رئيس إريتريا لـ «الأنباء» بلادنا ليست للبيع لا لإيران ولا لإسرائيل
إعداد: عدنان الراشد - نائب رئيس التحرير و محمد الحسيني - مدير التحرير - مصوع - إرتريا المصدر: الأنباء
• كوارث الصومال والسودان وكينيا وغيرها سببها الديموقراطية الشكلية ،
• لا نمانع أن تكون للكويت علاقات بإثيوبيا ولكن نتمنى ألا تكون هذه العلاقات على حساب علاقتنا القوية بالكويت ،
• لا نريد أي وساطة مع إثيوبيا وليس أمامها سوى تنفيذ الحكم الصادر لصالحنا بشأن الحدود ،
• الـولايــات المتحـدة لم تتعلـم الدروس مـن المستنقعات التي وقعت فيها وتستمر بنفس السياسـات ،
• لا يمكن أن ننسى دور الكويت وسمو الأمير في تحرير بلدنا ،
• الاتهامات الموجهة لنا جزء من حملة إثيوبيـة وأميركيـة.. وما مصلحتنا في زعزعـة أمن اليمن والسعودية والمنطقة ؟!
• وتعريض المنطقة للخطر ليس مجرد غباء بل جريمة ،
• الديموقراطية كما تريدها أميركا «شكليات وترف».. وانظروا إلى نجاحات الصين ،
• حكومة أديس أبابا تريد تصدير أزماتها الداخلية وهي لا تمثل غالبية شعبها.
في مواجهة الاتهامات الكبيرة والخطيرة لدولة اريتريا على الساحة الدولية وما يثار حول دعمها لتنظيم «القاعدة» في القرن الافريقي والبحر الأحمر وتنامي نفوذ كل من ايران واسرائيل فيها وتدخلها في شؤون الصومال والسودان واليمن وكينيا، واستمرار المواجهة بينها وبين جارتها اثيوبيا، حملت «الأنباء» التساؤلات بخصوص كل هذه الملفات وغيرها الى مدينة «مصوع» الساحلية الاستراتيجية، حيث التقينا الرئيس الاريتري أسياس أفورقي الذي أجاب دون تحفظ عن كل ما طرحناه عليه من أسئلة قائلا ان «بلاده ليست للبيع لا لإيران ولا لإسرائيل» ومتهما الولايات المتحدة «التي لم تتعلم الدروس من المستنقعات التي وقعت فيها» واثيوبيا بأنهما تقفان وراء الحملة على بلاده التي تسعى على عكس ما يوجه لها من تهم الى استقرار القرن الافريقي ومحيطه كما أشار.
وأكد أفورقي ان بلاده تسير على الطريق الصحيح على مستوى التنمية البشرية، خاصة في مجالي الصحة والتعليم بعكس ما تقدمه «تقارير مضللة» للأمم المتحدة. وعما يثار بشأن غياب الديموقراطية عن بلاده وعدم إجراء انتخابات فيها قال ان «الديموقراطية وفق النمط الذي تدعو إليه الولايات المتحدة» هي سبب الكوارث في الصومال والسودان وكينيا وغيرها، مشيرا الى ان التوجه الى صناديق الاقتراع كما يدعون اليه هو «شكليات وترف» يزيد من تعقيدات المشاكل المطروحة. وأبدى الرئيس أفورقي إعجابه بالنموذج الصيني والخطوات العملاقة التي حققتها الصين في ظل حكم الحزب الواحد، لافتا الى ان الولايات المتحدة نفسها مدينة بتريليونات الدولارات للصين.
وأعرب الرئيس الاريتري عن رفضه لأي وساطة بين بلاده واثيوبيا في الأزمة الحدودية بينهما، لافتا الى انه لا حل لعودة الأمور الى طبيعتها بين البلدين سوى رضوخ اثيوبيا لنتيجة التحكيم الذي صدر لصالح بلاده والذي تمتنع عن التسليم بنتيجته منذ 8 سنوات. واتهم الرئيس أفورقي رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي وحكومته بمحاولة تصدير «الأزمة الداخلية» في اثيوبيا الى اريتريا.
