الفدائي الفَذ العم/ عبدالله داؤود

بقلم الأستاذ: محمد رمضان - كاتب ارترى

(1) القصص التى رسمها شهداء أرتريا وأبطالها مُتفردة فى أحداثها! شيقة فى مأثرها! بطولية فى رمزيتها! ثابتة فى رسُوخها وثباتها!

عبدالله داؤودقصص أبطالها مضوا إلى ربهم لكن سيرتهم باقية تتمدد عبر الزمن تنتقلُ من جيلٍ إلى جيل ! الكلمات تتقاصر فى وصف بطولاتهم !

والقلم يتوارى خجلاً من ضخامة تضحياتهم وجسارة مواقفهم ! فهم بُناة الوطن ومشاعله ! وتاريخه الزاهى وماضيه العريق ! فلله درهم من جيل !

(2) إن مسيرة شهداء الوطن حافلة بكواكب سطروا بلمساتهم خارطة الوطن ! وببسالتهم سجلوا إسماً لأرتريا فى قائمة البلدان ! فالتناول لبطولاتهم مُدهشُ حد الغرابة ! وبالنظر لما قدموه لم يستحق هؤلاء ولا أسرهم حفنة من تلك التضحيات! فالنظام لم يأبه بالشهداء وحقوقهم وتاريخهم بالطبع كما هو شأن كل شىء فى بلادنا، لكننا على العهد باقون حتى تعود الحقوق لأهلها وتُعاد بوصلة التاريخ لمكانها الصحيح ! فلن تضعف عزيمتنا ولن تنكسر هاماتنا حتى النصر أو الموت دونه.

(3) يتمحور المقال على قصة أحد رجالات الثورة الأفذاذ الذين إنضموا إلى الثورة فى بواكيرها، وأضافوا لها لوناً من التضحية رهيب! كان عنواناً للمهابة والإقدام! مُقاتلاً عنيداً لا تلين له قناة! من الأوائل الذين خرجوا بالثورة من التخوم إلى الجبال !

إنه العم/ عبد الله داؤود (الشقيق الأصغر لوالدى رحمه الله) إلتحق بالثورة من ضواحى مدينة عدى قيح (جعالقدى) سنة 1964م حاملاً معه هُموم الوطن وأوجاعه، ومن دفعته الذين التحقوا معه اللواء الشهيد/ عمر سوبا والشهيد/ إبراهيم إسماعيل فكانوا مثالاً فى الجندية والقيادة والقتال وكانوا ضمن من صنعوا الأحداث فى الثورة !

شارك الشهيد فى ملاحم بطولية ونضالية عدة قبل تكوين المناطق حيث أشترك فى عمليات فدائية عدة أشهرها فى ضواحى مدينة كرن تحت قيادة الشهيد عمر إزاز فى يونيو 1965م، وعند تكوين المناطق توجه إلى المنطقة الثالثة وتم تعيينه قائداً لجهاز الفدائيين بالمنطقة الثالثة بعد هيلى قانقول، قاد الشهيد عمليات فدائية أستهدفت أخطر عملاء العدو ضباطه وقادته فى المُدن والقرى أشهرها عملية فى عمق مدينة مندفرا فى يناير1967م، وكان الإستهداف مُوجعاً للعدو ورسالة قوية على قدرة الثورة فى الوصول إلى أهدافها بسهولة، وعززت مؤشر ثقة المواطن الإرترى فى ثورته الوليدة ! لم يكتفى الشهيد بالعمل الفدائي الذى أبدع فيه وأجاد ! بل شارك بوحدته فى مُعظم المعارك التى خاضها تنظيم جبهة التحرير فى المنطقة حتى وصلت الثورة إلى عمق المنطقة بركة لعال ومشارف مديرية سراى فى دمبلاس وقوحين وكانت أبرز المعارك التى شارك فيها الشهيد معركة داندر الشهيرة التى تُعتبر من المعارك البطولية الفاصلة فى تلك المرحلة على مستوى العمل النضالى فى تلك المرحلة وأستشهد فيها المناضل محمد برهان والفدائي طه محمود وكانت هذه الملحمة بتاريخ 1966م كان الشهيد عبد الله داؤود مُقاتلاً لايُشق له غبار ! شُجاعاً مقداماً لايهاب ! كان يحمل روحه على كفه فى ساحات الوغى وميدان التضحية! إتصف بالجرأة والإقدام لايخاف منازلة العدو مهما بلغت قوته وجبروته ولهذا كان النصر حليفه فى معظم العمليات الفدائية! كان مُخططاً بارعاً لأصعب العمليات الفدائية ! كان قليل الكلام ذكياً سريع البديهة نشطاً يتدفق حيوية !

