى السطح، أنه يتذكر هذه الفترة باعتبارها واحدة من التوترات السياسية المتزايدة بين مختلف الأطياف السياسية، أصيب فصيل يساري داخل مجموعة عالا مرتبط بموسيي تسفاميكائيل بالإحباط من بطء وتيرة التطور السياسي مما دفعهم الى تأسيس تشكيل سياسي ثوري، متحدِّين بذلك قيادة أسياس لتحول العملية السياسية برمتها. وعندما وصلت أخبار هذه التطورات إلى عثمان صالح سبي العضو اليميني السابق في جبهة التحرير الإريترية والذي كان يعتبر نفسه في اليمن كرئيس للقوات الجديدة والتي أطلق عليها اسم (جبهة التحرير الارترية - قوات التحرير الشعبية) حيث كان يقوم بتأمين الأسلحة والإمدادات لها، عندما سمع بهذه التطورات السياسية بدأ فى تعبئة أنصاره لمعارضة ما اعتبره تهديداً لموقفه الضعيف (أصلاً) بسبب الاتجاه الذي كانت تسلكه الحركة السياسية في الميدان، وهذا ما وضع المجموعة التي قامت بتأسيس حزب الشعب الثوري فى ضغط من قبل الطرفين، فكان ردهم بالقيام بخطوات استباقية فى صيف 1973م بالاسراع فى دمج قيادتي جناحي قوات التحرير الشعبية تحت قيادة أسياس، أما مجموعة عوبل ونتيجة للنفوذ القوي لعثمان صالح سبي فقط اسنحبت من الساحل لتتمركز فى أدوبحا وبعض مناطق بركا وذلك تجنباً المشاركة فى هذه الصراعات، إلا أن جبهة التحرير الارترية وجهت لها ضربات قاضية حيث فر معظم مقاتلي مجموعة عوبل الى السودان.

في هذه الاثناء وبعد اسابيع من اندماج قيادتي جناحي قوات التحرير الشعبية، صعدت مجموعة (المنكع) والتي تم تهميش قادتها في قيادة القوات المدمجة حديثًا، صعدت من معارضتها للقيادة الموحدة مما حفز ببعض الموالين لعثمان صالح سبي وآخرين من التيار الذي كان يعرف باليمين إلى العمل فقامت القيادة الموحدة باعتقال عدد من المقاتلين وإعدام بعضهم، من بينهم موسيي تسفاميكائيل وخمسة أو ستة آخرين، وأعيد آخرون من الفصيل "اليساري" إلى الحظيرة من خلال عملية موسعة للنقد والنقد الذاتي، ومهما كانت التفاصيل فقد عززت هذه التجربة اقتناع القيادة بأن هناك حاجة إلى المزيد من التماسك السياسي والمزيد من السيطرة التنظيمية المركزية إذا أرادت الجبهة أن تنفيذ أجندتها التحررية كان، وأن الوسيلة لذلك هو بناء الحزب، ويشير هيلي منقريوس إلى هذه الأحداث باعتبارها التجربة الرئيسية التي منحت حزب الشعب دوره البارز في تشكيل وتطوير حركة التحرر الكبرى، ثم يردف منقريوس قائلاً: لم يتشكل هذا الحزب للتعامل مع القضايا الخارجية، بل نشأ الحزب بسبب هذا الانقسام الداخلي، كنا نقول جميعًا إنه لا يوجد ضمان لاستمرار نظرتنا الثورية ما لم نشكل منظمة ثورية، إلا أن آخرون - مثل شريفو- قللوا من أهمية هذه الأحداث، وأصروا على أن أهميتها تنبع إلى حد كبير من عمليات الإعدام التي أعقبتها، وبالرغم من ذلك فإن الأغلبية تعتبر هذه الفترة نقطة تحول بالنسبة للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا وللحزب الذي كان سيقودها... انتهى كـــــــــــــلام السيد كونيل.

تفكيكات:

• الأمريكي دان كونيل أول من يسمي الأشياء بمسياتها (الاقتتال السياسي) وليس الحرب الأهلية.

• أفورقي يحارب قيادة جبهة التحرير الارترية (اليمينية) رافعاً شعار اليسار الماركسي.

