السودان والابتزاز السياسى للقضية الاريترية
المصدر: أسرة منتديات إرتريا الحبيبة
يظل السودان الشقيق الجار الحاضر في القضية الارترية سلباً أو إيجاباً بحكم قربه من الأحداث
والتي بدأ جلها إن لم يكن كلها من أراضيه فقد تأسست حركة تحرير إرتريا في العام 1958م في مدينة بور سودان، وكذلك كان منطلق معظم مقاتلي جبهة التحرير الارترية من الرعيل الأول ممن خدموا في الجيش الانجليزي ثم بعد استقلال السودان في الجيش السوداني من السودان، وقد ساعد وجود الارتريين في السودان منذ أمد بعيد إلى جعل السودان في قلب الأحداث، وقد تعرض بسبب كل ما تقدم إلى اللوم بل إلى توجيه الاتهامات والتدخلات في شؤونه الداخلية كدعم الإمبراطور الأثيوبي الأسبق هيلي سلاسي لــ(حركة أنانيا1) بقيادة جوزيف لاقو واحتضان لاجئيها في أثيوبيا والترويج لها، فكانت تلك العملية بداية للتراجع السوداني الرسمي تجاه القضية الارترية بل ومطاردة مقاتليها ومؤيديها المقيمين في أرض السودان وقد بلغ التعاون السوداني أوجه في عهد الفريق الراحل إبراهيم عبود الذي قام بتسليم مجموعة من أحرار إرتريا إلى نظام هيلي سلاسي حيث تم اعتقالهم في منزل بحي السجانة بالخرطوم كان يعرف بالبيت الأبيض.
ثم تبع ذلك التضييق عليهم حتى جاءت ثورة أكتوبر لتخفف الخناق عن الثورة الارترية بل وسمحت للدعم السوري المتمثل في شحنة الأسلحة بالدخول عبر مطار الخرطوم وكان ذلك بمعرفة وموافقة الحزب الاتحادي الديمقراطي ووقعت الأزمة حينها بين الأحزاب السودانية وتباينت المواقف وتمايزت الصفوف بين داعم ورافض تسليم الشحنة وتواصلت مواقف السودان الرسمي السلبية إلى أن تحقق الاستقلال الوطني وتقلد أفورقي السلطة ورفض الاعتراف بالتنظيمات الارترية التي تحولت إلى معارضة وقد استمر الموقف السوداني الرسمي في التأرجح حسب ما تقتضيه مصلحة الحزب الحاكم وأصبح خاضعاً لترمومتر علاقات الحزب مع أفورقي. وبعد كل ما عاناه الشعب الارتري من تصرفات السودان الرسمي حدث الطلاق بين طرفي الإنقاذ فأصبح حزب المؤتمر الوطني حاكماً وحزب المؤتمر الشعبي معارضاً. وبينما الشعب الارتري يترقب الوضع إذا بنا نفاجأ بمقال منشور في موقع "سودانيز أونلاين" المستقل تحت عنوان السودان والابتزاز السياسي للقضية الارترية" لكاتب يدعى إبراهيم عافة لم نعرف له وجود في الماضي . وبغض النظر عن هوية الكاتب إلا أن كتاباته ومن خلال القراءة المتأنية تصب في صالح المؤتمر الشعبي الذي يحاول استعطاف الشعب الارتري ودغدغت مشاعره، وفي أسوأ الأحوال جرجرته ليكون طرفاً أو مطية لأحد طرفي الإنقاذ، فكان هذا الرد التحليلي المدعّم بالوقائع التاريخية التي تؤكد بعض ما جاء في مقالة الكاتب وتضيف ما تناساه متعمداً من تصرفات قيادات العمل في السودان الرسمي من رجالات المؤتمر الشعبي تجاه الشعب الارتري وثورته قديماً وتجاه الشعب الارتري حالياً.
