ملفات تسافانكئيل جورجو وحقيقة سلفي بارنت - الجزء الثاني والأخير
بقلم الأستاذ: محمد علي حركة - كاتب وبـاحث ارتري
سوف اتناول باختصار التطورات البارزة منذ عام 1961-1968 داخل تنظيم الشعبية
حتى وان لم اشارك فيها اعتمادا على ما سمعته من بعض اعضاء المجموعة الانفصالية ومن واقع متابعاتى.
فى الفترة بين 1962 الى 1964 (1969م-1971م) كان فى ارتريا اربع تنظيمات وهى الجبهة وعوبل وقوات الشعبية و(سلف ناظنت).
عقدت الجبهة مؤتمرها الاول فى 1971 وقررت فيه تصفية التنظيمات الثلاثة الباقية ليس فقط لانها لم تحضر المؤتمر بل ايضا لعدم تقبلها القرارات. وهذه التنظيمات عوضا عن التناحر فىما بينها كانت مجبرة ولاسباب كثيرة على العمل تحت تنظيم واحد لمقاومة الجبهة.
حصلت مجموعة عثمان صالح سبى على اموال وعتاد كاف من الدول العربية باعتبارها مسلمة. وموطن ضعفها كان عدم تمكنها من تجنيد عدد كاف من المقاتلين. وفى تلك الفترة كان من استطاع تجنيد عدد كبير من المقاتلين تنظيم (سلف نظنت) برآسة اسياس. وحيث ان عثمان صالح صبى الذى كان يمتلك عتاد كثير كان ييفتقر الى المقاتلين واسياس كان يملك المقاتلين ويعوزه ادوات التنظيم الاخرى بما فيها السلاح فقد قرر الاثنين التقارب للمصلحة المتبادله.
وحيث ان الجبهة بدأت فى عام 1971 بشن معارك تصفية اعضاء قوات الشعبية ومجموعة عوبل فر اعضاء المجموعتين من الساحل الى السودان وتبقى فى ريف الساحل فقط تنظيم (سلف ناظنت) بقيادة اسياس. ومن اجل مقاومة هجوم الجبهة عقدت قيادات عوبل والشعبية ومجموعة سلف ناظنت اجتماعها فى بيروت فى عام 1972م وبدأت التحرك بعد تأسيس جبهة متحدة باسم (القوات الشعبية الارترية) او (الشعبية). وبموافقة عثمان صالح سبى على منصب مسئوول العلاقات الخارجية انطلق الجمع متحدين لمقاومة الجبهة.
وبتفاقم الاقتتال الداخلى وفقدان الجبهة الانتصارات السهلة المعتادة. واستمرار قوة الشعبية فى فترة الاقتتال فى ازدياد مضطرد بتجنيد عناصرها وبصورة اوسع من ابناء المرتفعات لوفرة الاعداد هناك. وتسليح الشعبية من الراس الى اخمص القدمين بفضل عثمان سبى. واقتدار الجبهة المتحدة من صد هجوم الجبهة وتضائل مخاطر الاخيرة بصورة مضطردة افسح كل ذلك المجال لبدأ ظهور التناقضات الثانوية السلطوية والقبلية والتى كانت منزوية مؤقتا. ونظرا لظهور تناقض فى الجبهة الاولى فى عام 1973م بين مواليد (ابناء) البحر الاحمر وابناء الماريا (اعضاء عوبل).
انشقت عوبل عن الشعبية وتم تصفيتها من قبل الجبهة وهى فى طريقها الى بركة. وبذلك تم اسدال الستار على تاريخ حركة عوبل. بينما استمر اعضاء التنظيمين المتبقيين سلف ناظنت وتنظيم القوات الشعبية متوافقين فى التنظيم الموحد. وفى ظل هذه الظروف قامت فى 1973 حركة "منكع" وحركة منكع هذه شكلت عقبة فى توحيد الصفوف مما خلف وضع خطير داخل مجموعة اسياس.
وقدمت حركت منكع الى اعضاء قيادة التنظيم الموحد اسياس افورقى وسلمون ولدماريام واسمرم عندجرجيس ومسفن حقوس وتولد ايوب 11 سؤالا بشأن الديمقراطية.
نورد فيما يلى بعضا منها:-
1) امتناع القيادة عن اضطهاد الشعب.
2) اصدار بيان بالبرنامج الوطنى الديمقراطى.
3) عقد مؤتمر للتنظيم وانتخاب القيادات بصورة ديمقراطية.
4) محاربة ومحو الشوفينية العسكرية السائدة فى التنظيم.
5) ان يتخلى اسياس افرقى عن احتكاره للسلطة ليشاركه الغير.