• أفورقي يدوخ قيادة جبهة التحرير بملف سرية أديس وتصفية عضوي القيادة الثورية كداني كفلو وولداي قدي ثم يأتي ليقوم بتصفية ما يقارب ثلاثة آلاف مناضل من داخل الجبهة الشعبية أبرزهم من قطع معه عهداً ووقعه بدمائه المناضل/ موسيي تسفاميكائيل ويدجن ثالثهما المناضل/ هيلي ولدتنسائي ليصبح حمام الحمي، ثم يستطيع تمرير البروبوقاندا على الجماهير العريضة وكأنه حمامة سلام.

• أفورقي يرفض تلطيخ يده "الشريفة" بوضعها بيد اليسار الماركسي (حزب العمل) الذي سبقه بالانطلاق فى مشروع تزوير (عفواً تغيير) الشعب الارتري بالعمل من داخل جبهة التحرير الارترية حتى تمكن من قيادتها.

• المظلة الماركسية التي تتحكم بذراع التوجيه داخل جبهة التحرير تصدر قراراً بتصفية الحركات المنشقة ذات الطابع (الارتري) لكنها تغازل الحركات المنشقة ذات الطابع الصيني (عفواً الأفورقي) بإسم العقيدة الواحدة (Marxist doctrine) لتستثنيه من قرار التصفية وتخطب وده عبر لجنة رفيعة المستوى يرأسها القائد/ إبراهيم محمد على وعضوية مسئول جهاز الامن ملاكي تخلي وتسفاي تخلي وآخرون تتقفى أثره من مرارا إلى سلمونا فعد شوما.

• أفورقي يركل الغزل الماركسي تحت شعار لا للمذات منادياً بين الناس أن حي على الثورة.

• أفورقي وببغاواته وعلى رأسهم هذا الكونيل يشبهون القائد المناضل/ عثمان صالح سبي بالأرجوز الذي يعلن نفسه ممثلاً لهذه الحركة أو تلك متسولاً ودهم فى عدن وهو الذي تفتح له كل عواصم العالم أبوابها، وهو من أول من أعلنوا الكفاح المسلح، ثم هو من أعلن أول انشقاق فى هذا الكفاح المسلح فى مؤتمر عمان بالأردن، هل يعقل أن يوصف رجل المنصات بهذا الوصف؟!!.

• أفورقي يبطش باليسار التقدمي داخل الجبهة الشعبية (منكع نموذجاً) باستخدام الذراع اليمينية المناطقية (الدموي سلمون ولدماريام أول مسئول لجهاز الأمن والمخابرات المعروف بـ حلاوي سورا "درع الثورة").

• أفورقي يقوم بتصفية حركة محاربة الفساد اليمينية داخل الشعبية بقيادة (د. قبر لؤول) وأبرز ضحاياها الدموي سلمون ولدماريام نفسه.

• أفورقي الديمقراطي !! يحاور بعض أنصاف المنتمين لمجموعة المنكع ليعودوا الى قواعدهم سالمين (بطروس سلمون و سبحات افريم نموذجاً).

أفورقي يجلس على الككر: وحوله بعض المسخ بعد أن قام بتشويه ملامحهم الفكرية والسياسية بل ومواقفهم الوطنية.

ما هذه اللعنة؟!!

تعقيب - أفورقي والرقص على رؤوس الأفاعي:

لا شك أن عقد السبعينات من القرن الماضي يعد الفترة الأكثر دقةً وحساسية للثورة الارترية بشكل عام، ودورة حياة الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا بشكل خاص، وتنبع هذه الأهمية من وجهة نظري لثلاثة أسباب رئيسية وهي:-

1. الانقلاب على الامبراطور هيلا سلاسي فى 1974م من قبل قوى تدعي التقدمية زوراً وبهتاناً فى وقت كانت الثورة الارترية تسوق فيه هذا الشعار ضد اقطاعية الامبراطور فاحترقت الكثير من الكروت.

2. انتقال الجبهة الشعبية من طور الشرنقة الى ما بعده وهو الطور الذي يعد عنق الزجاجة فى دورة حياة كافة الحركات التحررية فبعضها يموت فى هذا المخاض وقليل من يتجاوزه.

