أين ذهب قادة تيغراي بعد هزيمة التنظيم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي - الجزء الاول

بقلم الأستاذ: ياسين حسب الله - كاتب إرتري - لندن، المملكة المتحدة

كل المعطيات كانت تؤكد انتصار الحكومة الفيدرالية في اثيوبيا نظرًا لوجود الكم الهائل

دابراظيون قبرميكائل

في كل الإمكانيات والتحالفات الخارجية والداخلية والتفوق الجوي ولكن ما لم يكن في الحسبان هو ذلك الانتصار السريع الذي وعد به أبي أحمد وحققه في وقت قياسي!!!

والان نعود الى السؤال المحوري اين هم؟ والإجابة على يبدوا عاودهم الحنين الى الايام الخوالي، او أجبرهم الحال للذهاب الى كهوف الجبال وخوض حرب العصابات التي جاءت بهم الى سدة الحكم بشكل فاجئ الجميع اثناء الانتصار الكاسح الذي تحقق عام ٩١ نتيجة تفاقم الأوضاع وتحول الأقطاب الدولية في حينه، مما جعل منغستو يترك البلاد في طمرة الأمواج تاركا سفينة القيادة بلا ربان آثرا السلامة الذاتية قاصدا ضيافة صديقه روبرت موغابي في زيمبابوي ومعها تمردت الوحدات العسكرية، التي كانت تقاتل بلا كلل وكانت تتراكم عليها المشاكل وتعذرت معها الحلول مما جعلهم يلقون السلاح ويرفضون القتال. ومع هروب القائد العام ورئيس السلطة الحاكمة وترك الحبل على القارب. ويبدو لي أنه خضع لضغوطات خارجية بالإضافة لتفاقم الوضع الداخلي وتخلى المعسكر الاشتراكي عنه الذي كان يحتضر للأفول.

وعندها اصبح تقدم كل من الجبهة الارتيرية والجبهة الاثيوبية نحو المدن واستلام الدولة تحصيل حاصل في حالة من الذهول سواءً للمنتصرين او المهزومين، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الخلافات بين المنتصرين في تقسيم التركة وميراث الدولة الاثيوبية المترامية الأطراف. و أول الضحايا كانوا جبهة الارموا التي غدر بها من خلال الجبهتين بمؤامرة حبكت في ظلام وبمساعدة ارتيرية كبيرة سواء في إلحاق الهزيمة بالحكومة المركزية في اديس ابابا او تحييد اكثر من اربعين الف جندي من الارمو وجردهم من سلاحهم حتى لا يشكلوا قوة منافسة في السلطة وشريك متساوي في التركة و رويدا رويدًا استقر الحكم لمجموعة التجراى وأصبح همهم الشاغل للتخلص من الحليف القديم وذوي التأثير المباشر في اثيوبيا اي الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا وزعيمها المتربص بهم ليس لاستقلال الدولة الارترية فحسب بل يريد ان يكون له نصيب الاسد والقول الفصل في الشئون الاثيوبية وربما رئاسة اثيوبيا ذاتها وهكذا ارتفع سقف الطموح عند اسياس حينما رأى دولة بحجم أثيوبيا تؤل الى تلاميذه الصغار ما فتئ في استخدامهم في حروبه الداخلية والخارجية وقد افصح بذلك لرفاقه في جس ردهم ولكنهم صدموا بطبيعة السؤال وكيف يمكن تسويق ذلك الى الجنود والكوادر التي تمت تعبئتهم لسنين من اجل استقلال ارتريا وعندها ادرك اسياس ان الوقت لم يكن مواتيا فكتم النية.

لا شك ان الانتصار الذي تحقق كان فوق طموح كل المجموعات التي حققت الانتصار بتعاون كبير كل حسب امكانياته بالنسبة لجبهة تيغراي لم يكن هدفهم ولا حتى من طموحاتهم الدفينة حكم إثيوبيا بل الحصول على حكم ذاتي أو في احسن الاحوال تقاسم السلطة مع الامهرة الذين كانت السلطة المطلقة بايديهم وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية لمنطقتهم التي عانت من التهميش و الفقر والإهمال المتعمد كثيرا، ومن مختلف الحكام. وفي اثناء مفاوضاتهم كان يمكن ل اثيوبيا أن تلبي طلباتهم بكل سهولة والجبهة الشعبية لتحرير ارتريا كانت تعرف هذه الحقيقة وعليه كانت حريصة ان التجراى لا يصلوا الى حل مع اثيوبيا الا بالتزامن مع مفاوضات ارتيرية حتى لا يعصف ذلك بقوتهم العسكرية ويضعف موقفهم التفاوضي. والتيغراي بالرغم من إدراكهم ذلك أدركوا ايضا ان اي خلاف مع الثورة الاريترية قد يرمي بهم في المهالك وعليه تجلدوا بالصبر ورباط الشكيمة الى حين.

وحين سنحت الفرصة استقلال ارتريا كانوا اشد فرحا وحماسا واكثر قبولًا ودفعًا ليس اعترافا بالجميل ولا إدراكًا لحق الشعب الارتري في الاستقلال ولكن دفعا وتخلصا من الارتريين للانفراد بالصيد الثمين أما الرئيس اسياس بشكل خاص لم تروق له هذه العطية التي لم تكون بحجم المجهود وعيونه تراقبهم عن كثب وكلما استقرت أقدامهم على ارضية ظل يذكرهم من هم اصحاب الفضل ولابد للدولتين ان يسيرا معًا تحت قيادته الغير معلنة وقد كان له نفوذًا كبيرًا داخل الدولة الاثيوبية العميقة أكثر مما لهم نظرا لوجود عدد كبير من الإداريين الارتريين الذين لم تكن دائرة إلا وكانوا بها وبشكل فعال ومعظمهم كان من ذوي النفوذ المتجذر في الكينونة الأثيوبية سواء في السلك الدبلوماسي او حتى العسكري في كل الدولة الإثيوبية وكذلك طلائع المقاتلين في صفوف الذين تسلموا أديس أبابا وعملوا على استباب أمنها وخضوع مواطنيها الذي اتى جنبا بجنب الثوار الإثيوبيين الحلفاء في حينه والذين تحولوا من ثوار الأدغال إلى نعيم الخيرات مما لذا وطاب ومن الاعتماد على بعض المساعدات الى واسع الامكانيات، اما الارتريين الذين رأوا في أنفسهم أبطال الفضل والسبق على هذه المجموعة وورثوا بلدا محبطا وخزينة خالية من الأموال وهؤلاء الذين اعتمدوا عليهم كليا بالامس القريب قد فازوا بكل التركة الاثيوبية لم يكن الأمر مرضيا ولم يخلوا من الحنق ومع ذلك بلعوا العلقم وفكروا بطريقة في ظاهرها التكامل الاقتصادي والسياسي وفي باطنها تقويم الاقتصاد الارتري وبناء الدولة التي ظهرت للوجود بعد ان اتى الاثيوبيون على الاخضر واليابس مع رفاق الانتصار وقيادتهم الفتية التي ورثت الحكم والنفوذ.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click