الاقتتال في إثيوبيا وصلابة الهوية الإرترية

سماديت كوم Samadit.com

إعداد: المكتب التنفيذي لحزب النهضة الارتري للعدالة

ان الحروب الداخلية في اثيوبيا والتحولات الدراماتيكية فيها بدون ادني شك قد أفرزت بالمقابل في

الساحة الارترية تباينات قوية وتحديات نتيجة للمواقف التي تجلت حيال تلك الحرب وخاصة وان احد أطرافها كان الوياني الذي حكم اثيوبيا لثلاثة عقود تقريبا ولأسباب ظاهرة بادية واخرى خفية يعلمها الاطراف في اثيوبيا قد تلاشت قبضتهم وانزوت سيطرتهم واختفى وجودهم لتكون حصرا على الإقليم الذي ينتمون إليه عرقيا إقليم تجراي.

نحن الارتريين لا ندعي اننا الهمنا شعوب اثيوبيا الحماس الثوري ليتحركوا في مقارعة نظام الدرق الفاشي الذي اذاقهم الموت والجوع ولكن يمكننا القول اننا دعمنا تحركهم ووقفنا الى جانبهم بخبرتنا السياسية والقتالية حتى انتهاء الحرب بإسقاط نظام الدرق الفاشي ووصولهم إلى السلطة في اديس اببا، وفي نفس الوقت نؤكد بأنه كان لهم دور في تهالك نظام الدرق وسقوطه حيث تم إحكام الخناق من خلال توجيه الضربات من كل الاتجاهات والجبهات مما أدى إلى النهايات التي رأيناها ماثلة دخول الجيش الارتري للعاصمة اسمرة والوياني الى اديس اببا.

فالشعب الارتري الذي بثورته الأسطورية وبتضحياته الجسيمة انتزع الاعتراف لكيانه المستقل وبهويته السياسية الارترية من المجتمع الدولي وأصبحت ارتريا عضو ذات سيادة بالمجتمع الدولي وهذه الهوية بقيت بالرغم من التكالب والمؤامرات التي حيكت ضدها لأنها إرادة شعب تسكن وجدانه، وكانت العزيمة والإصرار والتحدي مع الزمن وقوى الاستكبار التي دأبت على حبك الدسائس والمؤامرات ليكون هذا الشعب جزء من الكيان الإثيوبي لأنه يتوافق مع سياساتهم التي تقوم على الهيمنة.

وان الشيء المستغرب لدى الارتريين هو ما كانت تقوم به الوياني ولا تزال من اعمال تستهدف الهوية القومية الارترية ووجود ارتريا كدولة وقد تثملت هذه الاعمال من تصريحات لقادتها على القنوات الفضائية حول ارتريا وشعبها يعبرون فيها على انهم اوصياء وان ارتريا لن تكون قادرة على البقاء دون سند وظهير متمثل في تجراي.

وتمثل أيضا في إحياء لمشروع "تجراي تجريني" والذي تقوم فكرته على تأسيس كيان جغرافي يضم في داخله ارتريا والتجراي باعتبار ان هذه المنطقة برمتها هي موطن للمتحدثين من التجرينية وديانتهم المسيحية في تطاول عجيب ومستغرب وصادم ومثل هذا المشروع تجيش له القنوات الإعلامية المملوكة للتجراي وكل هذا يتم مع وجود ارتريا كدولة ولها سفاراتها وشعب إرتري غني بتنوعه العرقي والثقافي مشهد حي قائم، لكن يتم تجاوزه وبكل استخفاف بالعقول، وهذا المشروع يجد الدعم المادي والمعنوي من قبل قيادة وياني وتتاح له المنابر الاعلامية.

وفي ذات السياق والذي هو طمس الهوية الارترية واضعاف الانتماء لها لدى المواطن الارتري لقد عملت قيادة الوياني بكل مكر ودهاء في اخضاع بعض من الناشئة من الجيل الارتري لما تبثه من أوهام تقوم على التشكيك في كل ما من شانه له علاقة بارتريا الوليدة كدولة وفي ثورة ارتريا المظفرة وفي تاريخ الشعب الارتري ووحدته وفي رموزه الوطنية التاريخية - لقد صدم الشارع الارتري عندما يسمع من ارتريين استقوا كل الأفهام المغلوطة من الوياني عندما يقولون ان الثورة الارترية فاشلة لأنها أوجدت دولة فاشلة ويطلقون على الثورة بأنها مجموعة من قطاع طرق "شفته".