وفيما يلي التفاصيل:
بالرغم من كل العلاقة الطيبة مع الكويت منذ تسلمتم الحكم بعد الاستقلال عام 1993 لم تزوروا الكويت سوى مرتين، كنا نتمنى ان نراكم أكثر في الكويت. ونود ان تحدثنا عن العلاقات مع الكويت اليوم، أين هي وما طموحكم بشأنها ؟
مواقفنا لا تتبدل ولا تتأثر، لأن العلاقات مع دولة الكويت تاريخية والكويت ساهمت كثيرا في استقلالنا ولا يمكن ان ننسى ان الكويت كانت بمثابة مكتب إعلامي وديبلوماسي وسياسي داعم للقضية الاريترية وحتى زودتنا بالعتاد. وأذكر جيدا انه كان لدينا نقص على مستوى السفن، وكانت لدينا مراكب ذات محرك واحد وأول سفينة حصلنا عليها بصندوقين أو محركين حصلنا عليها من الكويت. دعم الكويت لم يكن فقط اقتصاديا بل عسكري ايضا والى اليوم لدينا نماذج من الأسلحة والأجهزة اللاسلكية التي حصلنا عليها من الكويت.
وبعد الاستقلال بدأت الكويت بالمساهمة في مشاريع استراتيجية في بلدنا، مثل مشروع الكهرباء، فلم يكن لدينا في 1991 عندما دخلنا الى هنا كهرباء، والكويت ساهمت بالمرحلة الأولى في عملية تأهيل محطة الكهرباء الأساسية بتمويل كويتي فقط. كما دخل لاحقا صندوق الكويت للتنمية مع صناديق خليجية في تمويل استكمال المحطة.
لكن مع عمق العلاقات بين البلدين إلا أننا بأسف شديد نشعر بأن العلاقات الكويتية ـ الإثيوبية أفضل من العلاقات الكويتية ـ الإريترية.
نحن لا نمانع أن تكون للكويت علاقات مع إثيوبيا إطلاقا، لكن نتمنى ألا تنعكس هذه العلاقات علينا أو أن تكون على حساب علاقاتنا بالكويت. لكن بكل صدق ليس لدينا مآخذ على هذا الأمر لأن من عاش التجربة الماضية يعرف كيف وصلنا الى تحرير هذه المدينة (الحوار أجري في مدينة مصوع خلال وجود الرئيس أفورقي فيها للاحتفال بذكرى تحريرها عام 1991)، والتي لم تكن لتتم لولا مساهمات الكويت التي ساندت شعبنا، ولا توجد دولة دعمت شعبنا مثل الكويت، وأنا والحمد لله عشت هذه التجربة وأعرف تفاصيلها، ولكن نأمل ان تعود الأمور الى مجاريها الطبيعية في المستقبل القريب ان شاء الله.
هل هذا الموضوع كان في مضمون الرسالة التي وجهتها الى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مؤخرا ؟
لا، الرسالة كانت بخصوص القرار الدولي الأخير الصادر ضد اريتريا (1907) وشرحنا في الرسالة كل الأمور والخلفيات وراء القرار ونطلع سمو الأمير على التعقيدات التي تترتب عليه.
فصاحب السمو الأمير بحكم تجربته الطويلة في الخارجية الكويتية يعرف كل التفاصيل وهو على دراية عميقة جدا بأوضاع منطقتنا، خاصة الصومال.
وأنا أذكر انه كان عنده بيت ومزرعة في الصومال وكانت له علاقات مع المسؤولين خاصة محمد سياد بري وبفضله كان للكويت دور رائد في القرن الافريقي.
واليوم كون أميركا تأتي وتتهم اريتريا بالتدخل في الصومال وما يجري من احداث هناك وربط اريتريا بتنظيم القاعدة والإرهاب والتطرف فإنها سعت الى صدور القرار (1907) الجائر بحقنا، فدورنا ان نستعرض مع سمو الأمير حقيقة الأوضاع التي طرأت في الصومال منذ سقوط نظام سياد بري وننقل لسموه موقفنا ونحن واثقون من ان سمو الأمير قادر على المساهمة في حلحلة الأمور في الصومال وايجاد حلول للأوضاع فيه، ولذلك يتم التواصل مع سموه، فالكويت تعرف أكثر من غيرها ما يجري الآن في الصومال.
لديكم نظرية خاصة بشأن الديموقراطية في افريقيا لا سيما وأنتم في محيط ملتهب وكلنا تابعنا ما جرى خاصة في الفترة الأخيرة في كل من الصومال والسودان وكينيا، أنتم من القائلين انه يجب تهيئة المجتمع لديموقراطية هادفة لأن الديموقراطية وسيلة وليست غاية. هل هذا الأمر هو الذي يؤخر إجراء الانتخابات في اريتريا ؟
الحديث عن الانتخابات هو الحديث عن الشكليات، يجب ان نكون واقعيين، هل الديموقراطية الكويتية هي الأمثل؟ هل النظام السعودي هو الأمثل ؟ مع احترامنا للجميع نحن نرى ان كل المجتمعات تحتاج الى أن تمر بتحولات، الحديث عن الديموقراطية وأنماطها ينطوي على إساءة، وأصبحنا نعيش محاولة للتلاعب بذكاء المجتمعات التي يجب ان تكون واعية لواقعها وتدرك مصالحها على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني. في نهاية المطاف الديموقراطية يفترض ان تكون تطويرا لحياة الناس وتوفير فرص متكافئة لهم وإدارة مثلى للموارد وان تتمكن أنت كمواطن ان تعيش مثلك مثل غيرك في البلد وليس مجرد الذهاب الى مراكز الاقتراع ووضع صوتك بالصندوق.
