هل ماتت الثورة الثورية في ارتريا ام قتلت عمداً وجففت منابعها؟ الحلقة الثالثة

بقلم الإعلامي الأستاذ: إبراهيم حالي - صحفي وكاتب إرتري

مشروع إفشال الدولة وتحويلها الي كومة خراب:

المعارضة الأرترية 3

ما ذهبت اليه في تحليلي وقرائتي في الحلقتين السابقتين، قد يراه البعض ممارسة طبيعية لاي دكتاتور حتي يتمكن من بسط سيطرته والتحكم في سلطته، واتفق معه الي حدٍ ما، الا اني اري في حالتنا الارترية وما فعله ويفعله دكتاتورنا استثناء سلبي لا يمكننا ان نجد له اي وجه مقارنة مع اي دكتاتورية تاريخيةً كانت او حالية والامثلة كثيرة ولا اظن اننا نحتاج لذكرها.

فدعونا نري كيف افرغ الدكتاتور التحرير من مضامينه واصبح مجرد شعارات تتغني بها بطانته وهتيفته دون أن ينعم بمنجزاته اي مواطن او مقاتل.

اذاً لماذا أُفشل مشروع الدولة؟؟ ولمصلحة من تم ويتم ذلك حتي الآن؟؟

اي كما يقول العرب العبرة بالنتائج.

تدمير التعليم:

في البدء اعتماد التعليم باللغة الام، كان بداية استهداف للحقل التعليمي، والحديث هنا قد يطول لكن سأحاول اختصاره، لا يمكن في القرن العشرين أن تعلم أجيال بلغات لا تتجاوز حدودها ولا يمكن أن تجد لها مراجع مكتوبة ناهيك عن ان تجد لها شيئاً في الشبكة العنكبوتية حيث اصبح العالم قرية صغيرة.

الا اذا كنت تنوي فصل تلك الاجيال عنه بشكل متعمد ولغرضٍ ما.

الخطوة الثانية هي ربط التعليم بمشروع ساوا حيث قررت السلطة أن يقضي الطلاب السنة الدراسية الاخيرة في مرحلة الثانوية العليا في معسكر ساوا، فمن تجاوز الامتحانات بنجاح يلحق بالكليات ومن لم يفعل يلحق بالخدمة الوطنية اجباراً، مما جعل اغلب الطلاب والطالبات يتركون دراستهم بعد الصف العاشر حتي لا يجبرون بالانخراط الي العسكرة الاجبارية، ما تلي ذلك كان اغلاق جامعة اسمرا الوحيدة، بعد احتجاجات طلبتها عام 2000 فترة اغلاق الصحافة المستقلة واعتقال مجموعة ال 15 وكذلك صحفيين الصحف المستقلة.

فهنا أتساءل:

• هل التعليم يضر بسلطة الدكتاتوريات؟

ولماذا لم تعتمد دكتاتوريات أخري نظرية دكتاتورنا الذكية وما فعله في لتعليم إن كان في مصلحتها هدم البلاد والجلوس علي عرش كومة خراب والجهل والفقر المدقع؟

بل العكس التاريخ يحدثنا أن هنالك الكثير من الدكتاتوريات مشهود لها بالنجاح والبراعة ورفعة امتها الي مصاف الامم وقيل اعلي في مجال التعليم، واولها "لي كوان يو" دكتاتور سنغافورة وآخرها "بول كاغامي" دكتاتور رواندا.

فأين نحن من من سنغافورة بل اي نحن من رواندا التي انهكتها الحرب الاهلية ومجازرها في الوقت الذي كنا فيه ننعم بما تسمي الحرية.

ايقاف عجلة التنمية:

هل نفذت الحكومة مشاريع تنموية واستراتجية تدعم اقتصاد البلاد وتخلق فرص عمل ووظائف؟ بالتأكيد الاجابة لا.

اذاً لماذا؟ هل لعدم وجود الامكانيات او لعدم وجود ايدي عاملة ؟ام لعدم توفر رأس المال؟

لا أعتقد اياً من الاسئلة اعلاه يمكننا الاجابة عليها بنعم،لذا اعتقد جازماً إن الارادة لم تتوفر لخدمة البلاد والنهوض بها في شتي المجالات، بل بالعكس الارادة كانت متوفرة وبعزيمة وإصرار لمنع لوضع العوائق واحباط كل المحاولات والمبادرات في هذا المجال والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، لذا سد الطريق علي كثير من الاستثمارات الخارجية ان كانت وطنية او اجنبية.

ولم تقم او تنفذ الحكومة الارترية المؤقتة اي مشروع يذكر يعود للبلاد بالمنفعة الاقصادية ويخلق فرص عمل للمواطن ويحسن من وضعه حتي من باب زر الرماد في الاعين.

اذاً فلنبحث عن الاجابة معاً من المستفيد من تعطيل عجلة التنمية وتدميرها بشكل ممنهج؟ ولمصلحة من تم تعطيلها؟ أكيد لا الوطن ولا الموطن مستفيد استفاد من تلك السياسة الاقتصادية الغريبة.

• الحريات:

مصادرة كافة الحرية وإعدام كل المساحات لممارستها كحق طبيعي ومنع كل ما له صلة بها حرية الحركة والتنقل وحرية العمل، ناهيك عن حرية الرأي التي تعتبر من المحرمات و ام الكبأئر في كتاب السلطة والسلطان وزبانيته.

