مصوع ثغر ارتريا الباسم

بقلم الأستاذ: أحمد السيد عثمان - كاتب وبـاحث ارترى

ازدهرت التجارة في تلك الفترة بزخم من الاحداث التجارية و الاجتماعية، و اصبح ميناؤها مركزا تجاريا

هاما في البحر الاحمر، و محطة يقصدها كثير من أبناء الدول المجاورة و الهند للمعيشة و مزاولة التجارة. و نظرا لهذا لانفتاح التجاري ى، فقد انشأت اسواق عديدة، مثل سوق الذهب و الفضة، وسوق القماشين (البز) و كذلك اسواق اللحوم و الخضار و السمك (البنقلة)، و كانت مجهزة تجهيزا عصريا تشرف عليها البلدية بكل دقة.بالإضافة إلى هذه الأسواق كان هناك سوق للحدادة و السمكرة، و كثير من متاجر العطارة و الخردوات و النجارة (ضبع الجلود و صناعتها) و تصديره، وبناء قوارب الصيد و نقل الركاب و السفن الشراعية (السواعي) و انشئوا محطات صيانة لها. ولا عجب اذا أن تتبوأ مركزا تجاريا هاما بين دول المنطقة أبان تلك الفترة، قبل أفول نجمها في عهد الاستعمار الاثيوبي.

و يسعدني أن اتناول بعض من التفصيل لما ذكر سابقا، حتى يدرك شباب المهجر ما كانت عليه مدينة مصوع.

1. سوق الذهب و الفضة: يقع هذا السوق في الحي التجاري، مستطيل الشكل مسقوف بسقف هندسي جميل، يعرف (بالجلاريا) لحماية المواطنين من حرارة الشمس، و كانت هذه الاسواق المسقوفة منتشرة في كثير من بلدان العالم مثل القاهرة و جدة و دمشق، و كان يعمل في صياغة الذهب و الفضة، كثير من الصناعية يمتازون بمهارة فائقة مثل بيت خير الدين و بيت صايغ.

ومن اهم انواع المشغولات الذهبية، مثل المشاخص و التلال و الأحزمة، و البناجر و الخواتم و السلاسل الذهبية بأنواعها المختلفة، و كذلك اللبة التي تلبس في عنق المرأة، بالإضافة إلى هذا المشغولات المحلية، كانت هناك مشغولات مستوردة من عدن و القاهرة و الهند وكان شيخ الصاغة من بيت صايغ.

اما بالنسبة للمشغولات الفضية، حدث و لا حرج، حيث كانت تضع فيها كثير من الانواع المختلفة التي تلبي طلبات مصوع و توابعها مثل الحجل بأنواعه و كوفيت و لوازمها.

2. سوق القماشين: كان يعرف هذا السوق بسوق الهنود او (البنيان) وكان مسقوف مثل سوق الذهب يبدأ من أمام مسجد المرغني و ينتهي الى نصف طول السوق، و كانت المتاجر مملوءة بكافة الأقمشة الرجالية و النسائية المستوردة من الهند و سورية و مصر عبر تجار مواطنين و غيرهم.

بالإضافة الى هذه الاسواق، كانت متاجر و معارض ايطالية، لبيع كافة المنتجات من ملابس جاهزة و ادوات منزلية و ادوات صيد البحر و الغوص و عطورات في منطقة نعرف باب عشرات حيث كانت ملتقى الاجانب.

ولا يفوتنا ذكر دكاكين العطارة التي كانت تحتوي على انواع مختلفة من الاعشاب الطبية و اللبان و البخور المستورد من مختلف البلدان و كانت عطارة الشيخ عطية يماني و اخوه من اشهر العطارة في مصوع.

3. سوق السمك (البنقلة): كان هذا السوق من اجمل الاسواق، حيث كان بشكل هندسي و جميل يوجد بداخله ثلاجة لحفظ الاسماك المتبقية و عدد من المصطبات مغطاة برخام و على كل منها ميزان، و فوق كل مصطبة مروحة لتلطيف حرارة الجو و كان يخضع لمراقبة مستمرة من أفراد البلدية، بالإضافة الى عمال النظافة يغطونه عقب انتهاء العمل، و يقع السوق في حافة (حارة) السقرين.

