الإمارات والمملكة العربية السعودية في إثيوبيا وموضوع صورة العرب هناك

بقلم الأستاذ: محمد إدريس - كاتب إرتري

منذ تولي ابي احمد السلطة في إثيوبيا شهدنا طفرة في العلاقات بين إثيوبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة

الإمارات والسعودية في إثيوبيا

والمملكة العربية السعودية.

حينما أعلن رئيس وزراء إثيوبيا بقبوله على اتفاقية السلام مع إرتريا التي مكنته ان ينال جائزة نوبل للسلام من النرويج لم تكتف الدولتان بمنحه وسامهما فقط بل إنما قدمت له الدعم المالي والديبلوماسي والعسكري التي ساعدته في تعزيز قوته داخل إثيوبيا.

صحيحا بأن تلك العلاقات انخفضت بعد مجيء إدارة أمريكية جديدة بقيادة الرئيس جو بايدن إلا إنها كانت محمومة في فترة الإدارة السابقة بقيادة دولاند ترامب لدرجة افادت الأخبار بتورط الإمارات في حرب تجراي الجارية وهذا باستخدامها طائرة الدرون ضد مقاتلي تجراي.

فالدولتان قدمتا إلى ابي احمد دعم مادي وديبلوماسي وهو دعم عربي لم تشهده إثيوبيا في علاقاتها مع العرب منذ أواخر السبعينات في القرن الماضي حينما أرسلت جنوب يمن قوات عسكرية إلى إرتيريا لتدعم قوات منجستو هيلي مارايم في حربها ضد ثوار إرتيريين وحينما قدم العقيد معمر القذافي دعمه المالي والعسكري إلى منجستو.

فعلاقات إثيوبيا مع الدولتين العربيتان على مستوى الحكومات جيدة. تطرح هذه المقالة إذا كانت هذه العلاقات الجيد لها تأثير على مستوى الشعوب. بمعنى كيف هي صورة العرب في إثيوبيا؟ المتابع لوسائل الاجتماعية التي يتلقى فيها العديد من الجمهور بأخبار والمعلومات سيجد بأن صورة العرب مازالت كما كانت عليه منذ العصور وهي صورة سيئة وعدائية.

كما ذكرنا تستقبل إثيوبيا العديد من المساعدات المالية والمادية من الإمارات العرب المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وتعلن الحكومة الإثيوبية في وسائل إعلامها بفخر عن تلك المساعدات وكل رسائلها تشير امتنانها لتلك الدولتين العربيتين. وكان اخر الامتنان والشكر قدمه أبي احمد إلى الإمارات العربية المتحدة يتعلق بتكنلوجيا مطر صناعي قدمته الأخيرة إلى إثيوبيا.

ولا ننسى خبر عن تقديم الإمارات مساعدة عسكرية إلى إثيوبيا في حربها ضد الجبهة الشعبية لتحرير تجراي (الوياني) نوفمبر ٢٠٢٠ حيث تقول الأخبار بأن أسلحة الدرون التي كانت تملكها الإمارات في ميناء عصب الذي غادرته بعد مجيء إدارة جو بايدن استخدم في تلك الحرب.

ومع هذه المساعدات المالية والديبلوماسية بما فيها بخبر تورط الإمارات بأسلحة نجد معظم قنوات وسائل اجتماعية إثيوبيا وقادة الرأي التي تستضيفهم بما فيهم المعارضين لوياني يتحدثون سلبيا عن العرب.

من ضمن تلك الشخصيات التي تمثل قادة الرأي في إثيوبيا نجد العقيد داويت ولدجرجس الذي كان حاكم إرتريا السابق اثناء حكم منجستو والذي فر إلى الغرب تاركا مسؤوليته في قيادة لجنة المساعدات الإنسانية آنذاك. يظهر العقيد في يو تيوب مرار وتكرار وقد جعل إسلموفوبيا وخاصة ما يصفه بتوجه الوهابي السعودي رسالته الأساسية في معظم حواراته وكأن السعودية وليس الوياني او الأورومو هي الشيطان الأكبر لإثيوبيا. ولا يشكر بل لا يذكر عن العلاقات المحمومة بين إثيوبيا والدولتان العربيتان التان يقدمان مبالغ مالية سخية لأثيوبية الفقيرة. فالنظرية عنده هي ان تتحد جميع القوميات لأن العدو ليس فيما بينها ولكن الوهابية القادمة من السعودية. ولا نرى من حكومة ابي الشجب بل إنما رسائل نقيضة لتلك التي يطلقها العقيد وكأن الأمر لا يهم في علاقاتها مع الدولتين. يبدو بأن أبي احمد يريد المال فحسب من تلك الدولتين ولا يقوم باي عمل إعلامي لتصحيح اراء مثل اراء العقيد. وأكثر من ذلك قد يكون أبي مدركا بأنه لا يستطيع محو تلك الصور السيئة للعرب من ذهن الأثيوبيين لأنها صور تراكمت مع الأزمنة واستخدمت من قبل حكومات إثيوبيا سابقة كاستهلاك محلي لمقاومة خطر داخلي الذي هو فيه ابي احمد في هذه الأيام.

