رحيل المناضل أحمددين إبراهيم الحاج حسين

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد الحاج - كاتب وناشط اعلامي - ملبورن، أستراليا

فقدت الجالية الأرترية بأستراليا يوم الثلاثاء الرابع عشر من سبتمبر الجاري

أحد أبناءها المخلصين الذين سجلوا في مسيرة حياتهم الكثير من المواقف المناصرة لشعبهم ولعدالة قضيتهم ومن ذلك الجيل الذي عاش لآرتريا طولا وعرضا ووضع نفسه وجهده لصالح قضية التحرير أولا والمقاومة بغية وطن الآخاء والعدالة ثانيا.

خسرنا الأستاذ أحمددين إبراهيم علي حين غرة عندما أرتقت روحه الطاهرة الي بارئها عز وجل دون أن يتمكن ذلك الحشد الذي يعرف مواقفه من حضور تشييع جثمانه الطاهر كما دأب أعضاء المجتمع الذين يتوافدون جمعا في وداع مناضل نذر نفسه من أجلهم جميعا.

الأستاذ أحمددين إبراهيم الحاج حسين صاحب مواقف جريئة، أتسم بتسمية الأشياء بدون مواراة ومجاملة، يطرح ما يؤمن به بدون خوف ووجل.

كان من أبرز العناصر النشطة والفعالة في الإتحاد العام لطلاب إرتريا، متفاني في نضاله متواضع وعصامي، تفرغ لسنوات طويلة مناضلا في مؤسسات الثورة وتبوأ فيها مواقع كان أهلا لها بحكم نفسه الطويل وقدرته في إدارة الحوارات والندوات أكسبته علاقات كثيرة.

الذين يعرفونه شهدوا له بالنزاهة والابتعاد عن الأطر الضيقة، منفتح علي الجميع مخلص لما آمن به من توجهات سياسية، جبهجي لم يتزحزح عن خطه.

تطالعنا في سيرته نزعة الباحث المهموم بتقديم العمق والإخلاص في ما سطره من دراسات وأبحاث وأوراق كان يقدمها في مصر بحضور أكاديميها وشعراءها.

منذ تخرجه من جامعة القاهرة 1984 أدرا الكثير من الندوات والمحاضرات واللقاءات الاعلامية وكان متحدثا لبقا في مؤسسات أكاديمية مقدما أبحاث ودراسات تجاوزت أربعة عشر عنوانا لم تكن حصرا علي القضية الأرترية.

ففي سجله بحوث عن:-

1. الخلفية التأريخية للصراع الارتري الاثيوبي ونهايته.

2. البعد العسكري الاسرائيلي في البحر الأحمر.

3. التعددية السياسية في إطار الوحدة الوطنية.

4. الديمقراطية في عهد الخلفاء الراشدين.

5. وحدة الحركة النقابية الارترية في ظل التعددية السياسية.

6. حق تقرير المصير : مع دراسة مقارنة لقضيتي إرتريا والصحراء الغربية.

7. النشاط الاقتصادي الإسرائيلي في أفريقيا وأثره علي الحوار العربي - الأفريقي.

8. اليونسكو وصراعاتها المعاصرة.

9. جبهة التحرير الإرترية في سطور.

وألقي الباحث الراحل أحمددين تلك الندوات في معاهد وإتحادات مثل معهد البحوث والدراسات الأفريقية التابع لجامعة القاهرة ومقر الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين بدمشق ومركز اتحاد الطلاب الارتريين في شارع شريف بالقاهرة، وكانت تلك المحاضرات بدعوة من بعض المصريين والسوريين المهتمين بالقضية الارترية منهم الأستاذ حلمي شعراوي والأستاذ ناجي علوش والدكتور إبراهيم نصر الدين والشاعر عبدالرحمن الأبنودي.

كما نشر الفقيد الكثير من بحوثه في مجلات عربية وإرترية منها "أفريقيا" و"معلومات دولية" و"مجلة سبتمبر".

