مملكة البني عامر The kingdom of Bien Amer

بقلم الأستاذ: حامد عثمان نافع - كاتب وبـاحث

اقدم مكون حضاري وثقافي في القرن الافريقي، وأقدم من السلطنة الزرقاء ومملكة علوة،

بل وأقدم من السودان بمسماه الحديث (السودان).. والبجا البداويت مكون حديث التكوين لم يعرف إلا في القرن الثامن عشر الميلادي!!!؟؟؟

يا من تكتبون التأريخ، اكتبوا التأريخ بتجرد وحيادية لا تمارسوا اللصوصية علينا في التاريخ، ولا تنصبوا لأهل الشرق الفخوخ والقنابل الموقوته لتوقعوا بينهم، هذه أجندة رخيصة فيها هلاك امة، واعلموا أن أمن الشرق واستقراره هو امن السودان وسلامته.

ان بعض مؤرخي السودان قد دلسوا وشوهوا وغضوا الطرف عن ثوابت تاريخية، قسموا الشعوب السودانية الى عرب و زنوج افارقة، لعقدتهم من عار الزنجية البائنة بينونة كبرى في ملمح وسحنات أهل السودان صنفوا عشائرهم عربا والباقي زنوج... فضللوا أجيال بهذا الصنيع وسوف تعيش الاكذوبة أجيال قادمة، ليس هذا وحسب بل قسموا امة السودان إلى شعوب أصلية وأخرى وافدة، وهذا التصنيف فيه الكثير من التجني والعنصرية على حساب شعوب
أخري وشعوب البني عامر واحدة من المكونات التي مورس عليها القهر والظلم قصدا وعمدا، لان كشف النقاب عن تاريخ هذه الامة هو تعرية لمعرى، وسقوط لاقنعة التدليس.

ان تاريخ السودان المكتوب والمروي لم يتعدى القرن الخامس عشر الميلادي... إلى نهايات الثورة المهدية... أين اذا تاريخ السودان ما قبل هذه الحقبة الزمنية؟؟؟

تتكون قبائل البني عامر من تجمع قبلي مختلف الاعراق والاجناس والاصول، منهم كوشيون، وعرب مستعربة، وسلالات نبوية حجازية واحباش، عفريون، ودناكل، ورغم التباين تجمعهم وحدة اللغة، والعقيدة ووحدة الأرض والمصير المشترك، يعيشون في تناغم وتجانس، ووئام ومن سماتهم شعوب مسالمة إلى حد الذي يظنه اعداؤهم جبن وتخاذل، طموحين إلى النهضة، ولا يعتدون على جارهم إلا إذا اعتدى عليهم.

كانت للبني عامر مملكة عظيمة (600 ميلادية إلى نهايات القرن التاسع عشر الميلادي، نشأت على أيدي البلويين العرب نسبة إلى قبيلة (بلي) العربية التي قدمت من بلاد الحجاز.

وكانت تمتد من مصوع (باضع) إلى حدود منتهى أسوان شمالا، وغربا إلى حدود السلطنة الزرقاء، حيث كانت لا تضارعها امة في القوة والجبروت.

وحينها لم يعرف السودان بمسماه الحديث (السودان)، ولم يعرف بهذا الاسم إلا بعد الاستقلال، وكان الاسم متنازع عليه بين وزير خارجية دولة مالي، ورئيس الوزراء محمد أحمد المحجوب وبعد سجال ربح المحجوب اسم السودان. فالسودان قبل الثورة المهدية كان دويلات وسلطنات وممالك، وأشهرها:
السلطنة الزرقاء؛ ومملكة علوة؛ وسوبا؛ والمقرة، وممكلة البني عامر وسلطنة دارفور ...الخ.

أن السلطنة الزرقاء نشأت في (القرن الخامس عشر - إلى القرن الثامن عشر الميلادي وأيضا رصيفاتها من السلطنات والممالك، ما عدا مملكة البني عامر
هي اقدم هذه الممالك قاطبة.

وإليكم بعض الأدلة والشواهد التي تدعم قولنا: على سبيل المثال لا الحصر:-

أولا: (الإتفاقية التي تمت بين عبد الله بن الجهم ممثل الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد وعظيم البجا كنون بن عبدالعزيز البلوي في عام 216 هجرية الموافق سنة 831 ميلادية نص الاتفاقية يقول (هذا كتاب كتبه عبدالله بن الجهم مولى أمير المؤمنين صاحب جيش الغزاة، لكنون بن عبدالعزيز البلوي
عظيم البجا بأسوان جنوب مصر... إنك سألتني وطلبت إلي أن اومنك وأهل بلدك البجا ...الخ من منتهى حد أسوان من أرض دهلك (باضع مصوع) ملكا ...ألخ نص الاتفاقية).

