لابد من قول الحقيقة حتى إن لم تعجب البعض منا - الحلقة العاشرة

بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح

بجا حديد وكل يوم جديد، في البداية لابد لي أن أوضح أمر قد التبس على بعض الإخوة وهو إنني لم اقصد مما ذكرت

عن البجا والقوميات الأخرى التي قلت أنها لا تنتمي إليهم بالنسب من الناحية البيولوجية كما يقال بلغة أهل العلم، لقد قلت في الحلقة الماضية أن أمة البجا من الشرق حدودها مصوع ومن الغرب أسوان، وهي أمة كثيرة العدد ولها تاريخ قديم والذي يجمع هذه الأمة من الثوابت كثيرة منها الدين، والنسب، والأرض. ومعلوم بالضرورة أن الدين هو الأصل ومن يعتقد غير ذلك فلا خير فيه، نحن أبنا قبائل وعشائر وهذا أمر لا نخجل منه شريطة أن لا تكون القبلية المعول الذي يهدم الثوابت الدينية ويعلو عليها وفي تلك الحالة تكون القبلية الشر المستطير. قال تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه نحن كنا قوم أذلة فأعزنا الله بالسلام فان ابتغينا العزة بغيره أذلنا. وهذه المقدمة كانت ضرورية.

البجا في ارتريا والسودان حالهم لا يختلف فهم في حالة يرثى لها من الهوان والضعف لدرجة أنك لا تجد لهم أثر في الدولة ودواوينها إلا في الاحتفالات التراثية أو المناسبات العامة عبر التلفاز القومي من الرقص والأغاني والعروض قاني التراثية، وهذا أمر لا يسر صديق مشفق ولا يخيف عدو متربص حقود، وعندما أقول هذا إنني على قناعة بأن هوا الواقع المعاش وحقيقة تنطبق على حال في البجا ومادام الأمر معروف لدي على أن أذكره وأسلط الضوء عليه حتى تتم معالجته فمن الذي يعالجه؟ نحن كأمة البجا الشماليين والغربيين واقع علينا الضيم والحيف الذي لا يجهله إلا من لا يريد أن يرى ويسمع أن هذه الأمة العظيمة التي تمتد ديارها من مصوع الى حلايب غرباً لابد من أن تكون لها وقفة مع الذات والبحث عن المخرج الذي يضمن لها كرامتها وعزتها في ديارها، وهي قادرة على ذلك بعد ما تجري المراجعة الحقيقية فيما يجري لها من التهميش والتهجير كما يحدث في الشرق البجاوي في ارتريا، نعم البجا السودانيين أمرهم أخف قياساً بما يحدث في إرتريا ومع ذلك فبجا السودان لا حول الهم ولا قوة ولا حضور في المؤسسات الحكومية المركزية منها أو الإقليمية بما في ذلك أقاليمهم التي تدار من قبل الشماليين تماماً كما يحدث في ارتريا التي لا تجد فيها من المسئولين المحسوبين على البجا الغربيين والشماليين شيء يذكر ونسبة المسئولين في الدوائر الحكومية في ارتريا تجد فيها من الأكسوميين من بجا الجنوب نسبة 99٪ واللغة الرسمية هي التجرينية مقصين اللغة العربية التي هي اللغة الرسمية مع التجرينية، زد على ذلك الاستهتار بالقيم الدينية وما يتنافى مع الدين بل مع عادات البجا من تجنيد البنات عنوةً وتقنين زواج المسلمة من غير المسلم ومنع المسلمين في الجيش من أداء فرائض الصلاة والصيام حيث أن مثل هذه الأمور لم تحدث للإخوة من بجا السودان ولله الحمد، ولكن هذا لا يعني أن بجا السودان أحسن حالاً من إخوانهم في الشرق.

عمامة كبيرى وسلطان والخروج من غرفة التاريخ والنظر للمستقبل وترك امة الأساطير؟!!!

