صفحات من الماضي
بقلم الأستاذ: عثمان بداوى عمريت
الاوضاع الامنية بمضامينها السياسية والاجتماعية: اول صورة طبعت في ذاكراتي في طفولتي اراني فيها جالسا وسط سرير
في ظلام دامس الا من ضوء خافت ينبعث من سراج جازولين صغير، واذا بالستارة الفاصلة بين القسم الرجالي والنسائي ترفع من الداخل ويظهر منها شخص اسود يحمل على رأسه شيئا غريبا، يمر أمامي باتجاه الباب، ثم يتراجع ويتناول شيئا كان معي او بالقرب منى ثم يختفي. كبرت الصورة معي بدون أي تفسير الى ان علمت من الوالدة انها كانت في احدى المداهمات الليلية التي دأب الجيش البريطاني القيام بها، وان الشخص الذى رأيته كان جنديا سودانيا او سنغاليا، وانه كان معه زميل يرافقهما كل من الخال محمد عثمان سبى والعم محمد ابراهيم منتاي، من اعيان الحي، بناء على تعليمات النائب، وان الشيء الذى التقطه كان عبارة عن لعبة اطفال على شكل مسدس احضرها والدى من الخارج.
كان هذا ابان احتدام الحراك السياسي الذي شهدته حرقيقو اواخر مرحلة تقرير المصير على غرار ما كان يحصل في كافة المناطق في ارتريا. كانت الغالبية تؤيد حزب الرابطة الاسلامية اما الاحزاب الاخرى وخصوصا حزب الاتحاد الموالي لإثيوبيا كان الاقل جماهيرية. ولا يعني هذا انه لم تكن هناك صراعات حزبية، بل كان هناك من ذهب الى اكثر من مجرد خلاف سياسي. فمن اغرب ما سمعته في هذا الخصوص مبارزة بالسيف جرت بين العم محمد لوبنت (ابو شنب) من حزب الاتحاد والعم محمد توكل من حزب الرابطة الاسلامية.
كان من الطبيعي الا يروق هذا الزخم المؤيد للاستقلال للسلطات البريطانية المتماهية مع المطامع الاثيوبية، ان لم يكن قد اثار مخاوفها من امتداد تأثيراته الى المناطق المجاورة، فشرعت في اتهام الاهالي بإيواء وتمويل وتسليح من اسمتهم ’شفتا‘ - قطاع طرق - وهي صفة كانت تطلقها على كل من يعارض سياستها كما تفعل الولايات المتحدة في هذا الوقت. ولم تلبث ان اعقبت اتهاماتها بمداهمات وممارسات تعسفية بحثا عن اشخاص وسلاح مزعوم بشكل يوحي ربطها بين ما يجري هنا بالمشهد السياسي العام لاسيما الاحداث الكثيرة والمتداخلة التي كان يدور رحاها في المرتفعات.
فالخلاف الذي نشب بين طرفين على ملكية اراضي تورطت فيه اطراف اخرى على رأسها اثيوبيا لتتسع رقعته ويأخذ ابعادا متعددة. فأصبحت في الساحة مجاميع مسيحية مسلحة في غالبيتها تهدف الى الوحدة مع اثيوبيا، مقابل مجاميع مسلمة مسلحة تعارض في غالبيها اية علاقة مع اثيوبيا اهتمتها السلطات البريطانية على اساسه بالارتباط مع عناصر مماثلة لها في حرقيقو لما قد يشكلانه من خطر امني، على الاقل، فيما لو ضمت ارتريا الى اثيوبيا.
وبالتالي استمرت المداهمات الغاشمة بل وتزايدت بتصاعد الحراك السياسي الى اللحظة الذي قرر فيها الحاكم العسكري احراق البلدة بما فيها ومن فيها. وحسب رواية كانت متداولة وسمعتها من عدة اشخاص ان السلطات البريطانية بالنظر الى فشلها في العثور على الاسلحة والاشخاص المطلوبين فرضت على البلدة حصارا بريا وبحريا مع الغروب مانعة الحركة فيها خروجا ودخولا، وما ان شعر الأهالي بالخطر المحدق حتى هرع الشيوخ وكبار السن الى المساجد لأداء صلاة الاستغاثة بينما تجمعت النساء والاطفال في بعض البيوت يشجعن بعضهن.
