تحرير بلادنا الحبيبة وتأكيد استقلالها - الجزء الأول

بقلم الأستاذ: فلنتدارك واقعنا قبل فوات الأوان

ثلاثون عاما هي عمر تحرير بلادنا الحبيبة وتأكيد استقلالها، وهي ذات العقود الثلاث التي دفع

خلالها شعبنا كل غال ونفيس من مال ودم وأرواح، فهنيئا لشعبنا البطل ووطنه ذكرى مجد تضحيات أبنائه وبناته الأوفياء من الشهداء ومشوهي حرب التحرير البواسل، فلهم المجد والخلود، وكل حول وذكرى، وشعبنا المعطاء بألف خير وعزة ورفعة.

تأتي هذه الدورة الزمنية لذكر الاستقلال المجيد، ومازال شعبنا يكابد ويلات جرائم سياسات السلطة الأحادية الغير دستورية، التي لا ننكر شرعيتها الثورية لوقتها المعقول، ولكننا نستنكر وجودها اللامعقول المعتمد على الإرهاب والتكبيل والإخفاء القسري والقتل واستبعاد الشعب في الداخل بكل فئاته العمرية وتركه يعيش حياة ما قبل أكثر من قرنين، ولاسيما بدائية البنية التحتية والخدمات، ناهيك عن التغييب المطلق للديمقراطية وما تقتضيه من استحقاقات ممارسة الحريات.

تأتي هذه الذكرى في ظل مستجدات إقليمية زادة الطينية بلة على المناخ السياسي السيئ الذي كانت ومازالت تعيشه المعارضة الارترية بين فكي كماشة دولتي الجوار المؤثر على الواقع الارتري منذ فجر تاريخ الصراع في المنطقة، المتمثلان في طريحي الانضمام والتقسيم، ومن ذلك كان الوجود الفاعل لوياني تقراي في عهدي الثورة والدولة الارتريين يمارس نهجا مضاضا للمشروع الوطني الارتري، في حين أن الثورة الارترية ممثلة في جبهة تحرير ارتريا هي من أسهم في صنع قوى المقاومة الإثيوبية، لمركز السلطة فيها في عهديها الكهنوتي والشيعي، ثم استمرت تقراي كذلك، بالرغم من سوء علاقتها باسياس وعصابته، حيث احتضنت البعض الغالب من المعارضة الارترية ليس من أجل دعمها وإحداث تغيير ديمقراطي في إرتريا، بل لتكبيلها وتقذيمها، بل ايضا لتخطط للبعض منها برسم تطلعات انشطارية تحقيق بعثرة وحدة الكيان الارتري السيادية الوحدويه، ذلك لأن خلاف قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تقراي مع آسياس وتياره في الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، لم يكن غير خلاف في السلطة على ما أولموا وتنادوا للنفير من أجله، وهو أحد خياري: إثيوبيا الكبرى أو تقراي الكبرى (تقراي - تقرنية) ، وفي النهاية هي - حبشى؟!

وهو الواقع الذي كان ومازال يدمي قلب كل ارتري وطني حر، يرا هذا العبث السياسي، من قبل البعض من أدعياء قيادة جانب من القوى الوطنية الارترية، في وقت يميعون فيه المواقف الوطنية الارترية بمهادنات ساذجة لتيار الثورة المضادة، التي يترتب عليها الانقسام وهو للأسف سلوكا كان ومازال مواكبا لعهدي الثورة والدولة في إرتريا.

تأتي هذه الذكرى، في ظل كبوة جواد وياني تقراي، وليس تلاشي أحلامها، وهو ما يعني أنها ذات فكرة ومشروع، بغض النظر عن حدود مشروعية ذلك عندما يربطون المشروع بارتريا وشعبها، ومن الدلائل على وجودهذا المشروع، وتأكيد عضوية آسياس وتياره فيه، وهم الذين يمثلون خلفاء لتياري أندنت (الوحدويين) وولدأب ولدماريام، ولا معنى آخر لحقيقة تباينات زعاماتهم عموديا وافقيا، سوى صىراعهم على زعامة هذا السناريو- وهو ما يكشفه التحالف الذي بناه آسياس مع أبي أحمد، ضد قيادة وياني تقراي، ليتحقق له أقصاها أو اخضاعها، فاطاحوا بسلطتها وكسروا هيمنتها لتعود الي الجبال، لكونها تحمل مشروعا وفكرة.