يعتقد الكاتب والراوي الأستاذ هنقلة أن امة البجا شيء من الأساطير الذي ليس له وجود في هذه الأيام كما فهمت ذلك منه! وهذا أمر غير متوقع منه كاتب وأديب يعرف ما لا يعرفه غيره وأياً كان الأمر فمن يعتقد أن امة البجا شيء من الماضي الذي لا يستحق الذكر يكون قد وقع في خطاً فاضح، نعم قد تكون أمة البجا تمر بحالة ضعف لا تخطئها العين وغير منظمة وليس لها من يقودها من أبنائها الذين لم يحالفهم الحظ ولم يكونوا جديرين بالمسئولية وهذا الخطأ مشترك بين الجانبين الشرقي والغربي وخطاءً قاتلاً!. فعلى سبيل المثال أن البجا السودانيين يحصرون أنفسهم في السودنة والمواطنة ويعيروا إخوانهم من البجا الشرقيين بالنقيصة ويعتبرونه أجنبي وغريب ونعته بنعوت مثل أنت حبشي والقائمة طويلة كما نعلم من الشتائم المقذعة والمقززة هذه الشعوب المتخلفة لم يشغلها إلا هذه التافهات والتهرب من الأصل والمتاجرة في الجنسية والتجنيس والحق يقال أن أكثر المشاكل التي كانت سبب من أسباب التخلف الذي تعانيه هذه الأمة البجاوية تتلخص في أمرين أساسيين في حسب تقديري الشخصي:-

الأول: عقدة البجا السودانيين من طول لسان الشماليين الذي يطاردهم ووصمهم بأنهم أجانب وليسوا سودانيين! وبدلاً من الدفاع عن أنفسهم وهم أصحاب الحق في المواطنة بدون منازع تراهم يفضلون الهروب إلى الأمام ويبحثون عن بدائل غير مجدية منها التنكر للغات البجا (البداويت والبلويت) والتهرب منها حيث يقول البعض منهم أنه سوداني ولا يعرف لغة أمه ويوصد باب بيته في وجه الذين يأتون من الجانب الشرقي وهذه الأمور معروفة. والأمر الثاني إن هذه الفئة من متنكري البجا السودانيين يقطعون علاقتهم بإخوانهم من بجا الشرق وينعتونهم بالحبشي، أمام الشمالي مما يؤدي الى رد الفعل الذي قد يسيء إلى الطرفين مثل قول المشتوم من البجا الشرقيين وأنت منذ متى أصبحت سوداني والشمالي أو الغرباوي القادم من إنجمينا يضحك والشمالي الغريب في الديار الذي جاء يحمل قفة البلح من أبو حمد وبربر يضحك عليهم يا فرحة أمتكم!على فكرة الكثير المتورطين في مثل هذه السخافات هم التقري من البني عامر والحباب وبشكل أخف قليلا من الهدندوة.

العم حامد كفو رحمه الله كان رجل مواقف...

لقد جمعتني به مناسبات في عام 1987م في عهد حكومة الأحزاب التي كان يترأسها السيد صادق المهدي وكانت المناسبة أن الرجل جاء إلينا في الإقليم الأوسط وتحديداً في مدينة الحصاحيصا وكنا شباب صغار نتناول الكثير من الأمور ومنها عدم معرفتنا بحقوق المواطنة التي تكتسب لمجرد طول اللسان في السودان لا أقل ولا أكثر ومن الطريف أن العم الشيخ حامد أول شيء يسألك عنه هو اسمك ثم ينتقل إلى الأمور الأخرى كالقبيلة والمديرية وأنا من طبعي لا أحسن التقية في بعد المرات وبالذات عندما يكون الأمر أمام البجا السودانيين ومن هذا المنطلق عندما سألني عمي حامد رحمه الله قائلاً:

وأنت يا ولدي من فين؟ فقلت له ودون تردد أنا من المنسع فقال لي: أنك من هيقت؟ فقلت له نعم فأردف قائلاً ومن أي الهيقت من بيت أبرهى أم من بيت شحقن؟ والشباب يستمعون إلينا ولا أحد ينطق بكلمة وبعد هذه الأسئلة بدأ يسأل عن الأمر الذي حدث والذي كان السبب في مجيئه إلينا، و كان وقع لنا أمر خطير لم نكن نستطيع حله دون الرجوع للكبار من أمثال العم الشيخ حامد كفو رحمه الله الذي أتى إلينا دون أن نطلب منه ذلك ولا أدري حتى اللحظة كيف علم بذلك ومن الذي أخبره وهو الذي كان عضوا في البرلمان السوداني عن دائرة شرق كسلا إن لم تخني الذاكرة، والحدث الذي جاءنا من أجله هو أن أحد الإخوة من الشباب الذين لم تكن بيني وبينه معرفة شخصية قتل فرد من رجال المباحث في المدينة طعناً بالسكين وموقوف في مركز شرطة الحصاحيصا وكان المقتول اسمه ود بخيت من الدويم أو الدمازين على ما أذكر وأنا في الحقيقة لم أكن أعرف عن ذلك الأخ وحتى الإخوة الآخرين في الحصاحيصا أو رفاعة، وكنا نعمل في الأعمال الحرة فكان من يعمل في الفرن ومنا من يعمل في بقالة أو شريك فيها المهم كانت الأمور عندنا على ما يرام وكنا نجتمع في كل مناسبة كالمأتم لمن يتوفه والده أو والدته أو عم من أعمامه أتى من ارتريا للبحث عن ابنه فلان الذي يريد أن يزوجه برضاه أو غصباً عنه، وكان عندنا بيت كنا نسميه قصر الضيافة أو استراحة ومن الطرائف أن ذلك البيت كان مؤجر من قبل القدامى الذين عاشوا فيه في الفترة ما قبل استقلال السودان، وكانت غالبيتهم من أفراد الجيش السوداني (جياشة) ما قبل الاستقلال، على كل وقبل ما أسرح في متاهات الماضي الذي تفصلني عنه سنين أعود إلى الأمر الذي أتى من اجله العم كفو، وكان سؤاله المباشر ما الذي حدث ومن هذا الولد ومن منكم يقرب له وكانت الإجابة صمت القبور لا أحد ينبس ببنت شفا وكنا على ما أذكر أكثر من 40 شخص وبعد الحادث لم نذهب إلى مركز البوليس للاستفسار عن المتهم، وهو ما أغضب العم حامد، والحادث وقع في الساعة 6 أو7 صباحاً والسبب أن الأخ القاتل أتى بثور له ليبيعه في (الزريبة) والمقتول استفز القاتل كما قيل قائلاً: من أين أنت وهل هذا الثور لك وربما سرقته؟ ما لم تأتي بما يثبت ملكيتك له إلخ...!! واحتدم الأمر بينهم واقتاده إلى مركز الشرطة لكي يضعه في السجن، وعندما وصلا إلى المركز قال للعسكري خذ هذا الكرني أو هذا الخاساوي الحبشي إلى الحراسة وهنا حدث ما لم يتوقه ود بخيت الذي أطلق العنان للسانه حيث كان سبباً في إنهاء حياته، وصدق من قال: ومن الناس من يرقد في المقابر لجريرة لسانه وسوء تقديره للأمور، ومنذ الساعة الأولى انتشر الخبر في المدينة وأضحى حديث الناس، وأنا وأحد الإخوة كنا في ود مدني ووصلتنا الأخبار وأذكر أنه كان مع الأخ آدم حسين سرح وهو أخ كريم ورجل شهم وكان يعاملني كما لو كنت من أبناء جيله، والحق يقال أنني كنت من الاندفاعيين في كل شيء لدرجة الغباء لا أبالي بشيء ولا أتردد في ما أود قوله أو أطلبه ومن هذا المنطلق قلت للأخ آدم لنرجع إلى الحصاحيصا الآن لنرى ما الأمر الذي حدث؟ والأخ آدم كان رجل رزين وحريص قد عركته التجارب لا يتخذ الأمور بالعجلة وكان يردد دائماً العجلة من الشطان، وردى علي قائلاً الآن رجال أجهزة الأمن والبوليس في حالة غضب شديد وأي واحد يأتي إليهم سيعتقدون أنه غريمهم ونحن لا نعرف من أين الفاعل ولا نعرف دوافعه وبعدين أصبر ونحن يعني أنا وأنت هناك من يكبرنا سناً من أمثال الأخ محمد علي شيدلي وإدريس فوجاج وهم أقدم منا في المنطقة وأكثر دراية ببواطن الأمور وقال لي أصبر وسوف لن نعود إلا بعد الصلاة العصر. وكان أول من زار مركز الشرطة في المساء قبل صلاة المغرب أنا والأخ آدم حسين.

