المناضل الوطنى الثائر الشهيد محمد حيساس

بقلم الأستاذ: عبده ابراهيم

تناقلت الهواتف في القرى والمدن السمهرية ومناطق هيقت (منسع) صبيحة يوم أول أمس الجمعة

محمد موسى حامد حيساس2016/4/21 نبأ وفاة الرعيلي راعي الرعيل الأول محمد موسى حامد (حيساس) في مدينة قندع بعد حياة مليئة بالنضال منذ فجرة إعلان الكفاح المسلح، واللقطة التي يظهر فيها مع أبطال الثورة في العصر الأول (إبراهيم سلطان وأحمد ناصر وأبو شنب وأبورجيلة وحليب ستي...) تدل على مكانة هذا الرعيلي الجسور بين قيادات الصف الأول في جبهة التحرير الارترية.

محمد موسى حامد (حيساس) شيخ درار أب مندر بن دستياي ولد في عام 1928م بمنطقة شعب - قدد بالقرب من وادي شيشرو لم يتجاوز مستواه التعليمي حدود الخلاوي القرآنية ثم أخذ في بدايات شبابه كورسات متقدمة في التمريض زادها خبرة باحتكاكه المتواصل بالمستشفيات الميدانية للثورة ثم أنخرط عضو نشط في نضال جبهة التحرير الإرترية رائدة الكفاح المسلح وكثير ما كان يترأس لجان في مناطق: المنسع وإقليم السمهر في التعبئة وتجهيز المقاتلين بالطعام والمؤن الضرورية وعلاج الجرح حيث كان يملك قدر كبير من الوعي الصحي والخبرات العملية العلاجية، وكان منزله في قدقد يمثل مركز صحي يتوجه إليه أهالي قدقد والقرى المجاورة للعلاج، وظل رجل الثورة وحامي المقاتلين مخلصا لجبهة التحرير الارترية حتى صار إقليم السمهر منطقة حصرية للجبهة الشعبية في بدايات الحرب الأهلية بين الجبهة الشعبية وجبهة التحريرية الإرترية قبل تحالف وياني تقراي والجبهة الشعبية والذي تم بموجبه إزالة جبهة التحرير الإرترية من كامل الأراضي الارترية.

تغيرت الأوضاع بسيطرة الجبهة الشعبية في المنطقة لكن ما تغير نشاط محمد حيساس وظل يعمل تحت إدارة الجبهة الشعبية لنفس المبادئ حتى كانت بيته في قدد (متر أسلت) مقر ضيافة المقاتلين ومقر ما كان يعرف بالإدارة الجماهيرية ومحل الإسعافات الأولية وعبره كان يتم التحويل للمستشفى العسكري المركزي (عيلا عرو) والذي يبعد عن قدقد حوالي عشر كيلو متر أيضا كان منزله مقر تجميع الذرة من مزارع: شبح وقدقد وشعب ومنه كانت تنقل الشاحنات إلى كل مراكز ومعسكرات الشعبية في باقي المناطق.

ظل وفيا للنضال والمناضلين حتى تم تحرير إرتريا وبعدها عاش باقي حياته في الرعي والزراعة غير متأسف على تلك القيادات التي سكنت الفلل في أسمرا ونسيت يوما إنها كانت تنتظر عشاءا من يد محمد حيساس (مجووعة عصائد) يشترك فيها سكان القرية لتنقل إلى الجنود النائمين في الليل الحالق على مسافة من بيت محمد حيساس بين شجيرات القدنفر والأقبا، حكت لنا إحدى بناته أن أكثر ما كان يسعده تقديم الطعام للجنود الذين يخيمون مع غروب الشمس بالقرب من الغابة الغربية لمنزله (في متر أسلت - قدقد) و ذكر الشيخ حسين موس أبوبكر وهو من أعيان مناطق مرارة ودحسوى حادثة تدل على حب محمد حيساس للمناضلين حيث ذكر أنه في عام سبعين (كان عام مجاعة) جاءت فصيلة من جيش التحرير ولم تستطع الأسرة القيام بعشاء الضيوف فقام محمد حيساس بذبح ثور من بقره فشبع الجنود والناس في تلك القرية، كان محمد حيساس نموذج فريد من الشعب الإرتري الذي كان أرحم بالجنود من أبنائه.

ما يؤسفني هو انتهاء نضالات هؤلاء الأبطال بهذا النكران والجفاء من ثوار أمس حكام اليوم، كان أقل ما يستحقون أمثال محمد حيساس من الرعيل الاول أن يعتني بهم من باب رد الجميل لأصحاب الفضل فتهيئ لهم عيشة كريمة وتكتب نضالاتهم تاريخا لتنشئة الأجيال على الوطنية وحب الأوطان بدلا من أن يتركونهم يتيهون في الأدغال والجبال ويموتون تحت الأشجار أو فوق الأحجار، أن هذا النكران من قبل حكام إرتريا اليوم للرعيل الأول يدعونا نسأل هل تحرير إرتريا كان عبارة عن استبدال علم مكان علم وإحلال ألم بألم ؟؟؟؟ يبدو أن ذلك صحيح لو قارنا بين ضخامة التضحيات التي بذلها الشعب الإرتري وتفاهة النتائج التي تحصل عليها بعد التحرير.

كل تعازينا الحارة للشعب الإرتري الذي يتعرض لمعركة الإبادة من حكامه وتعازينا لهم على هذا الفقد لأن محمد حيساس يمثل نموذج الثائر العاشق، عاش فدائيا يحمي الفدائيين، وظل ولسان حاله يدندن: كل يوم مر من غير كفاح هو يوم ضاع من عمر الصباح... اللهم يا رحمن واسع مغفرتك وجنتك فإنه كان رحمة من رحماتك.

Top
X

Right Click

No Right Click