حرب الجياع - الحلقة الرابعة والثلاثون

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية

الحرب الخاطفة:

في نهاية شهر أيار من عام 1998 قامت القوات الارترية المسلحة بغزو مدينة "زالامباسا"

حرب الجياع 2

وأصبحت هذه المدينة تحت سيطرة القوات الارترية ابتداءً من العاشر من شهر حزيران من العام نفسه وبقيت في قبضة الجيش الارتري حتى يوم "24" أيار من عام 2000.

ومن سخرية الأقدار أن هذا التاريخ يتوافق مع يوم استقلال اثيوبيا.

الواقعــة:

روى لي السيد عبدالله محمود نائب رئيس جبهة التحرير الارترية "ساقم( )" ما يلي:

لم تكن هناك موقعة في مدينة زالامباسا بالمعنى المفهوم للقتال؟ لأن القتال دارت رحاه بالفعل على طول الخنادق الخرسانية الحصينة من اليمين واليسار من زالامباسا عبر مئات الكيلومترات.

هل أفهم من كلامك أن القوات الارترية قد هزمت في تلك المعركة؟

يتابع السيد محمود: لقد لحقت بقوات أفورقي هزيمة منكرة وكنتيجة لهذه الهزيمة حاولت القوات الارترية التي تحتل زالامباسا التقهقر إلى فورتو لكن القوات الاثيوبية الميكانيكية سددت الطريق أمامهم عندما قطعت الطريق بين "صنعفي" و "فورتو" وسرعان ما تمكنت القوات الاثيوبية من تطويق وحدات النظام ثم قضت عليهم في مدينة فورتو في اليوم التالي كما تم الاستيلاء على "صنعفي" في نفس الوقت.

قتال عنيف بالجبهة الغربية:

وفي 23 أيار دار قتال عنيف بالجبهة الغربية في المناطق التالية:

1. ماي ديما.
2. ماي ماين.

ثم امتد إلى جنوب مدينة عدخالا في بيت قورقيس وكيسا وايكاد، على طول نهر مرب وفي المنطقة الممتدة من راما الاثيوبية حتى تسورونا الارترية حيث توجد خنادق الجبهة الوسطى وعلى شرق الجبهة الوسطى في خنادق "إيفا ألتينا" دارت رحى حرب ضروس على امتداد مسافة تقدر بمائة وخمسين كيلو متر من جنوب غرب إلى شرق ارتريا وهذه كلها مناطق ارترية أي أن القتال جرى في الأرض الارترية.

معركة دامت 11 يوماً:

وعلى جانب آخر وبنفس التاريخ أي 23 أيار 2000 أعادت العملية العسكرية التي دامت (11) يوماً في جبهة مرب سيتيت نفسها حيث تحركت وحدات من القوات الاثيوبية الخاصة على جناح السرعة لميمنة جبهة زالامباسا عبر منطقة "التينا"( ) بعد عملية عبور استغرقت عدة ساعات تحت جنح الظلام وقد تسلقت هذه القوات مناطق شاهقة يبلغ ارتفاعها 3000م فوق سطح البحر وذلك من أجل الوصول إلى خنادق "إيفا" وبالرغم من وعورة هذه المسالك الجبلية فقد أفلحت تلك الوحدات الخاصة في إجلاء القوات الارترية التي كانت تحصن نفسها داخل الخنادق الخرسانية والتي تم تحصينها خلال فترة العامين الماضيين، ضمن هذه المعارك تقدمت فرقة أخرى من القوات الخاصة عبر "إيفا" بينما ظلت القوى الأخرى تقاتل هناك، وصلت طلائع الفرقة إلى منطقة "داليفدا" واجتاحت خنادق الجيش الارتري في منطقة "ماي شيا"( ) واستولت عليهما.

حركة كماشة:

جاءت حركة ثالثة اشتركت فيها عدة فصائل من بينها وحدة ميكانيكية.

تحركت من منطقة "سوبويا" لتنظيف الطريق بالبلدوزرات من أجل مرور الدبابات والمدفعية ثم قامت بمهاجمة الوحدات الارترية في مينكوسيتو( ).

وبينما كـانت الوحـدات الاثيوبيـة الميكـانيكية والمشاة والقوات الخاصة تصعد مرتفعات "إيفا" و "داليفدا" و"ميكوسيتو" قامت القوات الاثيوبية الجوية بإنزال 200 جندي مظلي من طائرة "انتنوف" على الهضبة الواقعة بالقرب من فورتو لتحويل الانتباه. وتحدث فوضى وراء خطوط القوات الارترية في جبهة زالامباسا حتى لا ينتبه الارتريون لوجود القوات الاثيوبية التي تقاتل في ظروف صعبة وفي ذات الوقت لتشغل القوات الارترية الموجودة في الهضبة حتى لا يتم لهم الفرصة لتعزيز الخنادق في "إيفا". هذه هي الطريقة التي حارب بها الجيش الاثيوبي.

