اللاعب الدولي اسماعيل محمد سعيد الشهير ب(اسماعيلو) الحلقة الثالثة

بقلم الأستاذ: عبدالقادر شيخ حسين شيخ زايد - أبو رأمي

يقول اللاعب الدولي اسماعيل بعد ان قرأ كل منا الرساله الآتيه الينا من قبل ثورتنا الارتريه

التي حثتنا على عدم السفر لأديس في البدء قررنا عدم السفر وقلنا ان تلبية نداء الوطن هو الاهم و اخبرنا الجهة المسؤولة عدم نيتنا السفر وقد بحثوا عن الاسباب وعلموا فيما بعد ان رسائل وصلت اليهم من الثوار.

طلبوا منا الحضور في مكتب الشباب والرياضه ففوجئنا بوجود جنرال اثيوبي ورئيس شرطة اسمرا وثلة من اعضاء اتحاد الكرة بالمكتب.

اخبرونا انهم علي علم برسائل التهديد التي وصلت اليهم من قبل الانفصاليين (الشفتا) وابلغونا ان مانقوم به مهمة وطنيه ومصلحة الوطن تقتضي الامتثال لاوامره ولابد من السفر.

واكدوا لنا قائلين ان هذه التهديدات لاتضركم في شيئ وانها ليست وليدة اليوم وكثيرون جاءتهم مثل هذه التهديدات على شكل رسائل وفي فترات متباعدة ومازالوا احياء دون ان يتعرضوا لمضايقات اوتهديد او قتل فلاتعيروا هذه الرسائل ادنى اهتمام.

يقول الكابتن اسماعيل قلت للمسؤولين امهلونا ربع ساعة للتفاكر وسنخبركم بما اتفقنا عليه.

سمحوا لنا بالخروج وجلسنا نحن الثلاث شخصي والشهيد تخستي واللاعب الثالث فقلت لهم ان رفضنا الامتثال لأوامر الاثيوبيين فسنعرض انفسنا للاعتقال وسنتهم باننا (شفتا) ومندسين وقد يتطور الوضع للاسوء وربما يعتبرون رفضنا عصيانا وخيانة عظمى قد تؤدي للقتل فالنذهب الى اديس ابابا ونلعب ونعود لاسمرا ومن ثم نفكر في امر الرسائل بجدية ونقرر ما يجب علينا فعله تجاه ثورتنا.

بعد ان حسمنا موضوع السفر توجهنا للعاصمة الاثيوبيه اديس للانضمام للمنتخب الاثيوبي ولم نكن نعلم حينها اننا في حالة متابعة ورقابة من قبل الثوار حيث كان معنا احد رجال الامن الثوريين داخل الطائره ولكنا علمنا ذلك فيما بعد.
بعد هبوط طائرتنا في مطار (بولي) الدولي توجهنا نحو الفندق واخذنا قسطا من الراحة وفي صباح اليوم التالي توجهنا لميدان الكرة لاجراء بعض التمارين استعدادا للعب مع احد منتخبات الفرق الافريقيه.

بعد عودتنا للفندق اخبرتنا عاملة النظافة ان هناك في ال (رسبشن) رسائل تخصنا.

فتحناها وكانت المفاجأة الغير متوقعه انهارسائل ثوريه تعنفنا بأننا لم ننصاع لأوامر الثورة وطلبوا منا بعد انتهاء مهمة اللعب العودة للعاصمة اسمرا والتخلي عن المنتخب الاثيوبي فورا.

قرأ كل منا رسالته ومزقها ثم عدنا للعاصمة اسمرا.

الثورة الارتريه كانت ممتدة حتى خارج الوطن والكثيرين من الارتريين والارتريات في اديس اببا كانوا منظمين ويعملون ضمن الخلايا المنظمة هناك كانوا (وطنيون حتى النخاع).

اصبحنا في حالة خوف ورعب لاننا خالفنا اوامر الثوار.

علمنا بعد قدومنا لاسمرا ان رسائل الثوار ارسلت لثمانية عشر لاعبا في المنتخب الارتري والرساله يقول مضمونها (غدا عند الساعة السادسة مساءا عليكم الحضور في سطوح فندق - بحي قزا باندا) وقد امتثل الجميع لاوامر الثوار وكنا عند تمام الساعة السادسة حضورا في الزمان والمكان المحددين.

التقينا في الدور الثاني للعمارة التي تمتلكها امرأة ارترية وكانت من ضمن الخلايا الثوريه التي تعمل بالداخل.
اجتمع بنا الثوار حيث كانوا يرتدون ملابس عادية لاتجعلك تشك فيهم وتظنهم انهم اشخاص عاديون ومن عامة الناس ولكن بداخل تلك الملابس كانو يخفون اسلحة.

بعد ان حيُّونا ورحبوا بحضورنا وشكرونا لتلبية نداء الثوار وتفهموا الخطوة التي اتخذناها (نحن الثلاث) بسفرنا لاديس ثم عودتنا قالوا لنا ولاخوتنا الرياضيين باختصار شديد (ستخرجون معنا الى الميدان وثورتكم احوج ماتكون اليكم اكثر من اي وقت مضى وسنتحرك سويا عند الساعة الثامنة مساءا وسنضمن لكم سلامة خروجكم).

