مـن الـذاكــرة الــكـرناويه المناضل احمد الشيخ زايد - الجزء الاول

بقلم الأستاذ: عبدالقادر شيخ حسين شيخ زايد - أبو رأمي

قـلـب الأســد، بطولات وتضحيات مشرفه، الاعتقالات المتكررة والتعذيب الممنهج لم يثنه

احمد الشيخ زايدعن قضيته العادلة ولم ينطق للعدو ببنت شفة.

هذا الوطن الغالي انجب الافذاذ من فلذات اكباده تفخر بهم شعوبهم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه وتحملوا كل المشاق من اجل قضيتهم العادله وسلموا الراية لمن جاء من بعدهم الى ان تحررت ارتريا بفضل الله ثم بفضل تضحيات ابنائها وبناتها.

احمد الشيخ زايد هو واحد من الرعيل الاول الذين خدموا الثورة الارتريه في بداية انفجار ثورتها الظافرة بل هو علم من اعلامها ومما يؤسف عليه انه رحل عن دنيانا في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي دون ان تجرى معه مقابله ودون ان يوثق له حتي من اقرب الاقربين اليه بمافيهم ابنائه وابناء اخوانه عدى السرد الشفهي الذي جمعته من هنا وهناك.

والبعض عندما تسأله عن مايتذكره من نضالات هذاالرجل يقول لك ان المدة طالت والذاكرة خارت.

انها حالة سلبية مازالت تطاردنا حتى الآن واعني تكاسلنا عن توثيق تاريخ اسلافنا الابطال.

رءا العم احمد ارتريا محررة وفرح بهذا التحرير المجيد لانه اكثر شخص ذاق العذابات في سجون الاحتلال حتي احتار الضباط من شجاعتة ورباطة جأشه وهو يعذب اشد العذاب ولم ينطق او يبوح بأسرار الثورة الارتريه.

قضى ستة سنوات من ايام التحرير وبعضها غادر دنيانا، سفر نضال رحل وكأنه شخص عادي رغم انه رجل غير عادي.

احمد شيخ زايد ولد في قلعة آل شيخ زايد التي يجاورها وادي عنسبا الذي ينحدر من كبسا ويصل مصبه حتى قرورة السودانيه.

ولد وكبر وترعرع مابين (جرادين)عنسبا وماء واديها العذب السلسبيل وتقع هذه المنطقه مابين منطقة (فافدا) و (بردق) وهي مناطق اهلنا البلين وعاشوا ومازالوا معاً بحب واحترام وفي ثبات ونبات.

عاش احمد وسط اخوته واخواته الذين ينحدرون من صلب الشيخ زايد طيب الله ثراه في حب واحترام وانسجام يطلون من خلال تلك القلعه التي سكنوا فيها على جنائنهم الباسقه والمخضرة تلك الجنائن والتي تمتد على ضفاف الوادي يجنون منها محاصيلهم ليباع في اسواق كرن وبما ان والدهم رحمه الله كان مزواجا كانو اخوة (ابناء علات) وتعني من ينحدرون من اب واحد وامهات مختلفات كانوا اخوة متحابين والدهم شيخ زايد (رحمه الله) غادر هذه الدنيا مع بداية الحرب العالميه الثانيه 1943 فاحتضنهم اخوهم الشيخ حسين شيخ زايد (رحمه الله) وتحمل مسؤوليتهم وعمره لم يتجاوز الثلاثين وهم صغار زغب الحواصل بعضهم يعرفون والدهم والبعض لايعرفه لان اعمار البعض منهم لم تكن تتجاوز العاشرة والخمسة عشر ورباهم اخيهم احسن تربيه بنين وبنات.

المدهش انهم عاشوا بعد وفاة والدهم خمسون عاماً دون ان يتوارثوا اخوة متحابين متآلفين يجتمعون في صحن واحد وينتظرون بعضهم بعضا في الوجبات الثلاث وفي اداء الصلوات الخمس حتى بعد ان كبروا وتزوجوا وانجبوا.

ولو ان واحدا منهم سافر الي جهة ما واستغرق سفره شهرا او شهرين عندما يلتقون كانوا يجهشون بالبكاء عند اللقاء من شدة الشوق لبعضهم.

كانت تربية نموذجيه قل ان نجد نظيرا لها وكانوا مضرب الأمثال في الحب والتآلف وكرن الغراء المسافة بينها وبين قلعة آل الشيخ مسافة ساعة بالارجل.

وكانت تلك البساتين الوارفة الظلال مجمع الثوار بالشباب الفدائي امثال احمد زايد ومحمد مرانت واللذين كانا مسؤولي الخلايا الداخليه لمدينة كرن وضواحيها وتجميع اشتراكاتها لدعم الثوار.

ولإن قلت عن احمد ان له قلبا من اسد اخشى ان اكون ظلمته ولم اصفه وصفا يليق به، فلقد قال لي احد اصدقاءه المقربين منه وكاتم اسراره العم بابكر الطاهر مد الله في عمره (ان الشجاعة والكرم لا ينافسه فيهما شخص الا وتفوق عليه).