أما آخر بحث طويل له فقد وضعه بين ضفتي كتاب عام 2008 وهو مؤلف يؤرخ لفترة حساسة من تأريخ الشعب الأرتري وجاء بعنوان "الاتحاد العام لطلبة أرتريا وتجاربه مع قيادات جبهة التحرير الأرترية بين قراري السحب والتجميد في الفترة من 1977ـ1992" ويقع الكتاب في 273 صفحة من القطع الكبير، ويتحدث المؤلف عن فترة تأسيس الأتحاد العام لطلبة أرتريا والأدوار التي لعبها في مرحلة النضال وكذلك عن علاقته مع قيادات الجبهة، ويقول الكاتب "بحكم تداخل تجربة الاتحاد والجبهة فإن الكتاب أو الدراسة تشتمل علي التجربتين" لذا يلقي الأضواء علي الظروف والأسباب التي أدت الي إنهيار جبهة التحرير الأرترية بعد العدوان الغاشم الذي شنته عليها الجبهة الشعبية بالتحالف مع شعبية تقراي في عام 1980، ويتطرق الأستاذ أحمددين إبراهيم الي لقاءاته الشخصية مع بعض من قيادات الجبهة وطرح آراءه المعارضة لتوجهات القيادة في بعض المواقف، ويتضمن الكتاب علي كثير من الوثائق ومن صور لمذكرات ورسائل كان كتبها المؤلف أو الإتحاد من بينها صورة لرسالة للرئيس المصري الأسبق/ جمال عبدالناصر، كما يضم الكتاب علي ضفتيه أسماء الذين أسسوا نادي طلبة أرتريا في رواق الجبرتة بالأزهر الشريف في القاهرة عام 1952، ويسجل فيه ملاحظات علي كتابات أرترية سابقة تطرقت علي ظروف تكوين الاتحاد بالقاهرة.

ناضل الراحل أحمددين إبراهيم علي مدي سنوات طويلة ضمن الحركة الطلابية الارترية التي لعبت دورا مركزيا في تنشيط الوعي الوطني ورفدت الثورة بالعديد من الكوادر والشهداء وعرفت بعدالة القضية ومشروعية الثورة علي المستويين الأقليمي والعالمي، وكان الفقيد ضمن كوادرها الفعالة، وتحمل مسئوليات عديدة في إطار الاتحاد وتنفيذيته منها مسئول العلاقات الداخلية والشئون التنظيمية وأمين مالي ورئيس لجنة الدراسة في الحركة الطلابية الارترية بالمؤتمر الرابع الذي عقد بمدينة أغوردات المحررة عام 1977.

كما كلف بمهام عديدة في إطار جبهة التحرير الارترية - المجلس الثوري منها رئاسته للجنة الدفاع عن الثورة والمشرف السياسي لمنطقتي القضارف ومعسكرات اللاجئين الارتريين خلال فترة الحرب الغادرة التي شنتها الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا بالتحالف مع وياني تجراي من 28 أغسطس 1980 الي أغسطس 1981.

وأصبح فيما بعد ممثلا لتنظيم جبهة التحرير الارترية – المجلس الثوري في مصر من عام 1985 الي 1988 ثم في سوريا من عام 1991 الي عام 1994.

يعزي العاملون في إذاعة صوت إرتريا أسرة الفقيد الوطني أحمددين إبراهيم الحاج حسين وأبنائه الأكارم والي عموم الجالية الأرترية بأستراليا سائلين المولي عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وعظائم مغفرته وأن يلهم الجميع الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

كما تحيي الإذاعة إدارة الجالية الموقرة التي أقامت له أمسية عزاء عبر خاصية زووم علي أمل أن يلتقي المعزون في جلسة أخري بعد رفع قيود الجائحة من المدينة يعددون فيها مناقب الراحل ومواقف نذره وتحمله للأعباء الوطنية.

كما نتمني أن يساهم المجتمع في إعادة طباعة كتابه القيم وأن يؤسس من ريعه وقفا يكون له صدقة جارية.

Top
X

Right Click

No Right Click