ذكرياتي مع القائد المرحوم عثمان صالح سبي - الحلقة الثالثة عشر

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

إن الأمريكان ضد الجبهة على طول الخط بسبب انتمائها الوطني والسوفييت مع إثيوبيا والجبهة

تأخذ سلاحها من العرب الذين كانوا يشترونه من السوفييت، كنت أرى إنه من الضروري استمالة الاتحاد السوفياتي إلى جانب جبهة تحرير ارتريا أو على الأقل تأمين أن يكون على الحياد، كان من الصعب أن تفتح جبهة التحرير معركة جديدة غيرمع إثيوبيا والجبهة الشعبية، لقد فرض على جبهة التحرير القتال فرضا من قبل قيادة الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، إن الأمريكان والسوفييت ضد الجبهة بشكل دائم كما أن لاسرائيل دورها في اثيوبيا وارتريا فهي التي تقوم بتدريب الكوماندوس في اثيوبيا ثم أن شركة (انكودا) هي شركة لحوم في أسمرا عاصمة ارتريا هي التي جندت نفسها وأعطت اسرائيل اللحوم وغيرها في حرب عام 1967.

سألت نفسي هل من الممكن أن يتفهم السوفييت كونهم كما يدعون نصيرين للحرية والحق في أي مكان من العالم ويتفهموا قضية الشعب الارتري..

ربما خاصة إن العرب يذكون جبهة التحرير الارترية عند السوفييت، هنا أقول شيئا مهما أكثر:

زار وفد قيادي من جبهة التحرير الارترية الاتحاد السوفياتي وشرح قضيتهم وقد حاولوا اقناع السوفييت وتفهمهم للقضية الارترية، كون أن الجبهة لا تريد ان تقوم بمعاداة السوفييت والمعسكر الاشتراكي لأنهم كانوا يخشون إحراج العرب الذين لهم علاقة وطيدة مع الاتحاد السوفياتي، كانوا يريدون تسهيل الطريق للقادة العرب عندما يطرحون قضيتهم للسوفييت وكون إن الثورة الارترية هي ثورة وطنية تحررية معادية للإمبريالية والصهيونية وهذا ما كان يريده قادة الجبهة أن يتفهمه السوفييت، هذا هو موقف جبهة التحرير، فقضيتهم حساسة هامة فكانوا يتعاملون بكل دقة وعقلانية كانوا يواجهون نظام (الدرك) الاثيوبي وقبه نظام هيلاسيلاسي المتعفن الذي يضربهم ويدمر قراهم ويقتل أهلهم بسلاح سوفياتي؟.

كانوا يواجهون طائرات الميغ والدبابات الحديثة والصواريخ السوفيتية وكافة الأسلحة الفتاكة وعلى الرغم من كل هذا وحفاظا على حقهم وعلى أن يكون الاشقاء العرب وخاصة سورية والعراق في وضع مريح لا يسببون الازعاج لهم وإثارة المشاكل فقد كانوا يتعاملون مع السوفييت بكل مرونة ويضمدون جراحهم، كان قادة الجبهة يقولون دائما إن من حق السوفييت والاثيوبيين ان يقيموا علاقات من أي نوع يريدونه لكن على السوفييت ان يعملوا وفق العقيدة التي يقدمونها للشعوب المستعمرة والمظلومة وفق عقيدتهم التي تمنح الشعوب حق تقرير المصير لا أن يتعاونوا من مصالحهم؟؟.

إن كافة المعادين لتوجه جبهة التحرير الارترية يقولون كذبا ونفاقا إن قيادة الجبهة تحالفت تارة مع الشيوعيين وتارة أخرى مع المسيحيين وهكذا، هذه النغمات التي كانت ترددها الجبهة الشعبية والأخطر من ذلك إنهم كانو يرفعون تقارير بحق قيادة الجبهة إلى دول عربية معينة...؟؟

بالإضافة إلى كل ذلك تراكمت المشاكل في الجبهة وتم عزلها ماديا في عدة دول عربية،لقد قام بعض قياديي الجبهة بزيارة إلى موسكو بناء على دعوة من السوفييت والذي كان وراء هذه الدعوة سوريا والعراق واليمن في شهر أيار وحزيران عام 1978.

