اعتقال احد شيوخ مدينة تسنى غربى ارتريا الواحدة ليلا في منتصف عام ٢٠٠٨

بقلم الأستاذ: حسن محمد

خمسة جنود من جهاز أمن هقدف مدججين بالأسلحة يقتحمون منزلا فى حى أربعتى أربعتى!

يخلق حالة من الذعر فى أوساط العائلة.

قال أحدهم: نعا دليناكا ألُّنا.

أنا: سلمينتاى؟

هو: سُق إلكا وٍساا.

تشق السيارة أحيآء المدينة وعلى ظهرها أربعة معتقلين مغلولى الأيدى ليجدو أنفسهم اخيرا على أطراف المدنية فى حى (الدبابة).

تشرق الشمس، مدير أمن المنطقة، لماذا خرجتم من إرتريا بصورة غير شرعية؟؟

نحن: فى جواب خفى، أنتم الغير شرعيون.

تنطلق السيارة إلى أولى معتقلات النظام (عد عمر) ٣ او ٤ كيلوميترات من وسط مدينة تسنى.

من خمسٍ إلى ست أمتار من الشوك هو محيط السجن فى محيط آخر هو سلسلة من الجبال الشاهقة يضرب عليها شرزمة من أفراد النظام طوقا أمنيا يصعب اختراقة.

بداخل السجن "Underground" لكبار المجرمين وعتاتهم كما يقول أحدهم، أكثر نزلاء السجن (سكوردوبات).

سبعة عشرة يوما أحداثها تصلح لرواية لا أسرد تفاصيلها دفعا للسئامة وردءا للملل، لكننى أذكر أننا كنا منزوعى الأحذية عندما نخرج للخلاء فى أرض شائكة حتى تحارب معهم الطبيعة و أشواك الدَّريسه، ضد خائنى الوطن! اما أقصى ما يجود به الهقادِفه من طعام هو (عَدَسِن، شاهين بانين).

تقف شاحنة أمام سجن عد عمر، تنطلق بهم إلى سجن آخر بالقرب من مركز التدريب القومى ساوا، يسمى السجن (حدِّش معسكر) وهو حدِّش فى كل فنون التعذيب.

لا ترمق العين أثرا لبنآء، يسأل الواصلون حديثا، اين هى منازلهم؟؟

يجيبهم السيد مراحى بطلون: ستشاطرون تحت الأرض إخوانكم المَبيت والمقيل!

أربعة أيام تمضى بين أقسام السجن، أغردات، تسنى، تيتانيك والأيام فيها حبلى بكل قاس وأليم.

وما زلت أذكر حتى اليوم صورة أولئك الشيوخ الذين كانت تشى حالتهم بأنهم أقدم الناس نزلا فى زنازن النظام وقد أكون مصيبا إذ أقول إنهم ذاتهم الذين نكتب عنهم اليوم.

فى ساحة السجن تقف شاحنة كبيرة بعض من السجناء فرحين ينادى الضباط على أسماء من سيغادرون إلى العاصمة أسمرا ولكن إلى (عدي اباتو)!

السجن ممتلئ تماما أكتر النزلاء هم العسكر (المخبللون) أى المتخلفون عن الحضور مع انتهاء إجازاتهم.

يتذمر السجناء من قتامة الوضع ورداءة الحياة، الجوع ينخر العظام والناس نيام فوق بعضهم البعض لضيق المكان مع سعته، روائح سيئة تنبعث.

أسبابها عدة وأولها براميل البول الموضوعة أمام الباب حتى لا يضطر السجناء التعلل للخروج.

تمتلئ البراميل، يتسرب البول إلى أماكن النوم، يضيق الناس ذرعا.

يطلبون ذات مرة أن يتم تغيير الطعام (العدس) فإذا بهم يوقفونه ومع وطأة الجوع أصبح العدس هو سيد الطعام!

يقول أحد العسكر بنبرة كلها استعلاء (طميت غيار مقبى ايو)!

ويعا - النفق المظلم:

تنطلق الشاحنة إلى معسكر ويعا تصل إلى أرض قفر لا ماء ولا كلأ إلا ما ينحدر من (ربى حداس).

تقول الرواية إن أول دفعة نزلت هنا قضى أكثر أفرادها بين مرض وموت وأن الطبيب الذى أوتى به ليقيِّم الوضع ويبت فى أمر من يمكن تسريحه من الجيش ومن يمكن احالتة للخدمة المدنية قضى بتسريح أكتر المجندين تحت وقع أمراض لا يُعرف إن أدرجت فى قوائم منظمة الصحة العالمية.

اما الموت فتلك حالات نعرف وقوعها كلما طُلب منا أن أن نجمع الحجر حتى يوارى به الموتى.

وللمرأة نصيب وافر من الألم و المعاناة يكفى أنهن كن يجبرن على الإستحمام أمام الرجال على الهيأة التى كان عليها آدم وحواء إذ اكلا من الشجرة.

هذه وتلك قصص تطول تفاصيلها دونتُ يومياتها فى مذكرات أسميت عنواها يومذاك (الأيام النحسات) هى ذاتها فى الأسر، منع الخوف إخراجها من ارض الوطن علها تجد النور قريبا.

هذا السرد الموجز دارت كل أحداثه فى ظرف لم يتجاوز السبع أشهر وحوى كل هذه الوقائع والمآسى والآلام فكيف بآبائنا وشيوخنا الذين يقبعون خلف زنازن النظام منذ فجر الحرية وإلى يومنا هذا؟!

خرجت قبل يومين إحدى بنات المعتقلين تخنقها العبرات وأبكت معها الرجال وهى تطلب أن نستشعر آلامهم ونذكرهم ونستودع طاقاتاتنا كل عذاباتهم ومراراتهم.

عاش أولئك الأمجاد وخاب من حمل ظلما، الهقادفة وكل قوى الشر من مشايعيهم وعند الصباح يحمد القوم السرى.

Top
X

Right Click

No Right Click