فعندما رجعنا إلى الحصاحيصا لم نجد في السوق احد سوى الأخ طه أو محمد طه الذي كانت له طبلية ملابس في السوق وعندما سألناه عن الحادث أخبرنا وقائعه كما ذكرت في الأسطر السابقة ثم سألناه عن المقتول فقال لنا تم نقله إلى المشرحة حتى يأتوا أهله من الدمازين وبسؤالنا له عن القاتل ومن أين هو وأين هو الآن؟ قال انه يقبع في مركز بملابسه الملوثة بالدماء لا يحرك ساكن وقد يكون مات!وعند ذلك قلت للأخ طه هل ذهبت إليه قال لي لا فقلت من أخبرك ما قلت ؟قال أخبرني الجعلي وهو شرطي نعرفه وكان عربي أصيل طويل القامة له شوارب توحي أنه من البادية وكان يتعاون معنا في كل شيء يحدث للإخوة من الشرق وكان يقول لنا الأشراف أنتم الخير والبركة.

بعد هذا الحديث مع الأخ طه نظرت إلى أخي وأستاذي ود حسين وقلت له نذهب إليه لنرى هل هو موجود أم غير موجود؟ فقال ماذا سنقول لهم هناك ؟ قلت نستفسر عما جرى ونحن لم نكن موجودين بل وجئنا الآن من ود مدني ولا نعرف من الشخص الذي قتل ود بخيت ونسمع منهم الرد. فقال كعادته خير إن شاء الله وذهبنا إلى المركز مباشرة. وفور وصولنا وجدنا المسؤول جنوبي فسألنا عن القاتل الذي قتل ود بخيت وأين هو الآن؟ فقال (الزول اللي انتم دايرينو قتل حكومة تعرفوا يعني إيه قتل حكومة) فقال له الأخ آدم حسين نعم نعرف ذلك وإلى حين البت في أمره لابد من السؤال عنه، فقال المستر جون طبعا لازم تشوفه لكن ما في كلام ومن فتحة صغير على الباب يعني من الخارج كويس كدة؟ قلت له نعم كويس كدة، وذهبنا مع المأمور السيد جون وكان المنظر مؤسف ومحزن جداً كان الأخ ملفوف على نفسه بطريقة غريبة كما لو كان كومة من القماش وملطخ بالدماء التي نشفت في جسمه وبعد المعاينة رجعنا إلى المأمور وقلنا له يا سيد جون الحكومة لابد أن تعالج القاتل حتى لا يموت هو أيضاً فقال هذا كلام يقوم به النائب العام، ومتى يعمل النائب العام إن شاء الله فقال بعدما يأمر بدفن المقتول (ممكن بكرة أو بعد بكرة).

