مقابلة تاريخية مهمة مع المناضل الفنان الكبير إدريس محمد علي - الحلقة الثالثة

إعداد الأستاذ: حسين حب الدين زمزمي

في امكاننا القول ان لاغنية التجري خلفية تاريخية عميقة الجزور ولكن معلوماتي في معرفة أبعادها متواضعة جدا ولا داعي بان لي

مقدرة في الحديث عنها أولبت فيها.

فا الشي الذي اعرفه في التاريخ القريب هو ان اغنية التجري عند الأجيال السابقة لناوالاجيال الحالية قد نضجت واكتسبت ملامحها عند الشعراء التقليديين أمثال ود با شقير - عجولاي وغيرهم، وقد كانت هنالك أغان شعبية متداولة في منطقة الساحل وغرب ارتريا الي عصر ودامير وكانت هذه الأغاني ثرية با المعاني الشعرية والصور الفنية الجميلة، وكانت تعبر عن تجارب هذه الأمة وتنجرم عن أحاسيسها ومشاعرها في الأفراح والمناسبات، كالميلاد، والختان، والزواج، والخريف، والحصاد، والأتراح والأحزان والنكبات كانتشار الأمراض والجراد وانحسار هطول الأمطار ونفوق الحيوانات.

فعلي كل حال كانت تعبر عن طريقة حياتهم فهذه الأغاني "الأغاني الشعبية" كانت تصدر عن الشعب مباشرة ففي أحيان كثيرة لا يعرف قائلها ولا حت المناسبة التي قيلت فيها بل تحتفظ بها الذاكرة الجماعية لتصير ضمن تراثيات هذه الأمة وانعكاسات لطريقة تفكيرها فعلي سبيل المثال هناك اغية شعبية كانت متداولة عند التجري وظنها قد قيلة في عصر الاستعمار الإيطالي في ارتريا وهي اغنية "تبلي سافرا" فقد كنت أسمعها من أفواه الناس وعندما بحثت عن صاحبها الأصلي لم اجد الا الكلمات والرواية.

فانا اعتقد أننا نحتاج الي باحثين ومتخصصين في هذا المجال، لان جزور اغنية التجري والثقافة الارترية بصورة عامة أعمق من أالذي ذكرت وتمتد الي آلاف السنين بعراقة وقدم التاريخ وجود هذه الشعوب في هذه المنطقة وذالك طبعا اذا استثنينا التهافت وادعاء الانتساب الي أصول مزيفة متناقلة عبر أفواه معقدة نفسيا واجتماعيا ففي الحقيقة نحن كأمة لا نفتقد الي الأصالة وعمق التجربة والعراقة والتميز ككيان ولا ينقصنا ما نعتز به وما نفاخر به الامم فما نحتاجه فعلا هي العقول الوطنية المتعلمة المستنيرة، لتنقيب في إنجازات وتراث هذا الشعب الفريد ولا فخر هذا يحتاج منا الي جهد وزمن وهي امانة في أعناق الأجيال القادمة. وانا عندما اقول ذالك لا استبعد التلاقح الحضاري للشعب الارتري ولكنني استنكر التناول الفج لهدا الأمر واستهجن الادعاء.

أما بالنسبة لمسئلة التأثر والتأثير الفني فهو فهو أمر طبيعي جدا ولابد منه فاي شعب من الشعوب يتأثر بالمنطقة التي يعيش فيها ويتفاعل بمن حوله من الشعوب الأخري في كل المجالات الاقتصادية منها والسياسية والفنية فالفنون نتاج لتراكم معرفي عبر الأزمان وهي ليست حكرا لاحد. والناحية المعرفية فيها ضرورية جدا، فلا يمكنك ان تصبح فنانا ناجحا بدون معرفة بأساسيات فن الغناء والاستماع الي تجارب الآخرين والاستدور حلقة مفرغة وتعيد نفسك في تكرار ممل .فلا يعيبني في شئ كوني متأثر ا باساتذتي السودانين وبالمنطقة التي بدأت منها انطلاقتي الفنية - ولكن ليس من الحقيقة في شئ من يقول بأنني أكرر الاغنية السودانية - في اللحن والأداء وفي إمكاني ان اقول بعد هذا العمر والتجربة الطويلة الأمر الطبيعي هو ان اكون قد تخطيت مرحلة التقليد والمحاكاة وإلا فما الداعي هو لاستمراريتي في الغناء حتي الآن، ان لم اكن فنانا ناجحا وموفقا، ذات طابع مميز يمثلني ويعجب جمهوري، فمن طبع الناس دائما الملل والانصراف من التكرار والزيف.

وإذا ماهو هو الشي الجديد والفريد الذي قدمته للجمهور حتي عرفت كفنان ؟! الإجابة اتركها للجمهور.

فاغنية التجري التي أغنيها هي من صميم البئة التي ولدت فيها وكبرت والتي زكرتها في بداية سردي وانا استمد الحاني وكلماتي من وحيها وجترار زكراها ومن وحي شعبي ويقاعات بلادي وتفاعلي مع أحداث الوطن وشعوري بان لي خصوصيتي فانا ليس لدي اي ارتباط واضح با الاغنية السودانية او بالإلحان السودانية، ولكنني أؤمن بتداخل الفنون في منطقة الأفريقي با الذات وتماثيلها بل التمازج العرقي والثقافي في المنطقة كلها - ارتريا - السودان - إثيوبيا - الصومال.

فمن البديهي ان نتواصل باي شكل من الأشكال. اما عن تحصيل المادة الغنائية ففي إمكاني القول وبكل تواضع انا احد شعراء التجري اغنية التجري فمعظم اغنياتي هي من تآلفي وألحاني كما تغنيت ببعض الأغاني التراثية ومازات ابحث عن هذا الكنز واجدد فيه ويجدد في وقد غنيت باللغة العربية لكثير من الشعراء الارترين والسودانيين.

وأيضاً كانت لي تجربة ناجحة. بلغة الكونامافقد دفعني الإعجاب بايقاعات وطريقة الأداء الي ان اقوم بتلحين اغنية للشاعر إسماعيل ود هيبي ولم اكن أتوقع ان تكون. النتيجة بهذه الروعة وكان بودي ان أعيد التجربة وان اغني لكل القوميات الارترية بلغاتها ولكن ذلك يحتاج الي معرفة باللغات في الدرجة الأولي لذالك قد احجمت عن مثل هذه التجربة حتي لا اكون عرضة للانتقادات والتجريح من قبل أناس لا يقدرون مثل هذه المجهودات.

الى اللقاء فى الحلقة القادمة...

Top
X

Right Click

No Right Click