أود الإشارة إلى أنني لم أسمع من قبل باسم هذا الكاتب "إبراهيم عافة" محلل وسياسي إرتري والدليل على ما أزعم كتابته في موقع سودانيز أونلاين، والساحة الارترية تعج بمواقع تعد بالعشرات وجلها من المواقع المستقلة والتي يمكن نشر ما يخص القضايا الارترية لكي يتم مناقشة كاتبها والتعقيب على ما يكتب بالنقد والتحليل والتأييد والنفي والتأكيد أو التصويب ولكن هذا لا يعني رفضي نشرها في مواقع سودانية مستقلة كموقع سودانيز أونلاين الذي ينشر لكل من يتناول قضايا ساخنة ذات صلة بالشأن السوداني طالما يلتزم كاتبها بشروط النشر وضوابطه. ولأن الهدف من نقل المقالة إلى منتديات "إرتريا الحبيبة" هو تسليط الضوء على هذه المواقف السودانية "السودان الرسمي" الغريبة والغامضة في الوقت نفسه أود أن أساهم ولو بشيء يسير فيما جاء بها كاتب المقال ومداخلات الإخوة الكرام، وأوافق من ذهب إلى أن معظم من كتب عن السودان من إعلاميين وكتاب إرتريين كانت تحكم كتاباته العواطف وعند وقوع أحداث كما هي حالة الصحفيين السودانيين ويحضرني مقال لضابط متقاعد لا أستحضر اسمه حين كتب عن الصحافة السودانية في الفترة التي أعقبت سقوط حكومة الرئيس الراحل جعفر محمد نميري حين رأى ما رأى من كتابات أقل ما يقال عنها أنها كانت فوضوية إلا فيما ندر قال ذلك الضابط: (إن الكتاب عندنا لا يكتبون إلا إذا واجهوا مشكلة بأنفسهم، فعلى سبيل المثال، إذا لم يجد الصحفي كبريتاً في جيبه لإشعال سيجارة كتب عن أزمة الكبريت، وإذا قيل له في الصباح لا يوجد شاي كتب عن أزمة السكر وإذا فقد ...إلخ
إلى أن تساءل: (يا جماعة دي صحافة زلط ولا شنو؟) انتهى كلامه فمعظم كتابنا كانوا عاطفيين في تناولهم للشأن السوداني المتعلق بقضية الشعب الارتري فكانت لكتاباتهم الباهتة المليئة بالمجاملات إلا مقالة للأستاذ عمر جابر كانت تحت عنوان "اللاجئون الارتريون المفترى عليهم" وكان ذلك رداً على سلسلة كان يكتبها المدعو محمد عبد الله سيد أحمد بعنوان غريب (اللاجئون الارتريون يذوبون في المجتمع السوداني فماذا نحن فاعلون؟) قلت تنتهي تلك الكتابات وتتلاشى دون أن تحرك ساكناً أو تحدث ضجيجاً بينما كتابات بعض الصحفيين السودانيين باستثناء كتاب مهتمين أمثال الراحلين: سيد أحمد خليفة، وأبو القاسم حاج حمد، وحسن ساتي، والأستاذ طلحة جبريل الذي ناصر الثورة فمنع من دخول أديس ولما تحررت إرتريا دخل أديس ومنع من دخول إرتريا حيث كتب مقالة بعنوان(إرتريا التي استعصت) وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم، أما بقية الصحفيين فحدث ولا حرج يكتبون بأسلوب ينم عن السطحية وعدم تكليف النفس الذهاب إلى أسمرا أو الالتقاء بأي ارتري للتزود بالمعلومات والبعض منهم يكتب حسب ميول الحكومة التي يساند. ومن خلال ما عايشناه يمكن القول أن الزعيم الأفريقي الراحل باتريس لوممبا كان محقاً فيما قال ولكننا نقول هذا قدرنا.
فترة حكم نميرى 1969–1985:
• بالإضافة إلى ما تقدم المشاركة الفعالة في مؤامرة إخراج جبهة التحرير الارترية من الساحة الارترية إلى الأراضي السودانية ثم التضييق عليها واضطرارها إلى تسليم أسلحتها أو مغادرة الأراضي السودانية في فترة وجيزة ومصادرة أسلحة جيش التحرير الذي بلغ حمولة أكثر من أربعين شاحنة.