انا محتار في هذا الرجل لان ماسمعته عن تحمله من الضرب والتعذيب في سجون الاحتلال شيئ لايصدق وماجعلني اوقن بشجاعته ان تلك الزنازين التي اصبحت بيته لم تجعل منه الا رجلا من الفولاذ يستسهل كل صعب في سبيل قضيته التي آمن بهاحق الايمان وقد كان موقنا ان تعبه مع اخوته واخواته المعذبون في السجون لن يضيع هدرا وان فجر الحرية رغم الانتكاسات قادم لامحالة.

الانتكاسات التي منيت بها جبهة التحرير الارتريه واضحت وكأنها جسد بلا رأس، اصابت الكل لاسيما من يعملون بالداخل بخيبة امل.

والحقيقه رغم مرارتها لابد ان تقال.

ان جبهة التحرير رغم قاعدتها العريضه آنذاك تدريجيا اضحت قاعدة بلا قيادة ومن اين للجسد ان يتحرك ان لم يكن له رأس يقوده.
الخلافات نخرت في عظامها الى ان وصلت الى ماوصلت اليه.

ولكن الراية لم تسقط بل تناقلتها الاجيال جيلا بعد جيل وواصلت المسيرة المظفرة علي يد ابطال الجيش الشعبي
ثورت بابور لسعيتا
لتمدري لدري
قلي لعرق ات قبي
وقلي اب قبي لتكري
وعجي حررلبيلا
بدح لتعب ولرئي

ولد احمد في ثلاثينيات القرن الماضي وهو اصغر اخوته ومنذ ان شب وترعرع سار حب الوطن المسلوب في عروقه ومع بزوغ الثورة الارتريه كان ممن انضموا لحركة تحرير ارتريا ثم لجبهة التحرير وكان رجلا فارع القوام وجيها قوي البنيه مهابا ذو شخصية قوية لا تغادر البشاشة وجهه، وكانت معظم اللقاءات مع الثوار تعقد في بيته.

كانت جلساته تطول مع الثوار لمناقشة الاوضاع في كرن وماحولها ومناقشة نشاط الخلايا بالداخل وكان يستلم المناشير من الثوار ويوزعها على مسؤولي الخلايا بالداخل من سكان كرن وضواحيها.

وكما اسلفت المسافة بين قلعة آل الشيخ وكرن كانت مسافة سبع كيلو مترات والذهاب الي كرن بالارجل كان لايتجاوز الساعه ورسائل الثوار وتوجيهاتهم كانت تصل الى اصحابها في خلال يوم.

اتساأل ما هذه الشجاعه التي كان يتحلي بها احمد واصحابه ؟ وسنعرف ذلك من خلال ماتعرض له من تعذيب، ولم يجعله يفشي سرا طول فترات السجن وبعد ان يملوا من استجوابه كانوا يطلقون سراحه.

رجال كانوا يخوضون غمار المغامرات وبشجاعه جنونيه رغم وجود الجواسيس والمرتزقه في شتي الاماكن والازقه.

احمد زايد تعرض لاربعة اعتقالات في مسيرته النضاليه واعماله الفدائيه وعذب فيها اشد العذاب وكل هذه السجون خرج منها منهكا ولكنها لم تفت من عضده ولقد تركت آثار التعذيب بصماتها في يديه وفمه وصدره وحتى انه سبق اخوته للدار الآخرة من آثار تلك الاعمال الوحشيه التي اثرت في وضعه الصحي مع تقدمه في العمر لانني شاهدته قبل وفاته بشهر وهو يبصق دما الي ان توفاه الله.

وقد حكى لي صديقه العم بابكر طاهر قصة عجيبة عن شجاعته النادرة، كان شجاعا الى حد التهور.

يقول بابكر قال لي (هل تدري يابابكر ان بطن الثعبان باردة شديد ؟) قلت له كيف عرفت ذلك ؟ قال كنت ذات ليلة ارعى البقر فيما يطلق عليه بلغة التغري (مَهْسَيْ) فأخذتني غفوة واحسست بشيئ بارد يتجول داخل سروالي تيقنت انه ثعبان وبسرعة فائقة فتحت تكة سروالي لأفتح له المجال للخروج واعرف ان اي حركة من اتجاهي ستكون عاقبتها لدغة مميته وللعلم (ان الثعبان لا يلدغ شيئا لايتحرك اكان جمادا ام انسان).

واصل الثعبان سيره داخل سروالي وانا جامد لا اتحرك الي ان اشرأب برأسه نحو وجهي وسرعان ماامسكت برقبته وخنقته بكلتا يدي حتي فارق الحياة !!!

شجاعة بهذاالشكل انها من النوادر، انها شجاعة سَخِرَتْ من السجن والسجان والجلاد.

اما عن كرمه فحدث ولا حرج كانت قلعة آل شيخ زايد للذين يأتون من المناضلين والمسؤولين واعضاء القيادة من جبهة التحرير والجبهة الشعبيه كانو يكرمونهم من مالذ وطاب الذبائح تذبح والعصائد تُجَهّزْ والتحليه من البرتقال والجوافه والمانجو واليوسفي
وانه اقل مايقدم لمن نذروا انفسهم فداءا للوطن وفداءا لهذا الشعب الأبي صانع البطولات ومحقق المعجزات.

والعم احمد من خلا ل حنكته وذكائه وكاريزميته كانا التنظيمان يكنان له الاحترام والتقديركان همزة وصل بين جبهة التحرير الارتريه والجبهة الشعبيه وكان يستقبل مسؤوليهم كل منهم على حدة.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click