المال والفساد فى ارتريا
بقلم الأستاذ: عمر جابر عمر - كاتب وسياسي ارتري - استراليا
الاستيلاء على السلطة السياسية تبعه ونتج عنه احتكار للثروة ولكل مصادر الدخل فى البلاد.
وفى الواقع فان ذلك نهج لم يبدأ مع قيام الدولة بل بدأ مع تأسيس الجبهة الشعبية وبعد الاستقلال ومن اجل احكام السيطرة على كل مصادر الثروة، اتخذت الخطوات التالية:
1994مصادرة جميع الاراضى واعتبارها ملكا للدولة قانون الارض من حقها ان تبيعها - تستاجرها - تستثمرها...
احتكار التجارة - الصناعة - الزراعة - الصيد، وحتى ما يبدو على السطح من أنه ملكية خاصة أو استثمار خاص فان الملكية الحقيقية هى للحزب الحاكم.
رأسمال الدولة هو أكبر رأسمال فى البلاد - يتم اعطاء الآولوية لآعضاء الحزب الحاكم فى اعطاء الترخيص - ذلك جعل المستثمرين الآجانب والارتريين يبتعدون عن مجال الاستثمار.
الحزب الحاكم يحتكر التجارة والاستيراد وتجارة الجملة وحتى البيع بالقطعة وتحديد الاسعار بما يناسبه ودون دفع الصرائب . ذلك نتج عنه عدم قدرة القطاع الخاص على المنافسة.
الاسكان: الملكية - البناء - الايجار
كل ذلك يخضع لسياسة السيطرة والتحكم فى الدخل . رفضت الحكومة اعادة المنازل التى كان الدرق قد صادرها من أصحابها الا بعد دفع خمسة اضعاف السعر الاساس ! واذا عجز صاحبه عن الدفع يصبح المنزل من ممتلكات الدولة.
مؤسسات الحزب الاقتصادية:
1 مؤسسة البحر الأحمر - الذراع الاقتصادى للحزب الحاكم 09 - تأسست منتصف الثمانينات ويقدر رأسمالها باكثر من خمسمائة مليون دولار . تشرف المؤسسة على المشروعات التالية:
* صناعة الانشاءات - من خلال شركات مثل سقن - اسبيسكو - قدم - راداب HCBE همبول - ارتريا التجارية.
* قطاع المواصلات - عمبربب - رويال فنقل - ليل.
* قطاع التامين - شركة التامين الوطنية.
* الطباعة والنشر سابور - حدرى
* الصناعة والتكلنولوجياأرسكو ايوان Internet Café
* السياحة - انتركونتيننتال هوتيل
انسحب المستثمرون وتحول الى قصر أسمرا
* شركات المنظمات الجماهيرية 2
* الشباب - العمال وهى منظمات حزبية وتقوم بنشاطات اقتصادية.
* استثمار رايموك لليانصيب - خطوط بحرية خاصة - مؤسسة طباعة ونشر
* مؤسسة نقفة - شركة مساهمة - راسمالها خمسة ملايين دولار
3 قيادات الجيش - دخلت فى النشاط الاقتصادى - تملك متاجر - بارات - فى الوحدات العسكرية - استثمار زراعى فى ساوا وهمبول والقاش...
جنود الخدمة الوطنية هم العمال بلا أجر - ويتم بيع المحصول فى الاسواق ويذهب الدخل الى الجنرالات ومعاونيهم ثمنا لولائهم للرئيس!
وفى قطاع الانشاءات يحصل الجنرالات على مقاولات خاصة - ولكن اكبر مستثمر هو تخلى منجوس الضابط المسئول عن حراسة الحدود مع السودان - يستورد بضاعة بملايين الدولارات من دبى وتمر بمصوع دون جمارك او ضرائب وتشحن الى على قدر على الحدود ليتم تخزينها ومن ثم تصديرها عن طريق الرشايدة الى السودان والى داخل المدن الارترية
الصيد - البحرية الان المسئولة عن التجارة والاستثمار فى قطاع الصيد - كل ممتلكات وزارة الاسماك تحولت الى البحرية واصبحت مهمة الوزارة الان حماية البيئة والسلاحف وكل من يريد الاستثمار فى القطاع اجنبى أو ارترى علية ان يدفع للبحرية.
الاستثمارات الخارجيةتحت غطاء بعض رجال الاعمال الارتريين استثمر الحزب أموال فى اسطول شاحنات فى شرق افريقيا - كينيا - أوغندا... ولكن اما بسبب تحول هؤلاء الاشخاص أو تاثير الفساد المنتشر فى تلك البلاد خاصة كينيا فقد لحقت الخسائر بتلك المشاريع وما تبقى تم تجميده.
