لماذا جبهة التحرير الإرترية - الحلقة الثالثة

بقلم المناضل الأستاذ: عثمان صالح - كاتب ومفكر سياسي

بعد هذه اللمحة العامة ندلف الى محاولة الاجابة على السؤال الخاص الذي يبرز بين حين وآخر:

(لماذا التمسك بجبهة التحرير الارترية)؟.

وهنا تبرز مجموعة من أسئلة ضرورية تعد الاجابة عليها مدخلا مهما للاجابة على سؤالنا الاساسي نختار منها سؤالين:-

• هل التوصيف الحقيقي ل(ج ت إ) انها تنظيم عسكري أم سياسي؟

• هل (ج ت إ) تنظيم مؤقت المهام والواجبات والمسئوليات؟

للاجابة على هذين السؤالين وغيرهما من الاسئلة المرتبطة بهما لابد من الاستعانة بالبرنامجين السياسي والتنظيمي للجبهة.

اما عن السؤال الاول وبالعودة الى دستورها الصادر في الاول من اغسطس 1960م فاننا سنجد اجابة واضحة تقول ان جبهة التحرير الارترية التي تأسست في يوليو 1960م هي (تنظيم سياسي) ابتداء، وان الكفاح المسلح تم اعتماده كخيار لم يكن منه بد ولغة لايفهم المستعمر سواها.

ومن اجل رسم ملمح اساسي عن تنظيم الجبهة في ذهن القارئ لابد من إعادة قراءة تعريف الجبهة لنفسها كما ورد في برنامجها التنظيمي:-

الباب الأول - الفصل الأول:

المادة [1]: الاسم والتعريف والشعار والعلم.

1. الاسم: جبهة التحرير الإرترية.

2. التعريف: تنظيم وطني ديمقراطي يناضل من أجل بناء وتطوير الوطن وحمايه حقوق المواطنين وإرساء قواعد الديمقراطية ويتبنى التعددية السياسية ونظام الحكم اللامركزي.

3. الشعار: حرية – عدالة – تنمية .

الحقيقة ان هذه المادة بفقراتها الثلاث هي المعتبرة اساسا لفهم حقيقة (ج ت إ) لانها تلخص لنا جوهر التنظيم (اسمه / تعريفه / شعاره). وبتناول الفقرة اعلاه الخاصة بالتعريف نستخلص اجابة اساسية عن السؤال (هل الجبهة تنظيم مؤقت؟).

اولا: لنبدأ بالفقرة الاولى التي حددت الاسم بمفرداته الثلاث وبما انه لا اختلاف حول كلمتي (جبهة / والارترية) نتعامل مع مفردة (التحرير) وفي تقديري هي مصطلح اكثر من كونها مفردة لغوية وعليه لابد ان نحدد مضمونها ونضعها في مواجهة المقابل المضاد. فالتحرير مصطلح معاكس تماما لوضعية الاستعمار وعلى هذا فان معطى التحرير ومظهره مرتبط ارتباطا وثيقا بمعطى الاستعمار ومظهره فإن كان للاستعمار مظهرا واحدا حتما سيكون عندنا للتحرير ايضا مظهرا واحدا.

فهل ياترى الاستعمار حالة ذات وجه واحد؟. ان مصطلح الاستعمار لا يعني الوجه العسكري فقط وانما يشمل أوجها متعددة ينبغي ان تزول جميعها لكي يمكننا القول ان الاستعمار قد زال؟ وبما انه لا اختلاف في تعدد مظاهر وأوجه الاستعمار فإذن لابد من تعدد المعارك ضده وبالتالي تعدد مهام (التحرير). فقد تهزم ارتال العسكر ولكن تبقى العديد من اوجه الاستعمار التي لا ترحل برحيل الدبابة ونظل بحاجة الى تصفيتها، فهناك استعمار اقتصادي وآخر ثقافي والخ..

هذا فيما يخص المظهر الاجنبي المباشر. اما على المستوى المحلي فقد تنعدم مضامين اساسية للتحرير رغم انتهاء المظهر العسكري للمستعمر وبالتالي ستظل مهمة النضال من اجل استكمال جميع مجالات الحرية التي حركت المجتمع والانفكاك من جميع القيود التي كبلته دافعا مهما لاستمرار (النضال) وعليه من الواضح ان التحرير بمعنى اندحار الوجه العسكري للاستعمار لا يولد الحرية بكل مضامينها اوتوماتيكيا وهو ما يعني بل ويتطلب استمرار النضال من اجل استكمال كل اوجه الحرية وبالتالي استمرار وسائل وأدوات النضال التي قاومت الوجود العسكري للاستعمار. وعلى هذه الخلاصة فان القول بانتهاء مهمة النضال من اجل التحرير بانجاز رحيل جيش الاحتلال قول يتجاهل متطلبات استكمال التحرير بمضامينه التي سبق ذكرها من ناحية ومن ناحية اخرى يتجاهل حاجة منجز التحرير نفسه للحماية الدائمة.

ثانيا: اكدت الفقرة ان الجبهة تنظيم (يناضل) وبالسؤال (هل لمهمة النضال أجل؟) يسهل القول ببساطة ان النضال مهمة مستمرة لانها مرتبطة بحاجات ومطالب ورغبات المواطن وهي اشياء تتجدد مع الزمن ومع كل جيل. وتضيف الفقرة مجموعة من البرامج الموضوعة في جدول العمل هي (بناء وتطوير الوطن / حماية حقوق المواطنين / إرساء قواعد الديمقراطية والتعددية السياسية والحكم اللامركزي) هل بإمكان أي شخص مهما توفرت له اسباب قراءة المستقبل ان يتنبأ بالزمن الذي يمكن ان تتحقق فيه هذه المهام وهل مجرد تحققها كاف لانهاء مهمة الأداة التي ساهمت في تحقيقها؟.

اذا جاز القول بامكانية الوصول الى مرحلة زمنية يتمكن فيها الشعب الارتري من ارساء قواعد الديمقراطية والتعددية ونظام حكم مقبول بينهم، لكن من غير المتصور ان احدا يمكنه التكهن بزمن تنتهي فيه مهمة بناء وتطوير الوطن وحماية حقوق المواطنين بحيث تنتفي الحاجة لبقاء واستمرار كيانات وأجهزة وادوات تسند الى نفسها هذه المهمات النبيلة.

ثالثا: على مستوى المرحلة الراهنة فان هناك مهام رسمتها الجبهة في برنامجها السياسي مطلوب ان تناضل من اجل تحقيقها:-

• اسقاط النظام.

المشاركة في نشر ثقافة واسس التعايش بين ابناء الشعب الارتري.

مقاومة سياسات النظام لزرع الكراهية وتهديد قواعد السلام في البلاد.

النضال من اجل اقامة دولة مؤسسات وحكم قانون.

مقاومة منهج التغيير الديمغرافي الذي ينفذه النظام.

اعادة اللاجئين واطلاق سراح المعتقلين والمغيبين.

ازالة كل مظاهر وآثار الظلم ومعاقبة المجرمين بحق شعبنا.

هذه وغيرها مهام راهنة رسمتها الجبهة لنضالها فهل في هذه المهام ما يمكن اعتباره غير مواكب ويتطلب تغيير الكيان الذي يناضل لتحقيقها؟.

نواصل بإذن الله... في الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click