إنسان أرتريا.. تحرك نحو الحياة

بقلم المهندس: سليمان دارشح

من طبيعة الأشياء، وعادية الأمور، أن يعمل حكام أي بلد من أجل رفعته وعلو مكانته،

وجعله بلداً متقدماً متحضراً يليق بإنسانية مواطنوه، وهذه بالطبع بديهيات ومسلمات لا يحتاج إعلانها إلي الصياح بأعلي الأصوات، ومن أعلي شاهق المرتفعات، لأنها في الأساس من الأمور التي يهتم بها غاية الإهتمام الحكام الوطنيين الواعيين لمهامهم ودورهم في إعلاء مكانة بلادهم، إلي آخر هذا القاموس النير الذي تحفظه وتعيه حكومات الشعوب المتقدمة فكرياً، وتضع مفرداته أمام أبصارها وبصائرها، وتكافح جادة لتحقيقه وبكل الوسائل المتاحة.

ولكن في أرتريا ما يثير في النفس الحزن والإنقباض، لم يؤذيها ويقدها ويهدر طاقاتها ويعطل مصالحها، ويسحبها نحو الهاوية، سوى حكامها الذين إلتفتوا إلي ذواتهم ومصالحهم الضعيفة كضيق أفقهم، وعملوا بدأب شديد من أجل المحافظة علي كرسي الحكم، وإحكام القبضة الحديدية علي مقاليد السلطة، ضاربين بذلك عرض الافق مصلحة البلاد ورفعتها وتقدمها، أنها أزمة أسوا قيادة، ومحنة حكم فاسدة، ومأساة إنسان أرتريا الطيب، هذا الإنسان الذي يعتبر أثمن رأس مال في هذا البلد، فلماذا يجرده هؤلاء الأشرار الهقدفيين - حكام أرتريا - من هذا الثمن، ويسلبه حقه المشروع في الحياة الحرة الكريمة وإستمرارها إلي الأمام ؟.. ولماذا هو في وطنه يحس بالغربة والخوف والهلع ؟.. لماذا يتربص هؤلاء الأشرار به ليعزلونه ويزلونه ويطأوه بأحذيتهم ؟.. لماذا هؤلاء الظلمة عديمي الإنسانية وحثالة الإجرام يجعلونه يحيا وحيداً وسط مجتمعه وأهله، ومجتمعه وأهله نفسهم يعيشون كل واحد منهم وحيداً معزولاً بهمومه، متحسرين علي آمالهم وتطلعاتهم التي قبرت ودفنت ؟.. لماذا يصبح ويبيت - إنسان أرتريا - والغلاء والفقر يطاردوه، ويقض مضجعه، ويقلق يومه ويعريه من الراحة والطمأنينة وهو يتقلب علي ظروف وكأنها السعير ؟

وتمتلئ النفس أيضاً حسرة وإمتعاض، وهي تجد إنسان أرتريا، الذي كافح وناضل وصبر سنوات حرب التحرير، قد حصد منذ الإستقلال، وحتى اليوم، الموت والبؤس والفقر والتشرد!!.

هذه صور من مأساة وابتلاءات بلدك يا إنسان أرتريا النبيل المحب لبلده والساعي لخيره ورفعته، فمتى تتحرك نحو الحياة ؟.. تحرك بإندفاع وحماس شديدين، لتعزيز إنتفاضة الضياء، ولا تلوذ بالصمت والإستكانة والتراخي والامبالاة.. وتحرك فستلاقيك هذه الحياة في منتصف الطريق… وممضة مثل هذه الحياة عندما يعجز الإنسان عن التحرك إليها، وملاقاتها، وصراعها، لينتزع منها حقه المقدر له بين فكيها، ويفوز ويفرح بلذة الغلبة والإنتصار المؤزر علي الأشرار، أعداء الإنسانية والديمقراطية والحرية، ويذوق لجهده ونضاله طعماً.

وأمضي خطوات فأقول: أن حالة الخور والعجز والفشل التي لازمت نفسية إنسان هذا البلد في ظل حكم نظام الهقدف، الذي إمتد أكثر من ربع قرن، لابد من التصدي لها وتحجيمها، بل لابد من إقتلاعها من جذورها، بإعتبارها حالة مشوهة لا تشبه هذا الشعب الأصيل، لهذا أرفع يا إنسان أرتريا رأسك، في كبريا وشموخ، وحرر نفسك من الخوف والتقاعس والتخاذل، وأخرج بقوة وفي عنفوان الأبطال الشجعان إلي الشارع اليوم قبل غداً، لتأخذ حقك عنوة وإقتداراً، فلن يمنحك الهقدف المستبد حقك كالصدقة، وبسهولة ويسر.. تحرك يا إنسان أرتريا، نحو الحياة.. فالحياة تناديك.. وهل تلبي النداء ؟؟.

Top
X

Right Click

No Right Click