المقاومة حق مشروع انتفاضة مسلمي اسمرا نموذج ناصع - الجزء الثانى

بقلم الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

إن الاحداث الجسامة التي مرت خلال ربع القرن الماضي والقرارات الجائرة التي أصدرها نظام الهيمنة القومية في أسمرا منذ

فجر التحرير وحتى اليوم تسببت في خلق حالة من الريبة والشك لدى المواطنين عموماً لأن النظام لم يتخذ قرار واحد لصالح خدمة الشعب أو لتسهيل سبل العيش لراحة المواطنين، أما من ناحية إستهداف اللغة العربية والتضيق على المؤسسات الدينية الاسلامية وفرض قوانين صارمة في كيفية تلقي الدعم من المحسنين الإرتريين في الخارج والداخل والعمل على طمس كل أثر إسلامي في المجتمع الإرتري في داخل البلاد والهروب من بناء علاقات خارجية مع الدول العربية والاسلامية الا ما إقتضته مصلحة النظام فحدث ولا حرج.

الجبهة الشعبية ومنذ المؤتمر الأولى وسيطرت القوى المهيمنة الأن في البلاد عملت بكل السبل على تجاهل اللغة العربية في المعاملات الرسمية الداخلية للتنظيم أو في المدارس الكثيرة التى تم تأسيسها في المناطق المحررة في الميدان أو في بلدان المهجر وكانت تعرف بمدارس الثورة، بل تم إحراق الاف الكتب والمراجع العربية عند بداية الانسحاب الاستراتيجي عام 1979م بمختلف الحجج والتبريرات وأصبحت اللغة العربية اللغة الثانية في الإعلانات والشعارات فقط أما على أرض الواقع فالتعامل كان يتم بلغة التغرنيا بدءاً من هيئة التدريب الى المراسلات الداخلية ومدرسة الكادر مروراً بالفرق الغنائية الى التصريحات الرسمية ...الخ.

عدم توفر الكادر الذى يقوم بتدريس اللغة العربية هو المبرر الذى ظللنا نسمعه منذ منتصف السبيعينيات حتى اليوم، وهذا غير مقبول وغير واقعي من كل النواحى ولو توفرت الإرادة السياسية لتمكنت إرتريا من إبتعاث المعلمين الى دول الجوار نظراً للأعداد التي التحقت بالثورة من الشرق الأوسط والسودان خلال فترة الثورة وبعد التحرير، حيث تدفق أعداد كبيرة يقدرون بالالاف الى الوطن ومنهم من أكمل المرحلة الجامعية ومنهم من أكمل المرحلة الثانوية وأذكر على سبيل المثال لا الحصرالاعداد الكبيرة التى تخرجت من الجماهيرية الليبية وحضر المئات منهم الى إرتريا والكل يذكر كيف تعاملت معهم الحكومية الإرترية تهميشاً وعدم إهتمام بل إطلقت عليهم النكات وتم وصفهم "بالمؤذنين" في رسالة واضحة إن إرتريا المستقبل لا تستوعب الخريجين القادمين من الدول العربية حتى لو كان منهم من يجيد اللغة الانجليزية أكثر من خريجي جامعة إديس أبابا وجامعة أسمرا، كما أذكر المئات الذين تم إستدعائهم في إطار ما كان يعرف بنفرة إقليم الساحل في عهد الحاكم الشهيد/ محمد سعيد ناود حيث تمكنت اللجنة التي تكون من الأعيان بإقناع أكثر من مئة وثمانون من الذين أكملوا المرحلة الثانوية بالسودان للعمل كمعلمين في مدارس الساحل.

ولكن القوى الهيمنة والتي كانت تخطط لمستقبل إرتريا بفرض الهيمنة الثقافية عملت بإسلوب رقيق مستخدمة القوى الناعمة في التخلص من هؤلاء الشباب بمختلف السبل وكانت الخدمة الوطنية هي المطرقة التى يضرب بها هؤلاء القادمون الذين لا خيار أمامهم سوى الإلتحاق بالخدمة والعمل في المؤسسة العسكرية متناسين دراستهم ومؤهلاتهم العلمية أو مغادرة البلاد عبر الهروب الى بلدان اللجوء ومنافي الغربه مرة أخرى.

