ذكرياتي مع القائد الشيخ إدريس محمد آدم أول رئيس لجبهة التحرير الإرترية - الحلقة الأولى

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

كان الشيخ إدريس محمد آدم يحدثني ويقول:

لقد ذهبت وأدليت بصوتي حول استقلال إرتريا

فسألته:

يا أبا إبراهيم ما رأيك بالذي يحدث اليوم في إرتريا وتساءلت أليس من المفروض أن يكون الشيخ إدريس ورفاقه في أسمرا بعد الاستقلال.

تابع حديثه قائلا: إن ما يحدث اليوم في إرتريا شيء خطير وخطير جدا.

وروى لي هذه الحادثة:

في يوم من الأيام اتصل بي رئيس الوزراء الاثيوبي من أديس أبابا (عاصمة إثيوبيا) وكنت في حينها رئيس مجلس النواب في إرتريا قال لي رئيس الوزراء إن الإمبراطور ويعني به هيلاسلاسي سوف يستقبل كبار قادة إثيوبيا وعليك أن تحضر.

وذهبت إلى القصر الإمبراطوري وقد وجدت أمامي وحسب البروتوكول رئيس الوزراء وأنا خلفه، وجدت نفسي وجها لوجه مع الإمبراطور فما كان من رئيس الوزراء الإثيوبي إلا أن خر ساجدا على حذاء وركبة الإمبراطور وقبلهما وهنا أصابتني الحيرة فأنا لا أسجد ولا أركع إلا لله عز وجل وجاء دوري فرفعت يدي اليمنى إلى مستوى رأسي وقلت بالعربية (السلام عليكم).

واليوم بعد أكثر أربعين عاما أجد الشيخ إدريس بقامته المديدة ولغته العربية التي يتباهى بها وبعروبته متنقلا بين السعودية وسورية والسودان ومصر على الرغم من أن ارتريا أصبحت دولة لها استقلالها ولها صوتها بين دول العالم.

كان أول لقاء بيني وبين الشيخ إدريس عام 1971 في منطقة (آر) مكان انعقاد المؤتمر الوطني الأول لجبهة التحرير الإرترية.

جلست معه وسمعت منه الكثير كان يحدثني عن العروبة والإسلام وعن الوطن والاستقلال وحرية شعبه، كان في صحبته ابنه الأخ إبراهيم وهو شاب مناضل وقد تخرج من جامعة دمشق في سورية وكان أيضا معنا المناضل الوطني محمد عمر يحي وكنت أرتاح لطريقة حديث الشيخ إدريس خاصة عندما يقول لي:

اسمع يا أحمد إن سوريا هي البلد العربي الأول الذي أعطانا السلاح والدعم.

كنا نرسل أبناءنا إلى الجامعات والمدارس ونرسل شبابنا ليقوموا بدورات عسكرية في سورية والبلاد العربية وأخيرا أقول إن سورية هي في ضمير كل إرتري.

أنتم منا ونحن منكم.

هل تعلم يا شيخنا كم هو عد الشباب الذين تلقوا تدريبهم العسكري في سورية ؟؟.

كثيرون جداً.

إنهم حوالي (800) شاب إن أول دورة عسكرية تلقت التدريب كانت في سورية وتألفت من عشرين شابا ومن هذه الدورة أذكر بعض الأسماء التي ماتزال عالقة في ذاكرتي (إبراهيم عافة إبراهيم..استشهد، عبد الكريم أحمد، عبد الله إدريس، رمضان محمد نور الذي أصبح فيما بعد الأمين العام للجبهة الشعبية ثم أعفي ويهيم على وجهه في شوارع أسمرا، محمد أحمد عبده الذي أصبح قائداً للجيش والذي رفض العيش في إرتريا تحت ظل حكومة الجبهة الشعبية وصار يعمل (جنيناتي) في حدائق مدينة كسلا، محمد علي عمارو مسؤول الإعلام السابق للجبهة الشعبية وسفير إرتريا في دولة الإمارات ثم في كينيا، الأمين محمد سعيد وهو الأمين العام للجبهة الشعبية سابقا، أفورقي قبر سلاسي، وفي نهاية عام 1979 استقبلت الكلية الجوية شباب ليتخرجوا بعد سنوات ضباطا طيارين وملاحين وفنيين وأذكر منهم شيكاي رمضان الذي وصل إلى رتبة رائد طيار في القوى الجوية السورية وقد علمت مؤخرا إن شيكاي مؤخرا يهيم على وجهه في شوارع أسمرا وينتقل من بار إلى آخر بعد أن أهملته الجبهة الشعبية هذا على سبيل المثال لا الحصر يا أبا إبراهيم.

هنا قاطعني الشيخ إدريس قائلا:

وبعدها جاءت الخيرات من أشقائنا العرب.

ومن المعروف أن الشيخ إدريس هو رئيس مجلس التواب الأسبق ومن مؤسسي جبهة تحرير إرتريا وأنا أتساءل ماذا يفعل الشيخ إدريس محمد آدم بعد الاستقلال وماذا قدمت له الحكومة الارترية الحالية ؟؟؟ لاشيء ؟؟

إنه مازال يعيش في الخارج كما كان قبل الاستقلال وبجواز سفر عربي وعلى فكرة إن الشيخ إدريس هو من قبيلة بني عامر وتعتبر هذه القبيلة من أكبر القبائل في إرتريا ولها فروع كثيرة وهي قبيلة معروفة بجذورها ولها نسبها ومكانتها في المجتمع الارتري من الأشياء التي أذكرها إن الشيخ إدريس كان يقول لي:

أنت لا بد أن تكون قد استنتجت بتجربتك الميدانية وبعد مرور(29) عاماً ما سإقوله لك الان.

أنت تعرف عاداتنا وتقاليدنا لكنني أريد أن أضيف بعض المعلومات التي من المفروض أن تعرفها جيدا:

أنت تعرف أن الإسلام له جذوره في كل من إرتريا وإثيوبيا وتمتد هذه الجذور إلى أوائل القرن السابع الميلادي وذلك قبل أن ينتصر الإسلام في مكة وينتشر في المدينة المنورة وقد جاء الاسلام بقيم وأخلاق جديدة ويضاف إلى ذلك المصاهرة بين السكان المحليين والقادمين من العرب من هنا كان التأثير والتأثر كما أن المسلمين وبعلاقاتهم مع المسيحيين كانوا قدوة حسنة أبرزها الموقف التاريخي المعروف حين حوصر بيت المقدس من قبل جيوش المسلمين فطلب المسيحيون التسليم لأمير المسلمين عمر بن الخطاب بنفسهم وجاء الخليفة واستلم المدينة وكتب آمانا لسكانها على أموالهم وأنفسهم وكنائسهم وأديرتهم وهنا نلاحظ أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول من منح الكنيسة حقوقها الدينية كاملة ومن المعروف أن صلاح الدين الأيوبي هو من حرر القدس أثناء حروب الفرنجة وللأسف فإن مدينة القدس سقطت عام 1967 بيد الصهاينة ؟.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click