والحديث عن هذه الأمور ترف، من لا يقدر عليه ولا يعرف يتحدث عن هذا الأمر، المعيار للحكم الجيد كما قلت هو توفير الفرص والمساواة وليس مجرد إجراء الانتخابات.
ديموقراطية اللويا جيرغا !
هل هناك دستور أمثل يصلح ليكون معيارا لكل الدساتير في كل مكان. لننظر اليوم الى الصين مثلا. بلد يعيش فيه مليار و400 مليون نسمة ويحكمه حزب واحد. والصين من الدول الصاعدة والمستقرة وستكون قوة عظمى بعد نحو 15 سنة، فلماذا نتجاهلها وننظر الى الولايات المتحدة وآرائها وهي المدينة اليوم للصين بالتريليونات ؟
الحديث عن هذه الأمور أصبح حديثا نمطيا لا طائل منه ويشكل مضيعة للوقت، لنتحدث عن المواطنة وحقوق الناس وخلق الفرص لهم فذلك أجدى، وكما قلت اذا كانت هناك قوالب فنحن نسأل من وضعها ولماذا تكون هي المعيار للتطور السياسي بأي بلد. الحديث عن الديموقراطية كما يحصل اليوم أصبح موضة هدفها المضايقة وتفرض على المجتمعات لخلق المشاكل والفتن، وشعوب منطقتنا في غنى عنها، فالحديث عن الديموقراطية على غرار اللويا جيرغا في أفغانستان، وما يجري بالعراق والصومال دليل على صحة ما نقول.
هناك تسويق لأنماط معلبة دون النظر الى الواقع في مناطقنا وبلداننا، والإعلام اصبح مضللا في هذا المجال.
انظر اليهم يعطون مواعظ عن حقوق الأديان، المسيحية دخلت الى بلدنا عام 330م، ومؤسسة الكنيسة هنا عمرها أكثر من 1700 سنة لذا نحن نقول الى من يتجاهل هذا الواقع انت عرفت المسيحية امس فكيف تعلمنا ما هي الحقوق؟!
وكذلك الأمر بالنسبة الى الإسلام، فقد دخل الإسلام بلدنا مبكرا جدا عندما هاجر الصحابة الى هذه المنطقة. فكيف نقبل ان يأتي أحد ليعلمنا الإسلام ؟! هذا الموضوع طرح ويجب ان يكون العالم العربي واعيا وان نخرج من هذه العملية ونخلق مناخا لكل البلدان فيه تعاون ورخاء واستقرار ومواطنة حقيقية قائمة على التنمية والمساواة وبعدها تأتي المشاركة والانتخابات، تسألني هل هناك انتخابات مؤجلة بالبلد وأنا أجيبك هل كان هناك أصلا انتخابات موعودة لنتحدث عنها ؟
يتحدثون عن انتخابات في السودان مثلا ؟ هل ستكون نتائجها مزعجة ؟ البلد على كف عفريت ويواجه مصيره بأن يكون أو لا يكون عبر الاستفتاء. الشيء المزعج ان استقرار السودان هو جزء من استقرار المنطقة وأي شيء يحدث هناك له انعكاسات علينا، الحديث عن الديموقراطية والانتخابات في السودان الآن ترف، لنتجاوز التحديات الخطيرة وبعدها نتحدث عن الانتخابات.
لا يمكن ان نعطي بديلا لخيار الشعب السوداني فهو من يقرر مصيره والسودانيون أدرى بقضاياهم ولكن الموضوع ليس أن كارتر جاء وطرح وأخذ ضمانات بأن الانتخابات ستكون نزيهة، فهذا طرح في غير محله، ويتحدثون عن كينيا وتابعنا ما جرى فيها وعن انتخابات في نيجيريا وكل يوم نشاهد شرطيا يقتل الناس في وضح النهار بشكل بشع، وفي كينيا بالسكاكين، أين الديموقراطية هذه ؟
نحن نقول ان هناك مراحل يجب ان تتجاوزها هذه المجتمعات، وهي بحاجة الى عمليات تحول لتوفير المناخ الأفضل للمواطنة والمشاركة.