تصريحات السيد صادق المهدي الغير مسئولة في العام 1982م بعد تصالحه مع الرئيس النميري حين قال (أنصح الارتريين بقبول الحكم الذاتي) وقد رد عليه الزعيم الراحل القائد عثمان صالح سبي في مجلة الثورة طالباً منه أن يوفر نصائحه لنفسهم ردفاً أن الثورة الارترية قامت استناداً على إرادة الشعب الارتري دون سواه وما يأتي من الأشقاء فهو زيادة خير. وقد تحررت إرتريا التي نصح ثوارها بقبول الحكم الذاتي وأصبحت ملجئاً ومنطلقاً لأبناء السودان وأحزابهم وعلى رأسهم السيد صادق المهدي صاحب تلك المواقف المتذبذبة. قيام حملات تعسفية في العاصمة كلما زار امبراطور أثيوبيا الأسبق هيلي سلاسي السودان ثم بعد سقوطه منغستو هيلي ماريام، وإبعاد الارتريين إلى القضارف والشواك وكسلا وهم الذين حلوا الفراغ الوظيفي الذي أوجده السودانيين الذين هاجروا هرباً من بطش نظام النميري وبأجور زهيدة . ما تعرض له الارتريين والارتريات أثناء حركة 2 يوليو 1976م على أيدي قوات الجيش والأمن السوداني بسبب إشاعة عن مشاركة الارتريين ضمن القوى المهاجمة والتي عرفت آنذاك بالغزو الليبي، حيث قتل العشرات واختفى العشرات في ظروف غامضة ولم تتوقف الحملات العشوائية بل تعدتها إلى نشر الصحف المتسرعة في كل شيء صورة مواطن إرتري كان يعمل في حلواني النجوم في قلب العاصمة الخرطوم بالقرب من الجامع الكبير وكذلك أحد مسئولي مكتب الجبهة في الخرطوم وذلك بعد اعتقالهم بشكل تعسفي ودن تثبت حيث استمر توقيف من نجوا من القتل والاخفاء أكثر من أسبوع إلى أن جاء قرار يبرئ ساحة الارتريين من التهم الجزافية ولم نقرأ أي اعتذار في الصحف آنذاك ولا معاقبة المتسبب وكأن الارتريين لا بواكي لهم.
اغتيال عدد من قادة الثورة الارترية ابتداء من:-
• المناضل عثمان حسن عجيب رئيس جبهة التحرير الارترية - اللجنة الثورية في الخرطوم،
• المناضل هيلي قرزا،
• المناضل سعيد صالح،
• المناضل محمود حسب،
• المناضل إدريس إبراهيم هنقلا،
• المناضل ولدي داوويت تمسقن،
وكانت كل تلك الاغتيالات تتم بعد قطع الكهرباء عن المدينة وخاصة التي تمت في مدينة كسلا مما يدل وجود أيدي خفية وراء الانقطاع.
• لم تتفاعل حكومة النميري مع الثورة الارترية بشكل علني إلا بعد هجوم الثورة على العاصمة أسمرا في العام 1975م وطلب أثيوبيا آنذاك التدخل لوقف إطلاق النار فكانت المرة الأولى التي تتعامل معها حكومة النميري مع القضية الارترية بشكل رسمي، ثم استمرت العلاقات لأن الثورة استمرت في تحرير المدن وقد حضرت شخصياً احتفال عيد الثورة في الخرطوم حضره كل من المناضل الراحل عثمان صالح سبي والمناضل أحمد محمد ناصر والسيد مكاوي عوض المكاوي رئيس دائرة الصداقة والسلم بوزارة الخارجية وجرى الاحتفال في قاعة الصداقة والسلم القريبة من القصر الجمهوري فنشرت صحافة الخرطوم في اليوم التالي الكلمة التي ألقاها المناضل أحمد محمد ناصر تمشياً مع موقف الدولة. وكذلك من الأسباب التي جعلت حكومة النميري تواصل علاقاتها مع الثورة هي تهديدات منغستو للسودان بحرب طويلة في الحفل الذي كسر فيه قوارير مليئة بالدم وهدد فيها الثوار الارتريين ومن يدعمهم وقد ذكر اسم السودان حيث خرج طلاب جامعة الخرطوم آنذاك بمظاهرة نددوا فيها بتصريحات منغستو ورددوا شعارات أذكر منها (نظام منغستو نظام فاشستي) وبعد بضعة أشهر إذا بمدينة كسلا تمتلئ بالمبعدين من الخرطوم لماذا؟ لأن منغستو قادم إلى الخرطوم لحضور قمة أفريقية ستنعقد في الخرطوم.