ولولا ان الاحداث المأساوية المماثلة الكثيرة التي حلت بالبلدة تاريخيا حية في ذاكرتهم ولاسيما جريمة الخديوي اسماعيل عام 1847 ثم جريمة وبي هيلي ماريام ام احد اباطرة تقراي الذي بلغ دماره حتى بلدة ام كلو، ولولا انهم كانوا يرون بأم اعينهم قيام السلطات البريطانية وهي تدمر وتفكك كل المرافق الحيوية التي بناها الايطاليون والامريكان لاعتبروا الحصار نوعا من المداهمات المعتادة، ولكن هيهات، فقد كان الجميع موقنا بالهلاك وضاقت عليهم الارض بما رحبت وبلغت القلوب الحناجر.
قضوا ليلتهم في تدرع يترقبون ما سيحمله معه الصباح، فاذا بهم يفاجئون بما لم يكن في الحسبان: انسحاب الجيش من اطراف البلدة واختفاء البوارج الحربية بعد ان كانت على بعد مرمى منها! من المبررات التي قيلت في هذا التحول، ان الحاكم العسكري الجنرال كاشفورد المكلف بالمهمة استيقظ كعادته مبكرا وبينما يقرأ صحيفة ريثما يأتي السائق لنقله الى حرقيقو لتنفيذ الجريمة في تمام الساعة الثامنة، فاذا به يصاب بنوبة قلبية قاتلة خر على اثرها ميتا الامر الذي ادى الى الغائها. ويذكر ايضا ان مفتشا صحيا من اصل سوداني يدعى ابو حياة نظم في هذه المناسبة ابيات شعرية كانت متداولة سمعتها من العم حسين محمد بشناق اذكر منها بيتا يقول فيه ’الساعة ثمانية الا دقيقة.... تعيش حرقيقو ما فيش حريقة‘.
عمل ابو حياة هذا في البلدة لمدة طويلة، اذكره تماما بقبعته الكبيرة على النمط الانجليزي واذكر ايضا انه كان يجيء مرتين في الشهر للتفتيش على النظافة العامة، وانه كان صارما جدا تخشاه النساء بسبب فرضه غرامات مالية على من يجد في داره قمامة وفي زيره رواسب طينية او ’ونجير‘ - شرغوف (فرج الضفدع) الذى قلما تخلو منه الازيار حيث يجلب الماء من ابار مكشوفة. فكانت تقوم النساء يوم التفتيش بغسل الازيار وتبخيرها حتى تفوح منها رائحة زكية. ويقال انه عرض على النائب ذات مرة زجاجة مليئة بماء وفيها عدد من ’الونجير‘ وطلب منه فرض غرامة على الشخص المعني. فتناول منه النائب الزجاجة وشربها بما فيها وقال له ’يا ابا حياة.. لا تتعب حالك ولا تتعب الأهالي فنحن و’الونجير‘ اخوان كبرنا معا واذا كان مضرا فدعه يضرني انا !
وبالمناسبة، منذ اقل من سنة ذكر لي الاستاذ محمد احمد نور ممن عاصروا العهد الايطالي والانجليزي، اطال الله في عمره، والمعروف باهتماماته التاريخية والثقافية انه سمع قديما ان شخصا يدعى حب الدين عاش في منطقة الساحل قبل مئات السنين من جريمة الخديوي، كانت له نبوءات كثيرة منها دمار حرقيقو على يد شخص اسمه اسماعيل ومما قاله:
بشراتشى بولا - قالا وشانقالا (ابلغوا بشارتي الى قالا وشانقالا - قبيلتان في اثيوبيا كان يباع ابناؤها عبيدا في اسواق الجزيرة العربية).
مهمديكي قيسا - وطنعكي مطيء هالا (زمن هوانك فات وزمن مناعتك آت). في الحقيقة لم اسمع قبل هذا لا كلمة ’مهمدي‘ ولامعناها.
خبر موداق طحاى - ديب ادحا دلا (اخبار المغرب ستعرف في المشرق في نفس اليوم - تطور الاتصالات وسرعتها).