وقبل هذه العملية يجب عدم الحديث عن الشكليات، أنا لا أتحدث عن نظرية وإنما قراءة للواقع الحالي المعاش.
ما شد انتباهنا في اريتريا هو هذا التآلف والتمازج بين المسلمين والمسيحيين والمصاهرة بينهم. انه أمر يدعو للارتياح وهو غير موجود في كثير من الدول هل هناك توجه لديكم لاستقطاب الجاليات الاريترية بالخارج، خاصة انها جالية متعلمة ومتمكنة ومبدعة وتملك رأس المال الذي يمكن ان يساعد على تنمية الاقتصاد الاريتري ؟
أولا التعايش حقيقة وتحدثت عن تاريخ الكنيسة والاسلام العريق في بلدنا، هناك دير على طريق أسمرة فيه مكتبة قديمة عمرها حوالي 1300 سنة فيها نسخة من الانجيل بالعربي بعض أجزائه مقطعة
وحينها كان الاسلام موجودا هنا وكان التعايش حاصلا في ذلك الوقت، وفي مصوع كما تعرف يوجد أقدم مسجد، الناس هنا متعايشون بطريقة نموذجية في كل المناطق، وهناك قصة أرويها عن إحدى المناطق النائية التي تعيش فيها قبيلة مسلمة شيخ القبيلة هو نفسه الذي قام بتدشين الكنيسة هناك بأموال وإمكانيات أهالي المنطقة، هذه قمة الحضارة، رغم أن السكان هناك رعاة وغير متعلمين، كيف يمكن أن يقتل المسلم أخاه المسلم أو المسيحي أخاه المسيحي أو أن يقتل المسلم أخاه المسيحي أو العكس. بالنسبة لنا هذا غير موجود في ثقافتنا وحياتنا ولم نأت به كسياسيين أو متنورين، وكذلك بالنسبة لموضوع المصاهرة بين الديانتين هو موجود في حياة المجتمع منذ البداية.
لا توجد فرقة بين الناس، التسييس هو ما يخلق مشكلة بين الناس، التعايش ليس جديدا علينا ونحن نفتخر به.
أما بالنسبة إلى الجاليات فنحن نفخر بأن أبناءنا في الاغتراب كانوا أول المساهمين في استقلال البلد، أمس كان عندنا لبنانيون تكلموا عن الاستثمار في الهواتف وغيرها والخبير الذي شاركنا بالمناقشة هو إريتري درس في كولورادو ولديه شهادة في الهندسة الميكانيكية.
والخبير الاقتصادي المسؤول عن الاستثمار هو خبير في البنك الدولي وموجود ودرس في أميركا.
الوطنية موجودة عند كل مواطن اريتري في كل مكان، في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وآسيا وهذا البلد يبنيه ابناؤه.
وأنا ألفت انتباهكم إلى أن تحويلات الاريتريين في الخارج أكبر من الناتج الاقتصادي السنوي. ومساهمة الاريتريين في المهجر هي أكبر من ناتج الزراعة والصناعة، نحن مستفيدون من الهجرة ومن عائدات المغتربين نحن ليست لدينا فرص وجامعات كالموجودة في اميركا مثلا، لذا لا نهتم بأن يهاجر إنسان ليعمل في مسح البلاط وإنما ليتعلم ويتخرج من الجامعات والحمد لله شبابنا ناجحون في الجامعات العالمية والأميركية مثل هار?رد وام.آي..تي وبرينستون.
واليوم بدأنا في انشاء كليات وجامعات في هذا البلد لنعزز فرص التعليم منذ 10 سنوات تقريبا، الهجرة ليست عيبا إذا كان هدفك التعلم وليس التسول، وعبر التجربة إذا كان هناك اريتري مستعد للاستثمار بالبلد فأولا يجب أن يتعلم ومن ثم يكون المال وعندما يعود يكون قد استفاد.
إذن الفائدة في زمن العولمة هي ان تستفيد من مؤسسات تعليمية أفضل مما لدينا ومن اقتصاديات أفضل منا وهذا ليس عيبا.
أنا لا اعتقد أن الاريتري في المهجر أو أميركا هو خسارة بل على العكس.
