بلغة المصالح... لا يمكن رفض هذا المشروع

بقلم الأستاذ: محمود شامي - كاتب وناشط سياسي

المشروع الجديد والكبير في منطقة القرن الافريقي والذي بدأت مراحله الاولى قبل بضعة أشهر مضت ولم تتعدى مدته اشهرا

ارتريا وجيبوتي

ثلاث أو أربع، وبدأ المشروع بالسلام او باتفاقيات سلام وصداقة وتعاون وتبادل تجاري وامني لدول منطقة القرن الافريقي اثيوبيا إريتريا الصومال، وجيبوتي لاحقا، وبدأ ايضا على شكل قمم ثنائية وتوسع ليصير قمما ثلاثية وآخرها كانت القمة الرباعية في العاصمة جيبوتي في 6 سبتمبر 2018.

فرض المشروع على الجميع، وسيفرض على معارضة هذه الدول جميعها، عاجلا أم آجلا، علما ان اثيوبيا قطعت شوطا كبيرا في هذا الموضوع، والجميع ايضا بلا شك سيحذوا حذو اثيوبيا طوعا او مجبرا.

ومما لا شك فيه ايضا ان دولة الإمارات أضحت طرفا في المعادلة وجزء من المشروع الامريكي الغربي للمنطقة وفرضت الامارات على المنطقة كشريك ممول للمشروع اولا ومستثمر له ثانيا.

لا يمكن رفض هذا المشروع بكل ابعاده وحتى لا يمكن رفض جزء منه، ولا يمكن التخلف عنه ايضا، فالمصلحة تقتضي على الجميع عدم مقاطعته وتفرض عليهم الدخول فيه متى ما سنحت الظروف للجميع، بل تفرض مخاطر التخلف والمصالح على الجميع صناعة فرص للدخول فيه.

وفي اعتقادي المشروع اجمالا يسع للجميع، انظمة ومعارضة والكل معني وسيشارك فيه، كما حدث ذلك تماما في اثيوبيا، (استعدوا فقط).

الامارات ما هي سوى تقاطع مصالح لدول المنطقة ولصناع القرار وللامارتيين انفسهم،، والمصالح لها ثلاث ابعاد وهي:-

1. مصالح الغرب واميركا وهي الحد من المد والتغلغل الصيني في المنطقة او شركاتها كحد ادنى المنطقة وأفريقيا بشكل عام والحفاظ على مصالح الغرب في المنطقة.

2. مصلحة دول المنطقة تتمثل في دعم هؤلاء لمشاريعهم الإنمائية ولراعية السلام والاستقرار في المنطقة.

3. مصلحة الإمارات تتمثل في إيجادها لأسواق ولحقول استثمار في البنى التحتية مثل الموانئ ومشاريع اخرى في المنطقة.

اذا المصلحة هي من فرضت الامارات على هذه الدول وهي من فرضتهم على صناع هذه الطبخة السياسية التي كانت بحاجة إلي دعم مالي، والمصلحة هي من جعلت من الامارات رقما مهما لا يمكن تجاهله او اقصاؤه كشريك مفروض على الجميع.

واذا كانت السياسة مصالح وإذا كنا سياسيون، علينا أن نلعبها جيدا، اما اذا قلنا نحن ومبادئنا واننا لا نتنازل عنها ابدا، ولا ننسى ما فعله بنا الامارتيون وغيرهم ولا ننسى قتلانا من الامارات واميركا وغيرهما وأن جروحنا منهم لم تندمل.

اذا قلنا ذلك وتصرفنا بهذا المنطق فسنعيش بجروحنا الي الابد وسنشرب وسنأكل حينها من مبادئنا الي ما شاء الله.

انظروا الي حجم هذه الجراحات التي تم تجاهلها وتجاوزها لأجل مصالح مهمة ومصالح ذو ابعاد استراتيجية:

فمثلا اثيوبيا فقدت ثمانون الف من جراء الحرب مع ارتريا بين عامي 1998 و 2000 واليوم اكدت ان جراحها اندملت وانها طوت صفحة الماضي ولا أحد يحكي في اديس ابابا عن ثمانون الف قتيل ولا يقولون مبادئنا وشهداءها ولا يقولون لا ننسى لاريتريا ما فعلت، ولا حديث فيها عن هذه الامور ورمت ثمانون الف قتيل وراء ظهرها. وجيبوتي ايضا مثل اثيوبيا فقدت الكثير في حرب دوميرا 2008 ولديها الي اليوم اسرى معتقلين في سجون اسمرا وارض محتلة، لكنها تجاوزت كل ذلك بشجاعة من منطلق مصلحة البلد العليا، التخلف عن المشروع يعني خسارة كبرى للبلد والمصلحة تفرض علينا ان نصافح الشيطان أن لزم الامر، وجيبوتي
وعلى لسان وزير خارجيتها محمود على يوسف اعلنت عن طي صفحة الماضي وفتح صفحة اخرى جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين جيبوتي إريتريا، والصومال ايضا تجاوز جراحات الزمن والحروب التاريخية مع اثيوبيا وطوى صفحة الماضي، لا حديث في مقديشو عن جراحات وعداءات الزمان ولا حكي عن مجازر القوات الاثيوبية في سبعينات وثمانينات القرن المنصرم، ولا احد يحكي عن العداء التاريخي بين البلدين والحكي والحديث فيها كله منصب على ان اثيوبيا شريك تجاري واقتصادي وشريك في الموانئ الصومالية، وايضا لا حديث في اريتريا عن الحرب الاثيوارترية وقتلاها الذين فاق عددهم عشرون الف قتيل في حربها الاخيرة مع اثيوبيا، ولا حكي عن مشكلة النزاع الحدودي بين جيبوتي ومخلفاته، والحكي في اسمرا عن السلام واتفاقاته واتفاقات صداقة شراكة تجارة مع جميع دول منطقة القرن الافريقي، والحديث فيها ايضا عن قمم قرن افريقية تعقد في العواصم هنا وهناك...

وهذا المشروع الجديد هو مشروع امريكي غربي بامتياز وبدعم وبتمويل اماراتي خالص ويرعي هذا المشروع مع الولايات المتحدة كل من روسيا وفرنسا وكل الدول الحليفة للولايات المتحدة وعربيا تدعمه كل من السعودية ومصر الي جانب هيئات ومنظمات أممية قارية وقطرية، ومنظمات الامم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وكل هذه المنظمات تسحب رخصهم بالرغبة الأمريكية وشركائها من القوى الفاعلة، وبالدعم المالي لشركاء اميركا وفي مقدمتهم الدرهم لإماراتي.

Top
X

Right Click

No Right Click