بدا دخنو - اب اسماعيلو هالا دمار دخنو (حرقيقو) سيكون على يد شخص يدعى اسماعيل.
اما الخوف الحقيقي الذى شعرت به ورأيته في عيون من حولي كان بسبب معسكر ومطار تم انشائهما بحجة حماية البلدة على مسافة لا تبعد اكثر من كيلو مترين من منزلنا، وقيل انه عندما طالب النائب الحكومة بتزويد الاهالي بالسلاح للدفاع عن انفسهم عوضا عن اقامة المعسكر كان ردها ’هل تريدنا ان نعطيكم سلاحا لتسلموه الى للشفتا!‘ وطلبت منه عدم ايقاد الاهالي نار او اشعال نور بعد حلول الظلام. واوعز النائب من جهته الى الاهالي بعدم الاحتكاك بالجنود او التعامل معهم بأي شكل من الاشكال، وعدم فتح الباب حتى بالنهار الا بعد التأكد من هوية الطارق، وعلى اية عائلة تشعر او تشك في وجود حركة غريبة اشعار جيرانها من خلال رمى حجارة صغيرة لا تحدث صوتا الخ.
وفهمت فيما بعد ان سبب زيارات بعض الاقارب والجيران المتكررة كانت للاطمئنان علينا نتيجة سفر الوالد ولكوننا الاقرب الى المعسكر. ومن ضمن ما كانوا يقولونه ان الجنود ’امحرا‘ وانهم ’حساد‘ لا ينبغي ظهور الاطفال امامهم وخصوصا اذا كانوا عاريي الصدر، ولربما كان السبب وراء الغائنا بابا صغيرا (طاقة) حتى ان جارتنا الخالة فاطمة محمد - ارملة مسنة، كانت دوما تلعن هؤلاء الجنود الذين اضطروها للدخول من الباب الرئيسي.
كانت والدتي تجلسني بالقرب من فتحة صغيرة في الحوش لأتلهى بمشاهدة ما يجرى بينما تتفرغ لأعمالها المنزلية. وكل ما اذكره جنودا يتحركون جيئة وذهابا الى السوق، وطائرات تهبط وتقلع. سمعت انه تم اقامة هذا المعسكر فور دخول الوحدة الفيدرالية حيز التطبيق وتم لاحقا استبداله بمركز شرطة في ’بستان عد ديني‘ على مسافة اقرب من الجهة الشمالية.
لم يرحل الخوف برحيل المعسكر، ففي احدى الليالي دوت طلقات رصاص من جهة المركز أدخلتنا الوالدة على اثرها تحت سرير ولربما بتنا في مكاننا. كان السبب ان الحارس الذي اطلق النار تراءى له ان ثلاثة اشخاص يحاولون التسلل الى المركز، والحقيقة من رآهم لم يكن الا الاستاذ عثمان صالح سبي حاملا صفيحتين ماء عائدا من البئر، وكان معروفا عنه السهر للقراءة الى وقت متأخر جدا من الليل وسط دار كبير وكأنه منارة، واذا نام مبكرا صحا قبل الفجر للقراءة او جلب ماء، على الاقل بقصد الرياضة.
الليالي الصيفية والسماء الصافية والقمر المكتمل ونجوم متلألئة متناثرة ونسيم بارد يهب من البحر، كانت لحظات يتوق اليها ويترقبها الجميع. البنات للسمر والسهر في شغل كوفيات ومشغولات يدوية اخرى وخصوصا في موسم الزواج واحيانا للكسب. الاولاد للانطلاق خارج احيائهم للهو والمنافسة على طول البلدة وعرضها. اما الجدات فكانت لهن مهمة خاصة. يجمعن حولهن اطفال العائلة وحتى اطفال الجيران للتعريف بشجرة العوائل والقاء حكاوي بعضها اسطورية مثل العلاقة بين الكواكب والنجوم والحيوانات بمضمون اجتماعي في قالب فكاهي يتناسب مع عقولهم، وذكريات تاريخية واجتماعية ولاسيما ما يتعلق بالحرب العالمية الثانية كيف واين هربت العوائل وفي أي جبل اقامت ومن منها اقام معا ومن ولد او خلف او توفي خلال هذه الفترة ومعظم اعمار مواليد هذه الفترة كانت تحدد على اساس الاحداث التي وقعت. وكانت هناك جلسة خاصة بالأولاد واخرى للبنات. جلسة الأولاد غالبا تتناول البطولات والغزوات منها سيرة ادم بك الذي تروى له قصص فروسية كثيرة. اما البنات فكانت لهن دروس في التربية الاجتماعية وما يتعلق بالمرأة، ومن احسن ما سمعت في هذا الخصوص تصنيف المرأة (الزوجة) الى ثلاثة:-
1) اِسيتْ ولتْ اِسيتْ: هى الزوجة التي يتجاوز دورها واهتمامها حدود عائلتها الى اسرتها وبنفس القدر اسرة زوجها وتكون محورية في علاقة الاسرتين.