4. سوق اللحم و الخضار: هذا السوق مقام على اعمدة حديدية مسقوف من اعلاه و من داخله مقسم الى عدة لقسام يوزع منها المحلات لبيع انواع الخضار المختلفة، أما اللحوم فقد كانت تنقل بواسطة سيارة مبردة من السلخانة إلى محلات لبيعها قرب هذا السوق، و كانت تراقب بصفة مستمرة من أفراد البلدية.

5. سوق الحدادة و السمكرة: بدأت مدينة مصدع تنشأ و تتوسع عقب دخول الايطاليين فيها بصورة مضطردة، ادى ذلك إلى كثرة عدد السكان و انتشار الاعمال فيها، و نظرا لتلبية لإحتياجات هذه الفترة من الحدادة و السمكرة، فقد نشأ سوق خاص بالحدادة و السمكرة في حارة (الوسطى) امام مدخل مسجد الذهب يعمل فيه كثير من ابناء المنطقة بجد وخلاص و مهارة.

و في هذا السياق، فإن لبيع الاخشاب ومواد البناء المختلفة و الادوات الصحية و الكهربائية، كان متاجر كثيرة لتلبية طلبات المواطنين، بالإضافة الى متاجر لقطع الاخشاب، و كان يعمل في مجال التجارة عدد كبير من المواطنين كانوا يمتازون بمهارة فائقة في الصناعات الخشبية، مثل عمل المشربيات التي تعرف بالمحلية (الكشك) كانت تزين بها واجهات العمائر، و كذلك عمل غطاء لسقف الحجران عليه نقشات بديعة تعرف ب(البلفون) بالإضافة الى انواع مختلفة من ابواب المنازل و الشبابيك.

و كذلك صنعوا هيكل و مقاعد اول باص من الخشب، استخدم في مصوع.

و من أهم من اشتهر بعمل النجارة بيت (هندي) الذين بنوا ضريح الشيخ ابن علي في امبيرمي و كذلك بيت هيجي و اناتي.و في هذا الصدد، لقد تميز عمال النجارة، في صنع قوارب الصيد، و قوارب نقل الركاب بين جزر مصوع الثلاثة وتعرف بالفلوكة، و كذلك في بناء و صيانة السفن الشراعية التي كانت تجوب البحر لصيد اللؤلؤ و الصدف و منتجات بحرية اخرى، و تعرف بالسواعي. و اخيرا و ليس اخرا ان شاء الله، أحب أن انوه المقصد من نشر هذه الإضاءات عن مصوع في النت ليس للقراءة فقط، و انما في سياق مسعى لتوفير القدر الممكن من المعلومات، للقارئ لمعرفة ما كانت عليه مدينة مصوع و توابعها. اول كنيسة تبنى بمصوع: إنسكان مصوع و اتبعها يمتاز عبر القرون بالتسامح و حب الخير لمن عايشوا بين ظهرانيهم من الأخوة المسيحيين الذين قدموا من المرتفعات، حيث تعرفوا مع الايطاليين و عملوا لديهم. وبعد أن كثر عددهم طلبوا من الحكومة الايطالية بناء كنيسة لهم لأداء شعائرهم الدينية، حيث لم تكن توجد كنيسة في مصوع من قبل.

قدمت الحكومة الايطالية هذا الطلب الى علوية الميرغني، لما كان لهذه العائلة الكريمة السلطة الروحية في المنطقة و تقدير كبير من الحكومة الايطالية. تم نقاش بين الشريفة العلوية واعيان مصوع تم على اثره الموافقة بناء الكنيسة على البحر على جانب سقالة قطان بين جزيرة طوالوت وعداقه و ليست على اليابسة شرط ان تقام على اعمدة حديدية، و ذلك في نهاية العهد الايطالي و في عهد الاستعمار الاثيوبي ازيلت هذه الكنيسة و انشأت اخرى في طوالوت و كذلك تم اعادة بناء مسجد الحنفي في نفس موقعه في داخل مصوع. و للعلم و الاحاطة بأن موقع جامع الحنفي القديم كان بقرب الميناء.

و إلى اللقاء في حلقات قادمة و دمتم بخير

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click