فترة الديمقراطية الثالثة 1985–1989:
باستثناء الحركة الاسلامية المتمثلة فى الجبهة الاسلامية القومية فان ابز الاحزاب كحزب الامة والاتحادى الديمقراطى كانت مساومة بالقضية الاريترية بالرغم من انها تتبنى النظام الديمقراطى وكان موقفها هذا نابعاً كونها فى السلطة يا للعجب ! مصيبة الأحزاب السودانية بما فيها الحركة الإسلامية التي استثناها كاتب المقال لم يعرف عنها التعامل مع القضية الارترية من خلال مبادئ ثابتة مع أن مواقف الحزب الاتحادي الديمقراطي في قضية السلاح القادم من الشقيقة سورية كان مشرفاً وموقف الحركة الإسلامية آنذاك (جبهة الميثاق) بقيادة الدكتور حسن الترابي كان موقفاً مشرفاً أما حزب الأمة لم يعرف عنه موقفاً مساند للثورة الارترية إلا حين وصول أول فوج من اللاجئين الذين استقبلهم الأمير عبد الرحمن نقد الله وزير داخلية السودان آنذاك عن حزب الأمة والذي رحب باللاجئين ووعدهم بالخير لن ينساه أحد. ولكن كحزب كان له وزنه على مستوى السودان كان موقفه مهزوزاً واستمر على ذلك إلى أن لجاء السيد الصادق المهدي إلى إرتريا التي وجد فيها كل الترحاب ثم الانقلاب حسب مزاج أفورقي المتقلب خاصة بعدما تأكد للمهدي أن العودة إلى السودان أأمن له من وجوده في الخارج لأن سيادته كان يتوقع ترؤس التجمع الديمقراطي السوداني المعارض ولكنه وجد نفسه وقد تجاوزه الزمن، ومن الطرائف أن العقيد الراحل جون قرنق سئل من قبل الصحفيين هل يخشى من خروج الصادق المهدي من تولي رئاسة التجمع فرد عليهم رداً قد يكون من الأسباب التي أفقدت السيد الصادق المهدي الأمل في ترؤس التجمع حيث قال قرنق: (لم أخشى من السيد الصادق المهدي وهو رئيس لوزراء السودان، فكيف أخشى منه الآن وهو لا يملك من أسباب القوة إلا اسم جده المهدي).
أما قول الكاتب أن حزبي الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة كانا يساومان بالقضية الارترية... وكان موقفها هذا نابعاً كونها فى السلطة يا للعجب ! أنا لا أرى ما يدعو إلى العجب في الفترة ما بين 1985م-1989م لأن الحزبان اللذان يتبنيان النظام الديمقراطي حسب ما جاء في كلام الكاتب، لا يطبقانه في وسط حزبيهم لأن الواقع يكذب ذلك التبني وإلا بماذا نفسر بقاء السيد الصادق المهدي ومولانا محمد عثمان الميرغني، وكذلك د. حسن عبد الله الترابي في رئاسة أحزابهم منذ أن تقلدوها؟ أم أن الأحزاب لا يوجد فيهم من هو مؤهل كما كان يقال في تنظيماتنا وكذلك في النظام (لا يوجد بديل) وكأنهم منزلون من السماء لا سمح الله؟ فالديمقراطية شماعة يستخدمها كل من كان خارج السلطة وكذلك المبادئ وبمجرد أن يصل للسلطة وكأنها هي الغاية والهدف الأخير ينسى كل شيء. ثم إذا فقدها ولول كما هي حال الأحزاب السودانية حالياً.
فترة الانقاذ 1989–2006:
اتت ثورة الانقاذ الوطنى من رحم الحركة الاسلامية المباركة التى يكن لها الشعب الاريترى الاحترام والتقدير نتيجة لتلك المواقف الثابتة والداعمة للحق الاريترى فى الحرية والاستقلال واقامة الدولة الاريترية ولذلك فقد بادلت الثورة الاريترية الانقاذ الود والتقدير والدعم حيث ان الثورة الاريترية كانت اقوى كيان سياسى وعسكرى فى منطقة القرن الافريقى ليس بما تملكه الثورة من ثروات مادية وعينية ولكن من ارث تاريخى حافل بالبطولات المطلقة لعدالة القضية وتصميم الشعب الذى اراد الحياة واستجاب القدر وقد فرح الاريتريون مسلمين ومسيحيين بقدوم ثورة الانقاذ الوطنى واستبشروا بها خيراً فقدر الله ان يكون النصر المبين للشعب الاريترى فى عهد حكمهم فكان النصر سودانياً قيل ان يكون اريترياً وهذه حقيقة لا ينكرها الا عدو متربص نعم أتت ثورة الإنقاذ من رحم الحركة الإسلامية ولا أدري عن أي ثورة إرترية التي بادلت الإنقاذ الاحترام تتحدث لأن فترة الإنقاذ لم يكن في الساحة الارترية إلا حليف الإنقاذ الحالي أفورقي بعد إخراج الجبهة من الساحة الارترية وبعدها خرج الجيش الأثيوبي من العاصمة اسمرا أما كون النصر كان سودانياً من الناحية الأدبية فنعم ولكن النصر كان إرترياً بصرف النظر عمن قطف الثمار والنصر تحقق والإنقاذ لم تلملم أطرافها بعد أي كانت الإنقاذ في 30 يونيو 1989م بينما دخول الجيش الشعبي إلى العاصمة اسمرا كان في 24 مايو 1991م أي قبل عامين فلا أدري كيف يقيس الكاتب الأمور أما إذا كان يقصد أن النصر للشعب الارتري تحقق والسودان قد استولت عليه ثورة الإنقاذ فهذه مقادير لا دخل لها بمن يحكم السودان.