تجميد الموانئ:

وفي واحدة من مقابلاته التي يتحول فيها الي العارف بكل شئ تحدث عن المواني، قائلاً انا أملنا كان معقوداً علي مصوع لؤلؤة البحر الاحمر، ثم تساءل اي هي الان من ما كنا ننتظره؟ فأصبحت خراباً فلا هي لؤلؤة لا هي لا شئ!!

تحدث عنها وكأنها تحت ادارة جهة اخري وليست في ظل حكمه وتحت امرته.

اما ميناء عصب فحدث ولا حرج بعد اندلاع الحرب ضد اثيوبيا توقف تماماً واصبح مرتعاً للجمال والغربان.

الحروب مع دول الجوار:

كدولة حديثة عهد بدلاً من ان تتوجه لنفض غبار الحروب والهلاك والدمار وضع البندقية ورفع ادوات البناء والتعمير بدلا منها لتحاول اللحاق بركب الامم التي فاتتها بسبب المستعمر وحرب التحرير، اراد لها سيادته ان لا تخرج من مربع الدمار والحروب وبدأ مبكراً في إشعال الحروب مع دول الجوار واحدة تلو الاخري في خطوة اقل ما توصف به هو الهاء ألشعب عن مهامه الاساسية التي تفرضها المرحلة والتي ذكرناها آنفاً، وكل ما نتج من تلك الحروب ما هو الا دمار شامل للامة في كل مناحي الحياة، وآخر تلك الحروب كانت حرب الحدود المفتعلة من سيادته حسب لجنة التعويضات في اتفاقية الجزائر.

فالخلافات الحدودية موجودة بين كثير من الدول ولاكثر من مائة عام ولم تصل لمرحلة حروب استنزاف، وان كانت حرب حدود وكان متمسكاً بشرطه وهو الانسحاب عن منطقة بادمي كما كان يدعي، اذاً لماذا هرول علي السلام مع اثيوبيا متخلياً عن شرط استعادة بادمي الذي تمسك به عقدين من الزمن؟!!

علي الرغم من البعض استبشر خيراً بالسلام بعد حالة الا حرب والا سلم التي استنزفت البلاد والعباد، الا ان حليمة عادت لحالة القديمة،حيث امتطي هذه المرة الدكتاتور صهوة جواد السلام ليس لسلام تنعم به الشعوب التي انهكتها الحروب لا سيما شعبنا، بل ليشعل حرباً جديدة بين الاخوة الاعداء ويساند فيها طرفاً ضد طرف آخر.

ما هو الغرض من دخوله الحرب وادخال ابناءنا للمحرقة؟

قد بجيبنا البعض بأنها حرب لحماية السيادة كما يدعون.

لكن ما اوردناه من سرد آنفاً لحقائق تاريخية يؤكد ويوضح بشكل جلي بأن السيادة ملكاً لشخص واحد وكل ما فعله خلال الثلاثة عقود المنصرمة لن نجد فيه ما يصب في مصلحة السيادة بل العكس.

وقد يأتي البعض ليقول لنا انها من اجل الانتقام لما فعلوه بنا في الحرب السابقة.

فنقول له الا تكفي الجولة الاولي من الحرب ان كان الامر انتقاماً؟!

ما الهدف من احتضان اسمرا لقوات الامحرا ان كانت قوات حكومية او ميلشيات؟!!

وما الهدف من مشروع قوات بحرية مشتركة بين البلدين والذي يفترض ان تؤسس علي ايدي فرنسية والتي انسحبت منه؟!!

اذاً كل ما يحدث يشير الي نتيجة حتمية، اذا اضفنا له ما قاله في احدي مقابلاته بأنه منذ العام 1994 لم يوافق علي دستور اثيوبي الفدرالي الاثني لانه كان حريصاً علي عدم تفتت اثيوبيا.

وكذلك ما ذكره الجنرال مسفن حقوص في احدي مقابلاته والتي قال فيها ان اسياس طرح عليهم مشروع الفدرالية مع اثيوبيا.

فالسؤال هنا ليس انه سيفعل ام لا؟

فالسؤال الذي يتوجب علينا طرحه من الذي سيحدث ومن سيعيد البلاد ان اقدم علي تلك الخطوة فعلاً؟!! والمعروف أن البلاد لا تملك اي مؤسسات يمكنها ان تقف في وجهه قراره، وكذلك لا اظننا نمتلك قوات دفاع وجيش وطني مهني كمؤسسة متماسكة يمكن أن تقف في مواجهة جيوش الامحرا التي توجد داخل البلاد والتي بالتاكيد ستقف الي صفه؟!!

فيمكن البعض أن يقول لنا لا يمكن لقائد وطني مثله ان يقدم علي مثل هذه الخطوة ويخون الشهداء.

فنقول له حتي الانبياء كان الناس يطالبونهم بتقديم المعجزات حتي يصدقونهم،اما السياسي في البلدان المتقدمة فرصته مائة يوم ليثبت نجاحه وليست ثلاثة عقود ودون اي انجازً يذكر.

تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

للتواصل مع الكاتب:عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click