ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ

إعداد: جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية

يودع الشعب الإرتري اليوم ابناء بارًا من أبنائه، وقائدًا فريدًا في عطائه، وإنسانا اجتمعت عنده

معاني النبل والصدق والعفة والإخلاص، هو القائد الرمز أحمد محمد ناصر.

استشهد فقيدنا الكبير بعيدًا عن الوطن الذي ولد وترعرع فيه، وناضل من أجله طيلة حياته وقدم خلالها لإرتريا وشعبها كل ما يملك.

يرحل عنا القائد الرمز أحمد ناصر والشعب الإرتري في أمس الحاجة إلى دوره القيادي في النضال الجاري من أجل التغيير الديمقراطي وبناء دولة العدل والمساواة في إرتريا.

• ولد المناضل أحمد محمد ناصر باشا أبوبكر في بلدة "أيروميلي" الواقعة في شرق أكلي جوزاي في عام 1946. وهو سليل أسرة إرترية عريقة، تربى في كنف جده ناصر باشا أبوبكر حيث توفي أبوه قبل ولادته. ويعتبر جده ناصر باشا أحد أبرز رموز الحركة الوطنية الإرترية والكتلة الاستقلالية في مرحلة حق تقرير المصير التي تكالبت فيها مؤامرات الأعداء، وكانت له بصمات بارزة في العمل الوطني.

• تلقى القائد المناضل أحمد محمد ناصر تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدينة عدي قيح، والتحق في العام 1960 بثانوية هيلي سلاس (قهاز) في أسمرا، وأنهى تعليمه الثانوي في عام 1964. ويشهد له أقرانه في الدراسة بأنه كان من الطلبة المتفوقين في دراسته.

بدأ حسه الوطني مبكرًا، حيث تربى في بيت وطني عريق. وأثناء فترة دراسته للمرحلة الثانوية في بداية الستينيات، كانت إرتريا تشهد المظاهرات وغيرها من النشاطات الرافضة للهيمنة الإثيوبية. وأثناء فترة دراسته في أسمرا انضم إلى الخلايا الأولى لجبهة التحرير الإرترية وكان من الطلائع الأولى التي انخرطت في العمل الوطني مبكرًا؛ وكان القائد أحمد ناصر من بين المخططين لتلك المظاهرات والمشاركين فيها بفاعلية.

• بعد الانتهاء من تعليمه الثانوي، التحق القائد أحمد ناصر بصفوف جبهة التحرير الإرترية في عام 1966. وبُعث إلى العراق ليلتحق بالكلية الحربية، وتخرج منها ضابطًا. حاز على الجوائز والميداليات تقديرًا لشجاعته وتميزه في وحدة المظلات، حيث منحه الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر مسدسًا وساعة. كما نال إلى جانب ذلك شهادات تقدير عديدة.

• عاد إلى الميدان والتحق بجيش التحرير الإرتري مناضلاً وقائدًا، وتولى مسؤولية إعادة تنظيم الجيش، مستفيدًا من العلوم العسكرية التي نهلها، وكانت له بصمات واضحة في تطوير جيش التحرير الإرتري. ونجح فيها بشهادة كل زملاء نضاله. كما كان أحد المخططين للعمليات النوعية التي قام بها جيش التحرير الإرتري في تلك الفترة. وكان منسقًا للعمليات داخل الجيش.

• اختير المناضل أحمد ناصر عضوًا في المجلس الثوري في المؤتمر الوطني الأول الذي عقد في أكتوبر 1971. هذا المؤتمر الذي وضع اللبنات الأساسية لجبهة التحرير الإرترية تدشينا لانطلاقة جديدة في المجال السياسي والعسكري والجماهيري والقيام بعمليات نوعية أزعجت وأنهكت العدو. وانتقلت الثورة آنذاك من مرحلة الدفاع إلى التوازن لتنتقل الثورة في النهاية إلى مرحلة الهجوم. وكانت هذه فترة زمنية تتطلب وجود رجال يكونون على مستوى المسؤولية، وكان القائد الرمز أحمد ناصر أحد هؤلاء الصناديد الذي قاموا بواجبهم النضالي والقيادي خير قيام.

• وفي المؤتمر الوطني الثاني، الذي عقد في مايو عام 1975، تم انتخابه رئيسًا للمجلس الثوري واللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الإرترية.

• في الفترة بين 1982- 1994 تم اختياره رئيسًا لجبهة التحرير الإرترية (المجلس الثوري)، وإعادة انتخابه رئيسًا للتنظيم في عام 2001.

• في المؤتمر الأول لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية تم اختياره رئيسا لهيئتها التنفيذية.

• في المؤتمر الثاني لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية تنازل عن القيادة بمحض إرادته مؤكدًا استمراره في النضال حتى آخر يوم من حياته. ولم تكن هذه أول مرة يتنازل فيها القائد أحمد ناصر عن موقع القيادة بل فعل ذلك عدة مرات، إلا أن زملائه كان يلحون عليه لتحمل المسؤولية وقيادة العمل النضالي، لما عرفه عن من إخلاص وتفاني وقدرات قيادية فريدة.

