ذكريات مناضل صالح فكاك - الجزء الأول

بقلم الأستاذ: أحمد داير - كاتب وناشط سياسي إرتري

كانت فرصة طيبة أن ألتقى المناضل صالح فكاك فى القاهرة وفى مناسبة هامة وهى تأبين

المناضلة الفدائية سعدية تسفو ثم تشرفت بعدها أن أظفر منه بوعد باللقاء والدردشة خاصة أنه كان يهمنى منه توضيح بعض ما جرى قبل وبعد معركة حلحل الشهيرة باعتبار أنه كان فى المنطقة الثانية إضافة إلى أى إفادات منه حول فترة القيادة العامة لجيش التحرير الإرتري.

المناضل صالح فكاك من مواليد حلحل فى العام 1947 وبدأ كأقرانه فى تعلم القرآن الكريم فى خلوة البلدة على يد كبار شيوخها. إلتحق بمدرسة حلحل الأولية فى عهد الاستاذ حسنين عافة اسفداى.

أنتقل بعدها لدراسة المتوسطة فى أغوردات مقيما مع عمته.. أسرة إدريس كرار والد الشهيد عبدالقادر. كان من زملاء دفعته د. محمود عثمان نافع رحمه الله والمناضل عمر محمد سليمان شفاه الله.

فى العام 1963 توجه إلى كسلا ثم بورتسودان التى درس فيها لفترة قصيرة فى الكمبونى توجه بعدها إلى الخرطوم فالقاهرة ليبدأ الدراسة فيها لمدة عام تقريبا ليلتحق بعدها فى العام 1966 بدورة ضباط فى حلب - سوريا حتى نهاية العام 1967. كان من زملاء الدفعة الشهيد جعفر جابر عمر والمناضل إدريس على والمناضل عبدالله خليل والمناضل إبراهيم يس جميل.

بعد التوجه إلى الميدان فى العام 1968 تم توجيه ثلاثة من الدورة فى المنطقة الثانية...

الشهيد جعفر جابر نائبا للسرية الرابعة بقيادة الشهيد حليب ستى..

عبد الحميد خليل نأئبا للسرية الأولى التى كان يقودها المناضل يس محمد على عليه الرحمة..

صالح فكاك نائبا للسرية الثالثة التى كان يقودها المناضل عبد الله ديغول...

قبل الحديث عن معركة حلحل التاريخية لا بد من التوقف قليلا عند أمر هو عبارة عن تسريبات عن أحقية مناضل ٱخر لقيادة المنطقة الثانية وما يعتقده البعض أن ذلك كان من مسببات أنضمام بعض المناضلين فى وقت لاحق إلى قوات التحرير الشعبية.

أولا يمكن القول إن الشهيد عمر إزاز كان أحد أضلاع قيادة مجموعة الجيش السودانى بجانب قائد المجموعة الشهيد طاهر سالم والشهيد محمد إدريس حاج الذى قاد جيش التحرير بعد أستشهاد مفجر الثورة الشهيد حامد إدريس عواتى.

ثانيا إلتحق الشهيد مبكرا بالقائد عواتى فى 9 مارس 1962 بعد نهاية خدمته فى الجيش السودانى وحسب تعهد أعضاء مجموعة الجيش ضمن مجموعة فيها الشهداء... محمد إدريس حاج... أبو طيارة... عثمان أبو شنب... ٱدم قندفل.. أبو رجيلة.. وآخرين... حسب كتاب معركة إرتريا للمناضل الراحل عثمان دندن.

يضاف إلى ذلك اكتسابه خبرة إضافية بمشاركته فى الكتيبة السودانية التى شاركت ضمن قوات الأمم المتحدة فى الكونغو... الصورة المرفقة للشهيد فى أحراش الكونغو... يعتقد أن ذلك كان فى العام 1961 وكانت الصورة قد نشرت فى أحد أوائل كتب الجبهة (كفاح إرتريا).

ثالثا أن التعيين لقادة المناطق ونوابهم والمسؤولين عن مختلف الأجهزة وقادة الفصائل ونوابهم جاء بقرار من المجلس الأعلى لجبهة التحرير الإرترية فى يوليو 1965.

أمر ٱخر هو الحديث المتكرر عن أن الشهيد أفتعل معركة حلحل للهروب من الوحدة التى تم الاتفاق عليها. لتوضيح ماحدث... كان قادة المناطق ومعاونوهم قد عقدوا اجتماعا فى عرداييب من 14 إلى 16 يونيو 1968. تواجد جميع القادة عدا المنطقة الخامسة التى كان قائدها قد سلم نفسه إلى إثيوبيا وحضر المفوض السياسى للمنطقة أسياس افورقى وقائد السرية الاولى عبدالله إدريس محمد... إضافة إلى قائد هيئة التدريب عمر دامر ونائبه عبدالله إدريس ضرار وقائد القوات المساعدة أبو طيارة.