والدليل الآخر على واقعية ما اقول وقال ذلك الكثيرون قبلي، فإن وياني تقراي قد حركت كمبرساتها من الارتريين ضد آسياس، لخلق حليف بديل غير تيار آسياس الذي تختلف معه في السلطة، لتهيئة أرضية جديدة في المجتمع الارتري، ليس لكونها كيانا مظلوما يريد نصرة كما يصورون، ولكن لضمان بقاء حياة المشروع العنصري المشترك مع من يحمل. ذات المشروع الديني والثقافي من الارتريين، للقيام بسحب البساط من تحت أقدام آسياس الذي اشفع دخوله بيت الطاعة الإثيوبي من أجل السلطة واكمالا لمهامه التامرية على المشروع الوطني الارتري الذي سرج شعبنا صفحات النضال من اجله بدمائه وأرواحه: حيث قال عنه آسياس، مستهينا ومستهترا، وبمنتهى التبجح بما يكنه ضميره الآثم وهو ما أثبتته ممارساته كقائد لنهج ثقافي وسياسي، قام ويقوم بتطبيقه في إرتريا :في السابق واللاحق، قائلا - (أي كسرنان) اي أنه كان يعني إن شعبنا الارتري لم يخصر شيء، اي بمعنى اننا عدنا للالتزام باثيوبيا ثانية؟!!!.

كما قلت، إن الجبهة الشعبي لتحرير تقراي، لم يقضي عليها ابي أحمد وحزبه وحليفه أسياس، وإنما انسحبت إلى الجبال، لتخوض المعركة باستراتيجية جديدة متى ما أتيحت لها السانحة، وقد جاءتها على طبق من ذهب، حيث كان انقضاض السلطة المركزية عليها، فرصة لمن كان يتحين الفرصة لتحريك ما اسكنته حالتي وهن الإجماع (الأمني) والإرادة السياسية في السودان خلال عقود مضة، هذا فضلا عن المحفز الآخر ألا وهو عنجهية اثيوبيا والتصرف الانفرادي فيما يخص أمر مياه النيل الأزرق بحجة أنه ينبع من أرضها، متجاهلة كل الدواعي التي يجب أن تحسب لها باعتبار أن النيل هو ثروة إقليمية تهم المنبع والمصب، لكونه يعني أمرا من أهم أسباب الحياة.

وعندما قام السودان باسترداد أرضه المسطو عليها، تعالى نظام أبي أحمد - على التقراويين، ليحتاط لمواجهة السودان فاعلن بأنه أو قف الحرب ضد تقراي من جانب واحد مدعيا بأنه قام بذلك لاعتبارات وطنية وإنسانية؟!!!

من هنا كان على وياني تقراي أن تتحرك من مكمنها في الجبال والاحراش لتحشدقواها الذاتية والموضوعية المتمثلة في المعسكر المضاد لأبي أحمد ومشروعه ذا المسلك الاستبدادي محليا وإقليميا، فشنت المعارك بهدف فك الحصارعنها، ولكن بالتأكيد انه لم يكن الغاية وإنما هو إحدى الوسائل لتحقيق أهدافها المحلية والإقليمية، بل والدولية، لصالح من يستحقون منها سداد ما اسلفوا لها وما قد يضيفون، وعلى ذكر الشأن الإقليمي أو الخارجي فلا شك في أن لتقراي رأيا حول ارتريا كما لتيار ابي أحمد وكل النخب الاجتماعية والثقافية والسياسية الإثيوبية عبر التاريخ، علاوة على ما ترتب أو يترتب على موقف نظامها الحالي مع نظام أبي احمد، بل و مشاركته العسكرية ضدها، كما أن هناك داعي آخر الا وهو- تحديد وحشد موقف ما يمكن أن نسميه بحليفها من الارتريين، ضد خصومها في كل من إثيوبيا وارتريا.

وهنا إن أسس مآل موقف التقراي من عدو هم ربما يكون واضحا، ولكن ماهي احتمالات أسس وموقف التقراي من حليفها من الارتريين، ووطنهم واستقلالية سيادته، وبالتأكيد إن من نسميهم بحلفائها فانهم يتمثلون ضمن مكونات المعارضة الارترية أو بعضها.

وفي القابل ما هي إسس ومواقف هؤلاء من الثوابت الوطنية الارترية، ونديتها السيادية، وماهي مواقف البعض الآخر في المعارضة الارترية ممن يختلفون مع التوجهات الأحادية ومواقفها وممارساتها الازدواجية، سواء الكلية منها أو تلك الجزئية التي يتطلعون أن تبنى عليها علاقة الحلف مع تقراي.