كان الشهيد يجيد اللغة العربية والتجرينية والساهو والتجرى.

تزوج الشهيد فى قرية عدكوكوى ببركة لعال تلك القرية التى كانت تحتضن خيرة أبطال الثورة حينها الذين كانوا يُقارعون العدو أنجب الشهيد بنت وتشفعت وهو فى ميدان النزال والثورة، مرض الشهيد بمرضٍ مفاجىء لم يُمهله طويلاً فأستشهد فى تلك القرية فى فبرير 1972م تغمده الله برحمته وتقبله مع الشهداء والصديقين.

الشهيد عبد الله داؤود كان مُلهماً للثورة على مستوى إقليم أكلى قوزاى وسراى حيث كانت عملياته الفدائية تُرعب العدو وتغرس الخوف وكانت حديث الناس فى البوادى والحضر فكانت مانعاً للظلم قبل وقوعه !

الشهيد عبد الله داؤود ورفاقه كان حضورهم فى الثورة بصولاتهم وببطولاتهم النادرة ووجودهم الفعلى بالمنطقة الثالثة قد حفظت التوزان بين المجتعمات التى كانت تشهد حينها صراعات مُتعددة بالمنطقة فأستمد المجتمع منهم القوة ولعبواً دوراً مُهماً فى صيانة الحقوق وبث الأمل ! وبعد أن تعاظم دوره البطولى كان إستهداف الأسرة والقضاء عليها هو السبيل الوحيد للإستعمار الإثيوبى للقصاص! فقرروا إحراق أسرته بالكامل ومنذ ذلك التاريخ بدأت الأسرة بالهروب إلى مدينة أم حجر خوفاً من بطش الإستعمارومن ثم إلى السودان بعد مذبحة شمبلبلوا 1975م حيث بدأت حياة اللجوء.

فالكتابة عن العم عبدالله تأتى فى إطار التوثيق فهو الأب الروحى للأسرة وعمادها وقد تعلمنا من سيرته الكثير من المعانى فهو مدرسة مُتفردة فى الصبر والبذل والفداء! ولم تتوقف المسيرة النضال التى ألتحق فيها فحمل الراية بعده الوالد ثم الأخ (شقيقى الأكبر) الذى مضى شهيداً فى معركة تحرير مدينة أغردات ولن تتوقف مسيرة العطاء حتى ينعم الوطن وشعبه بالحرية والسلام والرخاء !!

(4) إن هذه القُصاصات التاريخية التى نكتبها ويكتبها الأخرون عن شهداء الوطن خطوة أولى نحو توثيق التاريخ يجب أن تتبعها خطوات مُنظمة للتوثيق عن شهداء أرتريا وللتاريخ النضالى وأحداثه حتى نُملك الأجيال القادمة الحقائق والصور عن تلك الحقبة المُهمة فى تاريخ شعبنا على يكون ذلك توثيقاً علمياً مُنظماً ومُرتباً لأنه إرثُ وأمانة يجب الحفاظ عليها وتوصيلها بإنصاف وإتقان ! كما أنه من الواجب تسمية الشوارع والأحياء والمستشفيات والمراكز والميادين بأسماء القادة والزعماء والشهداء تخليداً لهم وعرفاناً! صحيح إن الواقع مختلف لكن من يدرى فقد تختلف المعادلة ويتحقق ما نصبوا إليه ويكون واقعاً مُعاشاً وليس ذلك بعزيز فإن لم تتحق الأن فحتماً يوماً ما تجد طريقها لتتحقق.!

خارج السور:

نشكر الاستاذ/ عبد الله حسن على دعمه لنا بالمعلومات والحقيقة فهو أحد المصادر الأمينة التى يُمكن الرجوع إليها للتوثيق وله مجهودات مقدرة فى هذا الإتجاه فله منى كثير الإمتنان وجزيل الشكر على جُهده ونضالاته ! وشكر خاص للأخ محمد امان إنجابا على مجهوداته فى التوثيق وقد لعب دوراً كبيراً فى التوثيق للشهيد موضوع المقال وغيره من المناضلين فله ألف تحية !

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click