6) وحيث ان ادارة الامن تقوم بممارسات غير انسانية ضد السجناء على ان تتسم الاحكام بالرئفة.
وجد طرح الحركة قبولا بين جميع الاعضاء الا اسياس منفردا والذى لم يستطيع بطبعه واهدافه من تقبل ذلك وبدأت قيادة منكع تعزيز قوتها بعد استلامها للسلطة لمدة عشرة ايام. وبعجز اسياس وصحبه من مواجهتهم بحجج سياسية لجأوا الى اساليب رجعية من قبيل فرق تسد بتاجيجهم النعرات الاقليمية حماسين اكلى جزاى وسرايى وبذلك تمكنوا من اضعاف الحركة. وحيث كان اعضاء قيادة الحركة البارزين من اقليم اكلى جزاى بدت الحركة وكانها طرف فى صراع بين اكلى جزاى وحماسين.
وبما ان تدنى الوعى فى الجيش بالضرورة يصب فى صالح الرجعيين، وكون غالبية اعضاء الجيش كانوا من ابناء حماسين فقد رجحت كفت اسياس وسلمون ولدماريام. واسياس الذى كان يتسكع بالجلوس تحت ظل الاشجار إثر ابعاده عاد ليتبوأ قيادة التنظيم من جديد. وبعد ذلك تم أسر كافة قيادات منكع ومن ثم تم نشر معلومات بان كافة اعضاء المنكع هم من اكلى جزاى. واسستبعوا ذلك بالافراج عن عضوى قيادة منكع وهم بطروس سلمون وسبهات افريم من ابناء الحماسين فتم جعلهم يعترفون زورا امام الجنود بان حركة منكع هى حركة اكلى جزاى حسب مفهوم القيادات الاساسية فى الحركة. واستمر باقى القيادات فى الاسر. وتم تصفية كثيرين منهم امثال تولدى إيوب وموسى تسفاميكائيل وبظاى جويتؤوم ويوهنس سبهاتوا وآخرين من عنصر قيادية وكادرية.
وقد ذهب الحقد باسياس وجماعته مذهبه حتى قاموا باحراق كل ما كتبه اعضاء المنكع من ادبيات تقدمية وبوجه الخصوص كتابات جويتؤوم المترجمة الى التجرنية قد تم احراقها بالكامل.
منذئذ سادت دكتاتورية عسكرية فى داخل التنظيم حيث تم محاصرة الاعضاء العاديين داخل مجاميعهم بحيث لا يستطيعون التحرك او الكتابة او تقويم (نقد) المسؤولين. وأى معارض لاسلوب قيادة التنظيم كان مسيره الهلاك فى السجون او القتل المحقق.
وبحجة "منكع جواسييس اثيوبيا والسى آى أيه" تم تصفية عدد مقدر من العناصر الديمقراطية والمتعلمة بدون وجه حق. وحيث ان اى نوع من المعارضة بات مخيفا ساد فى التنظيم التشكك والوجل. ومن جانب آخر انتشرت الشائعات التى ترفع من شأن اسياس وتصفه بالشجاعة والاقدام. وفى المقابل تم تدبير عداء بين المتعلمين القادرين على المعارضة وبين ما تبقى من الفلاحين والعمال مما سبب انقسام فى الجيش.
التي كانت سبباً في زهق حياته ظناً من العصابة دفن الحقيقة مع بدن صاحبها، ولكن خاب ظنها وأصبحت الحقيقة المرة ملكاً لأجيال إرتريا المتعاقبة، وأصبحت هذه العصابة في تاريخنا المثل الذي يُضْرَب به الوجه المظلم لوطننا الحبيب.
والمحصلة النهائية كانت بدأ بذوغ شهرة اسياس. ونظرا لتخلصه من القيادات المنافسة بشتى السبل فقد اصبح الفارق بينه وبين من تبقى من اعضاء القيادة كالفرق بين السماء والارض. علما بانه حتى اواخرعام 1969م-(1977/9م) كانت للقيادات دراية بامكانيات بعضها البعض ولم تكن ممن ينصاع لسطوة اسياس. وبعد التخلص من هؤلاء اختار اسياس عناصر للقيادة تمتاز بكثير من السلبيات او الضعف. هذا ولخلق ظروف مناسبة لاقامة سلطة دتكاتورية وتنفيذ ذلك عمليا تم تحديد عقد اول مؤتمر فى عام 1970-1977م.