هذه الاتفاقية تمت سنة (216)هجرية ولم يذكر التأريخ حينها مملكة اقدم من مملكة البني عامر، ونقول لاؤلئك الملسنين الجهاليل أين كانت شعوب البجا البدوايت حين كان كنون البلوي هو زعيم البني عامر البجا والاوحد،  وهو ملك بن ملك وعظيم البجا قاطبة؟؟ بلا أدنى شك البداويت كانوا يدفعون الخراج لكنون البلوي صاغرين.

ثانيا: الرسول (ص)عندما أمر أصحابه الكرام بالهجرة إلى الحبشة استقبلوهم هؤلاء البني عامر ورحبوا بهم وكانوا في مأمن حتى اوصلوهم إلى عظيم مملكة
اكسوم النجاشي، وعندما طلب منهم كفار قريش ان يسلموهم ضيوف النجاشي قالوا لهم (لو اعطيتومنا (دبر) من ذهب لن نعطيكم ضيوف النجاشي عظيم اكسوم).

وكلمة دبر بين الأقواس بلغة البني عامر معناها جبل يعني (جبل من ذهب) ترى أين كانوا بجا بورتسودان البداويت؟؟؟ لا وجود لهم.

ثالثا: ان للبني عامر لغة غنية ثرية بمفرداتها تؤنث المؤنث وتذكر المذكر وهي ليست كالهجات الاعجمية، لغة من اللغات الجئزية أصلها عربية مع قليل من الإبدال والاقلاب مثل العربية، ومن يمتلك هذه الخصائص التي تحفظ أثره وماضيه وتحكي حضارته حري به ان يقول أنا أصل البجا كافة.

ان شركائنا بدوايت بورتسودان ليس لهم لغة بل لهجة، لا تكتب وهي فقيرة لتحكي ماضي امة تدعي الأصالة والعراقة ظلما وبهتانا.

كيف لمن لا يملك تاريخا مكتوب وحضارة شاهدة وماثلة ان يقول أنا أصل البجا؟؟؟

رابعاامة البني عامر والحباب امة عرفت الحكم الاتفاقيات والمواثيق بين الأفراد والشعوب والشاهد على ذلك ان مصطلح (القلد) الذي يتداوله أهل السودان اليوم في حقن الدماء و الاقتتال في الحرب الشعواء التي لا مبرر لها سوى الحقد والحسد والغيرة من عنصر البني عامر والحباب هو مصطلح بلغة البني عامر ويعني (العهود والمواثيق او الاتفاقيات) ولن تجد لها رديف في لهجات أهل السودان، هذا ان دل إنما يدل على حضارة وثراء تاريخي عريض ضارب في العرافة والقدم.

خامساوفي التاريخ الحديث ان دولة البني عامر كانت حاضرة وماثلة، قد شهد لها المستعمر الانجليزي، حيث قام الحاكم العام الانجليزي لمنطقة البحر الأحمر الساحلية Sir Lewa Holled Smith المشرف على منطقة سوا كن قام برحلة إلى دولة البني عامر في فبراير عام 1892م وكتب وثيقة حدد فيها دولة البني عامر وامتداداتها ساحل البحر الأحمر حتى مصوع ،بما فيها منطقة التاكا وحتى مناطق في أريتريا الإيطالية، وكانت الوثيقة مدعمة بخريطة
ظاهر فيها منطقة البحر الأحمر ومنطقة كسلا (التاكا)... أين كانوا الهدندوة وبجا تلال البحر الأحمر لم يرد لهم ذكر ولا خبر وهذا عهد قريب قبل قرن فقط؟؟؟!!!.

امة ترزح تحت وطأة الجهل والحقد والحسد لا ترقى ان تكون في المقدمة ولن تجر شعبها إلا إلى مزيد من التخلف والرجعية.

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلى من طبعه الغضب

سادسايقول المؤرخ سلجمان في كتاباته (ان تكوين البني عامر اقدم بكثير من تكوين الهدندوة ،والمرحلة التي انتهت بتكوين الهدندوة في القرن الثامن عشر قد مرت ببني عامر قبل ذلك بنحو أربعة قرون على الاقل) وقد ترجمه كتابات سلجمان الدكتور اوشيك علي آدم.

وللحديث بقية تأتي ان شاء الله

حدث يا تاريخ هذه بتلك... لا لا تقل كل الذي تعرف حتى لا يقال لك ما لا تعرف.

Top
X

Right Click

No Right Click