2) اِسيتْ: هي الزوجة التي ينحصر دورها واهتمامها بعائلتها.
3) ولتْ أنسْ: هي الزوجة التي يقتصر دورها واهتمامها بنفسها وكل ما تقوم به هو الانجاب.
كنا نحلق مع قصص واحاجى الشقيقتين العمتين فاطمة وسعدية شعبان - معمرتين من اصول البانية من مدينة حطملو عندما مزقت رشقات من الرصاص السكون بل والمزاج العام. خرج البعض للاستطلاع واغلق البعض ابوابه. كان المستهدف منزل الباشا صالح احمد كيكيا الذي لم يكن متواجدا حتى في البلدة.
كانت في البلدة في هذا الوقت مئات الاسر نزحت من مناطق الحرب. يقيم بعضها في خيم داخل ساحة المدرسة وبعضها في خيم اقيمت لها الفضاءات داخل الاحياء وعدد منها في بيوت خالية. واذكر مدى تعاون الاهالي مع هذه الاسر كل حسب سعته، واذكر اعطائها الاولوية في ولائم المناسبات من زواج ومأتم اضافة الى المعونات التي كان يوفره لها الباشا بشكل منتظم، وكانت هذه المناسبة التي تعلمنا فيها اللغة السيهاوية، وبالضرورة لا ازعم ان هذا ينطبق على كل احياء البلدة. لهذا قيل ان الغرض من الاعتداء الذي تعرض له منزل الباشا كان بمثابة انذار له من جهات معادية لقبيلة طروعا، وقيل انه كان محاولة من قبيلة طروعا ذاتها لإبعاد تهمة الانحياز عنه، وقيل ايضا انها كانت عناصر لصوصية حاولت عبثا دخول الدار.
ذكر لي الصديق الاستاذ صالح بشير احد الاشخاص المتابعين لهذه الاوضاع عن كثب ان الباشا كان من القلائل الذين بذلوا جهدا كبيرا لتسوية النزاع بين قبيلة طروعا المسلمة وقبيلة سناعدقلي المسيحية بطرق سلمية، ولكن عندما دفعت بعض العناصر المتعصبة علنا باتجاه ابادة قبيلة طروعا وغسل سيوفها في البحر بالتواطؤ مع جهات خارجية، لم يجد الباشا بدا من مساندة طروعا، على الاقل من خلال ايواء ورعاية عوائلها حتى يتفرغ الرجال للدفاع عن انفسهم.
ولعل تعرض احد الباصات العاملة في خط مصوع - حرقيقو لعملية سلب كان في هذا الوقت. لم يحاول ’الشفتا‘ خلالها تفتيش الركاب جسديا كما يحصل في الحالات المماثلة مكتفين بطلب تسليم كل واحد ما عنده من مال ما اتاح للركاب الاحتفاظ بمعظم ما كان معهم من ضمنهم والدي. اكد البعض ممن تعرفوا علي بعضهم انهم ليسوا قطاع طرق انما اناس محتاجون الى مساعدات ويحصلون عليها بطريقتهم الخاصة ولعل كان هذا السبب في عدم تعرض الاهالي لهم او مقاومتهم. واذكر اننا كنا نشاهد في هذه الفترة، بحكم قرب المسافة بين منزلنا والطريق المؤدي الى السوق، اعدادا من الجرحى محمولين على الاكتاف في طريقهم الى محطة الباص لنقلهم الى المستشفى.