3. الحركات الاصلاحية من داخل الجبهة الشعبية

وقد قاد المناضل - اليساري، اليميني، الجهوي، الثوري، الوطني، الخائن، المسيحي، الملحد - نعم لا اعتقد حتى الآن هناك من تمكن من توصيف الرجل التوصيف الحقيقي، واتحدى كائناً من كان ليأتيني بتوصيف وسوف أثبت عكسه، فكلما نلبسه قناعاً يفاجئنا بقناع جديد لم نألفه فيربك حساباتنا ويشتت وحدتنا، وهنا تكمن خطورته، قاد هذه المرحلة بحنكة واقتدار (ان لم تستسيغها قل بخبث ودهاء سياسي، وليس من الانصاف أن أصفها بأقل من هذا) بعد أن داس على رقاب كل الرفاق، ليس ابتداءً برفقاء الدرب من مثقفي خلية طلاب جامعة أديس أبابا السرية وليس انتهاءً بمن كانوا يدقون الموت فى سيتيت ناقوساً من اللهب.

المنكع: بدأ أفورقي فى تنفيذ المخطط الحلم الذي عاش لأجله بعد أن قام بتصنيع ذراع التوجيه (حزب الشعب الثوري) فى 1971م، الا أنه ولسوء حظه سرعان ما وصل الرفيق (موسيي تسفاميكائيل) الى الميدان بعد أن قام بتسليم نفسه لقنصلية اثيوبيا فى 1967م هو وهيلي ولدتنسائي ومعهم آخرون وفى تقديري كان ذلك خطة للهروب من ضغط الحكومة السودانية بعد الاتفاق مع هيلي سلاسي فى نفس العام للضغط على الثوار الارتريين، بدليل أنهم لم يتوقفوا عن النضال، ثم بعد أن قارب أمرهم على الانكشاف قام المناضل موسيي ومعه بعض الطلاب منهم يوهنس سبحتو فى يناير 1971م باختطاف طائرة الخطوط الجوية الاثيوبية الى ليبيا (طرابلس) وربما من العوامل التي شجعتهم لهذه العملية عملية الاختطاف التي قام بها سبعة من الطلاب بقيادة الطالب الثوري إمانويل قبريسوس فى صيف 1969م عندما قاموا بخطف طائرة الخطوط الاثيوبية الى السودان ثم الانضمام الى جبهة التحرير الارترية بناءً على ما ذكره البروفسور/ بحرو زودي (Bahru Zewde) فى كتابه (The Quest for Socialist Utopia).