كنا قبل نحو 6 أشهر في أديس أبابا وأجرينا لقاء مع رئيس وزراء اثيوبيا السيد ملس زيناوي هاجم فيه اريتريا معتبرا ان مشكلتكم هي أنكم تطلقون النار أولا ثم تنتقلون إلى المفاوضات أو الديبلوماسية ثانيا، هل هذا صحيح وإلى أين تتجه الأمور مع اثيوبيا ؟
إذا اطلقت النار لا تتفاوض، هذا خداع، لسنا بحاجة لأن نطلق النار، يجب أن تسأل عن الوقائع الموجودة وخلفياتها، قضية الحدود لا مبرر لها.
لا مفاوضات مع إثيوبيا:
من استفاد من الحرب على مدى سنتين ؟ في النهاية لجأنا الى التحكيم وصدر التحكيم لصالحنا قبل 8 أعوام وإلى هذا اليوم لم ينفذ الحكم، من اطلق النار ؟ وكيف جرت الأمور ومن هو المستفيد ؟ هل طلبنا المفاوضات ؟ اطلاقا نحن لم نطلب سوى تطبيق الحكم ولا نريد أي مفاوضات طوال هذه السنوات تقول الحكومة الاثيوبية تعالوا لنتفاوض، ونحن نرفض. خلقوا مشكلة الحدود من دون أي مبرر ودفعنا ما دفعنا بسببها من أثمان. بعد الحرب في الخليج عام 1991 الكويت استندت إلى القرار الدولي لتأكيد حقوقها الحدودية وهذا ما يحصل معنا اليوم.
ما يقولونه مجرد افتعالات لا تستند إلى حقائق. ظل 18 سنة جالس معنا (زيناوي)، وساعدناه على اسقاط منغستو، وبعد سقوط ذلك النظام، شكل هو الحكومة في اثيوبيا، هل طيلة الـ 18 سنة معه كنا نطلق النار ثم نطلب المفاوضات؟
أغلبية الإثيوبيين غير ممثلين بحكومتهم:
الإنسان لا ينسى التاريخ قبل 20 ـ 30 عاما. ولا يمكن أن تنكر جميل من ساعدك، نحن نقول ان هذا افلاس والحكومة هذه موجودة في بلد تحكمه بشكل غريب جدا لأن أغلبية الاثيوبيين غير مشاركين في الحكم.
في 1991 لم نكن نتحدث عن تحرير اريتريا فقط وإنما تحرير الشعب الاثيوبي من أنظمة كانت تقصي الأغلبية في داخل اثيوبيا.
عندما أتوا بالدستور الفيدرالي عام 1995 كنت من أول الناس الذين اطلعوا على المسودة، حتى أعطي فيها رأيا. كيف يجوز لاي بلد ان يتحدث في دستوره عن حق تقرير المصير وحق الانفصال؟ كيف تبني البلد؟ هذه عملية غير مقبولة.
القبلية أو التقسيم العرقي والقومي يصبح مؤسسيا! نظام هايلاسيلاسي لم يخلق مؤسسات القوميات ولا حتى نظام منغستو فعل ذلك. هذا ناتج عن خوف هذه المجموعة والاقلية التي تعتقد انها يمكن أن تجزئ المجتمع عموديا وتخلق مؤسسات قومية ومن ثم تضعف مقدرات الشعب.
في 1991 دعمناهم بكل ما استطعنا بالأسلحة والخبرات حتى نتعايش مع الاثيوبيين ونكون نحن احرارا وهم أحرار. لكننا دخلنا في هذه المشكلة وفعلوا اشياء لم تكن في بال الكثيرين.
اجتاحوا الصومال لمصلحة من؟ ما قدراتك (الى زيناوي)؟ وماذا عندك حتى تخلق مشكلة القاعدة والارهاب؟ لم نكن بحاجة لصراعات وخلافات حدودية واتهامات.
لم نطلق النار ولم نطلب المفاوضات، هناك قانون وهو الحكم بيننا ويجب احترام الاتفاقيات. المفاوضات التي يتحدثون عنها عبثية ولن ندخلها.
لا نحتاج وساطة:
هل هناك طرف ثالث يسعى لجمع القيادتين الإريترية والإثيوبية ؟
المنطق بسيط، هل كان يجوز للكويتيين ان يتفاوضوا مع صدام عندما احتل اراضيهم ؟ لا يمكن ان نبرر لصدام ما قام به، لقد حدث ما حدث ولجأنا الى الاتفاقيات الدولية امام الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والعالم كله، وصدر حكم المحكمة لصالحنا والى اليوم لم ينفذ.
