المختطاف الأستاذ/ على حسن ادم ازوز

بقلم الأستاذة: طيبة على حسن آدم ازوز

سيرة معتقل (والدي الذي اتذكر طيفه وحكاياته) الشيخ/ على حسن آدم ازوز.

علي حسن ادم ازوزالميلاد: ولد والدي في منطقة (قَامْ) التي ترقد في حضن رورا قِلِنْدِي الشامخ حيث عاش طفولته بين تلالها، ومنحدراتها، ومزارعها وتربة ارضها المختلفة في لونها عن باقي تراب المنطقة، وكانت ولادته في عام 1953م.

المراحل التعليمية: بدء تعليمه بحفظ القرآن الكريم، ومن ثم انتقل الى قرية وازنتت عندما أٌفتُتِح معهد عنسبا الإسلامي فالتحق به طالبا شرعيا، وظل في نفس الوقت يحفظ كتاب الله تعالي حيث كان شديد التعلق بالقرآن... وعندما انتقل المعهد الى مدينة كرن، وذلك بسبب حرائق وازنتت المتكررة، وتَعرُّضْ المعهد وشيخهِ الى الإعتقال، والتعذيب والتهديد بحجة مساندة الثورة الإرترية ! انتقل ابي كذلك مع المعهد الى مدينة كرن حيث اكمل المرحلة المتوسطة وكان ترتيبه دائما الأول او الثاني... وقد انتقل بعد ذلك الى المملكة العربية السعودية حيث التحق بمعهد الحرم المكي الشريف، وأكمل فيه دراسته بتفوق كبير ثم التحق بجامعة المدينة المنورة (كلية الشريعة) وانهى دراسته فيها عام 1982م بإمتياز درجة الشرف ... وقد عرض عليه مواصلة الدراسات العليا فرفض، وعرضت عليه منحة داعية في إحدى البلدان الإفريقية فرفض، وعرض عليه بعض الأصدقاء العمل في دول الخليج فرفض... وقال (لابد من العودة الى البلد وتعليم اهلنا).

العمل: التحق فورعودته مدرسا بمعهد عنسبا الإسلامي الذي تلقي فيه تعليمه الأَوَّلي، كما اصبح إماما في مسجد (عد حباب) حيث حباه الله بصوت ندي يعمر القلوب بنداوة القرآن، وكان صوته يشبه صوت الشيخ/ عبد الرحمن السديس امام الحرم المكي ولذلك اطلق عليه لقلب (سديس ارتريا) وكانت خطبه، ودروسه، وكلماته ينبوعا يتسلل في قلوب الشباب، ونورا يضيئ جنبات كرن... اكتب هذا الكلام نقلا عن من تتلمذ على يد ابي، وعن والدتي الكريمة حفظها الله، وكم تمنيت لو كنت استمع الي تلاوة ابي، ودروس ابي، ونصائح ابي، وحنان ابي... لكن حرموني منه... خطفوه مني وخطفوا طفولتي.

الإعتقال: في يوم 14 ابريل 1994م جاء مجموعة من الرجال الى بيتنا، والشرر يتطاير منهم ودقوا علينا الباب بقوة، وعندما فتحت أمي طلبوا منها ان تنادي على ابي فقالت لهم: هوليس بالبيت ورفضت ان تخبرهم اين هو؟ وقالت لهم: لا اعرف اين ذهب... ولكن يبدوا كان معهم دليل (جاسوس) توجه بهم مباشرة الى عنسبا حيث كان ابي يعمل وقتها في مزرعتنا هناك... ذكر العمال الذين كانوا معه انهم: هجموا عليه وهو يحرث الأرض وقيدوا يديه، وعصبوا عينه، ورموه في السيارة وانطلقوا به تجاه كرن، ومن تلك اللحظة ونحن ننتظر عودته... اين أخفوك يا ابي الحبيب؟

صفاته: كل من اعرفه من الأهل والأصدقاء يقول لي كان ابوكِ شهما، كريما، وصولا للرحم، قدوة للناس، وقَّافا عند حدود الله، محبا للقرآن، شغوفا بالسنة... من كثرة ما اسمع عنه من الصفات لو لم يكن ابي لأحببته من كل قلبي... اسال الله أن يفرج كربك وكرب إخوانك يا ابي... حلمي بأن يزف لي خبر إطلاق سراحك حتى ارى وجهك الطاهر الذي اظل انظر اليه كل يوم في الصورة... مشتاقة لك يا ابي.

الأسرة: ترك خلفه قلب والدين حبيبين يزرفان دمعا على خطفه... مات جدي... وظلت جدتي ترقب باب البيت كل يوم صباحا ومساءا لعل البشير يأتيها بالبشرى... ولكنها كذلك لحقت زوجها الى جوار ارحم الراحمين... رحلت وهي تحمل همومها وقهرها وظلمها... رحلت حيث لاظلم ولا جور.

اما ابنائه فكنا (4 بنات وذكر واحد)... وقد توفيت احد أخواتي بعد إعتقال ابي بفترة بسيطة فتضاعف حزن امي وحزننا جميعا... واستمرت حياتنا من غير طعم نشعر به، ومن غير حنان نتدثر به، ومن غير رعاية نحاط بها... وتحملت امي تربيتنا حتى تمكن أخي/ عبد الحميد من الإبتعاث الي مصر في (جامعة الأزهر الشريف) وكان يرسل الرسائل ويقول لنا (هانت ان شاء الله سوف اكمل دراستي واقوم برعايتكم، وإعطائكم كل ما حرمتم منه... وفي يوم 18 فبراير 2008م كانت إرادة الله وقدره ماضية حيث توفي أخي (عبد الحميد) فجأة من غير حادث ولا علة... وتوالت علينا النكبات، ولكن الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، واسال الله ان يفرج عن جميع المعتقلين المظلومين في ارتريا.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click