إسماعيل محمد سعيديقول اسماعيل قلت للثوار (نحن جميعا جاهزون للخروج ولكن لو تسمحون لي حتي ادبر شؤون اسرتي لأنني متزوج ولي ابن صغير واخاف علي زوجتي وابني من بعدي ان يقبض عليهم كرهائن فاسمحوا لي ان ارتب اوضاع زوجتي وابني) ؟ وكانت زوجتي (ماجدة خليفه احمدين) لتوها عائدة من السويد وكنت قد تزوجت بها بعد ان تعرفنا علي بعضنا واتفقنا علي الزواج.

ولن انسى وقفة ادارة عدوليس المشرفه معي حيث قاموا بتكاليف زواجي بالتمام والكمال انها سمة المجتمع الارتري النبيل والذي يحفظ الجميل ـ معاً في السراء والضراء.

وعودا علي سرد قصة اسماعيل مع الثوار يقول بعد ان اكملت مشاوراتي مع زوجتي اتفقت معها على ان تغادر للسودان وبصحبة المناضلين ولن تتردد في الذهاب معهم ووافقت على الفور.

قلت للثوار لن اوصيكم على زوجتي وابني فانتم تحملون امانة الوطن في اعناقكم ناهيكم عن ابني وزوجتي ربتوا علي كتفي وطمأنوني بان الابن وامه في الحفظ والصون وسيدخلونهم (كسلا) بسلام.

واصطحبت الفدائيين الثوار لبيتي وعرفتهم باسرتي ومن ثم اكملنا خططنا للخروج بسلام.

وقد كنت اسكن مع اسرتي في احد احياء شارع المطار.

وفي اليوم التالي بعد ان رتبت اموري وسلمت للثوار زوجتي وابني تركنا المنزل القديم ونقلت زوجتي الى منزل آخر ريثما يغادرون العاصمه.

وبدوري غادرت العاصمه ركبت دراجة وتحركت للالتحاق باصحابي - لانهم سبقوني بيومين وخرجوا - وودعت العاصمة وشعبها ونفسي جاشت بمشاعر يصعب وصفها تزاحمت حولي الخواطر والهواجس تراءت امامي تشجيعات الجمهور وكرة القدم العاصميه والتي كانت في ايامها الذهبيه !!!

استغل اسماعيل دراجة وخرج من العاصمه عبر الجنوب والتقي بإخوته الرياضيين في قرية (عدي بِدِيلْ).

وكان مسؤول تلك المنطقه آنذاك الشهيد (عبد القادرمضان). استقبلنا مع رفاقي من قبل المناضلين.

كان استقبالا حارا واستقبلونا بالاحضان وشكروا لنا امتثالنا لأوامر الثوره.

يقول اسماعيل رحلة اصحابي الرياضيين استغرقت يومين ورحلتي للالتقاء بهم لم تأخذ مني اكثر من ساعتين لان دراجتي اختصرت بها المسافات الطويله.

وفي تلك الاثناء كانت قوات التحرير الشعبيه ترابط في (عُنُو نَالاَيْ) وهي قرية قريبة من (عَدِّي بِدِيلْ).

بعد ان تجمعنا تحركنا وعبرنا جبال (مَلَزَانَايْ) و (قُدَاقُدْتِي) وكان الطريق شاقا ووعرا حتي وصلنا الى اقليم القاش بركا واخذنا قسطا من الراحة في قرية (عد سيدنا مصطفى) ولم تكن (تكرريت) بعيدة عنا ومن ثم وصلنا الى (رُبْدَه)حيث مركز تدريب جبهة التحرير الارتريه للمستجدين.

وقد استغرقت رحلتنا من العاصمة اسمرا وحتى مركز (ربده) احدى عشر يوما.

بعد يومين من رحلتنا جلست تحت شجرة ظليليه وسرحت بعيدا تراءت لي عاصمتنا الابيه اسمرا شبيهة (روما) او وصيفتها تلك الايام الخوالي وتلك البنايات الشاهقه وتلك الوجوه الوضاءة من الجنسين شوارعها النظيفه حاراتها ازقتها مقاهيها وفنادقه الراقيه وطقسها الخلاب وذاك الضباب يعانقنا ويلتف بنا وبشوارعنا منظر يخلب الالباب.

اختفت وجوه ثمانية عشر لاعبا من ميادين العاصمة تلك الوجوه التي كانت تزين الملعب وتخطف الاضواء وتجبر الجمهور على التصفيق وتلك اللمسات الساحرة والتمريرات البينيه يصحبها صراخ المشجعين والمعجبين قد توقفت!!!.

ساءلت نفسي هل توقفت بالفعل !!!؟

ستنحسر تلك الاشياء الجميله وستحل محلها تساؤلات الجمهور اين ذهب اسماعيل ورفاقه محاري وجوكر وعبدالرحمن عبدالله الملقب (باجي) وتخستي وكداني وابرهام وبيلي ونقاش وبقية العقد الفريد ؟

وقفنا واصحابي وقفة تأمل !!!