انت دخلــت بيتي وحطمــت الابواب والشبابيــك والكراسي وكل شيء موجـود ودخلت غرفتــي وبيتـــي، فعلــى ماذا نتفـاوض ؟
تعني انه بحكم الكفاح المشترك وقرب الشعبين يمكن ان يتم التقارب ؟
نحن لا نتباهى بدعمنا لهم بالماضي وعلاقة الالفة موجودة بين الشعبين، الحكومات في الماضي قصرت ومع ذلك تعايشت شعوبنا منذ آلاف السنين، لا يمكن تجاهل ذلك، النسيج موجود لكن التقديرات السياسية التي اوصلتنا الى هذه المشكلة يجب ان تراجع عبر احترام القانون والاتفاقيات، واذا تم ذلك فلن تكون هناك اي مشكلة بيننا وبين اثيوبيا وشعبها.
المشكلة مفتعلة ولم تكن تستحق كل هذه التضحيات، المشكلة عندهم في الداخل وعليهم الا يصدروا مشاكلهم لنا، ولا يمكن ان تعتمد على الاميركان لتحل مشكلة داخلية، لا مانع من وجود علاقات طبيعية مع الاميركان لكن ليس مقبولا ان تقوم من اجل ارضائهم باقصاء فئات كبيرة من منطقتك وجيرانك كما حصل في الصومال، يعتقدون ان بامكانهم فرض سلطتهم على الآخرين عبر الاعتماد على الخارج، نحن نقول انه لا داعي لوجود طرف ثالث بيننا وبينهم، هناك علاقات تاريخية بين الشعبين يجب ان تقود الامور الى مجراها الصحيح دون وسيط، الزمن كفيل بانه مهما حاولت الحكومات والقوى السياسية ان تغير مجرى التاريخ فلابد ان يعود التاريخ الى مجراه الصحيح.
السياسة الخارجية:
عادة ما يطرح في المنتديات الدولية ان السياسة الخارجية لاريتريا تفوق بأشواط مساحتها كبلد في ظل تأثيرها في عدد كبير من الملفات خاصة الافريقية، وتدور حول علاقتكم بدول المنطقة الكثير من التحليلات، ما اسس سياستكم الخارجية في ظل ما نسمعه عن تنامي النفوذ الايراني وقبله الاسرائيلي عندكم وما يقال عن دوركم في السودان والصومال وعلاقتكم بإثيوبيا وجيبوتي واليمن والاتحاد الافريقي وغيرها وامن البحر الاحمر ؟
التهويل والتضليل هو ما خلق هذه الصورة، يقولون ان اسرائيل موجودة في جزيرة دهلك، وايران موجودة في جزيرة قرب مدينة عصب، نحن نقول هذا البلد ليس للبيع او التأجير لأي طرف آخر.
ثم يتحدثون اننا نحاول زعزعة امن اليمن والسعودية، ما مصلحتنا بذلك ؟ واحد بعيد عن المنطقة قد تكون له مصلحة، لكن انا اعرف انه اذا احترق بيت جاري فبيتي معرض ايضا، هل هناك مصلحة ان تأتي ايران وتشتري اريتريا ارضا وشعبا وتوظف بلدنا لمصلحتها ؟ اي انسان عاقل لا يصدق هذا الكلام الذي يثار، ثم ما هو الانسجام بين المصلحة الايرانية والمصلحة الاسرائيلية في البحر الاحمر حتى نتهم بدعم الطرفين ؟
الحديث عن هذا الدور تهويل ليس له اي اساس من الصحة، وللاسف الحكومة الاثيوبية هي جزء من هذه المشكلة، نحن نختلف جذريا مع سياسات اميركا في المنطقة لأنها حملت المزيد من التعقيدات والمشكلات والفتن بين مجتمعاتنا وشعوبنا ونحن كنا في غنى عنها.
ما يجري في الصومال اليوم تتحمل اميركا وحكومات المنطقة التي تتدخل هناك جزءا كبيرا منه.
نحن من 20 عاما نرفض هذا النهج من السياسات في الصومال، كيف يمكن في ظل الحديث عن صومال واحد موحد تحت علم واحد ان تكون هناك «صومالي لاند» و«بونت لاند»؟ هل هذا الواقع مقبول؟ هل يريد احد ان يبقى الصومال مجزأ ويعيش شعبه في مأساة؟ هذا مرفوض بالنسبة لنا.
اثيوبيا وكينيا وجيبوتي تعتقد ان الصومال يهدد امنها القومي، وهذه البلدان ترى في زعزعة الصومال مصلحة، هل يجوز ان يستمر ذلك ؟ نحن العكس حيث ان استقرار الصومال ضرورة للمنطقة، التدخلات البناءة مطلوبة ولكن يجب ألا تكون عكس ذلك.
