الكوليرا يحاصر إرتريا

بقلم الأستاذ: صالح كرار

ضرب هذا الداء الخطير إرتريا في بداية السبعينيات من القرن الماضي 1971م ولغياب العلاج خارج المدن وعدم اهتمام النظام

الإثيوبي وعدم اكتراثه، أباد أعداد كبيرة جدا وكأنه قد جاء في القرون الوسطى.

وقد حاصرت الحكومة الإرتيرية في السنة الماضية المواطنين ومنعت الحركة بين المدن دون الإعلان عن ذلك رسميا، وترجمت تلك الإجراءات من قبل الكثير من المتابعين على أنها كانت للبحث عن هاربين من كبار المسئولين المختلسين للأموال والذهب من المال العام وكان الإجراء للقبض عليهم قبل خروجهم من البلاد، بينما بُررت من قبل الحكومة من غير إعلان رسمي بأنها كانت حربا على الكوليرا الذي ظهر بحالات محدودة وقضي عليه.

الآن تنذر الأحوال بخطورة الأمر لإجتماع المحاذير من انتشار المرض في البلاد، ففي الشرق الشعب مرتبط باليمن وهناك أعداد كبيرة من اللاجئين الذين مازالوا بعد تعطيل النظام الإرتري لعودتهم؛ والمواطنون في شرق البلاد سوقهم اليمن حيث بواسطة الزوارق لا تتوقف الحركة ولا ينقطع التواصل رغم حواجز الحكومة وإرهابها.

وقد ظهر الكوليرا حسب ما تعلن الهيئات الإغاثية والإعلام العالمي ظهورا خطيرا لا يشك من يعرف صلة الإرتيريين في سرعة انتقاله الى إرتريا بسبب اندماج الإرتيريين وتوزعهم في كل أنحاء اليمن.

والإسهالات المائية الاسم الشائع في السودان للكوليرا الجديدة طاف على عدد من معسكرات اللاجئين وتابع الناس كيف كانت أو هي الأحوال والنتائج كارثية مع استنفار البعيد والقريب واسهام كل المنظمات المعنية في عمليات الإسعاف وتوفير مستلزمات المرض للأطفال والكبار اضافة الى توفير ما يساعد الناس على التحصن والعزل حتى على مستوى المياه الصحية، مع تثقيف الناس وتعريفهم بالمرض ومسبباته مما خفف من المعاناة وقلل من الضحايا بالإصابة.

الهدف من هذا المقال الإنذار والتحذير من انتقال أو انتشار الوباء الى داخل إرتريا حيث تنعدم كل تلك الخدمات وتتوفر البيئة المناسبة لانتشاره مع انعدام أي دور للمنظمات الإنسانية التي يحاربها النظام ويمنع وجودها، وغياب مؤسسات للرعاية الصحية فاعلة في البلد وإن وجدت فهي مستشفيات ومستوصفات تقليدية متهالكة من تركة الإيطاليين لم يعرها الإثيوبيون بال وورثها النظام الإرتري ليبقيها في روتينها القديم؛ ومع ذلك هرب كل الأطباء وهي تسيّر بواسطة مهرجين لا للطب ينتسبون ولا يحملون منه أدنى الشهادات.

وفوق هذا ليس في البلد حكومة ونظام ضابط فالبلد يعيش في حالة تسيب وفوضى عارمة تهيمن عليه عصابات التهريب وكل مؤسسة حكومية مستقلة بذاتها وتتصرف بكل حرية في انفلات تام وعجرفة تامة، والريف والمدن قريبها أو بعيدها يعيش الجميع على التهريب لا سوى التهريب شيء خاصة المواد الغذائية والضروريات كلها؛ وكل سلطة جيش، أو شرطة، أو حتى المليشيات لها الحق أن تقبض وتصادر لصالحها إلا ما كان محصنا بالرشوة ومحميا بالأقوياء المرتشون.

ويعيش المواطن المسكين على أسوء الأحوال من ضنك العيش والغلاء الفاحش وإرهاب السلطة وغوغائها، فقد كان أغلب الناس يعيشون على تربية الماشية وهلكت وتحول البعض رعاة عند الحبش، وأصبحت الزراعة هي الأخرى بلا معنى وبلا إنتاج، بعد مصادرة الأرض الخصبة وتحويلها الى بساتين لأتباع النظام ومطاردة الناس للعسكرة والغرامات الباهظة دون عذر منطقي وسبب معقول.

نذر الكوليرا:

لقد انتشر وباء الكوليرا في معسكرات اللاجئين في السودان بسرعة بسبب تواصل هذه المعسكرات؛ والتواصل بين هذه المعسكرات وشعب الداخل الإرتري لا ينقطع لحظة وبالتالي انتقال الوباء الى إرتريا والريف خاصة أمر لا شك فيه.

وإذا وصل المرض الى الريف في إرتريا فإن المدن أيضا يعيش فيها أهل الريف بطبعهم في أحياء مزدحمة يختلط فيها الناس أكثر من الريف وأسواقا أكثر توفيرا للبيئة الموبوءة.

هذه الأحوال المنذرة بالكوارث تفترض على قوى المعارضة والمنظمات المعنية التشهير بها والتعريف والتحذير من نتائجها المحتملة، الآن الجميع كل في موقعه مطالب للتهيئ للدور الذي يمكن أن يلعبه في إنقاذ الآلاف من الأبرياء مع العلم بأن الأبواب مسدودة دونه وأن المهمة صعبة جدا، فالواجب تحذير المنظمات الإنسانية والدول والمؤسسات الإعلامية الكبيرة يجب إشعارها قبل وقوع الفأس في الراس.

ويمكن تلخيص ما سبق في الحقائق التالية:-

• احتمال انتقال الوباء الي إرتريا بنسبة 100%، مع احتمال وجوده مع تستر النظام عليه وإهماله.

انعدام المؤسسات الصحية القادرة على مواجهة مثل هذه الكوارث الكبيرة.

انعدام الكادر الصحي بسبب الهروب.

غياب الثقافة الصحية بسبب انتشار الأمية وانعدام التوعية الصحية.

وجود البيئة المسببة أو الناقلة للوباء نتيجة لغياب الرقابة الصحية في الأسواق والقرى.

عدم اهتمام السلطة بالمواطنين ودفعهم على الهروب تحقيقا لسياسة التهجير وافراغ الأرض للإخلاف الديمغرافي مشروع تسرع في تنفيذه السلطة في البلاد كلها.

هذه الحقائق وغيرها تنذر بخطورة الأمر وضرورة الاستعداد لمواجهة الكارثة المحتملة حسب المستطاع كل من موقعه، والتعريف بالواقع المأساوي المتوقع في حال ة دخول الوباء الي الريف والمدن الإرتيرية.

بالخلاصة أسئل الله العلي القدير أن يجنب شعب الداخل مثل هذه المصائب التي تنذر بإبادة جماعية كبيرة، وأرجوا أن يستشعر الجميع خطورة الأمر فالنظام انفرد بالشعب الأعزل وما يمارسه فيه يدمي القلب بلا شاهد ولا رقيب يتفنن في انواع الإرهاب المعنوي والجسدي فكل مواطن يعيش في ترقب دائم وخوف حسرة.

والله المستعان وعليه التكلان

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click