جاء موسيي الى الميدان فى الوقت الذي كان يرتب فيه أفورقي أوراقه للانفراد بقيادة الكيان الوليد، لأن موسيي كان أبرز المثقفين فى أوساط الطلاب الثوريين ابتداءً من ثانوية لؤول مكنن ثم جامعة اديس ابابا، حتى أنه وخلال الفترة البسيطة التي قضاها فى السودان من 1965م الى 1967م أسس مجلة باسم (نهضة الشباب) وهذا يمكنه من منافسة أفورقي، وبالفعل بدأ فى مقاومة رغبات أفورقي المريضة فقام مع آخرين بتشكيل حركة المنكع وعلى رأسهم يوهنس سبحتو وتولدي إيوب، فكانت تمثل هذه الحركة التحدي الأكبر لأفورقي دون منازع، فقام فى بادئ الامر بمحاولة استخدام القوة الناعمة ضدهم عندما كلف موسيي تسفاميكائيل فى مهمة التثقيف السياسي فى هيئة التدريب ابعاداً له من مراكز القيادة والقرار، فكان وجود موسيي وبالاً على أفورقي أكثر مما توقع بعد أن اكتسب موسيي ود وولاء كافة المقاتلين المتدربين، حتى أن هيلي منقريوس وبعضاً من رفاقه القادمين من جامعة فيلادلفيا فى الولايات المتحدة الامريكية يقول: كنا نميل الى طرح مجموعة المنكع اليسارية لأننا كنا نرى ارتريا أضيق من أن نتصارع فيها على أساس مناطقي أو عرقي، فهي بالنسبة لنا كانت أضيق حتى من دولة ولكنا كنا نخاف من التصريح بهذه الميول خوفاً من قيادة حزب الشعب كوننا حديثي العهد بالنضال، وعندما بدأ التيار اليساري بالتصاعد وأدرك أفورقي صعوبة السيطرة عليه باستخدام القوة الناعمة، فكر وقدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبصر فقال: مالها سوى ذراع قوية قادرة على البطش فقام بتأسيس جهاز الامن والمخابرات المسمى (حلاوي سورا) فى العام 1974م ووضع على رأسه الدموي (سلمون ولدماريام) كما ذكرنا فى الجزء السابق مرتدياً هذه المرة جلباب اليمين المناطقي فسرعان ما أطلق حملة تشويه لا تبقي ولا تذر بحجة أن المثقفاتية اليساريين يريدون اختطاف الثورة من اصحابها تارة لدرجة أن مصطلح المتعلمين (مهورات) يساوي (الخيانة) ووصفهم بالمناطقية (أبناء أكلي قوزاي) تارةً أخرى، فقام فى بادئ الأمر باعتقال قياداتهم ثم اعتقال وتصفية كل من يشك فى انتمائه لهذا التيار لدرجة أن بعض الطلاب ممن كانوا يلتحقون من جامعة اديس أبابا كانوا يخفون أنهم متعلمين أصلاً، لكنه لم يبدأ بعمليات التصفية الجسدية لبعض القادة البارزين منهم موسيي تسفاميكائيل إلاَّ بعد 1978م بعد أن قام بتشكيل محكمة عسكرية سريعة من قيادة حزب الشعب سيئ السمعة، فخلال الفترة من 1978 وحتى 1980 قام بتصفية كافة المعتقلين لا يتسع المجال لذكر أسمائهم وأماكن إعدامهم، إلا أن بعض الروايات تقدر الأعداد بـ ثلاثة آلاف وبعضهم ألفان أو ألف مقاتل، وللأمانة التاريخية فإن كل الروايات التي قرأتها أو استمعت لها لا تتفق على رقم، لكنهم اتفقوا على أن أغلب القيادات تم إعدامهم فى جبل (أراق) مركز القيادة العسكرية الذي كان يرابط فيه القائد العسكري ابراهيم عافه خلال عقد السبعينات، "يقول ميشيل جروس (Micheal L. Gross) فى كتابه أخلاقيات التمرد (The Ethics of Insurgency) إن الطريقة التأديبية التي تم التعامل بها مع الدائرة الضيقة لقيادات المنكع كانت سابقة للتطهير الذي يمكن أن يتم مستقبلاً، كما وأرسلت رسائل واضحة لكل من تسول له نفسه من أفراد وجماعات الانحراف عن الشفرة المحددة وبثت الرعب داخل الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا".

أشباه المنكع وتوابعها من الاصلاحيين:

بعد أن أثخن أسياس أفورقي فى حركة المنكع الأقوى كان من السهل عليه التخلص من بعض الحركات الاصلاحية الأخرى مثل: مجموعة (بطاي) ويبدو أنها تعني الرفيق بالتقرنيا وأترك الترجمة للعارفين والتي قامت بقيادة المناضل/ قيتئوم برهي، ثم حركة محاربة الفساد والتي قادها (دكتور قبر لؤول) والتي عرفت باليمين وكان على رأس ضحاياها المتطرف الدموي (سلمون ولدماريام) والذي خلفه فى جهاز الأمن والمخابرات (درع الثورة) تخلاي عدن الذي سلم نفسه فيما بعد الى اثيوبيا بعد انسحاب الجبهة الشعبية من بعض المدن التي كانت تسيطر عليها فى العام 1978م، علماً أن تاريخ الجبهة الشعبية لا يعرف رجلاً دموياً أكثر من سلمون ولدماريام، يذكر الاستاذ/ عبدالفتاح ودالخليفة فى سلسلته التي نشرها فى المواقع الارترية عام 2012م بعنوان: عشم إبليس فى سرية أديس، يذكر بأن سلمون ولدماريام تخلص من زميله المناضل (أرفايني) وثمانية من زملائهم عندما كانوا مسئولين من الوحدات الفدائية المرابطة بالقرب من العاصمة أسمرا عندما أخفى عنهم قدوم العدو وهرب بنفسه وذلك لانهم كانوا يختلفون فى وجهات نظرهم بخصوص وحدة السلاح فى الثورة الارترية، هذه هي الأفاعي التي كان يرقص أفورقي على رؤوسها فى سبعينيات القرن الماضي لتوطيد أركان سلطته ليتخلص منها فيما بعد كما يتخلص من المناديل الورقية.

