التواطؤ والخيانة الخونة الكوماندوس - الحلقة السادسة

بقلم الأستاذ: متكل أبيت نالاي - كاتب وناشط سياسي ارتري

التواطؤ والخيانة: أن عقلية التواطؤ والخيانة قد تأسـست في بدايات الأربعينات عندما أفشلنا

مساءلة تقرير مصيرنا لعدم التنأي بالبلاد عن المأزق الديني، إن ضمير الشعب الإرتري لم يكن بالنقاء والصفاء الذي تمناه وما حذر منه صاحب النية الحسنة الفنان الكبير أتو أبرهام سجيد في أغنيته المشهورة التي تدعوا حينها الشعب بتمسك أرضاُ وشعباُ بتراب الإرتري ونبذ كل ما دونه وكانت أغنيته أكثر إرترية وارسخ وطنية بأسلوب واضح بشكل يثير الإعجاب الإرتري. ولكن تركيبة الشعب الإرتري لم تكن تتسع لكل طموحات التحرير المعلنة وبتأكيد كانت اعقد من أن تحل بغنية.

ما كان يريده حزب أندنت كان يختلف تماماً عن ما يريده المنخفضات وهذه التضارب في رؤية هو الذي يفسر فقدنا فيها استقلالنا لمدة خمسينا عام. ولم نتلمس الطريق الصحيح إلى يومنا هذا وعجزنا في خلق وقائع حسية وطنيه على أرضنا.

الملف الفدرالي كملف قديم مفتوح بيننا وهو ملف بالغ التعقيد وحافل بالقضايا الشائكة التي تجرنا مائة مره لأشـياء قلنا حولها الكثير وتعاملنا مع كل شيء يصلح لأن يكون أساسا لدوله ولكن فشلنا لرفضهم الشديد لفكرة استقلال إرتريا لم تكن مقنعة لطائفة الانضمام ولأسـباب عديدة ترجع لرواسب التاريخية ولتوازنات داخليه يرونها تخصهم وحدهم و تخص توتراتهم الخفية الشبيهة بقضايا الأثيوبية القديمة مع جيرانها مثل إحساس أقلية مسيحية تخاف أن تذوب وسط محيط إسلامي مما جعلها في حالة دفاع دائم.

وفي حقيقة الأمر فأن هذا الدفاع كان هو الهجوم على الآخرين وكما يقول هتلر فان الهجوم خير وسيلة للدفاع فأن الكل في منطقة المرتفعات كان يبني جيوشه وهو يحمل سوء النية المبطنة بالآخرين الكوماندوس ما بنيت وإلا في حقيقتها للهجوم على المسلمين فاستمرت الحرب في إرتريا تحت هذه الجدلية إلى ما لا نهاية، كانت تتلاعب بالألفاظ وتعمل نقيضها حتى تمكنت أن تصادر حقوق تعود لشرائح كبيره من المجتمع الإرتري لصالحها. وكان هذا “الصراع يدور بين هدفين متعارضين تماماُ بين أولئك الذين يريدون فرض سيطرتهم، وبين يرفضونها وبين التاريخ الذي يفبركه دعاة السيطرة وبين الحقائق التاريخية التي يعرفها أولئك الذين يرفضون الخضوع للسيطرة، وأخيرا تفوق أولئك الحالمين بالإمبراطورية هيلي سيلاسي والساعين لفرضها على الشعب الإرتري مما تسبب في انطواء مرحلة من نضال الشعب الإرتري دون أن تثمر.

وإذا تفحصنا مسـيرة حزب أندنت سلوك أفراده جماعياً وفردياً سـوف نتعرف بأن موقفهم وقواعدهم الغير مقبولة ظلت كما هي لم تتبدل رغم الأحداث الذي استجدت من قبل إثـيوبيا في منتصف الخمسينيات كانوا بنفس العقل وتفكير والعمل الذي جلبوا لنا به الاستعمار لم يتحرروا من الرؤيا المتمركزة على نفسها انتهى تكوينهم النفسي على اتجاه مناف لاستقلال بنو سمعتهم بتجاوزات على حقوق الآخرين وحددوا أهدافهم مسبقا.أن الشرط الأول لبقائهم بين الشعب الإرتري هو اتخاذ موقف متشدد خصوصاُ ضد أولئك المسلمين، وكانت الأكثرية الكبرى منهم مقتنعة تماماُ بإثيوبيا. يعرفوا أ نفسهم في تلك الأيام (ذي برقت طحاينا وذي نقس نقوسنا) بان كل شمس تشرق هي شمسهم وكل ملك يحكم مليكهم،وكلما رزقوا بالأطفال يدقون على أوتار المستعمر ترويجاُ لأهدافه وتخليداُ لذكراهم منها أسماء مثل روما، والسا، وإثيوبيا ففي السابق لم تكن تخلو حارة من هذه الأسماء أما اليوم تذكرنا زمن تغلغل الاستعمار كيف كانت الحالة في البلاد وهذه الأسماء تنحدر من ثقافتهم تعكس ملامح حدث غير طبيعي تأثر به أفراد مجتمعهم.