• من الصفات الحميدة للقائد أحمد ناصر النزاهة وعفة اليد واللسان والتواضع الجم ونكران الذات.

• كان القائد أحمد ناصر زعيمًا بارزًا من بين الزعامات الإرترية الكبرى، وظل اسمه ملتصقا على الدوام بقضايا الوطن وهموم المواطن الإرتري. ففي حين أنه كان مقاتلاً شرسًا من أجل تحرير وطنه وأرضه، كان يمتلك صفات القائد المحنك الذي لم يسجل له التاريخ يومًا سلوكًا ميز فيه بين مختلف مكونات الشعب الإرتري.

• كما كان أيضًا مقاتلاً شرسًا بين المقاتلين من أجل تحرير أرضه وشعبه، وفي الوقت نفسه لم يقتصر جهده على الصعيد العسكري. وسيشهد التاريخ بأن النضال الإر وصل إلى ذورته في عهد قيادته. وفي هذا العهد اتسعت جبهة التحرير الإرترية بانضمام أبناء كل فئات شعبنا إليها ومن كل أرجاء إرتريا. خاصة وأن جيش التحرير الإرتري وعملياته العسكرية الكبيرة في مختلف مواقع إرتريا شهدت تطورًا كبيرًا، وتحررت خلالها مدنًا، وأجزاء كبيرة من المناطق الإرترية. وقبل أن يستوعب أعضاء الجبهة هذا التطور السريع، تكالب عليها الأعداء من جهات عديدة، وحيكت ضدها المؤامرات التي أدت إلى انكسارها. ومن المواقف الشجاعة المحسوبة للمناضل الكبير أحمد محمد ناصر أنه تحمل نتيجة هذا الانكسار ودفع ثمنًا باهظًا بصورة شخصية في هذا السبيل.

• قام القائد أحمد ناصر بجهود دبلوماسية كبيرة من أجل كسب التأييد الدولي والإقليمي للنضال العادل لشعبنا. والتقى بمعظم زعماء الدول العربية البارزين. وكان لهذا الدور إسهامًا كبيرًا في حشد التعاطف والتأييد للنضال الوطني الإرتري الذي توج بتحرير إرتريا من الاحتلال الإثيوبي في عام 1991.

• بعد خيانة الزمرة الحاكمة في إرتريا لأهداف شعبنا وتطلعاته في التحرر والانعتاق، واصل القائد أحمد ناصر نضالاته مع زملائه لتحقيق كامل تلك الأهداف. وهكذا أصبح رمزًا قياديًّا بارزًا، سواء في مرحلة الكفاح الإرتري المسلح، أو في مرحلة النضال من أجل التغيير الديمقراطي، وقدم مساهمات مقدرة في معركة التحول الديمقراطي الجارية من أجل بناء دولة يتساوى في كنفها كافة الإرتريين.

• كان القائد الرمز أحمد ناصر، كما وصفته بعض الدوائر الإقليمية عند سماع نبأ وفاته، يتمتع برؤ ية استراتيجية للأوضاع في إرتريا وفي منطقة القرن الأفريقي. وفضلا عن ذلك فإن الفقيد كان عنصر وفاق وحوار، الأمر الذي جعل الكثيرين من الإرتريين يلتفون حوله ويعتبرونه صمام أمان لإرتريا ووحدة شعبها. وكانت الوحدة الوطنية بالنسبة له ولجبهة التحرير الإرترية قضية استراتيجية. وسيذكر التاريخ بأنه كان يسعى دائما لتحقيق الوحدة مع الفصائل الإرترية. إلا أن قيادة الجبهة الشعبية وضعت عراقيل أمام مساعي الوحة التي ظل يبذلها المناضل أحمد ناصر ورفاقة في الجبهة.

• عاش القائد الرمز أحمد محمد ناصر من أجل إرتريا وشعبها، واستشهد وهو يحمل هذا الهم، كما عاهد رفاقه في المؤتمر الثاني لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية.

• سخر القائد الرمز أحمد محمد ناصر قلمه لخدمة قضايا شعبه. وصدر له كتاب مهم "التحديات المصيرية للشعب الإرتري". وكانت يستعد لإصدار كتاب هام عن الشعب الإرتري ونضالاته وقراءته لها.

• المناضل أحمد محمد ناصر متزوج بالمناضلة سعاد عبدالله، وله بنت (بردى) وولد (عمار).
إننا نعاهد قائدنا ورمزنا المناضل أحمد محمد ناصر بأننا سنسير على دربه ودرب كل شهدائنا، حتى تتحقق الأهداف التي سقطوا من أجلها، ونبني دولة العدل والمساواة والديمقراطية.

ألا رحم الله الفقيد الكبير أحمد محمد ناصر رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

Top
X

Right Click

No Right Click