يملك الحزب ثلاثة فنادق درجة أولى فى جنوب السودان - الغريب ان العاملات فى تلك الفنادق هن من مجندات الخدمة الوطنية.
هناك استثمارات ليست ذات قيمة كبيرة فى اوربا والسودان وهونج كونج.
الفساد:
لان الهدف الاساس الذى يبحث عنه رئيس النظام هو الولاء اولا واخيرا فان معاقبة ومتابعة المفسدين لا تتم الا اذا ظهر منهم ما يشكك فى ولائهم. والدليل انه طوال السنوات الماضية لم يقدم قيادى واحد الى المحاكمة بتهمة الفساد رغم انتشاره فى كل المواقع.
أكبر شحصية تم القبض عليها بهذه التهمة كان أرمياس دبساى وحتى هذا فان تهمتة الحقيقية هى انه صار يعرف اكثر مما ينبغى وان الولاء للرئيس اصبح مشكوكا فيهوالكادر العادى الذى تم اعتقاله أمثال قولاى و دسو انما كان للتغطية. الوثائق موجودة وكل منهم له ملف كامل حول فساده - ولكن يتم التأجيل الى حين التاكد من ولائهانتشرت المحسوبية فى كل مفاصل الدولة واصبح الجنرالات وكلاء يديرون أعمالهم وحدثت المنافسة وانفجر الصراع ووصل مرحلة التصفية الجسدية - آخر نموزج للفساد هو قائد الحرس فى المعتقل الذى يقيم فيه المعتقلون السياسيون - وبما ان المهمة حساسة وتتطلب ولائا كبيرا للرئيس فقد تم اطلاق يده لينهب ما يشاء - لدرجة انه يسرق تموين السجن من الأغذية ليبيعها فى الأسواق - ويستخدم عناصر الحراسة فى دوريات خاصة لبناء بيته!! وحتى نفهم مستوى النهب والاستفادة المادية فهى محددة ولا تتعدى سقفا بعينه - ولكن بالمقاييس الارترية فهى كبيرة وتكفى لضمان ولاء المرتشى والسارق - مثلا يبنى بيتا خاصا له - يشترى سيلرة - يرسل ابنه او أحد أقاربه الى الخارج للدراسة -يساعد فى تحسين مستوى المعيشة له ولأقاربولكن ما زاد عن الحد المسموح به—يذهب الى "الأسماك" الكبيرة .
ان الحزب الحاكم لم يستأثر بمصادر الثروة والمعيشة فحسب - بل وأصبح يشارك الشعب فى اقتسام لقمته اليومية وينتزعها منه - لا يريد أن يرى أحدا يملأ معدته - يجب أن تظل دائما خاوية حتى لا يجد الوقت ولا القدرة للتفكير فى شىء آخر! يقولون لك: ان البلد أمنة - لا سرقات ولا حرامية!؟
طبعا - من يسرق من؟ السارق معه القانون ومفاتيح السجون والمسروق لا يستطيع الشكوى والتظلم.
حتى الشحاتين - كما قال أحدهم بعد أن تقاعد مجبرا: لقد قررت الحكومة تأميم المهنة والقيام بها بنفسها!؟
الخلاصة:
بعد عقدين من التحرير اصبحت ارتريا تحتل المواقع الدنيا فى قائمة الفقر فى العالم... وفيما يلى احصائيات دولية واقليمية محايدة:
• صادرات ارتريا عام 2008 كانت أربعة عشر مليون دولار المرتبة 204 عالميا.
• استهلاك الطاقة - النفط - 5000 برميل يوميا المرتبة 229 عالميا
• دخل الفرد 700 دولار فى العام - المرتبة 220 عالميا
• فى سلم الفقر -تحتل ارتريا المرتبة 164 عالميا
• تنتج ارتريا 25% فقط من غذائها وما تبقى من المعونات الخارجية
ذلك هو حال البلاد والعباد .... وما يشيعه النظام ويتداوله الناس فى الاونه الاخيرة حول اكتشاف الذهب والمعادن النفيسة لن يغير شئيا... السؤال: لمن سيذهب ذلك المال ؟ الى جنرالات جدد وابواق جديدة تزمر للدكتاتور ؟ أم للمختارين من القومية المحظوظة ؟
تلك كانت رسالة الى الاجيال الجديدة حتى لا تنسى وتتعلم من تجارب الاباء وتبنى مستقبلها بروح جديدة وعقل راجح وعلم نافع.
كان الله فى عون الشعب الارترى
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.