المعتقل قسرا الأستاذ/ عبدالرحيم عبدالقادر سعيد

بقلم تلميذه الأستاذ: محمد برهان

الأستاذ/ عبدالرحيم عبدالقادر سعيد، حد أعلام مدينة أسمرا التي اختطفها إساياس أفورقي وأعوانه

عبدالرحيم عبدالقادر سعيد 1من بين ايدينا في ديسمبر 1994 ضمن حملة الإعتقالات الجماعية الثانية التي أتت في إطار مشروع الظلم والتجهيل الممنهج الذي تم توجيهه لشعبنا.

كان الاستاذ عبدالرحيم نموذجا للرجل المنضبط والملتزم بأداء مهامه بنشاط وهمة، وكان دائما متيقظاً على الدوام ومتابعاً متمكنا لكل ما يدور حوله، ربما يعود ذلك إلى هوايته المفضلة في فترة شبابه وهي الملاكمة حيث يعتبر أي خطأ فيها بمثابة نهاية للمباراة.

الأستاذ عبدالرحيم لم يكن مدرسا للغة الإنجليزية فحسب، بل مدرسا شاملاً مهتما بعلوم الدين حيث تتلمذ على أيدي كبار العلماء، نذكر منهم الأستاذ محمود شلتوت، والأستاذ محمود علي بخيت وآخرون من مفسري القرآن ومعلمي الفقة والسنة النبوية في أسمرا.

كما كان الأستاذ عبدالرحيم شديد الإهتمام بأمر الدعوة وتقديم الدروس الدينية متى ما أتيحت له الفرصة. وكان مهتما بأمور الشباب بشكل خاص حيث كان يعد لهم البرامج والرحلات الى خارج أسمر حيث التربية الدينية والتربية البدنية والحوارات الموسعة معهم في كل المجالات.

لم يتوانى الاستاذ عبدالرحيم عن خدمة مجتمعه متى ما أتيحت له الفرصة حيث خدم مجتمعه في مهمة رئيس الحي (قبلي). وكان دوما يسعى لتذليل العقبات وتخفيف العراقيل التي كان نظام إثيوبيا قد وضعها أمام تنقلات المواطنين الإرتريين مهما كلفه الأمر، حيث كانت ضمن المشكلات التي يواجهها المواطنين حينها حرية الحركة للوصول الى قراهم وبلداتهم للمشاركة في أفراح اسرهم الكبيرة وأتراحها.

الأستاذ/ عبدالرحيم كان يقدم نفسه ضامنا للمواطنين باعتباره رئيسا للحي حتى يتم منحهم تصاريح التحرك خارج اسمرا مع العلم بأن التصاريح في تلك الفترة تخرج من رئاسة الحي ويصدق عليها مدير قسم الشرطة بضمان رسالة من رئيس الحي. كما كان الأستاذ عبدالرحيم يعمل على تسهيل امور من يواجهون مصاعب في تسديد إيجارات المنازل والمصاعب الإجرائية التي كانت مرتبطة بالتعامل مع أجهزة النظام الإثيوبي حينها.

ولأن الأستاذ/ عبدالرحيم كان ممن حملوا مشاعل الأمل لشعبنا بوفائهم وإخلاصهم وعطائهم الدائم وفتحهم أبواب الأمل أمام أجيالنا القادمة، فإن نظام الهقدف الإقصائي في إرتريا لم يحتمل أبواب الأمل تلك ولم يسمح أن يتسرب النور والعلم إلى شعبنا، فسار على نهج الإقصاء الذي اتبعه في السابق فاختطف الأستاذ/ عبدالرحيم ورفاقه في ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر 1994 وأودى به إلى حيث لا يعلم أحد في استمرار لظاهرة الإختفاء القسري في إرتريا.

درس الأستاذ/ عبدالرحيم في معهد تأهيل المعلمين بحي كوتيبي في أديس أبابا ومن ثم عمل مدرسا للغة الإنجليزية في عدد من المدارس التي كانت من بينها مدرسة الضياء الإسلامية في حي أخريا بأسمرا والمعهد الديني الإسلامي بجوار الجامع الكبير (جامع الخلفاء الراشدين) في وسط مدينة أسمرا ثم مدرسة الجالية العربية سابقاً (مدرسة الأمل لاحقاً).

للأستاذ عبدالرحيم عشرة من البنين والبنات توفيت إحدى بناته في صغرها واستشهد عبد الله في ليبيا أثناء محاولته العبور الى اوروبا ويعيش الآخرون في شتى بقاع الأرض كما كتب لهم.. نسأل الله ان يفك أسر والدهم وأن يجريهم لقاء تضحياتهم التي لا تحتمل الجزاء الأوفي في الدنيا والآخرة.

Top
X

Right Click

No Right Click