فى عام 1970-1977م تم عقد اول مؤتمر تنظيمى. ولقد تم التحضير للمؤتمر بعناية وتخطيط لضمان عدم ظهور اى مقاومة فى المؤتمر. فاصبح المؤتمر والتنظيم لقمة سائغة بين يدى اسياس وعليه اصبحت كافة سلطات التنظيم موكلة الى اسياس الذى تم اختياره فى المؤتمر نائبا لرئيس التنظيم واختار المؤتمر لجنة مركزية من 37 عضوا. وتمشيا مع خططه الخاصه عمل اسياس على ان يكون 19 من اعضاء اللجنة من ابناء المرتفعات والبقية ال 18من ابناء البحر الاحمر. بهذا اصبح لاسياس اغلبية فى اللجنة المركزية.
ومن داخل اعضاء اللجنة المركزية تم اختيار مكتب سياسى (اعلى سلطة فى غياب اللجنة المركزية) يتكون من 13 عضوا منهم 7 من ابناء المرتفعات و 6 من ابناء البحر الاحمر. علما بان اختيار اعضاء اللجنة المركزية لم يكن على اساس المؤهلات بل تم اختيارهم من قبل اسياس على اساس عناصر الضعف التى تسهل انصياعهم للاوامر وهم احصنة (سدنت) اسياس.
مثلا:-
1. تخلى عندوم عضو اللجنة المركزية والمفوض السياسى للواء 76. فى عام 1969 هرب من الجبهة وسلم نفسه للحكومة الاثيوبية. وفى عام 1971م سلم نفسه للحكومة الاثيوبية بعد انخراطه لفترة وجيزة مع مجموعة اسياس. ثم عاد مرة اخرى والتحق بالشعبية فى عام 1973م ولا زال معهم. وبمثل هذه الخلفية لا يستطيع ان يعارض اسياس.
2. استيفانوس سيوم و عندجيورجيس هما مسؤولى قسم الاقتصاد والاذاعة. التحقوا بالشعبية فى 1969 (1977)م ولكونهم حديثى العهد بالتنظيم و المؤتمريفتقرون الى خلفية لتمييز الاعضاء والمواضيع ولذا لا طائل من وجودهم.
3. إفرم سبحات (الصحيح سبحات افريم) و بطروس سولومون عضوى المكتب السياسى خانا حركة منكع التى كانا من اعضائها خيانة عظمى فهما اضعف من ان يقاوما اسياس.و عدد كبير من اعضاء اللجنة المركزية هم على هذا النحو أسرى فضائح او سلبيات محفوظة لهم عند اسياس وهكذا اختارهم كادوات تحت امرته.
واليوم توجد قيادة الشعبية تحت ضغط سياسى وعسكرى. الخارجون عن القانون باساليبهم الخادعة المعتادة و رفعهم شعارات براقة ليسوا الا متواطئين فى خدمة مخطط القوى التى أوجدتهم اول مرة. وقيادة الشعبية بوجه خاص يغيرون مواقفهم يوميا بزعم دواعى تكتيكية. "التكتيك والاستراتيجية مبدءان بمعانى علمية ووحدة ديالكتيكية" غير ان قيادة الشعبية استمرأت استخدام التكتيك تماما مثل المطاط تمده ام تلفه حيث شاءت.
وكانت تصف دون حياء علاقتها بعثمان صالح سبى من 1972 الى 1976 بعلاقة تكتيكية مع قوى رجعية.
وفى عام 1981 ايضا صرح اسياس فى مقابلة بالسعودية "لست بماركسى وليس التنظيم كذلك" وتم تبرير ذلك كموقف تكتيكى لاسعاد السعوديين.
والآن احدث تكتيكاتهم هى بدأ علاقة مع حزب البعث العراقى ومن ثم الوحدة مع احدى المنظمات الانفصالية بقيادة عثمان عجيب وبالتحديد "قوات التحرير الشعبية المجلس المركزى" التابع لحزب البعث.
• هكذا تتغير مواقفه كالحرباء. فى الفترة التى ضاق القرن الافريقى بالامبريالية وباتت الاخيرة تماما كطيار يبحث عن مهبط دون جدوى فما السبب وراء هرولة الانفصاليين لتمهيد ارض المهابط لهم؟
• هلا يعنى موقفهم هذا بانهم مجرد دمى فى يد الامبريالية؟
• هل تفسير التكتيك معقد لهذه الدرجة؟
• واذا كان استخدامهم التكتيك بهذه الاريحية فهل سيعتبرون غدا العلاقات مع اسرائيل وجنوب افريقيا شرعية؟
فضائح الشعبية لا تحصى ولا تعد. ومهما طال الزمن او قصر من المستحيل اخفاء الحقائق لفترة طويلة.
سقط القناع عن وجه الانفصاليين المعاد ى للشعوب.
ومهما تآمر الرجعيون على الشعوب العريضة وتحركوا ضد الثورة فلا بد من الانتصار فى النهاية على اعداء الشعوب.