هل ستعيدنا جنيف الي جينات ابطالنا

بقلم الإعلامي الأستاذ: إبراهيم حالي - صحفي إرتري

اذا كان (لي كوان يو) ابو النهضة السنغافورية وصانع حضارتها، (ومهاتير محمد) مهندس الاقتصاد الماليزي، (وابرهام لنكولن)

مظاهرة جنيف ٣١ اغسطس ٢٠١٨

موحد امريكا، فالسيد ابراهيم سلطان لا يقل عنهم شأناً فهو ابو الاستقلال الارتري وموحد أراضيي ارتريا وشعوبها ضمن هوية واحدة ورفاقه الأبطال، رغم المؤامرات الدولية وخبث ودهاء الإنجليز ورغم طمع الإمبراطور الكهنوتي هيلي سلاسي في ارتريا ومنافذها البحرية وصعوبة التحديات الداخلية التي تمثلت في حزب الاتحاد (اندنت) وازرعه الإرهابية التي غدرت بالمناضل الشهيد عبدالقادر محمد صالح كبيري وحاولت اغتيال المناضل ولدآب ولدي ما ريام اكثر من أربعة مرات نجي منها الا ان كل ذلك لم يثني من عزيمته واصراره وارادته الوطنية علي الرغم من شُح الامكانات وانعدام التكنلوجيا وصعوبة إيجاد المعلومة في ذلك الوقت الا انه كان يجيد التحرك في حقل الألغام السياسية الداخلية والخارجية.

من المعروف تاريخيا ان قبائل الحباب والبني عامر كانت تعتمد نظاماً اقطاعياً ويقسم المجتمع الي قسمين الشريحة الأولي وهي ما كانت تعرف ب (الشماقلي) وهم الأسياد.

والاخري تعرف ب(التقري) وهم خدم الأسياد او اقل منهم درجة اجتماعياً لذا كانت تفرض عليهم الكثير من القوانين المجحفة في حقهم من قبل الشماقلي.

ومن هنا كانت بداية ابراهيم سلطان الثورية الذي استهلها بالثورة علي مجتمعه ككل وقوانينه اللا إنسانية وتحديداً علي شريحة الشماقلي وتقويم قوانينهم وسلوكهم وفق معايير الانسانية، ونجده هنا مدركاً لمعاني الحرية والإنسانية في وقت مبكّر جداً منذ نعومة أظافره وسط مجتمع متخلف ولسان حاله يردد مقولة سيدنا عمر بن الخطاب (متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحراراً).

وتلك الثورة هي ما أعانته في تصحيح اعوجاج المجتمع وهي التي مهدت له الارضيّة السليمة والدعم لوعيه المبكر وانطلاقته السياسية في أربعينات القرن الماضي متجاوزاً كل المعيقات مسافراً عبر الزمن الي أزمان لاحقة حتي هنالك الكثير من الشعوب المتقدمة لم تصلها الا لاحقاً محققاً إنجازات عجزنا عن تحقيقها علي مدي سبعة وعشرين عاماً، حتي وصلنا الي نفس تحدي فترة الأربعينات، بعد السلام المزعوم مع اثيوبيا.

برز نجم ابراهيم سلطان كسياسي محنك وقائد مقتدر في أربعينات القرن الماضي في وقت لم توجد فيه دول مثل الإمارات التي انتهكت وتنتهك حقوق أبناء دنكاليا وتزهق ارواحهم اليوم بمعاونة ومباركة طاغية البلاد لم يكن لها وجود علي سطح الخارطة العالمية.