من إنقلب على من؟
الحقيقة ان الانقلاب على الآخر متبادل فى عهد الانقاذ ولكن لكل منقلب له ظروفه ومبرراته فالانقاذ تفهم القضية الاريترية فهما صحيحا بحكم انبعاثها من الحركة الاسلامية بعكس زمرة افورقى التى لم تفهم ولن تفهم الحركة الاسلامية إلا من خلال الفهم الكنسى.
الانقاذ لم تنقلب على إرتريا (نظام هقدف) ولكن انقلبت على إرتريا الشعب إرتريا الوطن وذلك أولاً باغلاق المكاتب ثم الحدود ثم التضييق ثم تخيير التنظيمات الارترية التي تحولت إلى معارضة من الخارج بعد الاستقلال بسبب رفض أفورقي الاعتراف بها كما هي الحال في الدول المستقلة فكان دور الانقاذ التي تفهم القضية الارترية كما جاء في كلام الكاتب طرد المعارضة الارترية من السودان وذلك بوضع ثلاثة خيارات أذكرها هنا لكي يعرفها من لم يعرف في حينها وقد حمل القرار د. حسن الترابي الذي امتدحه وأثنى عليه الكاتب "إبراهيم عافة" أيام كان جزء بل منظر الانقاذ والمتصرف في كل شؤون السودان فكانت الخيارات:-
1. الدخول إلى إرتريا والعمل من الداخل، هذا كلام يدل على سطحية القائل ومن كلفه بتلك المهمة لأن الدخول إلى إرتريا لم يكن بالأمر السهل والنظام البوليسي هناك يقوم بحملة اعتقالات واسعة في أوساط من يظن أنهم يعارضون سياسته.
2. البحث عن منطلق آخر غير السودان لأن العمل من السودان يضر بالعلاقة بين الحكومتين (هقدف وانقاذ) وهذا ما لم يعلمه الكثيرون ممن يعيبون على المعارضة ذهابها إلى أديس أبابا مع احترامي للمتحفظين عن ذلك فقد ضاقت على المعارضة السودان وكل دور المحيط التي ناصبها أفورقي العداء مقابل مدها يد العون والاعتراف وقد يقول قائل لمَ لم تدخل المعارض إلى الغابة وتقارع من الداخل نعم ذلك كان أسهل ولكن هل نسينا أن الجبهة الشعبية بعد انفرادها بالساحة الارترية قامت بترحيل كل من له صلة بالتنظيمات الارترية الأخرى وقامت بحملات تعسفية ساقت فيها الرجال والفتيات عنوة؟ ثم شكلت لجان بوليسية تجوب القرى، وأن أي قادم من وراء الحدود لابد من الإبلاغ عنه وإلا تعرض مضيفه للمساءلة وربما للسجن أو القتل؟ فأنى لمعارضة هذا حالها أن تقارع نظام بوليسي وخلفية معزولة وحدود مقفولة؟.
3. أو البقاء في السودان كلاجئين دون ممارسة أي عمل سياسي فاضطرت المعارضة لسلوك الخيار الأخير وهو العودة إلى أرض ارتريا ومواجهة المصير المجهول ولولا خشية الإطالة الواقعة أصلاً لتحدثت عن الكيفية التي تم بها طرد المجاهدين والمناضلين الذين مع وصولهم إلى تخوم ارتريا تعرضوا لمعركة كان طرفاها قوة سودانية من الخلف وقوات النظام من الأمام ولكن نجت بأعجوبة بسبب خبرة القائمين عليها في القتال وكان الهدف القضاء نهائياً على ما تبقى من القوات المعارضة في فكي كماشة. ولكن الله سلم.
انقلب أفورقى على السودان وعقيدته جحوداً وانكاراً لما قدمه السودان وأهله للعشب الاريترى، هذ هو افورقى الذى يصفه المؤتمر الوطنى (بصوت الاحرار) اليوم.