مرحلة التهميش الثانية كانت البدء بالتدريس بلغة الأمحيث تم إستدعاء الطلاب الذين درسوا المرحلة الابتدائية بمدارس الثورة والحاقهم بمعهد إعداد المعلمين لتلقي دورات سريعة وتوزيعهم كمعلمين في مدارس المنخفضات التي تدرس باللغة العربية حيث تحولت العديد من المدارس التي تم إفتتاح ليتم التدريس فيها باللغة العربية للتدريس بلغة الام ثم توزيع المعلمين الذين كانوا يدرسون باللغة العربية الى الجيش بحجة التعبئة العامة "الكتت" وبعد أن وضعت الحرب أوزارها في عام 2002م تم سحب المعلمين الذين يدرسون بلغة الام من المؤسسة العسكرية وتجاهلوا المعلمين الذين يدرسون باللغة العربية الذين أصبحوا جنودا في الدفاعات الأمامية رغم مطالبة أسرهم بإرجاعهم أسوة بالاخرون ولكن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح ولم يكن أماهم سوى البقاء في المؤسسة العسكرية أو الهروب الى خارج الحدود.

هنالك الكثير من المدارس والمعاهد تم تحويلها الى للتدريس بلغة الام مثل مدرسة نقفة الابتدائية "لارش" التي كانت متميزة وغيرها من المدراس والمعاهد الدينية في كافة أنحاء ارتريا وكل ذلك بهدف طمس اللغة العربية والثقافة الاسلامية بالبلاد وهذا المشروع نفذه المدعو ودي قرهتو وبخارظيين وفي الساحل المدعو/ موسي ادم الذي يقبع الأن في سجون النظام بعد إنتهت مهمته بتحويل المدراس التي كانت تدرس باللغة العربية في الساحل للغة التغري.

في اسمرا تم إستهداف مدرسة الجالية العربية في أسمرا التي ظلت تدرس باللغة العربية منذ إفتتاحها وذلك باساليب مختلفة تارة بمطالبة ادارتها بتدريس المنهج الإرتري حتى يتمكن طلابها من المنافسة في إمتحان الشهادة الثانوية الإرترية، وعام إثر عام ظلت وزارة التعليم تلاحق إدارة مدرسة الجالية الإرترية ولجان الأباء لكي يلتزموا بقرارات وزارة التعليم حتى تحقق لهم ما أرادوا بفرض اللغة الانجليزية في المرحلة المتوسطة والثانوية بمدرسة الجالية العربية "الامل النموذجية" حالياً.

الهدف الرئيسي من هذه الإجراءات الغير وطنية هو تصفية اللغة العربية وإعتبارها لغة ميتة في إرتريا عبر نقص عدد المتكلمين بها وإجبارهم على ترك لغتهم وتعلم لغة أخرى والغريب في الامر إن الاجيال التي درست بغة الام خلال 15 سنة الماضية يعانون اليوم من التهميش لأن اللغة التي درسوا بها لا يجدونها في دوائر الدولة ولا يمكن إتمام أي معاملة وهذا الوضع يترك لديهم الكثير من الاسئلة. وهناك عامل أخر وهو عمليات التطهير العرقي والتهجير الإجباري لسكان المنخفضات الإرترية.

الهدف من كل ذلك كان من أجل سيطرت لغة التغرنيا وهيمنتها وفرض ثقافة أحادية الجانب على حساب اللغات الإرترية الاخرى بما فيها اللغة العربية وهذا ما يطلق عليه الامبريالية اللغوية، أو إمبريالية اللغة، هي مفهوم لغوي "يتضمن نقلَ لغة مهيمنة إلى قوم آخرين".
هل تحقق ذلك ؟

صحيح إن وزارة التعليم الإرترية ظلت تحارب اللغة العربية بكافة السبل إلا إنها وعلى مستوى الشارع بدأت تزدادا ألقاً ورغبة عارمة من قبل الشعب بإظهار الرغبة لتعلمها، حيث إفتتحت العديد من المراكز التأهيل اللغوى التي تدرس اللغة العربية في اسمرا وفي بقية المدن الإرترية كما تنامت رغبة كبيرة لدى موظفي الدولة والتجار والمثقفين بإلاجتهاد بتعلم اللغة العربية لأهميتها في المحيط الذى نعيش، وهنالك عامل أخر قد يعتبره البعض ثانوى وأراه مهم في تعلم اللغة العربية وهو المسلسلات التركية المدبلجة الى اللغة العربية حيث إنتشرت ظاهرة نطق المفردات باللهجة الشامية المحببة في المدارس والشوارع وفي حديث الكبار والصغار الأمر الذى إستدعى تدخل بعض مسؤولي وزارة التعليم بتوجيه مدراء المدارس والفروع الشبابية والطلابية بضروة التصدى لذلك وشخصياً سمعت هذا الكلام في إحدى الاجتماعات الشبابية الذي طرحت فيها افكار لكيفية التصدى للغات والمفردات الدخيلة التى تهدد لغة التغرنيا في أوساط طلاب المدارس.

Top
X

Right Click

No Right Click