وبالعودة إلى مجيء العم كفو الذي كان من أجل حل هذه القضية وأعتقد هو الذي تكفل أو أرشد إلى المحامي القدير إبراهيم عابدين الذي قال لنا أنه سوف يخرجه براءة وكان محامي مستور الحال كما توحي بذلك حقيبت التي كان يأتي بها إلى المحكمة وكانا نقابله في السوق نحن مسرورين من موقفه من القضية وجهده الملموس، والعم حامد كان يتابع القضية بشكل متواصل وكان الحكم السجن لبضع سنين لا أذكرها على وجه الدقة، وفي الزيارة التي جاءنا فيها العم حامد كان يتحدث معنا بالتقري وهذا ما لم أعرفه عن بجا السودان في تلكم الأيام العجيبة وقال لنا العم كفو أن أكثركم كما أعتقد لا يعرف التاريخ وجاهل بيه! وقال لنا: أن البني عامر والحباب كانت لهم 9 مماليك تمتد من مصوع إلى الفاو (شرق ود مدني) وينبغي أن ترطنوا في عين أي واحد وقولوا لهم نحن لم نأتي من الغرب ولا من الشمال نحن من هذه الأرض والذي لا يعجبه هذا الكلام فليضرب برأسه الجدار، وراي أن كلامه رحمه الله كان فيه شيء من الاندفاع الغير مسيس إلا أن توجيهاته تلك كانت بمثابة الوقود الذي أعطانا القوة والاندفاع والجرأة التي لم تكون ملحوظة في حياتنا اليومية قبلها، فالو نجد مثل هذه الشخصية في كل مكان يتواجد فيه العمراوي الحبباوي الذي لا يتنكر لأصله ولا يستعر من أهله لكان حال البجا أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ولما كان في حالة من التردي وهدم الحقوق كما هو حاصل، ولقد ذكر لنا في تلك الأيام عن الذين يتنكرون لأصلهم وهم من كبار المسئولين في الحكومة ولا يستطيعون أن يقابلوا أحد ممن يتحدثون بلغات البجا المعروفة، وكيف أن أحدهم الذي كان يشغل وظيفة وكيل وزارة الحكومة وقد ذكر لنا العم حامد الله يرحمه اسمه حتى الآن لا يقابل أحد من الناطقين بالتقرى لماذا؟ حتى لا يقال عنه...

شخصية العم حامد كفو الله يرحمه الذي قال لي على طرف المجلس هل الأخ عبد الله من عندكم من (قلب) فقلت له لا أعرفه فقال لي أنت صغير لا تعرف أنه أخي ومتعلم تخرج من المملكة العربية السعودية لكنه بارزني في الانتخابات وتحداني وهذا الأمر لم يكن لصالحي ولا لصالحه وقد كانت هذه المنافسة بينهم في ريفي كسلا على ما قيل لي فيما بعد ومع هذا التفكير الذي ينم عن شيء من قلة فهم الأمور بينهم يفضل العم حامد رجل من رجال المواقف الذي لم نجد من يحل ما كان يقوم به فله الشكر والتقدير وأسأل الله له الرحمة والمغفرة وان يبارك في نسليه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

قبل أن أغادر العم كفو لاحظت من خلال كلامه أنه لم يذكر كلمة البجا! فهل أنني لم أتنبه له؟ ولكنه لم يقل إلا البني عامر والحباب ولا أدري هل المصطلح كان قد اندثر ثم ظهر في هذه الأيام من جديد؟ مع انه اسم قديم من أيام مكنون ابن عبد العزيز.

أعود وأقول أن عمامة الشهيد عبد القادر كبيرى و المرحوم إبراهيم سلطان لا قيمة لها دون عمامة كنتيباي حامد وعمامة دقلل العامري.

إنها امة بعضها من بعض وتعاني الظلم والحيف وعليها أن تتعلم كيف تأسس للعمل الجماعي الذي يحفظ لها كرامتها وحقوقها، وهي امة تجتمع فيها عوامل مشتركة كثيرة لا يجهلها إلا جاهل جهول أو متجاهل خبيث ماكر يريد أن يسلبها حقوقها ويتركها مبعثرة مشتتة لا قيادة لها ولا ريادة وهذا ما نحاربه بكل الوسائل المتاحة وهذا لا يعني الركون للقبلية بمفهومها الجاهلي المقيت الذي لا خير فيه وأن لا يتعدى مفهوم القبلية التعاون على البري والتقوى كما قال الله سبحانه وتعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) الآية. وإلا سوف تستمر المعاناة التي نعاني الآن.

