ذكرياتي مع القائد المرحوم عثمان صالح سبي - الحلقة الثامنة

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد أبو سعدة

عدت إلى الفندق واتصلت بأحمد جاسر وللحقيقة والتاريخ أقول: كنت مخطئا بتعاملي مع شحيم إبراهيم

ومع كثبرون غيره من أعضاء القيادة:

سألني أحمد جاسر: كيف حالك يا أبو سعدة.

- بخير والحمد لله.

- أين أنت الآن يا أبو سعدة.

- أنا في فندق ليبرتي.

- سوف أكون عندك خلال دقائق.

وكان لقائي الأول مع أحمد جاسر.

أين أحمد جاسر الآن؟؟؟. وأين شحيم إبراهيم الآن؟؟؟. وأين محمود اسماعيل؟؟؟ وأين... وأين...؟؟؟.

شحيم إبراهيم سلم نفسه إلى إثيوبيا في العام ذاته، وأحمد جاسر أصبح مسؤولا لتنظيم خاص به بعد فترة من الزمن، وكان مرتبطا سرا بالجبهة الشعبية، وقد عاش بعدها في القاهرة في ثبات ونبات ويخلف أولاد وبنات / لماذا ؟؟؟..!!! لأن حكومة الجبهة الشعبية راضية عنه.. ألم يكن ينفذ كل ما تطلبه منه؟؟!!!!.

وما أود قوله يعتبر سرا خطيرا في تاريخ الثورة الارترية ويعلن للمرة الأولى:

- كان أحد أصدقائي المجاهدين واقفا بجانب الطائرة في مطار جدة يفرغون الصناديق المكتوب عليها قابلة للكسر، وضعت الصناديق الكثيرة في الشاحنات وجلس صديقي المجاهد بجانب السائق في أول شاحنة لتخرج بعدها باقي الشاحنات من باب مطار جدة الخلفي متوجهة إلى ميناء صغير في أطراف مدينة جدة، تم وقوف الشاحنات في الميناء وتم نقل الصناديق منها إلى ظهر السفينة بكل هدوء وتأني خوفا من كسر محتوياتها.

وسارت السفينة على هدى النجوم وعاد صديقي المجاهد إلى منزله هانئ البال،لقد تم كل شيء بهدوء، ثم عاد وكان بصحبته شخص اسمه عبد الرحمن جاسر، كان صديقي المجاهد يعتبره أحد الثوار المتشددين لنيل حرية بلاه كاملا، ذهب صديقي إلى منزله وذهب الثائر المتشدد إلى مركز للهاتف وطلب الخرطوم، كان على الجانب الآخر من خط الهاتف أحمد جاسر، المسؤول العسكري في قوات التحرير الشعبية في حينها وهو ابن عم الثائر عبد الرحمن جاسر، قال المسؤول العسكري في قوات التحرير الشعبية:

- إن الجبهة الشعبية سوف تحفظ لك هذا العمل الجبار الكبير وسترى نتائجه في المستقبل.

كان العقيد كرار خليفة والمسؤول الثاني في جهاز الأمن السوداني واقفان بجانب السفينة وهي تفرغ الحمولة في ميناء بورسودان، غادرت الشاحنات الميناء بحراسة عناصر الأمن السوداني.

الشاحنات تغوص في الرمل وتعن لتخرج وتستأنف سيرها عبر بلدات (سواكن - وتوكر - مرافيد - قارورة السودانية). المسؤول العسكري لقوات التحرير الشعبية يلعب بشاربيه الصغيرين وعندما رأى غبار الشاحنات من بعيد ترك شاربيه وفتح فمه؟؟!!!!.

وصلت الشاحنات وتعانق العقيد خليفة مع المسؤول العسكري لقوات التحرير الشعبية وقال له هذه هدية الشعب الإيراني للثورة الارترية (800 بندقية إم16 - مع ذخيرة لها تقدر بمئات الالاف من الطلقات وهذه قنابل هجومية ودفاعية تقدر بالمئات مع أسلحة وذخائر لها).

تعانق المسؤولان وقال العقيد خليفة كرار لأحمد جاسر الله يطول لكم عمر الأخ عثمان سبي فهذا جهده وجذب أحمد جاسر العقيد قائلا: الله يخليلنا ياك.

وكانت هذه الأسلحة مهداة من الحكومة الايرانية ايام شاه ايران إلى قوات التحرير التي يرأسها عثمان صالح سبي.

وحملت الأسلحة على الجمال سفن الصحراء لتخترق قرية قارورة السودانية الى قارورة الارترية المحررة ومنها لتنطلق إلى قواعد ومستودعات قوات التحرير الشعبية، بعد أيام وصلت سفن الصحراء ووضعت الأسلحة والذخيرة الايرانية في مخازنها في الساحل الشمالي من ارتريا والتي كان القائد عثمان قد أهديت إليه من قبل الحكومة الايرانية.