علما ان للمعارضة الارترية تجربة طويلة وفاشلة مع وياني تقراي، كانت نتيجتها تقذيم المعارضة، بل أضف إليها الاسهام في تعميق الهوة بين صفوفها وتازيم سبلا لرجعة والحوار بين مكوناتها، ولاسيمالقيام تقراي بقتل ذلك الوليد التنظيمي و السياسي الارتري الوطني، ومشروعه الاجتماعي على أجندة التغيير والمرحلة الانتقالية، الذي ولد في أواسا في إثيوبيا وكان ذلك تحت سلطة التقراي وكانت وقتها تمسك بكل خيوط السلطة في إثيوبيا، وهو ما يعني - أن للتقراي اليد الطولى في دوران المعارضة في حلقة مفرغة، وتجذر عصابة أسياس - أخطبوطا يحبس أنفاس الشعب الارتري ويقيد حريته ويشل حركته.

فهل المعارضة الارترية ممثلة في إجماع المجلس الوطني الارتري للتغيير، وكل التيارات السياسية والوطنية الحريصة على الثوابت الوطنية الارترية، ونديتها السيادية مستعدة لكل الاحتمالات السياسية والامنية التي قد تكون مبيتة أو تطرأ، لا سيما وأن استقلالية وسيادة ارتريا ورفعت كيانها، أنها مسألة مستهدفة من ذوي الاستراتيجيات العابرة للحدود منذ أمد طويل، وعلى المستويين الإقليمي والدولي.

والهادفة إلى جعل ارتريا إما أن تكون ذات سيادة رمزية صورية تقاد بالتبعية من أثيوبيا، وهو مالا تنال منه إلا المسمى، أو أن تتجزء إلى أشلاء يضم كل منها إلى أحد وكلاء الأجندة الإقليمية أوالدولية، بالإضافة لاجندة استراتيجياتهم الخاصة، وذات الموروثات الاستعمارية التي بنيت عليها كياناتهم السياسية.

وبالتالي فأنهم يرون أن من اهم أسباب بقاء خططهم الاستراتيجي هي إلغاء الكيان الارتري أو شله ومصادرة إرادته، مستغلين في ذلك - ذلك التباين السالب الذي يعيشه الكيان الارتري- قديما وحديثا، فاليوم، وإذا صدقت الأنباء عما يقال عمايجري في مطبخ الخرطوم من إعداد لحقوص ومن قر يوس، وما تتغنى به جبهة تقراي من استعداد لغزو اسمرا ماهو الا دليل على أن تحرير الكيان الوطني الارتري، لم يضع نهاية لاطماع ومخططات أعداء حريته وسيادته، وم السبب في ذلك بعد تأكيد الاستقلال الارتري، إلا غفلة القوى الوطنية الارترية عما يجب عليها من ضرورة العمل لاذالة العلة الرئيسة الا وهي التخلي عن مسببات غياب الحوار الوطني الصادق وتحقيق وحدة الموقف والكلمة.

علما: إن المتضرر الأول من الواقع الراهن في داخل إرتريا وخارجها هم المسلمون، ولكن أذامارهنت الإرادة الوطنية الارترية بيد الأستواء من السيء، فإن الذين يحسون اليوم بنشوة الآمر الناهي - على الأقل اجتماعيا. وثقافيا، فإن حالهم سيصبح أسوء مما عليه المسلمين اليوم.

ولذلك على الأخوة في طرفي ما يمسك بتفاصيل تنظيماته وخططه وأهداف المنشودة وتحالفاته كل: من السيدان - مسفون حقوص، وهيلي من قريوس، أن يعملوا صادقين لإيصال ارتريا إلى مرحلة انتقالية تصان عبرها الوحدة والثوابت الوطنيتين الارتريتين، وذلك بالحرص على تحقيق استقلالية الموقف والقرار، وهو ما لا يعني الحجر والانغلاق عن الغير ولاسيما عمن في الجوار الذي تربطنابه أواصر كثيرة، ومصالح حيوية مشتركة، و لكن للحرص ثم الحرص على تفعيل تجميدقانون الهجرة ومنح الجنسية، والتمليك، إلى حين انتخاب مجلس تشريعي منتخب ديمقراطيا،وذلك للعبث السائد اليوم محليا، في أهم القضايا الجوهرية، عبر السلطة الجائرة القائمة في إرتريا، ومنها قضايا الأرض والسلطة والثروة، واللغة والثقافة والعدل والحريات وجميعها ناتج للاقصاء والتغييب المترتب تغييب التعددية، وبالتالي غياب الدستور، فحذاري ثم حذاري من استمراء الأحادية التي يمارسها تيار أسياس، الذي تحاولون إسقاطه ودون إسقاط نهجه الانفرادي.

ولهذا فاليكن الشعار: ارتريا أولا، ولا الإقصاء، وارتريا بالجميع وللجميع، ولا يهم من الذي سيقوها، بل كيف ستقاد اسسا وسلوكا.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click