مآلات الهجرة... الغير شرعية... وعوائدها المادية

بقلم المناضل الأستاذ: محمد إدريس جاوج - ديبلوماسي أرتري سابق في الإتحاد الإفريقي

ندعوا ونطالب حكومة السودان الممثلة في معتمدية اللاجئين COR الالتزام الفعلي بالمعاهدات والمواثيق والإتفاقيات الأممية الموقعة

عليها تحت العديد من البنود المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وحق اللاجئين المتواجدين في السودان بشكل عام وفي معسكرات اللجوء بشرق السودان، ونخص هنا عناية المعتمد القائم على شأن هولاء اللاجئين ومن ينوبه عليهم في جميع المعسكرات، ولا يعفي هذا النداء بعض أفراد السلطة النافذين داخل وزارة الداخلية السودانية لعلاقتهم الدائمة بهذا الملف.

حادثة غرق 1

كما نحث المندوب السامي للأمم المتحدة في منظمة UNHCR وملحقاتهه من المنظمات الفرعية الناشطة في العمل الإنساني والمكلفة بمتابعة ومراقبة شؤون اللاجئين ندعوها إلى ترشيد العمل الإنساني، وتقديم العون وتوفير الحماية اللازمة لهم في السودان وفق ما تنص عليه معاهدة جنيفة لحقوق الإنسان.

وإنطلاقاً من مبدا المسؤولية التأريخية والأخلاقية كجيل صاعد ينتمي إلى الشعب ألارتري يجب علينا الوقوف إلى جانبه في وقت المحن والظرف العصيبة ألذي يمر بها من أجل الحفاظ على كرامته الإنسانية.

إذا نظرنا اليوم إلى واقع حال هذا الشعب نجده قد أصبح سلعة متداولة ورائجة تعج بها أسواق تجارة البشر وهي جريمة عالمية تمارسها عناصر مجردة من كل القيم الإنسانية ويمكن أن نطلق على هؤلاء بأنهم مافيا من نوع آخر لأنهم يتمتعون بحماية قوية من قبل السلطات العليا في العديد من الدول ألتي تنشط فيها هذه الخلايا وإن الأنظمة الحاكمة في أرتريا والسودان لا تعتبر حالة إستثنائية تنطبق عليها نفس المعايير، وعلينا أن نعيب أنفسنا لأن السواد الأعظم منا اليوم نجده يقف في خانة المتفرج وشعبنا يفتقد من ينصره.

إن محاربة جريمة الإتجار بالبشر تعتبر مسألة إنسانية قبل أن تكون مهمة إدارية مرتبطة بقوانين الهجرة والمعايير السيادية للعديد من الدول، وبما أنها ظاهرة خطيرة تتعارض مع الأعراف والقيم الإنسانية يعتبر التعاطف والتعاون والتقاضي عنها هي مشاركة غير مباشرة فيها وعلينا تدارك الموقف بسرعة متناهية والعمل على إطباق الحصار عليها بكل الوسائل المتاحة.

وبما أنها جريمة منظمة لا يمكن حصرها في أرتريا والسودان ومنطقة شرق أفريقيا فقط فإن انتشارها أمتد إلى ماهو أبعد متجاوزا إفريقيا إلى ماوراء البحار ولقد بلغ تأثيرها إلى عمق القارة الأوروبية العجوز.

مع العلم لقد قامت الدول ألتي تعتبر مصدرة للهجرة الغير شرعية ودول العبور والدول المستقبلة والمضررة من الوافدين الغير شرعيين والمنظمات المرتبطة بالعمل الإنساني UNHCR ومنظمة الهجرة الدولية IOM بعقد العديد من الورش والسمينارات وقمم على المستويات مثل الأجتماع ألذي عقد في عام 2014 في العاصمة السودانية الخرطوم للحد من أمواج الهجرة المتكررة كان عائدها على حكومة أسمرا والخرطوم يقدر بملايين الدولارات كمساعدات من دول الأتحاد الأوروبي، وفي واقع الحال هذا الدعم لم يوظف في تنمية القدرات البشرية وتحسين وإصلاح وتيرة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما يدعي النظام واصبحت النتيجة على أرض الواقع صفر ولكن مشروع الإبتزاز بالهجرة الغير شرعية للاتحاد الأوروبي قائم بأسم هؤلاء الضحايا من قبل نظام أسمرآ.