مرت 20 سنة وهم يكررون نفس الاخطاء غير المبررة، نحن شعب محترم وبلد محترم ولا ايران ولا اسرائيل او غيرها تشترينا، قد تكون امكانياتنا محدودة ولكننا لسنا للبيع ولسنا أغبيــاء بعد كل هذه السنــين والتضحيات ان نسعى لنزعزع أمن المنطقة.
هناك كما قلت ترويج متعمد لتزوير الحقائق وإعطاء صورة غير حقيقية عن اريتريا.
اذهبوا إلى دهلك وعصب وستجدون مواطنينا هناك ولا صحة لما يشاع عن وجود اسرائيلي وغواصات ووجود ايراني وغيره.
علاقة ايران بإثيوبيا وجيبوتي اقوى من علاقاتها بنا وهي مستمرة ومع هذا نواجه هذه التهم. لا شيء غير عادي يذكر في العلاقة الاريترية ـ الايرانية فكيف لأحد ان يصدق اننا نسمح لهم بالتدخل في البحر الاحمر؟! هذا جزء من حملات التشويش وللأسف اصبحنا نرى الادانات المتعاقبة من أميركا التي تدخلها بمزيد من المستنقعات ويتزامن معها تصريحات جهات تروج للأكاذيب وتعيش عليها، نكرر اريتريا ليست للبيع وهذه المنطقة تحتاج الى استقرار ونحن نعمل على تحقيقه والمساهمة في المزيد من عدم الاستقرار ليست مجرد غباء بل جريمة.
العلاقات بدول المنطقة:
لديكم علاقات ممتازة مع دولة قطر، ماذا عن علاقاتكم بباقي دول مجلس التعاون؟ وما رؤيتك للعلاقات مع مصر والسعودية تحديدا ؟
الدول التي نتحدث عنها لها وزنها في المنطقة، ويجب ان يكون هناك اجماع منا كلنا على خلق استقرار في المنطقة، وهذه البلدان لها دور مؤثر وعلاقتنا بها تدخل في هذا الاطار.
هم جيراننا ونحن حريصون على استقرارهم، من يعتقد انه يستطيع فرض آرائه والسعي لتغيير الأنظمة واهم، ونحن نتحدث عن قناعات وليس مجرد تكتيكات.
ونتمنى الخير لمصر والسعودية ودول المنطقة ونتطلع للاستقرار أولا ثم التعاون في المجالات الأخرى من اقتصاد واستثمار وتنمية وهذا هو حجر الزاوية في سياستنا. منطقتنا غنية واذا تضافرت الجهود لن نكون أقل من الصين والهند وغيرهما.
نحن كبلد صغير نريد بيئة آمنة ولا نســتطيع ان نعيش في موقع مضــــطرب، الكبار قد تكون لهم حســــابات لكننا لسنا كذلك.
التقارير الدولية تشوه الحقائق:
منذ 19 سنة وأكثر وانتم بقيادة هذا البلد المناضل وتحقق خلالها الكثير، وشاهدنا الشعب والبلد والشوارع والمدن والأسواق والطرق ولمسنا التطور، ولكن هل انتم راضون عن مسار الأوضاع في ظل ما يطرح عن وجود نسبة أمية عالية ومشاكل بالمنطقة وضغوط دولية عليكم من كل جانب وهل انتم مرتاحون لمستقبل اريتريا ؟
أولا تصحيحا للمعلومة، الأرقام تتحدث عن نفسها، الأمية قد لا تكون موجودة أصلا، بالأرقام لو راجعتم وزارة التعليم فستجدون انه ببداية التسعينيات كان عدد الطلبة مع كل المدارس الموجودة لا يتجاوز الـ 60 الفا، أما اليوم فلدينا اكثر من 800 الف من المواطنين والشباب موجودين في المدارس، وتعليم الكبير ومحاولات محو الأمية بدأ منذ 40 سنة عندما كنا بالكفاح المسلح، حتى الكبار ممن تتجاوز اعمارهم الـ 60 دخلوا المدارس ضمن اطار محو الامية، ومن ضمن المشاريع التي دعمتها الكويت عندنا كانت مشاريع التعليم، والمدارس منتشرة اليوم في كل المناطق لأننا نؤمن بأهمية التعليم والتنمية البشرية وبأن المواطن المتعلم اكثر فائدة لبلده حتى من الجنرال الذي لديه اسلحة وترسانة متطورة.