نعم زار موسكو وكان على رأس الوفد أحمد ناصر وقد تألف الوفد من صالح أياي وعبدالله سليمان ويوهنس ذرء ماريام وكان يرافقهم أحد أصدقائهم بصفة غير رسمية التقوا بموسكو بالرفيق الكسندر ديزا ساسخوف وقدموا مطالب الجبهة وأهمها كان مطلب الاستقلال الكامل لارتريا كما قالوا للسوفييت نحن نطالب بحل عادل لقضيتنا قضية ارتريا، الستم أنتم تدعمون حق الشعوب في تقرير مصيرها... ألسنا شعبا... إذن نريد دعمكم ومساندتكم ليكون لنا دولتنا الحرة المستقلة، ثم قالوا للسوفييت:

يجب أن تدعوا بقية الفصائل الموجودة على الساحة وكانوا يقصدون بذلك الجبهة الشعبية وقوات التحرير الشعبية للمشاركة في الحوار.

دافع السوفييت عن نظام (الدرك) وعن منغستو شخصيا كونه شيوعيا وقال الكسندر ديزا ساسخوف / إن منعستو يرأس نظاما تقدميا يمشي إلى الأمام (هذا نظام تقدمي معادي للامبريالية والرجعية والصهيونية).

قالوا له: يجب أن تفهموننا سوف نأخذ دعما من أي جهة في هذا العالم طالما هذا الدعم يعزز من صمودنا ويحق لنا استقلالنا.

هذا ما دار من حوار ونقاش في موسكو، كانت قيادة الجبهة تلتقي بالسوفييت وجها لوجه وتطلعهم على ما تريد وعلى ماهم عازمون عليه، ولكن للأسف والأسف الشديد أن أقول: إن الجبهة الشعبية وقوات التحرير الشعبية قالوا إن لقاءنا مع السوفييت بشكل سيء استثمروا هذا الموقف بشكل سيء وشوهوا وجه الجبهة المضيء فكانت من نتائجه ان انعكس على الدول العربية البترولية التي قطعت عنهم الدعم والشيء المؤسف أيضا أن وقف القادة الصوماليون الماركسيون مع أصحاب الدول البترولية ضدهم على أثر ذلك زار وفد من الجبهة معظم الدول العربية وكان الوفد يطلب من هذه الدول العربية أو بالأحرى (يشحذ) منهم أن يمدوهم بسيارات لنقل الجرحى والتموين والسلاح فلم يجدوا أحدا يقول لهم تفضلوا وخذوا جزءا من حاجاتكم لم يأخذوا سيارة واحدة بينما كانت تعطى للجبهة الشعبية ولقوات التحرير الارترية الأموال والسيارات والمواد التموينية وعيرها... أين هذه الفصائل التي كانت تأخذ المال والسلاح والتموين أين هي اليوم، أقول لكم من تبخر قد تبخر ومن بقي أصبح تحت رحمة الجبهة الشعبية لذلك أقول لكم:

(رحم الله إمرء عرف نفسه فوقف عند حده) وأنا الآن... أطرح السؤال التالي:

كيف يقفون بوجه الاتحاد السوفياتي وهذا مطلب من أكثرية الدول العربية الغنية، كانت الجبهة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاستقلال والحرية، كانوا يقولون لبعض الدول العربية الغنية (نرجوكم ساعدونا... لا نريد نقودا بل نريد موادا غذائية نريد ذخيرة نريد سلاحا) لقد كان مقاتلي الجبهة في ضواجي اسمرا لوحدهم.

كانوا يقولون للقادة العرب قادة الدول الغنية، ساعدونا اليوم فغد ترون ارتريا المستقلة الوطنية واذا استثنيت (سوريا والعراق) كونهما لم يبخلوا على ثوار جبهة التحرير بشيء بل أعطوهم كل ما طلبوه.

كانت قيادة الجبهة تقول:

(يا أخواننا ساعدوننا فسنكون لكم الرديف القوي غد).

هذه هي حسابات الجبهة وهي حسابات وطنية صرفة وسؤالي التالي هنا:

ألم يقاتل السوفييت والكوبين الثوار الارتريين؟؟.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click