تشخيص حال المجتمع الارتري وتنظيمات المعارضة والشباب الارتري

بقلم الأستاذ: علي عافه إدريس - كاتب ومحلل سياسي ارتري

هناك الكثير من الأسباب التي تشكل ما نسبته 90% من أسباب فشل المشاريع الشبابية العامة ولا ينتبه لها الكثير من شبابنا، وفي

محاولتي هذه استطعت أن أحدد أربعة أسباب من الأسباب التي أعتقد أن لها دور كبير وهي:-

خريطة إرتريا

1. السبب الأول في اعتقادي هو عدم وجود كتلة صلبة تقود المشروع أو المنشط (هنا لا أقصد مجموعة حزبية أو مصلحية فهذه غالبا ما تُكشف وتكون وبالاً على العمل وأكثر ضرراً عليه من أي شيء آخر) ما أقصده أن تكون هناك مجموعة من الشباب المستنير الذي همه الأول العمل العام، على أن يوجد بين أفراد هذه المجموعة الحد الأدنى من التفاهم ومعرفة بعضهم البعض بصورة جيدة، وتكون هذه المجموعة بمثابة القاطرة التي تقود العمل وتسد الخلل به وترقيه لمستويات أفضل، دون أن تحتكره وتجيره بعيدا عن القاعدة، بل أن يكون هدفها غربلة القاعدة واستخراج مكنوناتها من الأفراد الجيدين والدفع بهم للواجهة، ومثل هذه المجموعة إذا لم تتواجد بصورة تلقائية عبر انجذاب أفرادها لبعضهم يمكن إيجادها عبر تكوين مجموعات القراءة حيث تجتمع مجموعة من الشباب لمناقشة كتاب سبق وأن اتفقوا على قرأته مسبقا خلال مدة زمنية محددة، فهذه القراءة الأسبوعية أو الشهرية من ناحية ترفع الوعي ومن ناحية أخرى تخلق احتكاك ايجابي من خلاله يحدث فرز إلا أن هذه القراءة يجب أن تستمر لفترة حتى يحدث ذلك.

2. السبب الثاني الاستعجال وحرق المراحل بصورة تهدد مستقبل العمل كالشروع في انجاز مشروعات طموحة هي أكبر وأضخم بكثير من الإمكانيات المتوفرة، فأول ما تسمع بتكون مجموعة شبابية وقبل خلق القاعدة التي تستند عليها في اليوم الثاني يطرحوا مشروع على سبيل المثال وليس الحصر، مشروع إنشاء إذاعة موجهة للداخل فبالتأكيد هو مشروع جبار لكنه مشروع طموح جدا قياسا على الإمكانيات المتوفرة أو التي يتوقع توفرها، فالمشروع يحتاج للمال واستمرار تدفق هذا المال وهذا طالما سيتم جمعه عبر التبرعات والاشتراكات يحتاج لقاعدة عريضة ومتماسكة وواعية ومستمرة في عطائها و مؤمنة بأهمية الإذاعة والحاجة إليها، بالإضافة إلى ذلك أن الإذاعة تحتاج لكادر يعمل بها وهذا الكادر هل هو موجود فعلا؟ ففي الإذاعة والإعلام بصفة عامة ما ينفع مجرد أنك تستطيع الكتابة والقراءة بل الدراسة والتخصص والتفرغ هو الأساس، وإذا توافر هذا الكادر هل بالامكان تفريغه عبر سد احتياجاته مثلا أن تكون هناك رواتب فهي الوحيدة التي تستطيع أن تجعل الكادر يواصل عمله ولا ينتكس بعد حماسة الأيام الأولى، هذه إمكانيات كبيرة وصعب توفيرها بشكل مستمر وإذا لم تتوفر فالأمر سيكون أشبه بالقصة التي حدثت في أحدى الدول العربية حيث كانت لديهم تلال من مخلفات السيارات الناتجة من حوادث السيارات فحتى يستفيدوا منها دون دراسة أنشاؤوا مصنع للحديد والصلب لكن المصنع توقف بعد شهر من إنشائه لعدم وجود مادة خام فقد ابتلع المصنع تلال المخلفات التي كانوا يعتقدون أنها ستجعله يعمل لسنوات.

3. المستوى الثقافي لكثير من شبابنا ضحل جدا لدرجة أنه أصبح معيق لتفاعلهم الايجابي فأول الخطوات التي يجب أن يقوم بها شبابنا هي أن يثقف نفسه عبر القراءة لمّ أنتجته البشرية فكل كتاب تقرأه هو إضافة خبرة شخص آخر إلى خبرتك، والثقافة هي من تجعل الآفاق تتفتح أمام الشخص وتغير الكثير من طريقة تفكيره ونظرته للأمور وبالتالي ترتفع إمكانية إيجاد حلول لواقعنا المأزوم.

4. الجهل المؤلم بتقنيات العصر الحديث من الخدمات التي يوفرها الانترنيت مثل وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب وغيرها، فلا يكفي أن يعرف الشخص كيف ينشئ بوست في الفيس بوك أو تويتر وكيف يعلق ويرد على التعليقات بينما يجهل كل خصائص وخدمات هذين الموقعين فإذا أراد أن يتابع التعليقات في بوست شخص آخر تجده يعلق بـ "متابع" بينما هناك خاصية إذا اخترتها تجعلك تتلقى إشعارات بكل التعليقات والتعديلات التي تحدث في البوست، وربما يقول قائل ما دخل معرفتنا بالفيسبوك وتويتر وإجادة خصائصهم بنشاطنا السياسي فأقول له ببساطة طالما هذا مجال نشاطك ستكون كفاءتك فيه أكبر ووصولك لأكبر قطاع من الناشطين سيكون متاحاً فمعرفتك كيفية ترويجك لبوست أو مقطع تم إعداده باتقان سيفرق مردوده عن آخر لا يطلع عليه سوى بضعة أفراد، أما اليوتيوب فحدث ولا حرج فالقليل جدا الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة من شبابنا استطاع اقتحامه بينما إذا أتقنوه لكفاهم شر اللف وراء إنشاء إذاعات وتلفزيونات لا تتوفر لها الإمكانيات المادية، فبالمقاطع الصغيرة كان يمكنهم توعية جماهير الداخل وإرباك النظام وشل قدراته التعبوية بالإضافة لرفع الروح المعنوية التي إذا رفعت تتحقق المعجزات.

وللتدليل على هذا القصور أنه في يوم المعتقل والتفاعل مع الهاشتاق الذي صمم من أجل ذلك أن عدد التغريدات في توتير وصل 247 تغريدة فقط وذلك أولا لجهل شبابنا بتويتر وأهميته وبالتالي عدم وجود حسابات لهم وثانيا لقلة عدد المغردين وثالثا لجهل البعض أن إعادة التغريد لها تأثير كبير.. بينما الهاشتاقات الأخرى تصل لمئات الألاف فبعد أيام قليلة كان هناك هاشتاق صومالي "الصومال - تتحدث" شاركت فيه مع بعض الإخوة الارتريين دعما لاخوتنا الصوماليين وقوة المشاركة والتفاعل أصابتني بحسرة على أوضاعنا فقد أصبح الفشل ملازم لنا في أبسط الأمور وبشكل غريب لا نستطيع حتى تبريره.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Top
X

Right Click

No Right Click