المعارضة الارترية بين الاهتراء والاختراق - الجزء الأول

بقلم الأستاذ: أحدهم

المتتبع للأحداث المتسارعة هذه الأيام ينتابه شعور قديم / جديد بعجز المعارضة الارترية عن فعل أي شيء ذي بال،

حتى ولو على مستوى بيان يحظى بتقدير المتابعين والجماهير.

المعارضة الأرترية

إن حالة العجز في المعارضة الارترية، والتي نستشعرها في الملمات الكبرى والأحداث المثيرة مثل (ظاهرة) أبي أحمد، هي حالة تحتاج لتفكيك وتفسير، وسأحاول أن أناقشها من محورين، الأول: الاهتراء والذبول، الثاني: الاختراق من النظام الحاكم.

المحور الأول، الاهتراء والذبول:

مما لا يخفى على متابع الحالة الشاحبة المرهقة للمعارضة الارترية في حالتها الجمعية، وما هذا إلا بسبب الحالة الفردية الذابلة لمن يقودون هذه المعارضة، فهذه القيادات في الإجمالي هي شخصيات (على المعاش)، أناس متقاعدون حرفياً بكل ما تعنيه هذه الكلمة، مناضلون سابقون يعيشون الآن خريف العمر على الاعانات الحكومية في أوربا، أو على بعض التحويلات من الخليج، أشخاص فقدوا الزخم والدافعية من سنوات طويلة، اهتماماتهم الحقيقية هي دخول ابنهم للجامعة أو تزويج بناتهم، وغير ذلك من الهموم العائلية التقليدية، شخصيات، في الجملة، تعاني من مصاعب معيشية تصل لعدم القدرة على شراء تذكرة طيران للمشاركة في مؤتمر أو ندوة، وهذه أمور يعلمها كل من هو في كواليس العمل المعارض, إن ممارسة هذه القيادات المتقاعدة للأنشطة السياسية لا تعدو أن تكون مشاركة في مجالس ذكريات وتقليب لذكرى الوطن والميدان، يكفي أن تحضر أي ندوة أو اجتماع سياسي لهم وستلحظ ذلك، حتى من يطلب الدور للسؤال تجده يتكلم عدة دقائق، ثم لا يقول شيئاً محدداً، هو فقط يشرق ويغرب عن أنه قابل عثمان سبي أو عبد الله ادريس أو علان من الناس في كسلا أو الخرطوم أواخر السبعينات أو بداية الثمانينات، إن هذه الحالة الفردية الذابلة في خريف العمر لا يمكن أن تكون هي القيادة التي تشحن وتشحذ الجماهير للفعل السياسي، ومثل هذه الاجتماعات هي مناسبات لـ (الكلام) في السياسة وليس لـ (الفعل) السياسي، وشتان ما بين الأمرين !

والمستوى العمري الثاني من المعارضة، هم شخصيات أصغر سناً، وبهم طاقات وكفاءات لا بأس بها في الجملة، ولكنها طاقات فقدت بوصلتها فأضاعت (الشمال الحقيقي)، إن المعارضة السياسية تعني السعي للوصول للسلطة، في حالة الأحزاب السياسية، أو اسقاط السلطة أو اجبارها على تغيير سياستها في حالة قوى المجتمع المدني، وكلا الأمرين يتمان عبر انهاك السلطة وايذائها عبر مختلف الوسائل، ولكن الشخصيات الأصغر سناً في معارضتنا الذابلة تم استهلاكها في طروحات قبلية ومناطقية تدور صراعاتها داخل الجسم المعارض الكبير للحصول على نصيب من كعكة الاعتراف، ثم يدور جزء أخر منها داخل القبيلة أو المنطقة لاحتكار تمثيلها، ثم يأتي المستوى الأخير من المعارك داخل نفس هذه الكيانات القبلية والمناطقية من صراعات داخل هياكلها المختلفة، ثم تبلغ الكوميديا السوداء مداها بإنشقاق (الحركات التصحيحية) من هذه الكيانات! عزيزي الشاب، إن حركتك التصحيحية هي جزء من جزء من جزء فماذا تتوقع أن تقدم (قطعة الحمباشا) التي اقتطعتها مع بعض أصدقائك وهربت بها للقضية الارترية؟ أيها الشاب المعارض، أنت لا تؤذي النظام إلا بنسبة 01% مقابل 99% من جهودك المنصرفة لايذاء معارضين أخرين ضمن معاركك الدون كيشوتية! إن ما تحدثه من ضجيج هنا وهناك لا يعدو أن يكون مشاغبة سياسية يضحك منها اسياس واجهزته الأمنية.

وهنالك قسم أخر من المستوى العمري الثاني منخرط في التيارات الإسلامية، ولكن مشكلته أن قضيته في بلده تقع في أخر سلم أولوياته، لأنه (تابع) بشكل غير طبيعي لمن استعبدوه ايدولوجياً، تابع لقضاياهم تارة ضد ايران وتارة مع الاخوان في مصر، وتارة أخرى في صراعات لاهوتية لا تنتهي، وتبلغ تبعيته الحضيض عندما يرحب بتعاون بعض من استعبدوه فكرياً مع جلاده اسياس أفورقي ! يرحب بذلك لأن ذلك ينصر قضيته ضد أتباع مذهب معين في اليمن! أما انتهاك دينه وعرضه وأرضه في بلده فهو في الدرجة الثانية بعد مصالح من استعبده فكرياً !

وبعد العنصرين السابقين نصل لـ (القاعدة الشعبية) للمعارضة، وهذا العنصر هو بلا شك العنصر الأسوأ والأشد خطراً، لأن من سلبيته وخذلانه لأي عمل تنبع جميع المشاكل، هؤلاء السلبيون الملتصقون بالكنبة في بيوتهم، وبالكراسي في المقاهى حتى الموت، هم عنصر يلعب دوراً مدمراً للقضية، إن حراك الشعب متألماً من المظالم يفرز، حتماً، قيادات ونخب جديدة، ولكن وجود جماهير عريضة دورها التشكيك في كل عمل، واحباط كل مشروع، والتشكي دون تقديم الحلول، تشكي في وسائط التواصل الاجتماعي، تشكي في كل مجلس، هذه السلبية القاتلة هي الضمانة لعدم وجود معارضة فاعلة، وبدون إطالة تحليل نود أن نقول لهذا الشعب أن نخب المعارضة هي افراز لحالتنا العامة تجاه قضايانا، هذه المعارضة الذابلة هي نتيجة لسلبيتي وسلبيتك، هي نتاج لكسلي وكسلك، هي نتاج لضعف غضبي على انتهاك حقوقي ولضعف غضبك.

المزيد من تحليل وضع المعارضة الارترية خصوصاً من ناحية اختراق النظام الحاكم سيكون في الجزء الثاني، انتظرونا.

Top
X

Right Click

No Right Click