الشرط الذي يجب توفره في الأمة البجاوية الآن هو تأسيس لجنة للنخب من:-

1. المتخصصين في علم الاجتماع.

2. القانونين.

3. المؤرخين.

4. الصحفيين.

5. السياسيين.

6. الوجهاء والأعيان.

وتكون مهمة هذه اللجنة دراسة الأمور التي تخص أمة البجا كلها من السودان وارتريا وكيفية معالجة الأمور التي تعاني منها في كلا البلدين وإذا ما شكلت هذه اللجنة وأتفق عليها من الممكن أن نستضيفها في أوربا بعيداً عن أجواء الحرارة والقيل والقال فربما في البلاد الباردة يكون التفكير أفضل من البلاد التي ترتفع فيها الحرارة الى 40 درجة وأكثر حيث أن ارتفاع حرارة الجو يتسبب في اختلال التفكير بسبب قرب تلك المناطق من المتسببين في تشتت الأمة البجاوية في البلدين.

وأرى أن يكون عدد أعضاء اللجنة حدود 60 كحد أدنى و600 كحد أقصى، لأن أمة البجا عددها كبير باعتبارها حاضرة في دولتي إرتريا والسودان وبالتالي فإن عدد أعضاء اللجان يجب أن يكون يتناسب والثقل السكاني الكبير في البلدين.

أليس من حق هذه الأمة البجاوية أن تبحث المخرج الذي يضمن لها الاستقرار والأمن والأمان مما هي عليه من التخلف السياسي والإداري والاجتماعي وهي اليوم مؤهلة أكثر من أي وقت مضى، أمة البجا اليوم فيها من الرجال الأوفياء والأكفاء في كل المجلات وأعداد غفيرة من المتخصصين وهم يعدون بالآلاف وبتالي فليس لنا اليوم أي حجج أو أعذار أو مبررات بالجهل وعدم المعرفة كما كان الأمر في الماضي الغابر من التاريخ والذي تفضل د. إدريس إبراهيم جميل بذكره في كتابه الحباب ملوك البحر وأهل السيادة وهو كتاب جميل على اسم كاتبه أنصح كل مثقف يريد البحث عن الحلول لقضايا البجا بقراءته ويستفيد من الماضي الذي ذكر فيه من الحقائق التاريخية التي قد لا تعجب البعض منا ولكنها تاريخنا كما هو وليس للقارئ إلا الاستفادة منه دون أن ينصب نفسه قاضيا فيما جرى بين الآباء والأجداد من أمور لا نتفق معها ولا يتعدى الأمر أكثر من أننا لا نقر ما كان فيها من أشياء سلبية تتنافى مع قيم الدين والمنطق.

في ختام هذه الحلقة أود أن أقول شيء، إن المم لا تقوم لها قائمة إلا بالعمل الجماعي، والعمل الجماعي لا تقوم له قائمة إلا بالاخلاص والجدية، ومن يقوم بهذا كله هي الفئات المثقفة التي بها تقوم الأمة أو تزول وقد تكون الأفكار بسيطة وغير مرتبة ولكنها تكون مهمة ومثمرة إن وجدت من يعمل بها بالصدق والمصداقية والأمانة.

ومن يقرأ التاريخ يجد فيه العبر فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية بعد تلك الحروب الأهلية المريرة التي أعقبت كتابة الوثيقة أي الدستور الأمريكي الذي يعتبر من أروع الدساتير في العالم من قبل52 إنسان أمريكي فقط ومن الممكن أن ينجح غيرهم ، بما فيهم نحن.

وإلى الحلقة القادمة إن شاء وتحياتي...

Top
X

Right Click

No Right Click