وعمليا ارقام ما بعد الاستقلال لا يوجد نظير لها في افريقيا او حتى العالم العربي، ومن يشك بأن التعليم لدينا متدن ونسبة الأمية مرتفعة فسيكون قد قرأ الأمور بشكل عكسي.
والتعليم وحده ليس مقياسا، منذ 1991 ركزنا على أولوية التنمية البشرية والاستثمار في هذا المجال، الذي هو حتى اهم من الاستثمار في البنية التحتية ومشاريع الطاقة والأمن الغذائي والزراعة، وأنا أعتقد انه نظرا لعددنا القليل فإنه عندما نتعلم يكون لكل فرد منا فاعلية 10 اشخاص.
قد تكون عندي موارد بترول وغاز وذهب وغيرها، ولكن بالنسبة لبلد صغير مثل اريتريا المورد الأساسي هو الطاقات البشرية التي ترتكز على التعليم، ومن دون التعليم لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية وغيرها.
بالأمس كان وزير التنمية القومية يتحدث معي ويقول لي ان بعض مؤسسات الأمم المتحدة تقوم بقلب الحقائق، فقلت له اخرج بإعلان واضح بعيدا عن المهاترات السياسية وأثبت الحقيقة بالأرقام، وانتم تعرفون ان التعليم في بلدنا مجاني وهو من اولوياتنا حتى في المناطق النائية التي لم تصلها الماء والكهرباء بعد ان تتوافر فيها المدارس والكمبيوترات التي نقوم بتجميعها هنا ويتم تشغيلها وشحنها عبر الطاقة الشمسية.
وعلى مدى 20 عاما نعمل على توفير الكهرباء والمياه والطرق والموانئ والمطارات، وقمنا بتشييد كل هذه المشاريع رغم الامكانيات المتواضعة، وبالمقارنة مع ظروف المنطقة التي نعيشها تعرفون حجم التقدم الذي حققناه، وايضا في ظل ما يثار عن المجاعة في القرن الافريقي نحن لدينا اكتفاء ذاتي على مستوى الغذاء، وهناك أمور لا تتوافر لا في السودان ولا في اثيوبيا ولا كينيا ونحن نوفرها، ونحن لسنا بحاجة الى مساعدة انسانية بينما نعرف ان هناك معلومات عن توفير مساعدات لـ 10 الى 14 مليون نسمة في كينيا لتفادي المجاعة، وكذلك في السودان وخاصة الجنوب، مشاريع التنمية عندنا متكاملة والأولويات واضحة.
ونأتي للحديث عن «أهداف الألفية» التي وضعتها الأمم المتحدة، اريتريا هي رقم 2 في افريقيا على مستوى خدمات الصحة، لقد سيطرنا على الملاريا (قد تظهر بعض العوارض ولكن لا وفيات)، وشبكة الخدمات الصحية عندنا حققت تقدما كبيرا، إذن الارقام تتحدث بعيدا عن اي تحريف سياسي.
وهذا لا يعني عموما اننا أكملنا كل شيء، بل مازلنا في بداية بناء أسس لتنمية مستدامة في هذا البلد والأرقام تشهد لنا في الصناعة والزراعة والخدمات الاجتماعية بالرغم من شح الامكانيات ويمكن القول ان وضعنا افضل من غيرنا.
من أجواء اللقاء:
• قام التلفزيون الاريتري بتصوير اللقاء مع الرئيس واستمر اللقاء لأكثر من ساعة.
• أعرب وفد «الأنباء» عن سعادته بزيارة اريتريا، مستذكرا مواقف قيادتها الصديقة والشقيقة في دعم الكويت بمواجهة الاحتلال الصدامي حتى قبل ان تنال اريتريا استقلالها.
• ورد الرئيس افورقي بالقول: نحن نفتخر بهذا الموقف ولم يكن مجرد وقوف ضد اجتياح صدام، ولم ننس يوما ان الكويت دعمت استقلالنا بالمال والسلاح والديبلوماسية، ولذلك كان موقفنا المبدئي. صدام خرب الكويت والمنطقة وقام بأمور يستغربها الإنسان وكانت نتائجه كارثية وكان العالم العربي بغنى عن عمله البشع الذي جر الويلات، وكنا نعرف ان ذلك الاجتياح الذي أدنّاه واتخذنا موقفا واضحا ضده سيجر الويلات على المنطقة.
• يؤكد الرئيس افورقي ان بلاده ترغب في أفضل العلاقات مع العالم العربي، لكنها غير مقتنعة بدخول الجامعة العربية لأن الجامعة لا تملك رؤية استراتيجية كمنظمة ولا تملك الآليات اللازمة لتنفيذ قراراتها.