رقصة سسعيت

بقلم الباحث البجاوي: خالد محمد حامد خير  المصدر: مجلة بجة الجنوب

سسعيت هي رقصة تراثية خاصة بالنساء تتميز بها قبائل بجة الجنوب؛

وهذه الرقصة تسمى أيضاً (شَلْيِلْ) ومعناها بلغة التجرابت "الشَّعر"، وفي العربية الفصحى مفردة شليل تعني ذيل الفرس.

وفي أشعار بجة الجنوب نجدهم يشبهون شَعر الفتاة بذيل الفرس فمثلاً يقولون (شالكيت دنب فرس).

في هذه الرقصة تميل المرأة بجسدها وشعرها يميناً ويساراً من وضعية الوقوف أو الجثو عدة مرات متتالية لإظهار رشاقة ومرونة الجسم ونحافة الخصر وطول وبهاء العنق وطول وكثافة الشعر والتباهي بالمصوغات التي تزينه من ذهب وفضة وخرز.

تُؤدى رقصة سسعيت عادةً في مناسبات الزواج ويوم المأدبة الخاصة بالنساء (حِدَالي) داخل البيت في الجزء المُخصص للمرأة الذي يسمى (كِرِفْ).

تبدأ رقصة سسعيت بعدد زوجي من الراقصات وبإيقاع بطيء ثم تزداد وتيرة الرقص والغناء في أجواء من التنافس والانسجام والمرح بين الفتيات.

ومن الملاحظ أنَّ معظم الأغنيات المصاحبة لرقصة سسعيت تصف أناقة المرأة وجمال شعرها.

ومن الأمثلة على ذلك نذكر التالي:-

(هَوَلْ ودا قرينا تماسلا إي رئينا) المعنى: شعرها الجميل الذي تتلاعب به يمنة ويسرى، لم نرَ له مثيلاً.

(قمبو دالي، وسِقاد ماري، ألباب قالي)

المعنى: شعرها الكثيف الطويل الذي يعلو جيدها النحيل أسَرَ ألبابنا.

(يهي شو أبيلو، حملميلت أوالد جهراي دولا فقيرو.

المعنى: اطلقي العنان لهذا الشعر الجميل، أيتها السمراء التي تشبه نجم الزُّهرة عند طلوعه.

وقد ظهرت رقصة سسعيت في لوحة صخرية من حضارة وادي النيل القديمة يعود تاريخها إلى الألف الخامس قبل الميلاد (انظر إلى الجدارية المرفقة)، وتظهر في الجدارية ربطة الخصر (إنْداقي) التي تٌربط عند تأدية رقصة سسعيت، كما نلاحظ أن الفتاة الظاهرة في الجدارية تُؤدي رقصة سسعيت بالطريقة البطيئة حيث تميل بشعرها يمنة ويسرى واضعة يدها اليسرى على ركبتها ويدها اليمنى على خصرها وهذه الحركة تسمى (أتناكاب).

فيما يخص الصورة أعلى لوحة قدماء وادي النيل فهي لفرقة الفنون الشعبية لتراث البني عامر التي ذاعت شهرتها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حيث فازت بالمركز الأول في مهرجان الفنون الشعبية السودانية عام 1974 ثم في العام 1982، ومثّلت السودان في العديد من المحافل الدولية، وكانت هذه الفرقة تضم عدداً من الفرسان والحسناوات لتأدية الرقصات التراثية، وكان على رأسها القامة الفنية محمد علي أولباب رحمه الله والفنان العملاق همد عمر عَبَلَّاي متعه الله بالصحة والعافية. ولحسن الحظ تمَّ توثيق صور الفرقة في بعض المجلات المحلية والعالمية، وسُجِّلت أعمالها في أرشيف إذاعة أمدرمان.

وفي نفس صورة فرقة الفنون الشعبية لتراث البني عامر يظهر خلف الحسناوات فارساً بتسريحة الشعر الرجالية المحببة عند بجة الجنوب (دِقْدِقَا) أي "الشعر الكثيف" ومرتدياً الـ(سماديت) وهو لبس الثوب على شكل (X).

أمّا أدوات زينة الحسناوات التي تظهر في الصورة فهي الآتي:-

رِكِبْ:

عبارة عن إكليل من الذهب يُجدل مع الشعر وهو بمثابة تاج الملكات.

مِرود بِِسوت:

وهو عبارة عن حلقة دائرية في منتصف أعلى الجبهة (على شكل قرص الشمس) تمر خلالها جدائل الشعر على الجانب الأيمن والأيسر.

وهذه المصوغات تُصنع من الذهب الخالص، أما الثياب الزاهية الظاهرة في الصورة فهي فوطت وسُميت لاحقاً (بادوانا).

نختم مقالنا بهذه الأبيات الشعرية التي قيلت عن هذه الرقصة:-

يقول الشاعر:

(تلهيانا شليلتا لديما ديبا نتماسي).

أي: دائماً نرقص ونتلهى برقصتنا المحببة شليل.

وقال آخر:

(كرف بنا وسسعيت عاداتنا دهب سوتاي وسوميت).

أي: من عاداتنا الأصيلة رقصة سسعيت، والتزين بالذهب والسوميت.

Top
X

Right Click

No Right Click