وتارة أخرى نجد مثقفي التجراي ونخبهم وبتشجيع من قادة وياني يتحدثون عن عدم امكانية ان تعيش ارتريا كدولة وان هذه الهوية هي صنيعة استعمار وارتريا لا تتوفر لديها مقومات الحياة كدولة، وان ما عليه من تدني توفر ابسط متطلبات المعيشة من كهرباء وماء وطرق مواصلات وعزلة دولية هو دليل على ما يدعونه من فشل الدولة مقارنة بما تحقق في الجارة اثيوبيا من نهضة عمرانية واقتصادية.

وقد لعبوا على الجانب الاخر وهو معاداة النظام القائم في ارتريا وضرورة تغييره فقد فتحوا اراضيهم لتكون موضع قدم لنشاطات المعارضة الارترية التي تسعى لإسقاط النظام وإبداله بسلطة شعبية وحياة ديمقراطية ومن اللعبات التي كانت مفضوحة هي استقبال كل انشقاق بالمعارضة كشيء طبيعي حتى ولو كان لأتفه الأسباب بدلا من القيام بدور المساند للوحدة والعمل المشترك، وقد وقع العديد من الارتريين ضحية في هذه اللعبة متوهمين بان دعم الوياني لهم يعني انهم على خط صحيح، وحتى المظلات التي قامت هناك لم تنجح لانهم كانوا يلعبون في اتجاهين والقصد من وراء ذلك هو أن تقوم حكومة فاشلة في ارتريا وايضا معارضة غير قادرة على الانجاز في الخارج وبالتالي تتهيأ الفرصة السانحة للعب على وتر الارث التاريخي والترابط العرقي الذي يخدم مخططهم في ان تكون في المنطقة تجراي قوية قادرة على السيطرة باستغلال التعدد الاثني المتفكك لشعوب المنطقة.

والحروب دائما تولد حالات طارئة وظروف مستجدة وتبعا لذلك تتأثر الأفكار والخطط والبرامج وكما أن لكل وضع وحالة له جانب سلبي وايجابي فان من ايجابيات الحرب الداخلية والتي طرفاها الوياني في تجراي والحكومة الفيدرالية في أديس اببا كشف سوأة نظام الوياني على الملا ومن كان يلف حولهم من المخدوعين من ابناء ارتريا.

فتأكد للجميع بان من كانوا يظنون ويغشون انفسهم بان الحالة الارترية بهويتها ودولتها ستؤول اليهم ويستلموا ارضها وبحرها اصبحت وبالا عليهم وارضها ملتهبة ومياهها تغلي ضد أي معتدي وشعبها متمسك بهويته الوطنية لان هذه الهوية مصنوعة بدماء الارتريين ومحمية بجماجمهم وان صمت الارتريين لا يعني الاستسلام وان الحالة المعيشية السيئة لا يعني بيع الهوية وان اللجوء لبلد الجوار لا يعني نسيان الوطن وفصله عن الوجدان.

فالوياني الذي كان يلعب في الخفاء صار مكشوفا وان كل الالاعيب ارتدت عليهم وبالا مما يعني بان شعوب المنطقة يجب ان تحترم بعضها البعض لتعيش جميعا في سلام ويجب أن يكف الجميع عن اللعب بالأزمات الداخلية لأي قطر ولا يحاول المساس بالتاريخ واجتراره للحاضر وبدلا من ذلك لابد من التأكيد على حقوق الآخر ين والاعتراف بخصوصياتهم ولا يستقيم وبدواعي الحرية بان تحشر نفسك في ادق تفاصيل حياة الاخرين.

فالتلاحم الذي اظهره شعبنا وتمسكه بهويته الوطنية وبمقدرته على البقاء هو الذي كان السر وراء انتصار ثورته وهو نفسه ما سيمكنه من اعادة بناء دولته على اسس حديثة تعبر بكل وضوح عن شعبها الذي كل اسرة فيه قد مهرت هذه الدولة بشهيد أو شهيدة، وان ما شاهدناه من تدافع حشود الارتريين وخاصة الشباب لحضور المهرجانات التي أقامها نظام الهقدف في أوروبا وأمريكا كانت رسالة للتأكيد على هويتهم وحماية سيادتهم ولم يكن قبولا بالنظام أو تأييدا له فهم ضحايا النظام وبسببه اضطروا للهروب من جحيم الحياة التي خلقها، وان تغيير النظام هي مسالة وقت ولا محالة متحققة وهو شان إرتري داخلي ويعني الارتريين وحدهم والشعب الارتري يتطلع لبناء علاقات حسن الجوار مع كل جيرانه ويساهم معهم في بناء السلام والاستقرار المستدام بالمنطقة.

المكتب التنفيذي
للحزب النهضة الارتري للعدالة

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click