ان تناديك الشهرة والأضواء وان تناديك ارتريا تتوسط الصحراء،
تناديك انقذني ياابني انت سندي وانت املي ومستقبلي انقذني من هذا العدو الجاثم على صدري،
حررني انقدني اغثني،
من لي غيرك ياابني ؟!!!

امام هذه التساؤلات والهواجس والتي كانت حديث النفس اخترنا انقاذ الوطن على الشهرة والاضواء وقلنا ان للشهرة مكان آخر بل اكبر واشرف عبر ميادين القتال والدفاع عن الاوطان فاما النصر واما الشهادة.

تحركنا وكلنا جاهزون للذود ان الوطن وحتى تعود له كرامته وقدسيته:

سأحمل روحي على راحتي،
واُلقي بها في مهاوي الردي،
فإما حياة تسر الصديق،
واما ممات يغيظ العدى.

عادت هواجسي مرة اخرى لتقول: انها سنة الحياة تفرق لتجمع وتجمع لتفرق انه الاستعمار البغيض الذي حول وطننا الى كابوس ورعب وارهاب وحالات طوارئ.

انه نداء الوطن ولابد من تلبيته حتى يعود محررا من رق الاستعمار الم يقل الشاعر العربي.

وللاوطان في دم حر،
يد سلفت ودين مستحق،
وللحرية الحمراء باب،
بكل يد مضرجة يدق.

لحظة خروجنا في تلك الامسيات كانت العاصمة ملبدة بالغيوم وبالوجوم تساقطت امطارها كالعادة ولكن هذه المرة رذاذها كان مختلف بعض الشي بعضه كان يَبكِينا وبعضه كان يغسل دموع العاصمة ومبانيها الشاهقه التي اجهشت بالبكاء حزنا علي رحيل بنيها ومبدعيها.

صباح اليوم التالي تسربت الاخبار في اسمرا واصبحنا حديث الشارع والخبر مفاده بان لاعبي المنتخب غادروا اسمرا لميدان القتال ومن اجل الوطن.

وساد الحزن في وجوه سكان العاصمة وعلي وجه الخصوص في وجوه المشجعين والبعض منهم التحق بالميدان بعد ان دخلوا ميدان الكرة ووجدوا ان الكرة وميدان الكرة اصبحا بلاطعم ولالون ولارائحه بل البعض اعتصم في بيته وتوقف عن الدخول.

اياما وشهور عصيبه عاشتها العاصمه وساكنيها جراء خروج لاعبيها وكأنها في حداد اليم !!!.

بالعودة لحال الريا ضيين عندما وصلوا معسكر (رُبْدَه) كان وضعنا شبه خاص عن بقية المتدربين المستجدين فقد اكملنا تدريبنا في وقت وجيز ومهمتنا كانت اعلامية بالدرجه الاولى حيث كنا مربوطين باعلاميي الجبهة.

وبعد ايام دخلنا مدينة كسلا السودانيه وسكنا في حي (المربعات) في ضيافة ثوارنا الاشاوس ومكثنا في كسلا اياما. ولبسنا فيها (جلاليب) سودانيه و(طواقي) حتي لا يتعرض البعض منا لمضايقات الامن السوداني وبالتاكيد البعض لبسها لأول مرة وكانوا في غاية الانبساط وهم يتجولون بها في كسلا والخرطوم.

وللذكرى والتاريخ التقطنا صورة ونحن نرتدي تلك الجلاليب.

واذكر من اسماء اللاعبين الذين انضممنا للثورة.

اولهم شخصي ثم محاري وجوكر وعبد الرحمن الملقب ب باجي وكداني وابرهام وتخستي الملقب ب (إللي) وابرهام.
وفي مصر انضم الينا كل من كداني واللاعب الدولي العلم احمد عبد الله وحارس المرمي المشهور ب (حنفظ).

وكان من ضمن اللاعبين المنضمين للفريق بعض من فريق تيلي واذكر منهم اللاعب جميل حسن وسليمان عبدالله ونقاش الجبرتي وافورقي.

وكان يرأس ادارة فريقنا الثائر آنذاك المناضل شوكاي والمرحوم الفدائي الكبير (برهاني قشو) وهو من ابناء (عدي سقدو) - وقد سمعت انه توفي قبل مايقارب العام في الخرطوم - يقول اسماعيلو بعد اقامتنا في مدينة كسلا مدة شهر كامل انتقلنا للعاصمه السودانية الخرطوم.

وكان الهدف من لم شمل هذا الفريق حتي تكسب الثورة الارتريه من خلاله زخما اعلاميا في العالم العربي والافريقي.

وبعد مدة استلمنا جوازات سفر.

هل هي صوماليه ام سودانيه ام هو جوازك الun ام جوازات اخرى ؟

والى اين كانت وجهة المنتخب وماهي الفرق التي لعب معها وهل غَلَبُوا ام غُلِبُوا وماذى كان مصيرهم بعد العودة للخرطوم ؟

تـابـعـونـا فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة... وحلقات اكثر تشويقا لرجل يحمل ارثا كرويا وحكاوي مشوقه.

Top
X

Right Click

No Right Click