اما اللواء كاسا شمدا الذي كان قائد عسكري اثناء حكم منجستو ايضا وهو الآن من شخصيات بارزة تظهر مرار في الوسائل الاجتماعي (يو تيوب) له نفس التصور ضد العرب. بل إنما هذا الشخص الذي دائما يتباهى بأنه رجل الدين والأخلاق ذهب بعيد واستخدم كلمة عنصرية ضد جوار محمد وهو معارض مشهور من قبيلة اورومو حيث شجبه قائلا "حتى هذ الغيط العربي" لأن والدة جوار محمد تنتمي إلى اسرة عربية! وكأنه يريد ان يقول حتى أبناء الذين نستحقرهم أصبحوا معارضين لحكومتنا!

من الناحية الأخرى نجد شخصيات بارزة في السلطة والإعلام التابعة لجبهة تحرير شعب تجراي (الوياني) تستخدم "العرب" كإحدى جهات عدائية ضدها في الحرب الدائر هناك. وتقول تلك الشخصيات بأن " العرب " قاموا بالغزو في تجراي ولا تقول بأن الإمارات بعينها فعلت ذلك اي انها تقوم بتعميم. فإذا كان العرب قاموا بذلك كما تدعيه الجبهة اليس السودان دولة عربية فتحت أبوابها للاجئين التجراويين واتاحت لهم بأن يتلقوا مساعدات من السودان والمنظمات العالمية لتقدم لهم كل العون وسمحت للمؤسسات إعلامية عالمية بمقابلتهم بحيث قدموا معلومات عن الفظائع الذي حدثت في تجراي. لماذا تستخدم "السودان" الوياني بدلا من "العرب" في حديثها عن الجانب الإيجابي وتستخدم "العرب" بدلا من الإمارات في الجانب السلبي.

رسالة هذه المقال ليس موجهة للإثيوبيين بما فيهم التجراويين ولكنها لدولتان العربيتان: الإمارات والسعودية اللتان يجدان خسارة كبيرة في علاقتهما مع حكومة أبي الا وهي صورتهما وصورة العرب السيئة في إثيوبيا. إن الحكومات تأتي وتذهب ولكن الشعوب تبقى. فإذا أصبحت صورة العرب في ذاكرة الشعب الإثيوبي سيئة فما فائدة بتلك العلاقات. قد تكون تلك الدولتان مدفوعتان بإقامة تلك العلاقة مع الحكومة الإثيوبية من قبل إدارة ترامب السابقة إلا أنه حان الوقت لتلك الدولتان مراجعة علاقتهما مع ابي احمد الذي لا يهتم بموضوع تصحيح صورة العرب لدى الإثيوبيين حيث لا نرى أي شجب من قبل حكومته لتلك التصاريح العنصرية التي تنطقها شخصيات إثيوبيا بارزة في الوسائل الاجتماعية عديدة. لماذا نجد العرب وخاصة الدولتان في موقف "خيرا تعمل شر تلقى".

ماذا إهدار هذا المال الكثير على حكومة لا تقوم بواجبها بتصحيح الصورة الحقيقية للعرب عامة والدولتان خاصة لأن العرب ليس لهم أي عداء على إثيوبيا ولا لشعبها؟ الم يكون من الأفضل قيام تلك الدولتان بلعبة سياسة حكيمة مع إثيوبيا ومشكلاتها ويطلعا كما يقول اخواننا المصرين شعرة من عجينة كما تفعل إسرائيل؟

Top
X

Right Click

No Right Click