ومن المؤسف جداً إن وقود هذه التجارة وبضاعتها الرائجة هم شبابنا ألتي ضاقت بهم أوطانهم وإختاروا الشروع في هجرة غير شرعية وفضلوا ركوب الأهوال ونجدهم أليوم يتصدرون عناوين الصحف والأفلام في أكثر رواية تعج بهم المكتبات العالمية وهم نسخة ملونة للعديد من القصص المثيرة والمرعبة أبطالها هم شبابنا وأطفالنا الصغار مادون السن القانوني، وهناك أبطال رضع ولدوا في قلب المآساة الإنسانية إن هؤلاء الضخايا هم جيل المستقبل لقد فقدوا معنى الحياة في أوطانهم وخرجوا من أجل الحصول على الحماية القانونية ألتي فقدت ولقد تبخرت أحلامهم واتجهوا نحو المجهول ونجدهم أليوم يصارعون ويلات الزمن التعيس ولقد نقشت اسمائهم في قائمة المجهول وتبا الازدواجية المعايير في العمل الإنساني ألتي ذهبت بحقوق هؤلاء الضحايا وتبا للعصابة الحاكمة ألتي شردتهم من أرتريا.

إن هذا الواقع يعول علينا حماية شعبنا من هذه الآفة ألتي تتعارض مع جميع الأعراف والقيم النبيلة ألتي كرمت الإنسان على هذا الأرض، ولقد استنزفت شعبنا ملايين الدولارات وفقدنا العديد من الإخوة والأحبة والأقارب والجيران كانوا ضحايا هذه الكوارث إنهم ماتوا من أجل الحياة، فمنهم من إبتلعه البحر الأبيض المتوسط بأمواجه الماردة ومنهم من دفن في رمال وفيافي سيناء ومنهم من خرجت أنفاسه عطشا فاقدا جرعة ماء ودفنته الرمال الراحلة في صحراء الكفرة والسرير ومنهم من قتل من أجل فدية مالية لم تستطيع أن تفي بها أسرته الفقيرة ألذي ركب الأهوال من أجل تغيير ظروفها المعيشية، ومنهم من أبتيعت أعضائه الداخلية كقطع غيار في تجارة رائجة تقدر بملايين الدولارات ليسعد بها آخرون، ومنهم من فقد عقله تائها بلا عنوان، ومنهم من وقع أسيرا في أيدي الإرهاب الأحمر وذبح كالشاة على شواطئ البحر في ليبيا، لا حياة لمن تنادى وأصبحت المعاناة أقرب إلى قصة آذان للصلاة في جزيرة مالطا.
كذلك هناك عدد هائل من الفتيات الأرتريات لقد وقعن ضحية للعنف الجنسي والاغتصاب بالقوة المحرم دوليا وطعنت فيهن معنى الكرامة والشرف وتبدد مكارم الأخلاق وتبخر الأمل في الحياة.

أخوتي إن ماذكر هنا هو فيض من غيض وما خفى أعظم وإن الغرض منه هو إسعاف الذاكرة وتفعيلها وتحريك ماهو ساكن، وبما أننا نعيش هذه الأحداث المحزنة الموروثة من تداعيات حكم العصابة في أرتريا وإن الحل يمكن في اجتثاث هذا الجسم الغريب من أرتريا حتى يتنسم الشعب الحرية والأمن ويتوسد ألسلام، وبما أننا نعيش أليوم حالة أقرب إلى التراجيديا من الحقيقة.