أهم ما أتفق عليه المجتمعون.. الدعوة إلى عقد مؤتمر يضم قادة المناطق ويشارك فيه معظم الكوادر الأساسيين للتنظيم... دعوة أفراد القيادة الثورية المتواجدة فى كسلا للدخول إلى الميدان...تكليف المنطقة الثانية للإعداد لعقد المؤتمر مع تأمين مكان انعقاده.

بناءً على ذلك يتذكر المناضل صالح فكاك أن الشهيد عمر إزاز كان قد أختار منطقة يكارع مكانا لعقد المؤتمر وبدأ بالفعل بتجهيز بعض المستلزمات لاستقبال الوفود. ثم أنه كان متوجسا من مركز حلحل ويعتقد أن أى معلومات يمكن أن يمد بها قوات الإحتلال فى كرن قد تساهم فى فشل المؤتمر إضافة إلى أن المعلومات الاستخبارية كانت تشير إلى وجود أعداد قليلة من قوات العدو فيه وسيكون الهجوم بعدد كبير من قوات المنطقة الثانية. ولهذا حسب ما يتذكر المناضل صالح فكاك كان الإعتقاد أن المعركة لن تستغرق أكثر من نصف ساعة يتم فيها القضاء على المركز.

من المعارك التى يتذكرها المناضل صالح ولا تفاصيل عنها من قبل... معركة حقات والتى كان الحديث عنها مربوطا بقائدها المناضل يس محمد على عليه الرحمة. ما يتذكره المناضل صالح هو أنها جرت فى أبريل 1968 وكلف بقيادتها المناضل يس محمد على وكان قائدا للسرية الأولى ومسؤولا عن التدريب فى المنطقة مستفيدا من خبرته فى الجيش السودانى.

وعين المناضل وقتها عثمان موسى سلمان نائبا لقائد المعركة وكان أحد أفراد دورة الضباط الاولى فى حلب مع القادة.. محمد أحمد عبده، عبدالله إدريس محمد وحامد محمود وآخرين. وكان قد تم تعيينه نائبا لسرية الشهيد عثمان صالح.

بدأ الهجوم على المركز وحدث خطأ تكتيكى غير مقصود... مجموعة الأمن التى كانت قريبة من الموقع أشعلت النار لتربك العدو.. لكن ذلك أدى إلى كشف المناضلين وتعرضهم إلى نيران كثيفة واضطر قائد المعركة ألى التوجيه بالأنسحاب. لم تكن هناك خسائر كبيرة تذكر... جرح المناضل محمد عافة محمد إدريس واستشهد نائب قائد المعركة الشهيد عثمان موسى سلمان... ومع مرور أكثر من نصف قرن فإن المناضل صالح مازال يبكيه وتأثر الجميع وقتها بفقدان هذا البطل الذى يجهله الكثيرون... وهو أحد أبناء هبرو التى قدمت الكثير من الابطال.

ملاحظة يذكرها المناضل صالح الذى رغم أنه لم يشارك فى المعركة إلا أنه كان قريبا من المنطقة برفقة الشهيد عمر إزاز فى تل مرتفع وحين شاهد الشهيد النيران من بعيد أدرك أن المعركة لم تنجز ما كان مؤملا منها. على كل تحقق هدف من أهداف المعركة وهو منع العدو من تنفيذ خطته بالهجوم على المناطق القريبة من حقات... وكانت هناك معلومة قد وصلت إلى قيادة المنطقة بنية العدو القيام بذلك.

قبل الدخول فى تفاصيل معركة حلحل التى أحاطت بها بعض الشائعات أهمها أن هناك معلومات تسربت إلى العدو حول الهجوم ومن ثم تأهبه واستعداده فهو أمر مردود عليه كما يذكر المناضل صالح ويوضح بأن الأستعداد للمعركة كان مكشوفا وكان العدو يراقب قوات المنطقة التى كانت فى منطقة قريبة هى منطقة مأتو.

يمكن مقارنة ما جرى فى حلحل بما جرى فى بارنتو بعد حوالى عقد من الزمان من حيث صعوبتها والتحصينات والموقع المرتفع... للشاعر محمد مدنى قصيدة رائعة من وحى معركة بارنتو... ورغم أنه كان بعيدا عن حلحل حينها وكان فى مدينة ود مدنى صبيا فقد كان لتأثير البلدة التى ولد فيها وربما كانت هناك صلة تربط جدته بالشهيد عمر إزاز فقد كان له مقطع من قصيدة جاء فيه (للذى وحد حلحل بالموت وبالعشق ...سلام).

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click