لماذا تفشل التنظيمات الإرترية في العودة لوضعها ما قبل الانهيار؟

بقلم الأستاذ: علي عافه إدريس - كاتب ومحلل سياسي ارتري

في الحقيقة أسباب فشل التنظيمات كثيرة ويصعب حصرها إلا أن أهمها على الإطلاق القيادة

غير الواعية وغير الكفوءة وقراراتها غير المدروسة وفشلها في توقع الأحداث قبل حدوثها لاتخاذ الإحتياطات اللازمة لمنع حدوثها، بالإضافة لتكرار نفس الأخطاء في كل مرة تتاح لها الفرصة لاتخاذ قرار مصيري فعلى سبيل المثال وليس الحصر، ما تفعله قيادتي أثنان من تنظيمات المعارضة الإرترية منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر في كل مرة تدخل في وحدة تنتهي بكارثة بالنسبة للتنظيم ليس لأن أطراف الوحدة الأخرى أكثر سوءً منها وكذلك ليس لسوء الوحدة وعدم جدواها، إنما للطرق الخاطئة التي تؤسس عليها تلك الوحدات والنيات المبيتة في سعي أطرافها للسيطرة على الآخر وعدم تناسب طرفيها على كل المستويات العقدية و السياسية بالإضافة لتنافر المكونات الإجتماعية التي تكون القيادات تحت ضغطها المستمر.

أما أسباب الفشل في العودة لوضع التنظيم ما قبل الانهيار كثيرة ويصعب حصرها إلا أني هنا سأورد بعضها:-

إنهيار التنظيم وتردي أوضاعه يتسبب في هبوط الروح المعنوية و وصلوها لأدنى درجاتها، وإعادة الروح المعنوية ليس بالأمر السهل، فهي لا تعود بمجرد لقاءات وإجتماعات ومؤتمرات واتصالات تجريها قيادة التنظيم وإنما تعود بالعمل والإنجاز وفي ظل استحالة الانجاز نتيجة الإنهيار يستحيل إعادة الروح المعنوية.

الانصراف الذي حدث في كادر التنظيم وصعوبة إعادة ذلك الكادر لأنه يكون قد إنصرف بقناعة بعدم جدوى ما كان يفعله في السابق وكذلك قناعته بعدم صلاحية القيادة التي أوصلت التنظيم إلى ما وصل إليه وهنا تكمن صعوبة إعادة الكادر للعمل مرة أخرى، وجماهير التنظيم رغم أهمية وجودها إن لم تكن هي الأخرى قد إنصرفت إلا أنها لا تعمل لوحدها فهي تحتاج لكادر يحركها ويدفعها للعمل والانجاز والتضحية والانجاز أمامها، حيث لا يتبقى في التنظيم سوى العناصر التي أدمنت التطبيل والتقرب للقيادة وهذه في الغالب تكون مفضوحة و معروفة للجميع وليست ذات تأثير في كينونة التنظيم.

إنهيار التنظيم يكون قد تسبب في بعثرت فروعه ومنظماته الجماهيرية، وفي ظل إنعدام الإنجاز أو الآمال الحقيقية للانجاز يستحيل إعادة تلك الفروع والمنظمات لوضعها السابق.

إنعدام الإمكانيات المادية وفي أحسن الأحوال شحها، فمعظم تنظيماتنا ليس لديها جهات داعمة وهي تعتمد في الصرف على مناشطها على إشتركات وتبرعات عضويتها ولأن كل تلك العوامل التي ذكرناها تتسبب في انصراف عضوية التنظيم ينعكس سلبا على الإمكانيات المادية للتنظيم ويقعده عن فعل أي نشاط.

• النقطة الأخيرة والمهمة هي قيادة التنظيم التنفيذية والتشريعية، فرغم أن معظم تنظيماتنا تتمتع بتشكيل قيادي متكامل، إلا أن الفاعلية واتخاذ القرارات داخل التنظيم عادة ما يحتكرها إثنان أو ثلاثة أعضاء ليصبح بقية أعضاء القيادة مجرد كمبارس (تمومة جرتك) يحضرون الاجتماعات للموافقة على القرارات التي سبق وأن أتفقت عليها القيادة الحقيقية للتنظيم، ومع الوقت يحدث انصراف كيفي لأعضاء القيادة (التنفيذية والتشريعية) بالضبط كما يحدث للعضوية العادية وكذلك للكادر المتقدم إلا أن التعبير عن الانصراف الكيفي لا يكون بترك التنظيم إنما بتجميد النشاط والزهد في كل شيء يتعلق بالتنظيم.


وقبل الختام العوامل التي ذكرتها عاليه في ظل وجودها يستحيل استعادة التنظيم لوضعه السابق إلا في حالة واحدة هي فرصة تغيير القيادة بقيادة جديدة أو على الأقل تغيير رأس التنظيم دون أن يعني ذلك تدوير نفايات التنفيذية السابقة والبدء بصفحة جديدة تجعل الجميع يأملون في النهوض بالتنظيم، و من واقع خبرتي هذا أمر إن لم يكن مستحيلا فهو صعب للغاية، فالتمسك بالكراسي الوهمية حالة مرضية لدى تنظيمات المعارضة الإرترية والمبرارات لعدم فعل ذلك جاهزة وأولها عدم وجود البديل وثانيها الحرص على التنظيم وحفظ أمانة الشهداء التي تصور لهم عقولهم القاصرة أنها لا يمكن أن تحفظ وإلا وهم يتصدرون المشهد وهم بلا مقدرات حقيقية لفعل ذلك وإذا عجزوا عن كل ذلك يلجاؤون للقبيلة وللإقليم.

ختاما أن تجاربنا التاريخية تقول لنا أن التنظيمات الإرترية لا تموت و يبقى التنظيم لكن في حالة موت سريري فيعقد إجتماعاته ومؤتمراته بمن تبقى لديه من قليلي الحيلة ومريضي ممارسة السياسة والمطبلين، إلا أن بقائه يكون أشبه ببقاء دكان في سوق هيكوتة رغم إفلاس صاحبه يعشم دون أي مؤشرات لذلك في أن يستعيد مجده فيتحول الدكان لمحل لحفظ أغراض وأمانات الزبائن السابقين ومجلس لصاحبه ومعارفه.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click