وندعو بهذه المناسبة كل إنسان يتمتع بغيرة وطنية وحادب على مصلحة شعبه عليه قرأة الواقع الإنساني المرير بشكل جلي وأن يسهم بشكل إيجابي للحد من هذه الظواهر وكما ندعو ملامسة الواقع عن قرب من كل ناشط سياسي وحقوقي وكل عضو فاعل في منظمات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية المعارضة للنظام وأن تقوم بإدانة هذه الجرائم النكراء وتعري الناشطين فيها وأن لا تضع لهم أي اعتبار يذكر، وإن عملية الجهر بهم بها ورفع الحصار المطبق عنهم هي مسألة ضرورية قد حان وقتها، وعلينا رفع الستار عن التحامل المبرمج ووضع حد فاصل للحد من جرائم الاختطاف المتعمدة بشكل مستمر داخل معسكرات اللجوء وبالتحديد حادثة معسكر ودشريفي القابع داخل السيادة السودانية لقد تعرض إلى حادث إختطاف لعدد 18 لاجيء أرتري بالأمس يوم 3 يوليو 2017 من داخل مراكز الإستقبال ومن قلب الحماية القانونية من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، على ماذا يعبر هذا العمل؟؟؟ هل هذ تآمر أم خلل أمني؟؟؟ كما يزعم بعض السذج والمعنين بأمر هؤلاء الضحايا، تحكيم العقل مسألة ضرورية ولكن نقول بالفم المليان هذه الشبكات الإجرامية متغلغلة ومتشعبة في عمق الأجهزة الأمنية والمعتمدية واداراتها المكلفة بهذا الملف في داخل حكومة ولاية كسلا فهناك حوجة إلى إجابات وفق براهين وأدلة دامغة.

وللعم إن ضحايا هذا الجريمة هم بشر أرتريون وإخوة لكم في السراء والضراء نعلن رفضنا التام للتحامل عليهم والتقاضي عنهم وعدم ردع الجريمة عنهم بجعلهم سلعة رابحة وهم يطلبون الغيث والأمان هاربين من أتون الحرب والخدمة العسكرية أتوا إليكم رغبة في الحماية القانونية ألتي تقرها لهم المواثيق الدولية والموقعة عليها حكومة السودان الرشيدة.

وعلينا تذكير حكومة السودان وسلطاتها الأمنية للقيام بمهامها السيادية على كل المعسكرات ونخص بالأسم ودشزفي والشقرابات الثلاثة شمال وجنوب ووسط.

وفي خلاصة القول نتقدم بالشكر والامتنان والتقدير للشعب السوداني الشقيق على حسن الجيرة وروابط وأواصر الأخوة الضاربة في جذور التأريخ ونقول له هذه الممارسات لا تمس أعرافكم وقيمكم وحضارتكم وكرمكم المضياف وهذا ليس ثناءا بل إنما هو حق بدون أي مواربة مداهنة سياسية.

وبهذه المناسبة ندعوا جميع الأقلام السودانية النافذة في عالم الصحافة المحلية والدولية والإعلام المستقل وكل الناشطين الحقوقيين في مجال العمل الإنساني والاعلامي أن يدلوا بمسهامتهم الواعدة كما عودنا لدرء هذه الكارثة والحد من تكشيرها كظاهرة غريبة عن الأعراف والقيم السمحة ألتي يتحلى بها الشعب السوداني.

وكما نناشد جميع الجهات الناشطة والمتواطئة في مثل هذه الجرائم المنظمة ونخص قبائل الرشايدة الحدودية في كل من أرتريا والسودان ومصر بما فيهم عرب سيناء أن تعود إلى رشدها وأن تكف عن ممارسة الإتجار بالبشر وندعو المتعاطفين والمتعاونين معهم بشتي السبل من تقديم تسهيلات وتوفير غطاء أمني وعسكري لهم بغرض المصلحة المادية عليهم أن يعيدوا إلى ضمائرهم وعليهم التيمم أكثر من مرة إحتراما لقدسية المهنة ومقامات القسم الوطني وشرف الأوطان من أجل بناء حياة كريمة لشعوب هذه المنطقة بصفة عامة.

لكم مودتي

Top
X

Right Click

No Right Click