سيدي هل لي أن أختلف قليلا؟ اللغة أداة لممارسة السلطة وليست مجرد وسيلة للتفاهم - الجزء الثاني

بقلم المناضل الأستاذ: إدريس سعيد أباعري - كاتب وقاص إرتري | سماديت كوم Samadit.com

والأهم إن هذا ينم على التفهم الإيجابي برغم من أن بعض التصريحات بددت أمال الكثيرين إلى حد كبير.

إدريس سعيد ابعري 7

هناك أيضا من رأى بأن صدور مقالي في صحيفة إرتريا الحديثة وشخصيتي كعضو في الجبهة الشعبية، هو عمل متعمد مدسوس قام به التنظيم للتنفيس وامتصاص نقمة الناس. كما أن هناك أيضا من شعروا ببعض الشماتة ”لانتقاد بعض سياسات الجبهة من قبل كوادرها“.

ومع أنه لا أحد ينكر حق الناس في التحليل والاجتهاد، إلا أن التيه في قضايا فرعية لا يخدم القضية الأساسية، والأهم هو إن محاكمة المواضيع هي ماينبغي أن تكون محكا وليس الأفراد. أما بالنسبة لي فإن حرصي على ترجمة مبادئ الجبهة الشعبية كان من أهم أسباب انتقادي لطريقة التعامل مع اللغة حيث أنها لا تعبر عن ما أقره التنظيم في مؤتمراته.

هنا وقبل أن أتطرق إلى تفنيد بعض المفاهيم الخاطئة المتداولة بشأن اللغة والتي أشتد أوارها مؤخرا، أود أن أشير إلى الجانب التشريعي الذي استندت إليه في تركيزي على قضية التعليم من مشكلة اللغة. لقد أصدرت أمانة التعليم للحكومة الإرترية المؤقتة في الثاني من أكتوبر عام م ”بيان“ أو 1991 مرسوم قانوني حول السياسة التعليمية لدولة إرتريا، ويمكن هنا إيراد الفقرة التي تتحدث عن لغة التعليم المعنونة ”اللغة المستخدمة في الدراسة“ إن السياسة التعليمية للحكومة الإرترية المؤقتة والتي كان بها كسياسة للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا في السابق تنظر للغة كأداة لنقل المعرفة وليس كأداة سياسية.

وفي مجتمعنا المتعدد التركيبة يجب أن يكرس التعليم في خدمة المجتمع وتطوره الاقتصادي والحضاري وتعزيز وحدته. ورغم تعددية اللغات في بلادنا، هناك تفاوت في حجم انتشارها وتداولها. ولكون اللغتين العربية والتقرينية والتقرينية هما أكثر هذه اللغات انتشارا وتدولا، سيكون التركيز عليهما واعتبارهما لغتين للدراسة.

فعلى الطلبة الذين يدرسون باللغة العربية، يجب أن يدرسوا التقرينية كمادة، والذين يدرسون باللغة التقرينية بالمثل ملزمون بدراسة اللغة العربية كمادة. وهذا لا يعني التقليل من شأن اللغات الإرترية الأخرى أو وضعها في مرتبة مرتبة أدنى من هاتين اللغتين، فقد وضعت الجبهة الشعبية حروفا للغات الإرترية الغير مكتوبة حتى لا يفرض على الطالب التعليم في المراحل الإبتدائية بغير لغته الأم، ولأن ستدفع الحكومة الإرترية من أجل تطوير اللغات الإرترية، وهنا يتوجب أن نوضح حول الكلام الذي الذي يثار بين فترة وأخرى حول اللغة الوطنية والغير وطنية، بأنه ليست لدينا سياسة تميز بين اللغات أو تقوم بتصنيف اللغات، وليست وليست لدينا سياسة تقر بوجود لغات وطنية ولغات غير وطنية ولافرق عندنا في لغات القوميات الكبيرة أو الصغيرة.

واللغتان اللتان اللتان تم التحدث عنهما اختيرتا لإمكانيتهما في خلق التفاهم والتفاعل بين مجتمعنا ”انتهى النص“ وسؤالي، وهو السؤال الذي وجهه أحد الحضور في مناقشات المنتدى الثقافي الذي عقد في بداية هذا العام إلى مسؤول التعليم العام، متى عدل أو ألغي هذا المرسوم؟

إذا لم يتم التعديل أو الإلغاء، فإن الوزارة تقوم بعمل مخالف للمرسوم الذي أصدرته لأن السياسة السياسة الموجودة على الأرض تقضي بفرض لغة الأم وليس مجرد الدفع إلى تطوير اللغات، كما أنها لا تعترف بالدور الذي أقره المرسوم للغة العربية.

أما إذا كان هناك مرسوم ألغي هذه السياسة فإن منحى المناقشات وبصرف النظر عن أي هيئة تشريعية أقرته أو ألغته، ستكون بالطبع باعتبار إن قضية التعليم قضية عامة يتبادل فيها أصحاب الشأن الرأي في جو بعيد من لغة الوصايا والاتهامات إلا أن السؤال الطبيعي هنا هو، ألم يكن من الأصح نشر هذه السياسة على كل المستويات بدلا من أن يكون مصدر الإفتاء الأول والأخير هم مسؤولي التعليم؟.

وعلى وزارة التعليم أن تجيب على هذا السؤال قبل التباري في الأحاديث التثقيفية عن ”الهوية” والفوائد الجمة التي ستجنى من التعليم بلغة الأم، لأننا بلد ونحكم بالقانون فأين مصير هذا المرسوم؟

نواصل بإذن المولى... في الجزء القادم

 

* تم رفض نشره في وسائل الاعلام داخل ارتريا فأرسله الكاتب الي مواقع خارج البلاد وأنه أحد أسباب سجنه - بجانب تأييده لمجموعة الخمسة عشر (G15) - منذ عام 2001 كونه يعكس عن رأي مغاير لما دأبت عليه السلطة القهرية بخداعها للشعب ببرنامج تطوير "لغات الأم".

Top
X

Right Click

No Right Click