أفورقي لم ينقلب على السودان بل الساسة السودانيين هم الذين انقلبوا على أنفسهم، حيث اقل أحد الشهود الذين حضروا قرار الإنقاذ الذي حمله د. حسن الترابي إلى قادة المعارضة الارترية أن المناضل الراحل صالح إياي الذي كان أحد قيادة المعارضة آنذاك قال للشيخ الترابي (يا شيخ حسن أحلق شنبي إن لم ينقلب عليكم أفورقي) فرد عليه الترابي بضحكته الغريبة التي لم يوجد لها تفسير حتى اللحظة قائلاً : مصلحة السودان تقتضي ما نقوم به والجبهة الشعبية هي الواقع ولا بد من التعامل مع الواقع، فكان ما توقعه الراحل إياي، أبعد هذا نتهم أفورقي الذي له أجندته التي تم بعضها على مرأى ومسمع السلطات السودانية في مطار الخرطوم وقد احتجت السلطات السودانية التي كانت مشغولة في تقاسم الثروة وتكثير الكوم احتجاجاً خجولاً بين أفورقي وكارتر.
أفورقي له أجندة واضحة لم تتغيّر منذ أن وطئت قدماه الساحة الارترية وتجنيده من قبل الأمريكان الذين يسبهم الآن ليل نهار. أما الشعب الاريترى الذى يهمه أمر شقيقه السودانى فكان مصيره السجون والقتل عندما رفض التآمر على السودان وصنف المسلمون الاريتريون بالطابور الخامس والاسلاميون المتشددون الارهابيون الذين تم قمعهم بلا رحمة. هذا ما أسماه من سبقوني بالكتابات العاطفية ومن المفارقات أن اعتقالات الدعاة والمعلمين في كل من أسمرا وكرن وقندع وصنعفي وحقات تزامنت مع يوم قطع العلاقات مع السودان وهذه كانت ردود أفورقي على ما قدمه رجال الانقاذ له من خدمات. فلماذا الشعب الارتري يهمه أمر شقيقه السوداني؟ بينما نرى الآلاف من أبناء الشعب السوداني لا يحركون ساكناً وهم الساسة والكتاب والمثقفين؟ لأن أفورقي استطاع بخبثه ودهائه أن يزرع في كل الأحزاب السودانية من يتناغم مع أكاذيبه. لم يسلم من ذلك أي حزب حتى من وصفهم الكاتب بأصحاب المبادئ الثابتة. وكم كنت أشفق على جهابذة السياسة السودانية وهم يجلسون في ندوات سياسية يديرها عبد القادر حمدان وهم يستمعون إلى هرطقاته وسبه لحكومة الانقاذ وكأنهم في سنة أولى سياسة.
إنقلاب الانقاذ على شعب اريتريا 2006:
ان انقلاب الانقاذ على القضية الاريترية نابع من الفراغ الذى احدثه انشقاق الحركة الاسلامية وخروج القوى الاسلامية ذات المبادئ والقيم والسياسة والفكر والمتمثلة فى تيار المؤتمر الشعبى بقيادة الدكتور الشيخ/ حسن عبدالله الترابى مما كان لذلك اثره على القرار السياسى فى الداخل والخارج نتيجة لفقدان النظام منهجيته الفكرية فغدا المؤتمر الوطنى تنظيم الاقلية الشمالية فكان لازماً عليه ان يتآمر على مصائر الشعوب حتى يبقى على السلطة وقد بررت قيادة المؤتمر الوطنى علاقاتهم بأفورقى بانها جاءت فى أعقاب توقيع اتفاق شرق السودان فى اكتوبر 2006 ويا للدهشة فقد وصف أفورقى بأنه صديق مخلص وصوت للاحرار ولكن هل يعلم ساسة الوطنى ان ثورة الشرق القادمة سوف لن توقع ولن تساوم؟