في حين العالم يتجه بالأسماء منحي الحداثة نجد اليوم بينهم أسماء للمدن الإرترية، والحارات، والمعارك الحزينة. ومازال هذه الثقافة تنمو وبشكل مستمر بينهم. هكذا أصبحت أسماهم وكأنهم لم تكن لهم أسماء من قبل، إنهم يعرفوا فقط من أين تؤكل الكتف لا يعنيهم استقلال إرتريا في شيء، وأن مسألة ألاستقلال لا تتصل بحياتهم من قريب أو بعيد، وهذا يرجع إلى موروث ثقافة أكسوم الانتهازية، القمعية المليء بالتعصب الديني والتسلط والتصفية بالإضافة كونها بلد ذو كثافة سكانية عالية خلقت فيهم نوع من البشر سلب أفضل عناصره، يتصرف بثقافة 70 مليون بكثير من الفجور وقليل من الحياء كما ولدت عدد كبير من الانتهازيين الذين يأكلون يوم مع التاج الإمبراطوري ويوم مع اليمين ويوم مع اليسار وهذا طبيعي وملموس أن تري في بلد بربري متبلد الإحساس كإثيوبيا يتفاخر شعبها بالنهب والقتل أن يفرخ مثل هؤلاء كنا نسمع قصص من الكبار حينما يتكلمون عنهم في مجالسهم عن مغانم الكوماندوس من ذهب والماشية سمعت أحدهم يقول: اليوم رأيت أحدى أفراد الكوماندوس يدعى قبرأب قريسوس الملقب ب(كندابا) وهي اسم منطقة تقع في حماسين كان يتكلم بجرة في إحدى الحانات الرخيصة عن ساعة رومر الذي سرقها من إحدى القتلة عرضها للبيع على صاحبت الحانة علماُ تبدو لي إنها عضوه في التجسس كانت ترقص لهم بالعالم الإثيوبي ويطاردها الكثيرون تبيع ما تبق من ضميرها بثمن رخيص وأدركت الجان السرية للجبهة بأن هذه الشلة تتمتع بشهية كبيره للقتل ليس لهم وازع ديني أو أخلاقي وبعد أيام بث موتها الرعب في أوساط الكوماندوس. أما كندابا قتل بأيدي (ولقايط) و رمي في نهر نظراُ لسانه الطويل.

أما إعلان الكفاح المسلح من طرف واحد كان بداية لحرب ثابتة،طويلة، عنيفة ودموية بيننا لم يضع هذا الاحتمال في البال خصوصاُ نعرف بأن في البلاد توجد سلطتان متنافستان وغير متكافأ أحدهم مازال يؤيد البقاء ضمني الوحدة مع إثيوبيا بقوة ويرى تفوق قواه سوف تحسم له كل شيء.ولقي ترحيباً جماهيرياُ كبيراُ في المرتفعات الإرترية. يروا سوف يقودهم هذا الأعمال نحو تحسين معيشة أبناء جلدتهم.

كان علينا أن نفكر كيف نتلافه من يعلنون أنفسهم أعداؤنا لكي لا يدفع المسلم الثمن الغالي وحده رغم علمنا كان ذلك صعب المنال لأنه بذور التوتر رسمته حزب أندنت مبكراُ وكانت دائماُ في وضع الاستعداد، تريد جرنا إلى مستنقع الحروب الدينية فأخذوا يرفضوا أرائنا واحتقروا أعمالنا الثورية وأنكروا حقوقنا مما جعل الأزمة التي كانت تختمر في السر منذ الخمسينات قابله على الانفجار والخمسينات كانت فترة النشاط إلا إنها تحولت فيما بعد بما يشبه صراع اجتماعي تمارسه أفراد وجماعات ضد بعضها لإثبات الوجود أو لإسقاط الأخر وأصبح الدين مسعى يستقطب فيه اهتمام الناس ووجدت أند نت صعوبة في التخلص من أخطائها ولم يعدم هذا الوضع من أفراد لهم مكانتهم و أدوارهم الاجتماعية ربطوا أهدافهم و تطورهم بأثيوبيا ولهم مصلحه من تفجر الأوضاع أمثال حرقوت أباي وتسفايوهانس برهي وأسفاها ولدي ميكائل، وزأرأماريام أزازي، وسلمون أبرها، ودجزماش/ قبر يوهنس تسفاماريام، وملأكي سلام ديمتروس ليحركوا الخيوط كما يشاءون ويرغبون . وآخرون أصحاب النيات الشريرة والخبيثة مثل القسيس قشي ديمطروس الذي حفر داخل عقولهم وكنائسهم التعصب الديني وكان يقول لهم إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاُ لا صلة له بالله وتخرجوا بنات المسلمين من حصونهم المحصنة بالإيمان وإفساد أخلاقهن ونصب شراك الرذيلة للمسلمين جميعاُ. كان ذلك في زمن، كانت فيه المرأة كاللؤلؤة المكنونة، وكالجوهرة المصونة، في البلاد وعلى وجه الخصوص كانت الحشمة والوقار رداء المرأة المسلمة وكان الحياء جمالها ولأخلاق زينتها في زمن لم نعرف فيه فنانه واحده مسلمة، قبل أن يتغير الحال.