أخبرني السيد سبحات( ) نجا ما يلي:

هذه الانتصارات الخاطفة يا رفيق أبو سعدة لاختراق الخنادق في تلك المنطقة الوعرة والسيطرة عليها جعلتنا في موضع إعزاز وإكبار وإعجاب بقواتنا لقد سيطرنا على المرتفعات الاستراتيجية واستعدنا أرضنا، استعدنا زالامباسا خلال 24 ساعة فقط لأننا واثقين من قدرة جيشنا على استعادة أرضنا، إن عملية السيطرة على تلك المرتفعات واجتياحنا الخنادق الممتدة من قرية راما إلى زالامباسا بهذه السرعة والقدرة أدهش العالم ؟!.

الحقيقية أن الاثيوبيين لم يدهشوا العالم بل أدهشوا أنفسهم.

ـ كان الارتريون يودون أن يحارب الجيش الاثيوبي في جبهة زالامباسا.

ـ ايقلا لأنهم كانوا مستعدين لها بدرجة عالية جداً حيث كانت 60% من قواتهم ونيرانهم مركزه في تلك المنطقة.

ـ اكتشف الاثيوبيين ذلك. فأعدوا خطة محكمة تفرض على الارتريين أن يحاربوا في وضع تكون فيه القوات الاثيوبية مسيطرة على الوضع، كما ركزوا على نقاط معينة ومحددة لضمان نجاح فعالية القوات عندما تهدئ المعركة.

ـ الارتريون غابت عنهم الجبهة الغربية والوسطى بل لم يركزوا عليها وتركوها للمليشيات ومجندي الخدمة الإلزامية.

ـ استغل الاثيوبيون ذلك ووجدوا أنه أنسب طريق لتطبيق خطتهم العسكرية هي الجبهة الغربية.

كان تفكير الاثيوبيون بالجبهة الغربية مصيباً وللأسباب التالية:
1. عنصر المفاجأة.
2. قطع خطوط الارتريين الأمامية من الخلف.
3. محاصرة قيادتهم.
4. وضع الجيش الارتري وآلياته تحت مرمى نيران القوات الاثيوبية.

وبهذا تعطى القوات الاثيوبية بالجبهة الوسطى زالامباسا إمكانية اختراق القوات الارترية بعد أن تكون قد خلخلتها.

كان لدى الارتريين في الجبهة الغربية ست فرق مشاة وفرقة ميكانيكية. وهذه القوات جميعها شاركت في القتال الذي دار بمنطقة بارنتو الشرقية بين الجبهتين الوسطى والشرقية والمنطقة هذه هي الحد الفاصل بين المنخفضات والمرتفعات الارترية. هنا برز دور وأهمية عنصر المفاجأة الذي أربك القوات الارترية، إن القوات الارترية لم تكن تتوقع أي هجوم بالجبهتين الغربية والشرقية حيث كانت آلياتهم ومدافعهم موجهة نحو زالامباسا، لقد توقع الارتريين أن يقاتل الاثيوبيون ويهاجموا الواجهة مباشرة كما حصل وحدث في منطقة بادمي من قبل الاثيوبيين.

ـ اضطرب القياديون الارتريون وبدأوا يعدلون من وضع دباباتهم ومدفعيتهم.

ـ قام الاثيوبيون بالاستيلاء على قمم الجبال المطلة على زالامباسا.

ـ اندلع القتال وصبت المدافع والدبابات وباقي الأسلحة حممها من الجانبين على بعضهما البعض.

ـ بعد يومين من اندلاع القتال العنيف تمكن الاثيوبيون من السيطرة على المنطقة والتقدم نحو مدينة صنعفي.

ـ اضطرت القوات الارترية لسحب ما تبقى من قواتها بعد أن فقدوا الكثير من جنودهم ومعداتهم وخاصة الثقيلة منها.

ـ عندما بدأ الارتريون حربهم قبل سنتين كان الميزان العسكري يميل لصالحهم بنسبة "11".

ـ لم يستطع الاثيوبيون حينها استخدام الموجات البشرية وذلك في قتالهم على جبهة منطقة بادمي.

ـ استعاد الاثيوبيين بادمي ورفعوا علمهم عليها.

ـ حاول الارتريون استعادة بادمي بهجوم معاكس حيث حشدوا سبع فرق مشاة وفرقة ميكانيكية. فشل جيش الجبهة الشعبية في استعادة بادمي صمتت القيادة الارترية ولم تتكلم عن هجومها هذا ؟

ـ خلقت قيادة الجبهة الشعبية جواً أشبه بالأسطورة حول جيشها الذي قالت عنه إنه الجيش الذي لا يقهر( )؟.

هذه الأسطورة أدخلها الإسرائيليون في عقل وتفكير القيادة السياسية والعسكرية للجبهة الشعبية الارترية الحاكمة.

تقول الحكومة الاثيوبية أنها ستقاتل حتى تعود سيادتها على كل أراضيها المحتلة من قبل الارتريين وستستمر في الحرب لاستعادة كل جزء منها مهما كان صغيراً.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click