رحيل فنان اربعة أجيال اللطيف... الأمين عبد اللطيف

بقلم الأستاذ: عثمان همد نور الدين (ود أبيب)

الفنان الكبير الأمين عبد الطيف أيقونة فنية نضالية وطنية رائعة... فنان أربعة أجيال بإمتياز،

غني للوطن فأبدع برمزياته السياسية الوطنية التي كانت اشد وقعا وخرقا وحرقا لجدار الإستعمار، من الرصاص الحي...

الفن حافز وطني رهيب، وذاكرة الشعوب الثقافية والمعنوية التي تحشد همم المناضلين للإستمرار في مناهضة قوي البغي والإستبداد، والظلم والقهر والفساد...

والفنان الأمين عبد اللطيف من القلائل الذين استخدموا الفن واذرع القوى الناعمة ببراعة في النضال، ونشر عبره قيم الوطنية والوحدة والمحبة والسلام... و الفنان الأمين ورمزية اغنية فاطمة زهرة (الوطن) هي من عبئت الخزان الوطني الشعبي بالوقود للإنفجار في وجه المحتل... يظل الفن شقيق البندقية، في رفع المعنويات... وتعزيز ثقافة الأوطان بالوعي يتم من خلال رسالة الفن والإبداع والجمال... وتظل البندقية عاجزة، والسواعد مرتجفة، والشعب جاهل، ولاهي، ومنقسم بدون الفن...

الفنان الأمين عبد اللطيف فارس الكلمة، وعميد الفن، و رائد الجمال، وشيخ المبدعين الأرتريين... ستون عاما وهو يصدح بالحرية... ويغني للوطنية، ويناضل لتحقيق تطلعات بيني وطنه... في الحرية... والكرامة الإنسانية، ودولة المواطنة... والعيش الكريم... وهو الفنان الوحيد الذي لم يغادر وطنه في كل العهود برغم التضييق والسجن والظلم والتهميش الذي تعرض له، واليوم يحتضن باطن أرض الوطن جسده... بعد أن أقله ظاهره كل سنين عمره...

تاركاً وراءه السؤال الكبير هل تحقق مقصده...؟

وهل عادت فاطمة زهرة كما غني لها وأرادها...؟

ربما يتفق الناس... أو يختلفون عند البحث عن سر تحقق رمزيات الفنان الأمين، من عدمها... بعد مسيرة متطاولة مليئة بالنضال والكفاح... لكن الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان ترجل الفارس عن جواده... والموت اسكت صوته... وأخفي جسده... أما روحه ورسالته ورمزياته ستظل باقية، ما بقية الإنسانية... والرحيل سنة الله تمضي علي رؤس الخلائق... ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام... وحسبه انه ترك لنا رسالة قوية، ذات فحوى، ومغزى، تعبر بشدة عن معاناة الشعب التي ابت الدنيا اسعافه، رغم التمني برمزية صلاح الحال (إلاما تحلفني تو قبئ، وقبت سناجي اتقسي من أبقع اتهاقي، من يأمر اتنسي تحلفني ديب إبل وات إتمني... حليف ابيت الدنيا وابيتني... من إلا تأكي إيت همطئ مولاي أوان أسني) لكن نحن امة جبلت ان تكتشف العمالقة عندما يرحلون، وتتذوق الجمال عندما يواري صناعه الثري، ونفتقد عظمة الرجال عندما يخلدون اسما ورسما في سجل العبور الأبدي عن الدنيا الفانية... كم شقية انت ايها الأمة عندما تقسي بكل قتامة و سواد جلباب الجفاء على من كانوا سببا لإسعادك... ومن زرعوا البسمة والفرحة في شفاك... ومن شكلوا الحلم بالأمل والعمل لأجيالك...

وكان في نفس هؤلاء العمالقة الراحلون أن يروا الإطراء والوفاء وجزيل العطاء، وكلمات الشكر والامتنان منا في حياتهم قبل مماتهم... كشئ من المعروف، والفضل المترع بيننا... لكننا أمة تسبح عكس التيار، نعمل علي اظهار مساوئ العمالقة في حياتهم، ونذكر المحاسن بعد مماتهم... وكان بود عظمائنا أن يعيشوا سعداء في حياتهم... و يرحلون وهم أكثر سعادة ورضا عن أمتهم... وقليل من العظماء من كرموا وهم إحياء...

والكثيرون ابنوا وقيلت في حقهم الكلمات والقصائد واعطيت لهم اوشحة التكريم بعد الرحيل... وتندهش عندما تحضر مناسبات التأبين وما يقال فيها، وكأن الراحل لم يعش بيننا يوما واحدا... فقد كان منسيا ومهمشا طيلة حياته... وفجئة بعد الرحيل وكأنه ولد من جديد...

والراحل المقيم الفنان الأمين عبد اللطيف واحدا من هؤلاء العمالقة، الذين صنعوا الحب والجمال في حباتنا... وبعثوا الوطن والوطنبة والثورة والنضال في انساننا... وقصائد وأغاني وموسيقى ولحن ونبرة صوت الأمين مليئ بحب الحياة وشجن الوطن... كصوت ملاكئ من السماء مفعم بقيم فاضلة للحرية... وخيط للحق... ورمزية جمالية للمقاومة السياسية، المناهضة للإستبداد... والمكافحة للظلم... ناشدا العدالة... والحرية... والكرامة الإنسانية للوطن والمواطن...

والفن الذي انتمي اليه واختاره الغنان الأمبن عن التعليم مجبرا... بعد أن فشل في إقناع إدارة التعليم بأن الفن والتعليم لا يختلفان... إلا انه أخيرا ذهب إلى ماراه صوابا فأجاد الغن... وخلق حالة فنية فريدة من الإبداع والجمال... ولأن الله جميل يحب الجمال...

ربما يقول لي البعض، لماذا خالفت المنهج التقليدي في التعزية والعزاء، والترحم على الأموات... وارفقت رمزية فاطمة زهرة بالعزاء... فأفول هذا هو الفنان الأمين عبد اللطيف حينا وميتا... وهذه هي رسالته الفنية النضالية التي أنفق عمره في سبيلها... وتركها تراثا وكسبا لكل الأجيال.. واغنية فاطمة زهرة تشكل رمز لقيم الحق والعدل والحرية والوطنية الصادقة... و منارة للعقل والضمير الجمعي للأمة... عندما تتوحد حول قضيتها... وتؤمن بعدالة أهدافها النبيلة... ورمزية فاطمة زهرة هي أنسب ما نعزي به الناس.. لأن فيها نفس وروح وجسد ورسالة الراحل المقيم الأمين عبد اللطيف... وأغاني الرمزية الوطنية السياسية تجدها في كل منتوج الفنان الأمين الفني، وبها تميز عن غيره من الفنانيين... في مقارعة قوي الإستعمار، وحكم الإستبداد.

رحم الفنان الأمين عبد اللطيف واسكنه فسيح الجنان... وتعازينا لأسرته الصغيرة... وأهله وذوية... ومحبيه... ومعجبيه... و لعموم الشعب الأرتري... كفو هليكم حوي ولاد عجي...

Top
X

Right Click

No Right Click