هكذا ملأ القساوسة قلوبهم بالحقد الأعمى وأصبحوا يحيوا على كلامهم وكانوا يقولونا ” إسلاماي مريت يبلون سماي عندي يبلون” أي المسلم لا أرض له، كالسماء لا أعمدة لها” وأيضاُ يقولوا (بأن هيلي سيلاسي أتي عن طريق السماء ويلك يا مسلم) بمامعنا ويلكم يامسلمون ما ذا أنتم فاعلون قادم هيلي سيلاسي ليفجر الوضع علي رؤوسكم وكلنا نعلم من أين تنطلق هذه الأغاني وأية ثقافة تحمل لقد أوهموا بها المسيحي بأن هيلي سيلاسي هو مبعوث العناية الإلهية وجاء لإنقاذهم من محنهم، يعتقدون اختاره الله لهم ملكاُ للأمة فكان حقا عليهم تأييده وكان هذا الوهم هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ عند رجال الدين الإرتريون والمتواطئين مثل أبونا مارقوص بطريك الكنيسة القبطية في إرتريا والذي بدأ في آخر عام 1943 تقريباً يجمع توقيعات على (ملتمس) يطالب بالوحدة الفورية مع إثيوبيا و بذل نشاطاً عظيماً وسلك سبلاُ ملتوية ووسائل مشبوهة من الخطب الدينية والثقافة الإثيوبية من أجل التأثير على الرأي العام الإرتري وكان يقول لأتباعه من المسحيين إنه لا يرجو لهم الجنة وهي مراسيم مسيحية يقوم بها المسيحي باعتراف كامل بحضور كاهن خصوصاُ عند القرب من الموت وعليه يتلقي الوعد الأكيد بغفران أخطائه كما منعهم من دفن في مقابر الكنيسة القبطية ألا إذ التزموا بمشروع الانضمام إلى إثيوبيا. هكذا لعبت المخابرات الإثيوبية دورها بدهاء في تقسيم الشعب الإرتري على أساس عنصري ديني وكانت ترسل عملاءها إلى رموز المسيحيين الإرتريين، محملين بالهدايا من الأموال!

وحصل صدام مروع بين المسلمين والمسيحيين في مدينة أسمرا إثر قتل احد الجنود من القوة السودانية التابعة للقوات البريطانية، في شجار على مائدة قمار.. فأطلقت المخابرات البريطانية جنود القوة السودانية في شوارع اسمرا. تقتل كل من يرفض ترديد الشهادتين ”لا اله الاالله.. محمد رسول الله“.. قتلوا 50 مسيحيا.. لولا أن احتوى مفتي اللأسلام، وبطريك الأرثوذكس الفتنة… وقاما بوضع أكاليل الزهور على القبور الضحايا.. مسلمين ومسيحيين.. وخطبا في الناس: ”أن القتلى جميعا شهداء للوطن الإرتري ونجح ضابط الاتصال الإثيوبي نقا هيلاسيلاسى، بنشاطه السياسي الخفي وسط رموز المسيحيين في إنشاء: ”حزب الاتحاد مع إثيوبيا وشعاره: الإتحاد مع إثيوبيا (إثيوبيا أو موت) وظهرت عدة أحزاب صغيرة وكبيرة، ثم اشتعلت الاتهامات المتبادلة بين حزب الإتحاد مع إثيوبيا والكتلة الاستقلالية، وعبروا عن ذلك بالمظاهرات والمنشورات والصحف والندوات وأحيانا بالعنف وهناك ما يؤسس الاعتقاد بأن قتلة الزعيم عبد القادر كبيري هم عملاء أرسلتهم حكومة أديس أبابا وبمباركة حزب الإتحاد العميل. وكانت لوفاته وقع غير عادي في نفوس المسلمين وبدأت تتأجج مشاعر الحقد والكراهية لهؤلاء القوم.

نواصل... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click