أما حلفائه الآخرين يبدوا أن جميعهم استوعب الدرس وفهم الرسالة التي ذكرها ميشيل جروس فمنهم من سلم أوراقه كاملة ليصبح رهن اشارته ومنهم من فرَّ بتاريخه قبل جلده - العوبليين نموذجاً - ومنهم من انشق عنه مجدداً فى 1976م وهي قوات التحرير الشعبية النسخة الجديدة.

حزب الشعب الثوري الاثيوبي:

بدأت العلاقة بين أفورقي وعناصر حزب الشعب الثوري الاثيوبي (EPRP) مبكراً عندما كانوا فى الخلايا الطلابية اليسارية فى جامعة أديس أبابا، ثم أنه ليس مصادفةً أن يتخذ الحزبان نفس المسمى، بل ذهبوا لأبعد من ذلك فى التنسيق بينهم حيث عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الشعب الثوري الاثيوبي فى الفترة من الثاني وحتى التاسع من ابريل 1972م وكان قد عقد المؤتمر التأسيسي لحزب الشعب الارتري قبل عام من ذلك كما ذكرنا آنفاً، يعتبر الكثيرون أن حزب الشعب الثوري الاثيوبي كان النواة الاولى التي أطاحت بالامبراطور هيلي سلاسي، إلاَّ أن المجموعة العسكرية بقيادة منقستو هيلا ماريام انقلبت عليهم وأذاقتهم الأمرين لأنهم رفضوا أن تحكم البلاد عسكرياً مطالبين بدولة القانون والتعددية الحزبية، يقول السفير الفلسطيني خير الدين عبدالرحمن (أبو الخير) فى كتابه: ما بين الثورة والدبلوماسية يقول: عندما كنت ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية فى أديس أبابا كنت أرى بؤم عيني الكثير من جثث عناصر حزب الشعب الثوري الاثيوبي فى الشوارع وكان يمنع تحريكها لمدة ثلاثة أيام ثم يسمح بدفنها فى اليوم الرابع بعد أن تتعفن، هكذا تم التنكيل بعناصر حزب الشعب الثوري فى اثيوبيا، وما أريد قوله هنا بأن بعض عناصر حزب الشعب الاثيوبي التي كانت تتدرب فى اليمن جاءت إلى الاراضي المحررة فى ارتريا فى عام 1974م لاستكمال تدريباتها مع رفاق السلاح، إلا أنه وبعد فترة قليلة من تأسيس الرابطة الماركسية اللينينية التقراوية (MLLT) وشعاراتها الشمولية، قام حزب الشعب الاثيوبي بالاعلان عن رفضه لكافة الخيارات الشمولية ودافع عن المسار الديمقراطي الذي وضع مصلحة اثيوبيا وشعبها أولاً مع اعترافهم بحق ارتريا فى الاستقلال حسب شهادة سفير منظمة التحرير الفلسطينية حيث يقول: كان يزورني بمكتبي فى الخرطوم رئيس حزب الشعب الثوري الاثيوبي وكان يؤكد لي دعمه لنضال الشعب الفلسطيني وايمانه باستقلال ارتريا، إلاَّ أن أفورقي انقلب علي رفاق الأمس لأجل عيون التقراي وطردهم من ارتريا ليلاقوا مصيرهم بالتصفية بين مطرقة الدرق وسندان الجبهة الشعبية لتحرير تقراي.

لم أكمل.. ولكن أدرك شهرزاد الصباح.

إلى اللقاء... في الجزء القادم بمشيئة الله

Top
X

Right Click

No Right Click