في حي الامتداد في الخرطوم يقع الشارع رقم 29 وفي فيللا أنيقة سأل السيد أسياس أفورقي أحمد جاسر متى ستسلمنا الأسلحة يا رفيق جاسر؟؟؟.

- هل أنتم مستعدون يا رفيقي العزيز؟؟.

- أجاب أسياس أفورقي: مائة بالمائة.

- الأسبوع القادم سيختفي القمر وعندها تقومون بشن هجوم وهمي على مستودعاتنا في الساحل الشمالي وتدخل قواتكم إلى المستودعات وتستولي على الأسلحة والذخائر.

- لن أنسى لكم عملكم البطولي يا رفيقي جاسر فأنت ابن الجبهة الشعبية الأمين.

- نعم لقد كان أحمد جاسر مرتبطا سرا بالجبهة الشعبية وعند نهاية الشهر غاب القمر ودخلت عساكر الجبهة الشعبية معسكر قوات التحرير الشعبية ودون أي مقاومة لأنه لم تكن هناك حراسة في الأصل فقد أعطى المسؤول العسكري إجازات طويلة للثوار المكلفين بحراسة هذه الأسلحة وكانت إجازات لا يعودون منها أبدا أبدا ؟؟؟!!!!

واستولت الجبهة الشعبية على السلاح المقدم لقوات التحرير الشعبية من الايرانيين بواسطة رئيسها المرحوم عثمان صالح سبي... الآن يعيش المسؤول العسكري عن قوات التحرير الشعبية سابقا أحمد جاسر في مصر ينعم بالديباج الحلي، أما ابن عمه عبد الرحمن جاسر الذي كان همزة الوصل بين المسؤول العسكري أحمد جاسر والجبهة الشعبية فهو يحمل رتبة عقيد في جهاز الامن الارتري ولا أعلم هل مات الاثنان الآن أم لا...

أعود لأتمم الحديث عن لقائي مع أحمد جاسر في عدن..

جاء أحمد جاسر وسلمته الرسالة عن الأحمدين اللذين طردا فيما بعد من الجبهة وكذلك فقط لفظتهما قوات التحرير الشعبية مما أضطرا إلى الاشتغال فراشين في المملكة العربية السعودية في أحد الاوتيلات.

أفشلت رحلتي إلى إرتريا وعدت إلى القاهرة لألتقي بطه محمد نور ممثل قوات التحرير الشعبية في مصر وصديق عثمان الحميم.

دعاني طه إلى منزله وكان في الزمالك وعرفني على عائلته، كانت زوجته ايطالية وهو شاب لطيف ومهذب وشيوعي سابق وهذا هو التناقض/ طه محمد نور رجل تقدمي وعثمان سبي محافظ.

عدت إلى دمشق وبعد فترة قصيرة أخبرني ممثل عثمان سبي في دمشق اسبروم وقد عرفته منذ عام 1968 عندما كان يأتي إلى الإذاعة السورية حيث كان يعمل في برنامج موجه إلى إرتريا وسألني وبطريقة مخابراتية بعد أن وضع الضوء على وجهي:
- كيف سلمت الرسالة؟؟؟..

وأنكرت أنا الموضوع كاملا.

فقال لي:

- لقد خنتنا وأجبته وبحده أكثر:
- أنت تتحدث عن الخيانة!!!! وأنت أكبر خائن!!! إياك أن تتكلم عن الثورة والحرية، فأنت مجرم هارب من ارتريا بعد أن قتلت عمدا مواطنا بسيطا وهربت والتحقت بالثورة كذبا لكي تحميك، إذن وجودك كان في الثورة لحمايتك وليس من أجل حرية واستقلال شعب ارتريا.

على فكرة إن اسبروم يعيش اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية، إن ألمي يزداد اليوم وبعد مرور الأشهر والسنوات لأنني لم أقف إلى جانب الأخ القائد عثمان صالح سبي وهو الرجل الوطني العربي.

وقفة صغيرة لي:

لماذا فعلت أنا هذا بعثمان؟؟..

وقابلته مرة في دمشق وكان على علم بأني تآمرت عليه مع أصدقائي وقلت له:

- مالك ؟؟؟... هل أنت غاضب مني؟؟؟..

قال:

- لقد تعاملت مع الإرتريين وليس مع أعداء ارتريا مثل شحيم ابراهيم... هذه وجهة نظرك.

- أريد أن أعود إلى ارتريا وعلى نفقتي يا أخ عثمان !!.

رحم الله عثمان الذي قال لي: جيبك وجيبنا واحد.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click