والمرة الاولى التي قام فيها ’الشفتا‘ باقتحام البلدة للنهب حسب ما ذكر لي الاخ الامين عبد الكامل جميل كانت عام 1958. قال انه كان يستعد لإقفال دكانه لاقتراب موعد الفطرة عندما سمع صوت رصاص، وخلال ثواني اقتحمت عناصر مسلحة دكانه وامرته بتسليم الغلة ومد بعضها يده الى الرفوف لالتقاط بعض مما كان عليها فاذا بالشيخ محمد قولاى الذي كان معه يصرخ ’ود عامر‘ وكاد يطيح بسيفه رأس احدها فتدافعت هاربة وخلفها مجموعة من المطاردين من ضمنهم الخال عمر ابراهيم حسب الله. فعندما اصيب احد البوليس بالقرب من موقع السد تناول الخال عمر بندقيته واستمر مع البقية في المطاردة الى ان حل الظلام. وبمجرد ان علمت الوالدة هذا الخبر اخذتني معها الى منزل الخال عمر لمواساة زوجته الخالة سعيدة عمرو، رحمهم الله جميعا.
اما مشاهدتي ’الشفتا‘ جهارا نهارا، فكانت في اليوم الذي سلبوا فيه مركز شرطة حرقيقو القريب من منزلنا. كنا نتمرجح تحت ظل شجرة نبق كبيرة في بستان عد ديني عندما مرت بنا مجموعة من الناس حوالى الساعة الثانية ظهرا في يوم صيفي شديد الحرارة في وقت لا يخرج فيه الا الاشقياء من الاطفال والمضطر جدا من الكبار. لم نكترث بها الا عندما رأيناها تتسلل الى مركز الشرطة من فتحة صغيرة في خلفية الزريبة يستخدمها العساكر عند الخروج لقضاء حاجتهم في ارض الله الواسعة، وسرعان ما نسينا امرها الى ان سمعنا بعد اكثر من ساعة صوت باص قادم في غير موعده وركاب يطلقون الرصاص من الشباك، وعندما انحرف من الطريق المؤدى الى السوق الى طريق زولا القديم مرورا امام عد سبى سبقناه اليها وتأكدنا من ان نفس العناصر التي مرت بالقرب منا هي التي تطل برأٍسها من الشباك وتطلق رصاصا في الهواء، وسمعنا في نفس الوقت زغاريد وكأنها تتناغم معه.
اتضح فيما بعد ذكر ان قائد المجموعة ويدعى احمد على قضى ثلاثة ايام في منزل جارتنا الخالة زهرة ناصر على مسافة لا تبعد اكثر من 250 مترا من المركز يراقب حركات الشرطة وسكناتها، وانه ومجموعته لقوا كل العساكر يغطون في نوم عميق لا يشعرون بما يدور حولهم حتى وجد كل منهم نفسه مقيدا على سريره. وبعد الاستيلاء على كافة الاسلحة والذخيرة، توجهت المجموعة الى سكن سائق الباص في طرف المدينة واجبرته على نقلها الى منطقة وافى، وعرفنا ان الخالة زهرة ناصر هي التي زغردت عند سماع اطلاق الرصاص.
بعد فترة توصلت الحكومة الى اتفاق مع كل المجاميع المسلحة من ضمنها هذه المجموعة وبموجبه صدر عنها عفو عام يضمن لهم سلامتهم الشخصية واحتفاظ بعضهم بسلاحه، وفعلا كنا نشاهد في السوق عناصر تحمل بنادقها في وضح النهار الا ان هذا لم يستمر طويلا فقد حنثت الحكومة بوعدها واعتقلت معظم العناصر الاساسية واعدمت منهم عددا كبيرا عمر معظمهم دون العشرين واسم احد عشر منهم محمد. شاهدت صورهم في جريدة الزمان في منزل الاخ صالح معروف سبى حيث كان بعضهم اقارب زوجته الاخت حليمة محمد. وحكم على البقية بالمؤبد وعشرين عاما مع الاشغال الشاقة قابلت بعضهم في السجن.
امل ان اكون بهذه النبذة القصيرة ان اكون قد سلطت الضوء بما يكفي علي بعض الاحداث والمواقف التي شاهدتها او سمعت عنها.
للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.