استطاع ان يلعب دوراً محورياً في القضية الارترية في تحدي واضح للإنجليز ومخططاتهم علي الرغم من ما يتمتعون به من خبرات ومكر ودهاء سياسي هذا فضلا علي انهم قوة استعمارية لا يستهان بها بل كانت القوي العظمي انذاك ولاتزال آثارها السالبة باينة في مستعمراتهم الي يومنا هذا الا انه تمكن في ان يلعب ويوظف في البدء أوراقهم لصالحه في قضية الشماقلي ومن ثم تجاوزهم وقفز علي مخططاتهم التفتيتية وانتقل لمعسكر الطليان ليجد دعماً لهدفه وهو الاستقلال، لدرجة ان الإنجليز حد استياءهم وخنقهم من ديناميكيته ووعيه السياسي، كانوا يشنون علية حملة شعواء لتشوية سمعته للنيل منه عبر إدارتهم السياسية في البلاد لقلب الطاولة علية بخلق ألأزمات والمؤامرات الداخلية وحشد اللوبيات ضده في الخارج الا ان كل ذلك لم يزحزحه قيد انملة عن مبادئه.

مظاهرة جنيف 31 اغسطس 2018

من المعلوم ان فترة الأربعينات وما تعرف بفترة تقرير المصير كانت فترة عصيبة علي البلاد من حيث الخلافات السياسية وتحديدا بين المنادين بالاتحاد مع اثيوبيا وبين دعاة الاستقلال بقيادة ابراهيم سلطان وكانت كثيراً من الأوقات تصل الي درجة العنف التي كان يبدأ به أعضاء حزب الاتحاد لترهيب دعاة الاستقلال وثنيهم عن تمسكهم به، وفِي خضم تلك المعارك الدامية كان ابراهيم سلطان ينجز نجاحاً وتقدماً يوم تلو الآخر في حشد المؤيدين واتساع رقعة المطالبين بالاستقلال في وسط مجتمع التخلف وعدم التعليم هي سمته السائدة التي يتميز بها في حينها وهذا كان يزيد من غضب وحنق الطرف الآخر .هذا من ناحية ومن ناحية أخري كان يدير ملف العلاقات الخارجية ادراكاً منه لحجم التحدي وان الداخل وحده لا يكفي لنيل الاستقلال لذا كان يقوم بجولات مكوكية بين القاهرة وروما ونيويورك لحشد الدعم للقضية من الدول والمنظمات الدوليةفي الجمعية العمومية وبذلك أرهق الإنجليز والنظام الاثيوبي فلك ان تتخيل ان فرداً واحداً يرهق ويتحدي دولة عظمي بحجم الإنجليز ومن وراءهم اثيوبيا هذا فضلاً عن أضعاف وتحدي الطرف الداخلي المطالَب بالاتحاد مع اثيوبيا.

ولم يكن بخاف في غيابه ان تحدث مؤامرات وكوارث فلذا كان يقوم بأداء مهامه بخطوات الرجل الواثق بكل شجاعة واقتدار ولم ينحني امام العواصف مهما عصفت وأشتدت رياحها.

فأين نحن من كل ذلك اليوم والتحدي الذي نواجههه هو مجرد دكتاتور اغتصب السلطة فلا الإنجليز ولا الموأمرات الداخلية ولا المؤمرات الخارجية ولا انزوماتنزو.

فهل حقاً نحن من صلب هكذا رجال ابراهيم سلطان وولدآب وكبيري ورأس تسما ومن بعدهم عواتي ورفاقه وكل ابطال ثورتنا وشهداء الحرية ووالاستقلال ؟

أم ان الزمن فعل فينا افاعيله وتغيرت جيناتنا بعد العام 1991 ؟

وهل جنيف ستنتج مثله ورفاقه ؟ نرجو ذلك.

بالتأكيد ستفعل اذا استطعنا فهم تاريخنا وقرأته بشكل صحيح وتخلصنا وانتصرنا علي تكتلاتنا الضيقة اذا كانت حزبية او جهوية او طائفية او إقليمية كما فعل ابراهيم سلطان ورفاقه ووضعنا الوطن فوق كل شئ ونصب اعيننا.

مظاهرة جنيف 31 اغسطس 2018

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click