يسمي الكاتب أن ما تعورف عليه في السودان بقرارات الرابع من رمضان وإبعاد الدكتور حسن الترابي انشقاقاً، لا أدري إن كان صاحبنا الكاتب المزعوم ارترياً حقاً أم أنه قلم يكتب باسم المؤتمر الشعبي الذي كان شريكاً في كل صغيرة وكبيرة من قرارات حكومة الإنقاذ ويحاول اليوم التملص في محاولة ذر الرماد في عيون الشعب الارتري وقواه السياسية التي ذاقت الأمرين من سياسات الإنقاذ مجتمعة ومتفرقة فبماذا نفسر تصريحات د. الترابي التي كان يطلقها هنا وهناك والتي كانت تزيد أفورقي وأمثاله تعنتاً مثل قوله أن المشروع الحضاري السوداني سوف لن يتوقف عند حدود السودان بل سيتعداه إلى أفريقيا والعالم العربي وهذا كان يزيد داعمي أفورقي بالاستمرار في دعمهم له. أما الحديث عن ثورة الشرق فلا أرى أن ذلك من مسؤوليات الشعب الارتري ولا ساسته لأنه شأن سوداني صرف، وهذا ما يدعم زعمي أن الكاتب ليس له وجود أو الموضوع كتب باسم مستعار لخلق بلبلة واقحام ابناء الشعب الارتري في حرب بالوكالة بين أطراف الانقاذ الحاكم والمعارض. وان الحكم سيكون للسلاح أما الداعمون فهم كثر لن يبخلو بالدعم المالى والعينى والفنى والاكاديمى وغيرذلك مما يساعد شعوب تلك المنطقة من الارتقاء بانفسهم حين يكون الحكم للسلاح فالمتضرر هو انسان الشرق المغلوب على أمره والمستهدف من أفورقي وحكومة السودان وأما الداعمون المزعومون سوف لن يدعموا ثورة الشرق ابتغاء مرضاة الله ولكن لمآرب أخرى ومصالح سيدفع انسان الشرق ثمنها من عرقه ودمه واستقراره فليت الكاتب المزعوم يرأف بانسان الشرق لأن الحرب والسلاح لا يأتيان إلا بالمزيد من الدمار والهلاك.
إن الشعب الاريترى لم يعدم صديقاً أو شقيقاً يناصره وقديم اقيل: (ما ضاع حق من ورائه مطالب) وأيضاً قيل: (ان عصا الحق تضعف ولكن لن تنكسر) فقد فتحت الافاق لهذا الشعب من حيث يدرى ولا يدرى ولم يعد يعتمد على الانظمة السودانية التى لا تقيم للمبادئ والقيم وزناً بقدر ما تؤمن بالمصلحة الانية على شاكلة (رزق اليوم باليوم).
كيف لم يعدم صديقاً وهو يعاني ظلم أشقائه من ساسة وقادة الأحزاب السودانية الذين يحكمون ومن يعارضهم الذين تعاملوا ومازالوا يتعاملون مع قضية الشعب الارتري بنظام (رزق اليوم باليوم). ومحاولة كسب الشعب الارتري وجرجرته إلى حرب ليس له فيها ناقة ولا جمل واتخاذه مطية إلى حين الوصول إلى السلطة ثم الانقلاب عليه قد أصبح سلاح قديم وبضاعة كاسدة لا تجد رواجاً في أوساط الشعب الارتري لأن هذا الشعب رأي بأم عينه تصرفات لا تمت إلى أخلاق الشعب السوداني بصلة (اعتقالات تعسفية، اغلاق مكاتب بطريقة مزاجية، التعامل مع القضية عن طريق الاستخبارات، والأمن، والمباحث، طرد المعارضة أكثر من مرة ثم مغازلتها كلما ساءت العلاقات مع أفورقي حالياً وأثيوبيا قديماً) هل سيقبل بهذه الخزعبلات التي لا تعدو كونها دغدغات بالية؟ وأين كان المؤتمر الشعبي ورئيسه د. حسن الترابي الذي وصفه الكاتب بصاحب المواقف الثابتة؟ وحتى حينما كان معارضاً لسياسات المؤتمر الوطني، إلا أنه سكت فيما يتعلق بالمعارضة الارترية وما تعرضت له من إغلاق مكاتبها، ولم يتفضل عليها ولو بتصريح لأنه أول من طالب قادتها بالخيارات التي أشرت إليها في بداية تعقيبي هذا. أما الشعب السودانى المجيد كان موقفه واضحاً ومشرفاً انسجم مع اخلاقه الكريمة وعاداته السمحة التى قل مثيل لها فى الكرة الارضية فآوى ونصر... وأخطأ الدكتور حسن مكى عندما صرح أكثر من مرة وفى اكثر من مناسبة (اذا حكم مسلمون اريتريا بلادهم فذلك مدعاة لانفصال شرق السودان عن باقى أجزائه)... لذلك ندعو النخب الحاكمة فى السودان ان تراجع مواقفها لتحقيق مصالحها العامة والخاصة خاصة فى ظل المتغيرات والتحولات الطارئة فى الصراع الدائر فى السودان.
