مجزرة أو محرقة حرقيقو الثانية

بقلم الأستاذ: ياسين إبراهيم عبده محمد نافع - أبو روان

حدث في مثل صبيحة هذا اليوم ١٩٧٦/١٢/٣١ مجزرة أو محرقة حرقيقو الثانية.

صحى أهل حرقيقو على أصوات الدبابات والبوارج البحرية ودوي المدافع والرصاص فجر الجمعة وكان يوم عاشوراء والناس أصبحوا صائمين فكانت مجزرة إنتقامية في حق شعب أعزل.

كنت حينها ربما حوالي الثالثة وبضعة أشهر من عمري حينما رأيت ما يشيب له الولدان وتتفطر له الأكباد ولم تغب عن ذاكرتي رغم صغر السن تلكم المجزرة البشعة والمحرقة الأليمة التي فقدت فيها أعز الناس إلَيّ والدي الذي ذبح أمام ناظري وجدي الذي أحرق حتي تفحمت جثته ومعه شيوخ كبار في السن وخالتي التي ربما في السابعة من عمرها مرمية في الطريق وجمع غفير من أهل حرقيقو شيوخ ونساء وأطفال وشباب جثثهم متناثرة هنا وهناك والكل يهرب والدبابات تلاحقهم والبوارج البحرية تقذفهم والمنازل تحترق والهلع قد ملأ كل أرجاء المدينة.

في يوم ٣١ ديسمبر ١٩٧٦م الذي فقدت فيه والدي وأصبحت يتيم الأب وحرمت من كلمة أبي أو "يبا" ذبح وقتل أمام ناظري. قتلوا وحُرِّقوا وهم صائمون لأن كان يوم عاشوراء.

قصة أخي الذي حُسِب في عداد القتلي وعاد الي الحياة بعد ثلاثين عاما من المجزرة قصة وكأنها إحدي سيناريوهات الأفلام الهندية.

هكذا عانى شعبنا الإرتري وهكذا شرِّد من دياره وهكذا دفع ثمن الحرية غاليا أبيدت قرى إمبيرمي وشعب وعونا وعد ابرهيم وغيرها كثير لأن الشعب قال كلمته لا للإستعمار نعم للحرية ووقف مع أبناءه الثوار فلاقى ما لاقى من صنوف العذاب فكانت الحرية ومازال الشعب في عناء أسأل الله أن يفرج كربه.

كما أسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل شهداءنا جميعا وينزلهم منازل الشهداء ويوسع مدخلهم ويكرم نزلهم ويجعل قبورهم رياض من رياض الجنة وجميع ضحايا مجازر الدرق الغاشم في حق شعبنا الإرتري البطل.

رحمك الله يا والدي جمعني بك في الفردوس الأعلى من الجنة... رحم الله جميع أهلنا الذين فقدناهم في مجزرتين متتاليتين وتقبلهم شهداء عنده في عليين.

أنّت الأيام تخليدا لذكري..

أبكت السنوات ملء الجوف أنّة..

كان يوما مثل سناج الأثافئ..

بعثرت ريح العدو عليه جُنّة..

فتهاوت الأرواح تحت سلاحهم..

صعدت براءة شعبكِ بالخلد جَنّة.

قَلِي أبْ سكين حَرّدا..

و قَلِي مُوتا أبْ رصاصْ..

قَلِي دَبابة دعْسَـتو..

و قًَلِي نَـدْدا أبْ اساتْ..

تِنانْ قَبْأ عَسْـتَركـي..

و مـدرْ زَرا أبْ ادْمـاي.

Top
X

Right Click

No Right Click