لا تعليق على موقف الشعب السوداني فذلك أمر لا ينكره أحد، أما أخطأ د. حسن مكي فهو محلل سياسي وباحث في القضايا الافريقية وكحال كل السياسيين كلامه قابل للتراجع متى ما تراجعت المصلحة التي يسعى إليها، وهذا الحديث من رجل بهذا المستوى ومحسوب على الإسلاميين ولكن من رأي د. حسن مكي في قناة الجزيرة إبان الحرب بين إرتريا ووياني وهو يستجدي أفورقي قائلاً متى ستلتقون برئيس الوزراء الأثيوبي ملس زيناوي؟ وكأن الخصومة بين جارين في حي وليس رئيسين متحاربين ! أما الاجراءات التى تتبعها الانقاذ بحق الانسان الاريترى فهى اخطر وامضى سلاح فى تشتيت الشعب الاريترى وهضم حقه المشروع فى التغيير والبناء والاجرءات هى: استضافة المعارضة الاريترية ككرت ضغط يلوح به المؤتمر الوطنى متى ما شاء وكيف بغض النظرعن مستقبل الامة الاريترية دون استراتيجية واضحة.
1. ما هذا؟ كاتب بهذه الإمكانيات يتحدث عن أمور عفا عنها الزمن بعد ما وقع الفأس في الرأس أين هي المعارضة الارترية التي يتحدث عنها ألم يتم إغلاق مكاتبها ويغادر معظمها السودان صح النوم؟
كل ذلك يصب فى وأد الشعب الاريترى المناضل وازاحته من ارضه بفعل دولة عربية واسلامية كنا نحسبها شقيقة وصديقة ولكن ثبت وبما لا يضع مجالاً للشك انها دائما من وراء أزمات الشعب الاريترى وشقائه.
وأد الشعب الارتري شيء مستبعد لأن الشعب الارتري الذي صمد أكثر 100 عام في وجه الاستعمار لا يمكن لكائن أن يئده وعلى العكس فإن وحدة من يهددون الشعب الارتري مهددة وفي خطر (أثوبيا، والسودان نفسه) والسودان مازال شقيقنا وهو بلد عربي ومسلم وأوافقك على أن السودان الرسمي بمواقفه المتذبذبة وراء الأزمات التي عانى منها الشعب الارتري وثورته. وعلى المعارضة الاريترية وكل اريترى شريف ان يبتعد عن النظام السودانى كل البعد وان لايظهروا تحركاتهم فى سبيل تغيير النظام وبناء الدولة الاريترية أمامه،لانه ثبت وبما لا يضع مجالاً للشك ان وراء اعتقال وسجن اعضاء (حركة الحرية الآن) قيادات فى الامن والنظام السودانى وقد راح ضحية ذلك اكثر من (180) مناضل اريترى فى سجون أفورقى وعلى رأسهم الفنان الوطنى الكبير ادريس محمد على، أليس هذا بكاف ان نبتعد عن هؤلاء الذين لا دين لهم ولا ذمة ولا ميثاق ولاحول ولا قوة الا بالله 180 مناضل فقط؟ يا راجل المعلومات التي ذكرها أحد الحراس في سجن دسيت تؤكد مقتل 150 أسيراً من سجناء الرأي وأنت متوقف عند الرقم 180 وتشير إلى اعتقال الفنان إدريس محمد علي فك الله أسره وجميع الأسرى الذي اعتقل قبل فترة وجيزة؟ في عالم تعيش؟ أما المعارضة الارترية فقد أبعدها السودانيين قبل أن تقرر هي بنفسها وكون قادتها همسوا في أذان بعض الساسة الذين كشفوا الأوراق لأفورقي قد أصبح من الماضي، ألم يتوقف البرنامج الذي كان يعده الكاتب أحمد البلال الطيب بعد إجراء حلقة أو اثنين مع قيادات المعارضة أثناء التعامل معها بنظام رزق اليوم باليوم. فأقول للكاتب صح النوم فأنت تتحدث تماماً كما يتحدث بعض القادة والساسة السودانيين وبشكل مخجل حين يقولون (يا أخي أفورقي دا ما درس في السودان وتخرج من السودان) وكأنهم يتحدثون عن الجنرال أمان عندوم أول رئيس لمجلس قيادة الدرق الأثيوبي بعد سقوط الإمبراطور الأسبق هيلي سلاسي !!!
اكرر احترامى وتقديرى اللامحدود للشعب السودانى الكريم شريك الشعب الاريترى فى انتصاراته وافراحه واتراحه.
وأنا وكل ارتري حر منصف نكرر احترامنا وتقديرنا اللامحدود للشعب السوداني الشقيق ونتمنى أن يعم السلام ربوعه.